أفريقيا في عالم ما بعد قمة الثماني

أفريقيا في عالم ما بعد قمة الثماني

[escenic_image id="55100959"]

أهدافنا الاستراتيجية المشتركة: الدور الأفريقي في عالم ما بعد قمة الثماني

 

تقرير عن شاتام هاوس

 

توم كارغل في يونيو (حزيران) 2010

 

وفقا لتوم كارغل، «يشهد النظام العالمي حاليا، تغيرا جذريا لم نشهد مثيله منذ نهاية الحرب الباردة». وعلى خلفية الأزمة المالية العالمية، يقيم كارغل دور قمة الثماني ويحلل تأثير إنشاء قمة العشرين كمنتدى أساسي للحوكمة الاقتصادية العالمية على مستقبل أفريقيا. وذلك حيث عززت قمة الثماني، رغم إنجازاتها الغامضة، الإجماع فيما يتعلق بالإنسانية، والحوكمة، والدعم. ولكن ذلك الإجماع يجب أن يتم تعزيزه من خلال آراء دول قمة العشرين، وتعزيز قوة النمو الاقتصادي الذي يعتمد إلى حد أكبر على الاستثمارات، كالذي حققته قوى ناشئة كثيرة مثل البرازيل والصين. ويخشى بعض النقاد أن تعكس قمة العشرين إلى حد بعيد أولويات قمة الثماني، ولكن كما يؤكد كارغل فإن ظهور قمة العشرين يعكس تغيرا أساسيا في طريقة توزيع السلطة عالميا. فهناك دولة أفريقية واحدة (جنوب أفريقيا) عضو في قمة العشرين، فيما أصبحت الدول الأخرى مثل أنغولا وغانا ونيجيريا أكثر نشاطا على المستوى الدولي وأكثر استعدادا للمشاركة التنظيمية في المنتديات الدولية وهو ما يلقي الضوء على أهمية القيادة في الدول الأفريقية.

ومما لاشك فيه أن التقدم الذي تم إحرازه خلال العقد الماضي قد انخفض نظرا لضعف القيادة مشيرا إلى أن التطور الأفريقي لا يجب التعامل معه في كل الأحوال باعتباره مضمونا. فيجب تعزيز القيادة الأفريقية القوية من خلال التأييد الدبلوماسي الخارجي. وذلك الطرح المنطقي دفع كارغل إلى أن يحتج بأن الاتحاد الأفريقي يجب أن يحصل على مكان ثابت في قمة العشرين.

وسيكون من الخطأ أن نصف الحوافز التي يتم منحها من أجل مقاربة جديدة مع أفريقيا باعتبارها خيرية، نظرا لوجود أسباب مهمة تتعلق بالمصالح الذاتية خلف المقاربة الجديدة، وهي النقطة المحورية في تقرير كارغل. وعلى الرغم من أن تلك الأسباب يمكن النظر إليها باعتبارها تهديدات مثل الهجرة غير الشرعية، والأمراض، والإرهاب، يجب أيضا الإقرار بالمنافع الاستراتيجية للتقارب مع أفريقيا ودمجها داخل أي مقاربات تتعلق بالمنطقة. وذلك حيث تمتلك أفريقيا نحو 40% من الموارد المعدنية الأساسية للصناعة العالمية، بالإضافة إلى 15% من الأراضي الزراعية العالمية. كما تستورد الولايات المتحدة بترولا من أفريقيا (22%) أكثر مما تستورده من الشرق الأوسط (17%)، ويمكن لأفريقيا التي يتزايد نشاطها أن تضيف 4.7 تريليون دولار أو (7.8%) إلى إجمالي الناتج العالمي - المعادل التقريبي للصين.

وعلى الرغم من أن ذلك الرقم متفائل بعض الشيء، فإنه يعكس الفرص التي تقدمها المنطقة. بالإضافة إلى أن هناك كثيرا من العوامل التي تشير إلى احتمالات تزايد النفوذ الأفريقي في العلاقات الدولية. وعلى الرغم من أن الدعم ما زال ذا أهمية قصوى بالنسبة لأفريقيا، فقد شهدت الحوكمة والاستقرار والمناخ الاقتصادي تحسنا كبيرا في كثير من أنحاء القارة.

وبالتبعية، أصبحت الدول الأفريقية لاعبة على المستوى الدولي أكثر قوة، حيث تسعى إلى وضع سياسات خارجية متماسكة على الساحة العالمية. وتتضمن الأمثلة على ذلك تأثير التحالفات الأفريقية على مفاوضات منظمة التجارة العالمية، وقمة المناخ في كوبنهاغن، ومباحثات الدوحة، بالإضافة إلى زيادة عدد مرات تدخل الاتحاد الأفريقي داخل القارة نفسها.

