هوشيار زيباري وزير خارجية العراق

هوشيار زيباري وزير خارجية العراق

[escenic_image id="5514919"]

المجلة: إلى أي مدى وصل الوضع في العراق ؟

ـ العراق تتقدم كثيرًا منذ 2005 في العديد من النواحي، سواء على مستوى تحقيق الأمن

و الاستقرار والثقة من الشعب في حكومته و في مستقبل العراق، أو على مستوى انتعاش الحياة الاقتصادية بشكل أفضل، فالأسواق الآن مفتوحة لما بعد منتصف الليل وفيها حركة ونشاط .

المجلة: لكن ما زالت هناك تخوفات أمنية؟

ـ أقل كثيرًا مما كانت عليه منذ عدة سنوات و يكفى دليلًا على هدوء الأوضاع الأمنية أن عراقيي المهجر بدأوا في العودة إلى بلادهم للاستثمار، كما حقق العراق خطوات مهمة في إعادة مناخ الاستثمار إلى ما كانت عليه، و العقود التي منحت لشركات نفطية عالمية تعد مؤشرًا على عودة قوية للعراق في مجال الطاقة، وسوق النفط العالمية تحاصر القوى الأساسية، فالعراق تتغير وسوف يكتمل هذا التغيير بشكل كبير بعد إنجاز الانتخابات المقبلة، والتي أصبح الطريق ممهدًا لإجرائها بعد تعديل القانون، وهذه الانتخابات بعد إجرائها سوف تكون بداية أخرى لاستقرار أكثر في العراق.

المجلة: البعض يرى عكس ذلك ؟

ـ اعتبرها وجهات نظر، لكن كل الأجواء التي تجري حول الانتخابات والخلافات التي شهدتها الساحة العراقية خلال الفترة الأخيرة ليست سوى أجواء صحية تؤكد إلى أي مدى وصلت مساحة حرية الرأي في العراق، و سوف ينتهي كل هذا بانتهاء الانتخابات .

المجلة: ربما يكون هذا على المستوى السياسي، لكن المستوى الأمني مازال يحمل غيومًا كثيرة، والدليل التفجيرات الأخيرة التي شهدتها بغداد؟

ـ نعم هناك تفجيرات، منذ عدة أشهر وهناك استهداف لأبنية حكومية بشكل مخطط

ومقصود .

المجلة: تعني أنها تفجيرات سياسية ؟

ـ نعم بل ومتوقعة، فقبل الانتخابات تحاول الشبكات والمجموعات المخططة لهذه التفجيرات أن تصعد من أعمال العنف والتفجيرات من أجل هز الاستقرار وتعطيل الانتخابات .

المجلة: هناك فعلًا من فسر التفجيرات على أنها لمنع الانتخابات، لكن البعض الآخر فسرها على أنها "لعبة" أمريكية، هدفها عدم خروج القوات الأمريكية من العراق ؟

ـ هذه نظرية المؤامرة التي لا أؤمن بها على الإطلاق، فأمريكا ليست لها مصلحة في البقاء أكثر من هذا، بل مصلحتها الأكيدة أن تخرج من العراق اليوم قبل غد.

المجلة: لأن العراق أصبحت مستنقعًا جديدًا يغرق فيه الأمريكان؟

ـ ليست مستنقعًا، و إنما أمريكا وقعت الاتفاقية مع الحكومة العراقية بتسليم السلطات والصلاحيات كلها وعودة السيادة العراقية إلى أهلها منذ بداية العام الماضي، لذلك ما يشغل أمريكا الآن هو الخروج في أسرع وقت ممكن، واتهام أمريكا بأنها وراء التفجيرات غير حقيقي، كما أن عودة العنف متوقع لأن الهدف هو شل وتعطيل الحقوق وإحراج الحكومة أمام الشعب بأنها غير قادرة على توفير الحماية لهم .

المجلة: هل هو استهداف خارجي ؟

ـ استهداف داخلي، لكن هناك أطرافًا خارجية تلعب دورًا مؤثرًا منه .

المجلة: تقصد سوريا؟

ـ سوريا مستبعدة، و إنما نحن نتحدث عن عناصر بعثية من أزلام وبقايا النظام الصدَّامي السابق، الذين يعيشون داخل سوريا ويعملون ضد العراق .

المجلة: و ما مسئولية سوريا في هذا الأمر ؟

ـ هؤلاء البعثيون موجودون في الأراضي السورية ويمارسون نشاطهم الإجرامي من داخل الأراضي السورية، وكان يمكن للسلطات السورية منعهم، وعلى سبيل المثال هناك بعثيون في مصر والأردن والإمارات وعمان، لكن السلطات في هذه الدول لديها مسئولية  وحتى لو كان هؤلاء البعثيون لهم نشاط سياسي أو إعلامي حتى ولو كان تعبويًا، لكنه ليس نشاطًا إجراميًا، لكن البعثيين في سوريا يمارسون النشاط الإجرامي في العراق .

المجلة: قد يكون البعثيون في هذه الدول ليست لديهم القدرات والإمكانات على التحرك الإجرامي، على عكس البعثيين في سوريا؟

ـ بالتأكيد لدي البعثيين في سوريا الإمكانات والقدرات، والدليل أن العمليات التي تمت مخططة ومنظمة بفكر إستراتيجي، لكن كل ما نقوله إن السلطات السورية كان يجب أن يكون لها دور في مواجهة هذه التنظيمات، ليس فقط من أجل العلاقة مع العراق وإنما أيضًا لأن سوريا من دول الجوار، التي من المفترض أن تلتزم بالقرارات الدولية

والإقليمية التي تدعو لحفظ الأمن واستقرار العراق، لكن هذا لم يحدث .

