الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف

[escenic_image id="5535047"]

لكن هذا لا يعني تزمتًا في أفكار الإمام الجديد، فكل  المقربين من الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الجديد يؤكدون أنه صاحب فكر تنويري ومعتدل،لا يميل إلى التشدد ولا يغالي في الدين، بل يفضل الوسطية التي يراها أفضل ما يميز الدين الإسلامي، وربما يكون سببًا في هذا تعليمه، فالدكتور الطيب حاصل على الدكتوراه من جامعة "السوربون" الفرنسية في العقيدة الإسلامية، يؤمن بالحوار الجاد بين الأديان .. يرفض إنكار الآخر ويراه ليس من الإسلام في شيء   يأتي ذلك مع تأكيدات الطيب على أن إذابة الاحتقان الطائفي بين المسلمين والأقباط من أولويات الأزهر، مشددًا على ضرورة صياغة علاقة المسلمين بـ"الآخر" على الأسس الإسلامية، التي تؤكد حتمية احترام أتباع الأديان السماوية الأخرى، مؤكدًا أن ما يفرق الأزهر عن أي جامعة أخرى هي الرسالة التي يقوم بها في نشر الوعي الديني والمجتمعي، لافتًا النظر إلى أن الأزهر هو صاحب مبادرة التقريب بين السنة والشيعة، معللًا ضعف الدعوة الإسلامية بضعف التعليم بشكل عام.

الطيب يرفض تمامًا الموقف الذي يتبناه عدد من القنوات الفضائية الإسلامية ودورها في تأجيج الفتنة، ويقول: هذه الفضائيات لا تخضع لسيطرة، وأن الأولوية لتشكيل عقل سليم يستطيع التمييز بين الحق والباطل والصحيح ونقيضه.

وسطية الطيب تجعله ينفي أي علاقة له بالسلفيين والإخوان ويقول :أنا أزهري حتى النخاع ومن يتفق مع عقائد الأزهر فهو صديق وحبيب، أما من يتعارض معها فسنقف له بالمرصاد فكريًا، مؤكدًا رفض المؤسسة الدينية لأفكار جماعة الإخوان المسلمين كـ"التكفير بالمعاصي وإراقة الدماء"، موضحًا "أن الإخوان يحملون أفكارًا من الخارج ويحاولون فرضها على من بالداخل"، الأمر الذي قد تتآكل أمامه قيم ومبادئ الأزهر المستمدة من الشريعة الإسلامية.

الطيب؛ شيخ الأزهر السادس والأربعون، يرى بتواضع شديد أنه ليس أفضل من كثيرين في الأزهر، ويؤكد أن المهمة ثقيلة، ويدعو  اللـه إعانته على مسئوليات موقعه الجديد.

فهو لا يخفي أن خريجي الأزهر الآن يفتقدون إلى الكثير من المعرفة والعلم، مشيرًا إلى أنه عام 1965، كان بالأزهر مجموعة من الشيوخ العائدين من الخارج، أشعلوا في الطلاب جذوة الاقتباس من الغرب وحب المعرفة والاطلاع، لذلك أسس الطيب مركزين لتعليم اللغة الإنجليزية في فرعي الدرّاسة ومدينة نصر بجامعة الأزهر ليسهم في تخريج عشرات الدعاة سنويًا على درجة عالية من إتقان اللغة الإنجليزية لمخاطبة الآخرين وتفعيل التواصل معهم. ويقطع الطيب على نفسه عهدًا بأنه سيفتح ملف التعليم الأزهري بشكل كامل، مستعينًا بخبراء متخصصين، على أن يتم تطوير المناهج كل 5 سنوات على الأقل.

 الطيب  يرى أن دور إمام الأزهر مكمل لدور المفتى، ففي بعض الأحيان تكون هناك أمور معقدة تستجوب الفتوى ولا يستطيع المفتى أن يفصل فيها بمفرده، لأن جزءًا كبيرًا من القضية مجهول بالنسبة إليه، فالمفتي قد يعلم النظرية العامة في "الربا"  لكنه لا يعرف النظريات التجارية ونظريات السوق . كما وعد الطيب ببذل الجهد لمواصلة مسيرة الأزهر التعليمية،‏ والدعوية‏، والعلمية في مصر والعالم‏،‏ والحفاظ على وسطيته واعتداله‏.‏

الإمام الأكبر الجديد، عضو قيادي بالمكتب السياسي للحزب الوطني الحاكم، لكنه يقول: لا علاقة مطلقًا بين كوني شيخًا للأزهر أو وجودي في حزب سياسي، لأن المطلوب مني في كل الأحوال أن أعمل لمصلحة الأزهر، لأنه في النهاية مؤسسة علمية أكاديمية وليس له أجندة سياسية أو طائفية أو حزبية .

