رمضان قديروف – رئيس الشيشان

رمضان قديروف – رئيس الشيشان

[escenic_image id="5564559"]

في عام 2005، أعلن رمضان قديروف، رئيس وزراء الشيشان في ذلك الوقت، أن الجمهورية "أكثر مكان آمن في روسيا"، وأنها ستكون في وقت قريب "أغنى وأهدأ مكان في العالم."

قد يختلف معظم الشيشانيين مع ذلك، على الرغم من أنهم ربما يقولون هذا سرًا كي لا يواجهوا نفس المصير الذي واجهه  زاريما سادولايفا وزوجها على يد رجا قديروف. وقد عثر على جثتيهما الممزقتين بطلقات الرصاص في حقيبة إحدى السيارات. وعلى ما يبدو، كانت جريمة سادولايفا أنها تدير جمعية أهلية تسمى "نقذ الجيل" وهي تهدف إلى مساعدة الأطفال الذين أصيبوا بتشوهات وصدمات أثناء الحربين الوحشيتين اللتين رفعتا الآمال الشيشانية من أجل الاستقلال، ثم دمرتها بوحشية.

وينكر قديروف بالتأكيد أية صلة له بهذا الحادث أو غيره من حوادث القتل، ولكن أصدرت مؤسسات دولية مثل هيومان رايتس ووتش وذا ميموريال سوسايتي قائمة طويلة من تقارير الإدانة. وقد قتلت إحدى الشخصيات البارزة في منظمة ذا ميموريال في الشيشان، ناتاليا إيستيماروفا، قبل مقتل سادولايفا بعدة أسابيع.

ولم يسلم قديروف من انتقادات الحلفاء السابقين أيضًا، حيث وصف مولادي بايساروف، المقاتل الذي كان مقربًا من والد قديروف، رمضان بأنه "طاغية من طراز قديم" وقال متشائمًا: "إذا قال شخص ما الحقيقة عما يجري، فكأنه يوقع على شهادة وفاته. رمضان له قانون قائم بذاته." وقتل بايساروف في موسكو على أيدي قوات الشرطة الشيشانية الموالية لقديروف، بعد فترة قصيرة من الإشارة إلى أنه لديه معلومات حول صلة قديروف بمقتل آنا بوليتكوفسكايا، الصحفية التي كشفت العديد من الأعمال الوحشية التي تمت بموافقة من الحكومة في الشيشان.

ويبدو أن الرئيس الحالي للشيشان متردد بشأن رؤية الآخرين له ورؤيتهم لماضيه. تشير قرارت الإقالة المتسرعة التي يتخذها ضد أي إساءة تصرف إلى غطرسته وسخريته؛ كما أنه ينتقد علنًا المؤسسات الديمقراطية ولا يظهر أي شعور بالتأنيب عندما يهدد أعدائه، أو حتى أعداء روسيا، مثل أوكرانيا وجورجيا.

إذاً من هو قديروف تحديدًا، وكيف وصل إلى ما هو عليه؟ أسهل إجابة هو أنه أحد رجال بوتين. لقد وضعه بوتين شخصيًا في رئاسة الشيشان وسيعمل على إبقائه في موقعه، وهو ما يعترف به قديروف. فيصف قديروف نفسه، وهو ذات الرجل الذي سافر إلى روسيا في حدث شهير ليحصل على ميدالية "بطل روسيا" مرتديًا ملابس رياضية ذات اللون الأزرق الفاتح، قائلًا: "لست رئيسًا تابعًا لأي أحد، لست رجل أجهزة الأمن الروسية، ولست رجل بوتين.. بوتين هدية من الله، لقد منحنا الحرية."

وطالما ظل بوتين في السلطة، يبدو أن قديروف في أمان، حيث تُرك القليل من عناصر المعارضة في داخل الشيشان. وتستمر مجموعات صغيرة من المتمردين تحارب من أجل الاستقلال، ولكن وفقًا لما يقوله جسيش ياغيلسكي، الصحفي البولندي الخبير في شؤون المنطقة ومؤلف كتاب "برجان من الحجر – صراع الإرادات في الشيشان"، يكمن التهديد الأساسي للرئيس في الموالين لموسكو الذين يحاولون مناورة السلطات في الكرملين لإضعاف قبضته على غروزني. ويضيف ياغيلسكي، الذي سافر سرًا إلى المنطقة عدة مرات على مدار الأعوام ومنذ ذلك الحين أدرج اسمه على القوائم السوداء في جميع بلاد اتحاد الدول المستقلة: "بل ومن الممكن أن  يحاول البعض الإطاحة برمضان قديروف من أجل إضعاف قوة بوتين."