المجلة: وهل من الممكن التوصل إلى حل في هذا الملف ؟

ـ الخلاف مع سوريا موجود ومستمر، والبعض يتصور أننا نتهم سوريا بشكل مباشر .. هذا لم يحدث، وإنما نحن نتهم بعثيين مطلوبين، و حمايتهم وتسهيل تحركاتهم مسئولية الدول، التي يقيمون فيها وهي هنا سوريا، نحن نطالب من دول الجوار وبينها سوريا بألا تصبح مأوى لإرهابيين ولا تمولهم أو تسهل عمليات العداء من بعض القوى داخل العراق  وكنا نتمنى تجاوبًا سريعًا من سوريا، لكن هذا لم يحدث .

المجلة: ماذا تطلبون تحديدًا من سوريا؟

ـ ليس سوريا و حدها و إنما كل دول الجوار عليها الالتزام بالقرارات الصادرة من مجلس وزراء الداخلية العرب والجامعة العربية .

المجلة: يرتبط بالملف السوري وضع العلاقات العراقية الإيرانية، فهناك حديث عن طبيعة التواجد الإيراني في العراق؟

ـ إيران مؤثرة ولها تواجد دبلوماسي وقنصلي موسع ولديها علاقات مع جميع الأطراف العراقية، ولم تتخل عن وجودها في العراق، رغم تعرض بعثتها وسفارتها ودبلوماسيها للقتل والاعتقال والتهديد.

المجلة: البعض يتحدث عما هو أكثر من ذلك .. يرون إيران متحكمة في القرار العراقي أو على الأقل توجهه؟

ـ هذا كلام مرفوض، إيران أو غيرها لا يمكن أن تتحكم في العراق أو قرارها، القرار العراقي بين العراقيين و مستقل، لكن كل دولة تحاول أن تؤثر عليه، كما يحدث الآن من محاولات البعض التأثير على نتيجة الانتخابات، وواجبنا نحن العراقيين أن نمنع هذا التدخل .

المجلة: وهل لديكم القدرة على ذلك ؟

ـ قادرون إذا كنا موحدين، و الأهم من ذلك أن تساعدنا الدول العربية في هذا الأمر، أنت تتحدث عن تدخل إيراني، و أنا قلت ليس هناك تدخل، لكن هناك إصرارًا إيرانيًا على التواجد بالعراق، على عكس الدول العربية التي لا نجد من أغلبها هذا الإصرار إلا أخيرًا من بعض الدول كمصر أعادت سفيرها وهذا تطور في غاية الأهمية و نأمل من باقي الدول أن تتخذ نفس الخطوة . فالعراق بحاجة إلى مساندة  الدول العربية كلها  وفي مقدمتها الدول الكبرى مثل السعودية و مصر، حتى تستطيع مواصلة التنمية، و نحن الآن لدينا سفارات لمصر والبحرين والكويت

والأردن و الإمارات. و بقية  الدول لديها تمثيل، لكن ليس على مستوى السفراء مثل اليمن ولبنان وتونس والجزائر والمغرب وفلسطين، و نريد أن تكمل الدول العربية تمثليها لأن هذا سيقدم صورة متميزة خارجيًا.

المجلة: وهل كل الدول التي ليس لديها سفير في العراق لسيت متعاونة ؟

ـ بالطبع لا.. هناك دول عربية ليس لها تمثيل بدرجة سفير . لكنها تتعاون مع العراق في كل الملفات . وربما يكون هاجس الوضع الأمني هو السبب في عدم فتح سفارات، لكن نحن من جانبنا نؤكد أن الوضع في العراق أصبح آمنًا، و ليس هناك ما يمنع أي دولة عربية شقيقة من فتح سفارتها  مجددًا، كما أننا  ندعو للتحرك العربي بشكل عام نحو العراق، فما نلمسه الآن هو وجود تنافس تركي إيراني علي العراق .. لكن ليس هناك دور عربي أو تحرك عربي مؤثر لمواجهة هذه المحاولات التركية الإيرانية .

المجلة: ما نوعية هذا التحرك الذي تطلبونه من العرب ؟

ـ العراق الآن سوق واعدة يتحرك بسرعة وهناك دول كثيرة بدأت تلتفت إليها ..والدول العربية لديها ما يمكنها من التعاون مع العراق في هذا الاتجاه، ونحن نسعى أن تكون الاستثمارات في العراق أغلبها عربي،

  ونسعد بأي تحركات عربية في هذا الاتجاه.

المجلة: نعود إلى العراق داخليًا والانتخابات البرلمانية التي تخوضها ضمن التحالف الكردستاني، كيف ترى هذه الانتخابات؟ و هل تتوقع نجاحًا؟

ـ أعتقد أنها ستكون نقطة فارقة في تاريخ العراق، ورغم محاولات عرقلة هذه الانتخابات  فإنني أتوقع بشدة نجاحها، وهذا النجاح سيؤكد نجاح السياسات، التي تم اتباعها خلال السنوات الماضية و بداية لنهاية أعمال العنف الطائفية.

المجلة: كيف ترى فرص الجبهات المتنافسة ؟

ـ غالبًا ستكون الحكومة القادمة ائتلافية واسعة . فالراجح ألا تكون كتلة واحدة قادرة على تشكيل الحكومة، كما يمكن أن تكون الكتل البرلمانية عديدة .

المجلة:  كثيرون يتحدثون عن تدخلات خارجية في هذه الانتخابات ؟

ـ بلاشك هناك دول إقليمية تحاول التدخل في الانتخابات وتوجهها لتحقيق أجندتها، لكن الحكومة العراقية تتخذ العديد من الإجراءات، التي من شأنها منع هذا التأثيرأيًا كان نوعه ماليًا أو سياسيًا أو إعلاميًا.

font change