وأصبح الاعتراف بذلك التغير المتعلق بالموقع الذي تحتله أفريقيا على الساحة العالمية صعبا؛ نظرا لأنه يتم النظر إلى أفريقيا باعتبارها قضية واحدة، حيث يتم اختزال قارة متنوعة إلى مجموعة واحدة من الافتراضات. وتتجلى مثالب مثل تلك الرؤية إذا ما تأملنا حقيقة أن كثيرا من الدول غير الأفريقية حول العالم تعاني من نفس المشكلات التي ارتبطت بأفريقيا. فعلى سبيل المثال، عدد الفقراء في الهند أكبر من عددهم في أفريقيا بأسرها. ولذلك يفحص كارغل مفهوم «أفريقيا» باعتبارها رمزا لحاجة الفقراء في كل مكان، مما يؤدي إلى خلق «جيتو»، وهو ما ينعكس في الطريقة التي عرفت بها كثير من دول قمة الثماني علاقتها بمعظم الدول الأفريقية باعتبارها علاقات تنموية في الأساس.

ويحتج كارغل بأن تلك استجابة عاطفية إلى تلك القارة المركبة. ومن المرجح أن لا تحقق الأهداف المرجوة منها على صعيد الأهداف التنموية؛ لأن مثل تلك العلاقات تؤسس لعلاقة غير متكافئة بين المانح والمتلقي. فما نحتاج إليه هو مقاربة قوية ومؤطرة دبلوماسيا مع أفريقيا تحترم سيادة الحكومات المتلقية للدعم.

كما يجب أن يتم وضع المقاربة الجديدة لأفريقيا من خلال إطار تنظيمي قوي لضمان تحقيق استثمارات قانونية ومسؤولة حتى لا يتم إغفال القضايا التنموية. ومع ذلك تمنع المقاربة الغربية التي يهيمن عليها الجانب الإنساني لأفريقيا حاليا الإقرار الواضح بهذه القضايا، بل إنه يبسط ويختزل القارة إلى التأثير الضار على نشاطها الاقتصادي. وذلك غير بناء لأنه يمنح الشركات من الدول الأقل تركيزا على مفاهيم مثل المسؤولية الاجتماعية للشركات فرصا أكبر. فمن الواضح، على سبيل المثال، أن الصين تدرك أن التقارب السياسي هو إحدى الضمانات الأساسية لعقد صفقات تجارية مقبولة ومستقرة. وفي مثل تلك الحالات هناك مخاطر بالعودة على المدى القصير للعلاقات غير المتكافئة التي يمكن أن تؤدي إلى الظروف التي ساهمت في عدم تطور أفريقيا. فمن الضروري وضع رؤى سياسية وقانونية وأخلاقية للتأكد من أن العلاقات ما زالت تقوم على القوانين وما زالت تقوم على المنفعة المتبادلة.

«إن مصالحنا الاستراتيجية المشتركة» يرصد عواقب النظام العالمي الذي يزداد تعددا وانقساما، وهو ما يوفر مساحة للآراء البديلة بشأن التنمية والسلطة في العلاقات الدولية. وبمعنى آخر، لم يعد الغرب يستخدم مصطلح «التقارب»، وعليه أن يدرك ذلك حتى يستعيد النفوذ العالمي. فإذا استطاع، ويبدو أن ذلك هو الحال، عدد كبير من الدول الأفريقية التعافي من الأزمة المالية، فسوف تحصل أفريقيا على دور جديد في عالم ما بعد قمة الثماني، وهو ما يوفر عددا كبيرا من الفرص سواء على المستوى العالمي أو داخل أفريقيا. وعلى الرغم من أن كارغل لم يقل ذلك صراحة، فإن تزايد الطبيعة التعددية للعلاقات الدولية التي يعززها إنشاء قمة العشرين ويعتمد عليها، يمكن أن يفيد التنمية الأفريقية على المدى البعيد. وعلى الرغم من أنها سوف تكون عملية هشة، فإنه يجب إقرارها وتأييدها فيما يجب التخلي عن الرؤية النمطية لأفريقيا لمصلحة الجميع. فيجب أن تكون أفريقيا قادرة على أن تحصل على كليهما: التنمية الإنسانية بالإضافة إلى النمو الاقتصادي والنفوذ الدولي.

font change