تحالف روسي- تركي

تحالف روسي- تركي

[escenic_image id="5526375"]

تأخذ تركيا بعين الإعتبار اليوم ، رحلات دون تأشيرات سفر مع سوريا، وليبيا وتقيم عدة مؤتمرات وزارية مع بغداد وسورية . بأية حال، فقد حدث أهم تغير في سياسة تركيا للعلاقات الخارجية ، الى ماوراء البحر الأسود. إنها تلك العلاقة المتعددة الجوانب بين روسيا وتركيا التي تمثل أهم تغير للقوى بين القاهرة ودمشق. كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في موسكو في كانون الثاني من أجل لقاءلت مطولة مع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين.وسيزور الشهر القادم الرئيس الروسي ديمتري مديفيف ، تركيا . في الغرب، غالبا ما تكون هذه الإجتماعات مصحوبة باحتمالات تكوُن حالف جديد . إن مثل هذه الروابط الجديدة قد تكون مصدر قلق لدول في الغرب والشرق الأوسط . هل أن هذه الأحجيات مبررة؟

أكثر مايبدو ظاهرا بين روسيا وتركيا فيما عدا البقية: هو العمل ، العقود والتجارة .إن عملت أية دولة بالتجارة مع روسيا ، فإن هذه الأعمال تنتهي بشراء النفط والغاز . و تعتبر الهيدروكربونات قاعدة أساسية ايضا للتجارة الروسية- التركية . فقد تقلصت صادرات تركيا من السيارات ،الخضروات ، الأنسجة ، ومشاريع البناء ، بواسطة إستيرادها  الغاز الروسي . كانت روسيا في العام 2008 ، أهم شريك تجاري لتركيا ، ومجهزها الرئيسي من الغاز الطبيعي . وهو حوالي ثلثي إستهلاك تركيا من الغاز، 50% من إستيراد الفحم و30% من إستهلاك النفط. وتعتبر تركيا بالنسبة لروسيا كالمحور الممكن لصادرات الطاقة لديها. في عام 2009 إتفقت كل من روسيا وتركيا سوية مع إيطاليا لبدء التحضيرات لإنشاء الساوث ستريم ،وهو خط أنابيب من روسيا يعبرالبحر الأسود الى أوروبا.

ما يجعل هذا العمل أكثر سلاسة من غيره هو العامل الثاني ، حيث وضَح لي مؤخرا مختص روسي بالسياسة الخارجية :" كوننا قادرون على الوثوق بشخص ما ، لهو أمر مهم بالنسبة الى أردوغان". وقال إن بوتين هو شخص يعوَل عليه، بإمكانه أن ينجز وسبق وأن قدم المساعدة لتركيا في المواقف الصعبة . وأشار الى بداية شتاء 2008 عندما لم تزود إيران تركيا بالغاز الطبيعي ، فهبَت روسيا لتقدم المساعدة. ثم أكمل ، يعامل بوتين أردوغان كصنوٍ له ( منوِها الى أن الأووبيين لآيعتبرونه كذلك). لكن هناك المزيد ، فلقد  إجتمع أردوغان وبوتين إجتماعات طويلة وشخصية عشر مرات في غضون خمس سنوات . فهما معجب أحدهما بالآخر ، يميل كلاهما الى إتباع إسلوب سياسي قوي ويتشاطران عين الخلفية إلأجتماعية ، فأردوغان يأتي من أسرة متدنية المستوى من منطقة بناء المرافئ في إستنبول . كان لاعب كرة قدم وكان المقاتل دوما والذي غالبا ما كان يسجن من قبل الساطة القضائية الكمالية.وعلى غراره يأتي بوتين من حارات سان بترسبرغ وغالبا ماكان المضهد ، أصيح ملاكما ثم التحق فيما بعد بالكي جي بي ليبدأ بارتقاء سلم السلطة . دائما مايكون للخلفية الثقافية الأثر في كيف يلتقي وكيف يثق القائد بالآخر .

ولنكن متاكدين ، هنالك ايضا عوامل مشتركة بين السياسات الخارجية التركية والروسية .فقد قدرت موسكو بشكل كبير البادرة في البرلمان التركي في عام 2003 والتي منعت قوات الولايات المتحدة الأمريكية من دخول العراق عبر الأراضي التركية . وروسيا لاتريد وجودا للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي في البحر الأسود . غالبا ماتتفق تركيا مع روسيا ، عمل البلدان سوية للحد من وجود سفن قوات حلف شمال الأطلسي في البحر الأسود ، ونتجه شرقا ،حيث أقتربت تركيا وروسيا من القوقاز .تبدو جورجيا وبشكل واضح  أنها هي عدو روسيا في المنطقة ، لكن لتركيا أيضا خلافات مع تابلبسي . يوجد في تركيا مجتمع أبخازي مؤثر ، لديه روابط مع الجمهورية الإنفصالية لأبخازيا . وحول إيران ، فإن كلا روسيا وتركيا ترفضان أساليب النهج القسرية على برنامج إيران النووي .فهما الدولتان المجاورتان لإيران كما يؤكد كل من بوتين وأردوغان. حيث يجتمعان وبانتظام مع الرئيس أحمدي نجاد ويقدمان المساعدة له لأخراجه من العزلة الدولية.