فالطيب؛ البالغ من العمر 64 عامًا،  والذي يعود نسبه إلى الحسن بن علي بن أبي طالب‏،‏ وتخرج في كلية أصول الدين عام‏1969، يعتبر نفسه راهبًا للعلم دون أن يكون صاحب أطماع سياسية.

وحين كان رئيسًا للجامعة، كان بانتظاره واحد من أكثر أدواره المثيرة للجدل السياسي في ديسمبر/ كانون الأول 2006، عندما تفجَرت القضية المعروفة باسم "ميليشيات الأزهر"  عقب تنظيم طلاب ملثّمين من جماعة الإخوان المسلمين عرضًا اعتبره البعض عسكريًا، داخل الجامعة، فيما أصرت الجماعة على كونه "استعراضًا رياضيًا"، حينها اتخذ الطيب موقفًا حاسمًا ضد الطلاب، وانتهت القضية بثمن سياسي باهظ دفعته الجماعة بعد إحالة عدد من أبرز قياداتها إلى المحاكمة العسكرية، على خلفية قضية "الميليشيات.

وقد بدأ الطيب مهامه الجديدة على كرسي شيخ الأزهر، غير القابل للعزل بحسب البروتوكول الرسمي، مُحمَّلًا بتركة ثقيلة خلّفها الدكتور محمد سيد طنطاوي طوال 14 عامًا، خاض فيها الراحل العشرات من المعارك الفكرية والسياسية، والمعروف عن الطيب إجادته للغة الفرنسية، حيث درس في مرحلة من حياته في فرنسا وترجم كتبًا عدة من الفرنسية إلى العربية ومنها "الولاية والنبوة عند الشيخ محيي الدين بن عربي"، و"نظرات في قضية تحريف القرآن المنسوبة للشيعة الإمامية". كما كتب عدة مؤلفات من أبرزها "الجانب النقدي في فلسفة أبي بركات البغدادي"، و"بحوث في الثقافة الإسلامية" بالاشتراك مع آخرين و"مدخل لدراسة المنطق القديم".

وشارك الطيب في العديد من المؤتمرات بالخارج ومنها؛ الملتقى الدولي التاسع عشر من أجل السلام بفرنسا، والمؤتمر الإسلامي الدولي حول حقيقة الإسلام ودوره في المجتمع المعاصر، ومؤتمر القمة للاحترام المتبادل بين الأديان المنعقد في نيويورك وجامعة هارفارد. ومؤتمر الأديان والثقافات «شجاعة الإنسانية الحديثة» والذي نظمته إحدى الجامعات  بإيطاليا. ومؤتمر الثقافة والأديان في منطقة البحر المتوسط والذي نظمته الجامعة الثالثة بروما.  والمؤتمر العالمي لعلماء المسلمين بإندونيسيا تحت شعار "رفع راية الإسلام رحمة للعالمين".

كما ترأس وفدًا من رجال الصحافة ونواب مجلس الشعب لإجراء حوار مع البرلمان الألماني ووسائل الإعلام ومجلس الكنائس في ألمانيا. ويتمتع الإمام الأكبر بعضوية العديد من الهيئات العلمية منها الجمعية الفلسفية المصرية والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ومجمع البحوث الإسلامية، واللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتليفزيون. ومقرر لجنة مراجعة وإعداد معايير التربية بوزارة التربية والتعليم، وأخيرًا عضو أكاديمية مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي.

لكن تبقى القضية الأخطر والتي ستكون أهم اختبار للطيب في منصبه الجديد هي؛ الملف الذي رفضه سلفه الدكتور، طنطاوي، بقصر الأزهر على الكليات الشرعية، وإلغاء الكليات العلمية منه، وكثيرون يتخوفون من أن يستجيب الطيب لهذا الطلب الذي يتبناه قطاع مهم من الحكومة. لكن مقربين من الطيب يؤكدون أن موقفه لن يختلف عن سلفه

font change