لذلك فإن مصير هذين الرجلين متداخل بشدة. وطالما استطاع قديروف الحفاظ على السلام في الشيشان، يمكن أن يفخر بوتين بإنهائه الحرب الدموية المنهكة. وفي المقابل، لا يمانع بوتين في ضخ الأموال للحفاظ على التدخل الفيدرالي إلى أدنى درجة.

فبغض النظر كيفية صرف تلك الأموال، فعملية إعادة إعمار البلاد تتم بصورة مستمرة، وهو ما كان له بالغ الأثر في جعل قديروف محبوبًا لدى شعبه أكثر من أي سحر أو كاريزما. ويوضح ياغيلسكي الأمر قائلًا: "لا أعتقد أنهم معجبون به. ولكني متأكد بنسبة 100 في المائة من أنهم خائفون منه. ولكنهم أيضًا يقدرون أنه أعاد بناء البلاد بأموال روسية. وكان الشيشانيون دائمًا يحبون ويحترمون إلى حد ما الزعماء الذين نجحوا في إغراء وخداع روسيا. ولا يمكن أن ينكر أحد أن غروزني والشيشان قد أعيد بنائهما، وعادت الحياة إلى ما كانت عليه تحت حكم رمضان. ولكن كان المقابل هو قبول حكم طاغي في عهد رمضان ورجاله."

ومع إعادة الإعمار تأتي الدعاية. وتغطي ملصقات عملاقة لقديروف العديد من المباني الكبرى في غروزني، وتفخر المدينة الآن بأن بها أحد أكبر المساجد في العالم.

أما علاقة قديروف بالإسلام فهي صفة مميزة لشخصيته عامة. يؤدي رمضان، وهو ابن لمفتي كان رئيسًا للشيشان حتى تم اغتياله في عام 2004، دور المسلم المتدين. وكان أحد قراراته الأولى في الرئاسة هو أمر السيدات الشيشانيات بارتداء الحجاب، وتم حظر العديد من الممارسات غير الإسلامية، مثل لعب القمار. ولكن تم تصوير رمضان شخصيًا وهو يصاحب العاهرات ويمتلك خيول سباق.

ويبدو أن رمضان ينوي أن يعزز من الاتجاه الصوفي الأصلي في الإسلام السني، لسبب أكبر من مجرد التدين الشخصي، من أجل إضعاف النفوذ السلفي الذي دخل إلى البلاد على يد المجاهدين الأجانب. ويوضح بول إل هيك، الأستاذ في جامعة جورجتاون ومحرر كتاب "الصوفية والسياسة": "بالطبع، لم يكن هؤلاء المسلحون مهتمون بتحقيق الوحدة الوطنية في الشيشان، بل بـاستخدام الشيشان كميدان معركة لصراع عالمي ضد الكفار. ولهذا السبب، في حرب الشيشان الثانية، تحول الزعماء الدينيون التقليديون (الصوفيون) ضد المسلحين (ومن بينهم عناصر شيشانية الآن)، إدراكًا منهم بأنه من الأفضل في الواقع أن يقفوا إلى جانب روسيا بدلًا من المجاهدين."

ويشارك جميع المسلمين حول العالم، صوفيين وسلفيين، فيما يسميه هذا الأستاذ الجامعي صراع منخفض الشدة ومعركة على السلطة. وتميل الصوفية بأشكالها المختلفة، الأكثر عرضة لفكرة الدولة القومية والحكومة القوية، إلى الحصول على دعم من دول أخرى ضد السلفية.

ويقول الأستاذ هيك: "سيكون على الزعماء الصوفيين أن يتوخوا الحذر حتى لا يظهروا قريبين منه للغاية، وإلا سيضعفوا من سلطتهم الروحية. وإذا كانوا أذكياء، سيكونوا على صلة به في حذر." وربما تساعد صورة رمضان التي صنعها لذاته كزعيم متدين في أن يحصل على أموال من البلدان المسلمة، ولكن هذه الصورة بها القليل من الصدق.

ومن المألوف بين الطغاة الميل إلى إضافة تفاصيل مميزة إلى سيرهم الذاتية، ولكن في حالة قديروف ربما لا يقف الأمر على الدين. ويقول ياغيلسكي، الذي غطى أخبار كل من حربي الشيشان، أن ماضي القائد الشيشاني كمحارب ربما لا يكون كما يبدو عليه أيضا. "لم يكن رمضان مقاتلًا مطلقًا؛ لم يحارب الروس إطلاقًا، على الرغم من أنه الآن يروي للصحفيين الغربيين السذج كم كان مجاهدًا شجاعًا."

 

font change