واليوم ، تبدو فعلا هذه العلاقات الناشطة الى حد ما وكأنها تحالف موجه ضد دول أخرى. لكن هناك مبررات لنكون متنبهين للعلاقات القوية بين تركيا وروسيا ، فبإمكانهما التطور بشكل كبير نحو شيئ  أكبرمن مجرد علاقات حسن جوار ناشطة.

ففي المقام الأول، بأمكان روسيا وتركيا أن يتطورا الى حلف للغاز الطبيعي كمجهزين ومستوردين. وبالرغم من أن تركيا تقع في منتصف بعض أهم ميادين النفط والغاز في العالم ، فإنها قد إئتمنت ثلثي إستهلاكها من الغاز لدى شركة كازبروم الروسية. وإن تدبرت روسيا توسيع حصتها أيضا من سوق النفط التركية الى أكثر من 50% وأن تنشئ أول محطة للطاقة النووية، فستكون كل طاقة تركيا من روسيا.

أما الأحتمال الثاني فهو تحالف الدول المستهان بها، حيث ذكر مؤخرا دارس للسياسة الخارجية ، لأردوغان ، أن العلاقات مع روسيا تبين أيضا كيفية معاملة الغرب لروسيا ، لكلا البلدين تاريخ وثقافة غنيين ويتوقعان لأن يعاملا ،على الأقل ، كدولتين  مساويتين للبقية في الميدان الدولي . إن كليهما "متضرر" . كيف يمكن أن يستهان بتركيا ؟ يعود الجواب الأول لإيران ، حيث رفضت إيران العديد من مقترحات الأمم المتحدة لإدارة برنامجها النووي بطرق أكثر شفافية حيث تزيد إحتمالية حدوث نزاع خطر مع إيران . تتذكر نخبة السياسة في تركيا جيدا ، كيف تجاهلت إدارة الولايات المتحدة السابقة ، تحذيراتها في التحضير للحرب العراقية في العام 2003. وكنتيجة لهذا ولرفض تركيا بالسماح لقوات الولايات المتحدة بالمرور الى العراق ، فقد زاد الأمر سوءا. فاليوم تركيا مفرطة الحساسية تجاه الضغط الغربي القوي المسلط على إيران وغالبا ما تجد نفسها في نفس المخيم مع روسيا أيضا.وأكثر من ذلك فإن تركيا تختبئ خلف روسيا ، التي لها حق النقض (الفيتو) في مجلس أمن الأمم المتحدة. وقد تدفع المواجهات الخطرة مع إيران ، أنقرة وموسكو الى تحالف ضد السياسة الغربية الموجهة ضد إيران .

وقد يكون المشهد الثالث تكون كتلة من الدول المبعدة. فقد إعتبرت تركياعدوا بالطريقة التي أدت بها دول الإتحاد الأوروبي، مفاوضات العضوية منذ 2005. وتتعطل هذه المحادثات بواسطة تدخلات كل الأطراف. فلقد أسمت فرنسا تركيا، بالبلد الآسيوي وأنهت الجدالات المستندة على المخاوف التي من شأنها أن تؤدي الى العضوية في الإتحاد الأوروبي . دعا المستشار الألماني علنا الى شراكة الإمتياز – وهي الطريق الغير مباشر الى الرفض. وهذا الأمر لم يغيب إهتمام روسيا وفيما يخص الأجتماعات الروسية –التركية المترابطة، فقد شجع مهتمون بهذا الخصوص ومقربون من رئيس الوزراء الروسي بوتين ، شجعوا الأتراك على التخلي عن أوروبا كما فعل الروس في التسعينات .

إن كان العالم الغربي قلقا بشأن التحالف التركي – الروسي ، فهنالك ثلاثة إجراءات من المحتمل أن تجنب تطور العلاقة أبعد من ذلك . ويجب على الإتحاد الأوروبي أن يقوم بإجراء مفاوضات عادلة حول عضوية تركيا المستقبلية ..يجب أن تستشير الولايات المتحدة تركيا وجيرانها من الدول العربية  بشكل مقرَب اكثر عند تخطيط إستراتجيتها حول إيران. وقد يكون بإمكان الدول العربية إقناع تركيا بأن فوائد كونها دولة مستقلة في المنطقة يرَجح تبعات كونها الحليف المقرب جدا لأي معسكر، سواء كان روسيا أو إيران.

مايكل ثومان – مدير مكتب داي زايت للشرق الأوسط  في اكاديمية بوش ببلك بولسي عبر الأطلسي في واشنطن العاصمة، حيث إختص ثومان بالسياسة الخارجية لتركيا في الشرق الأوسط ، والعلاقات التركية الروسية.

font change