مجلة تنظيم القاعدة ومتنزه حزب الله

مجلة تنظيم القاعدة ومتنزه حزب الله

[escenic_image id="55114717"]

كيف تستقطب التنظيمات المتطرفة أعضاءها؟

إن الاعتماد على الشباب الواعي ليس سهلا في ظل ارتفاع معدلات البطالة والزيادة السكانية وارتفاع حدة التوتر بين الثقافات. ولكن بعيدا عن الظروف المواتية، يبدو أن تنظيمات مثل «القاعدة» وحزب الله، قد توصلت إلى نفس النتيجة. فليس كافيا أن تنتظر حتى يأتي الأعضاء إليك؛ فهم يحاولون، على غرار المبشرين، الوصول للأفراد الذين ربما يتعاطفون مع قضيتهم التي تصطبغ بالعنف.

وعلى الرغم من أن كلا التنظيمين كانا يعتمدان من قبل على آليات تقليدية في الترويج لأفكارهما، يبدو أن كليهما قد احتفيا بإمكانية استخدام الثقافة الجماهيرية كوسيلة جديدة للترويج. ففي ظل إصدار تنظيم القاعدة مؤخرا أولى مجلاته باللغة الإنجليزية «إنسباير» وإنشاء حزب الله لما وصف بأنه «متنزه إرهابي»، يبدو أن كلا التنظيمين يعبران عن إدراكها لإمكانية الترويج لأفكارهما على نحو أسهل عبر ذلك النوع من المقاربات الثقافية الجماهيرية.

مما لا شك فيه أن كل التنظيمات تسعى دائما لاستقطاب أعضاء جدد وتعزيز نفوذها، فما الذي يجعل مجلة «إنسباير» ومتنزه «مليتا» سببا للقلق؟ في النهاية، لا يوجد ما يمنع التنظيمات المتطرفة من استخدام الطرق المتعارف عليها للترويج لأفكارها. ولكن الصادم في الأمر هو أن كلا من المجلة والحديقة توحيان بأنهما، دون قصد الإساءة، كانتا نتاجا لحقيقة أنه بقدر تطرف تلك التنظيمات فإن آيديولوجياتها لا تلقى رواجا شعبيا. فماذا إذا تغيرت تلك الحقيقة كنتيجة لتلك المبادرات؟ وذلك حيث إن أفق نجاحها في خلق هيمنة ثقافية يمكن أن يكون غير محدود.

فلنأخذ مجلة «إنسباير» على سبيل المثال. فالمجلة التي تقدم مقالات مثل «كيف تصنع قنبلة في مطبخ أمك؟.. ما الذي يمكن أن تتوقعه في الجهاد؟»، تقدم توجها مختلفا لاستقطاب الأعضاء عما كان تنظيم القاعدة يعتمد عليه قبل ذلك.

يرأس تحرير مجلة «إنسباير» التي يديرها فرع تنظيم القاعدة في اليمن، أنور العولقي، رجل الدين الذي استقطب مفجر "الكريسماس" عمر الفاروق عبد المطلب، ونضال مالك حسن المتهم في إطلاق النيران في قاعدة فورت هود. وكان العولقي الذي يطلب من القراء المشاركة بمقالاتهم واقتراحاتهم، سببا رئيسيا في معضلة استقطاب الإرهابيين داخل الولايات المتحدة.

وينسب المحللون لمحتوى «إنسباير» للعولقي مشاركات سابقة في هجمات إرهابية، مؤكدين أن هدف المجلة الرئيسي هو الاستمرار في استقطاب المزيد من المسلمين الناطقين بالإنجليزية من داخل الولايات المتحدة وأوروبا في رد فعل على الهزائم العسكرية التي منوا بها والتعقيدات التي ترتبت عليها في استقطاب المزيد من الأعضاء في الشرق الأوسط وآسيا.

وقد تسبب إصدار المجلة في إثارة حالة من الغضب والصدمة في وسائل الإعلام الغربية؛ حيث تساءلت مجلة «فورين بوليسي» «هل لهذه المجلة أي نفع؟». وتقول إن المجلة تبدو كأحد المشاريع الفنية الضعيفة التي يتم إعدادها على الكومبيوتر. وبخلاف ضعف جودتها، يقول بروس ريدل الضابط السابق بالاستخبارات الأميركية وزميل معهد بروكينغز «من وجهة نظر (القاعدة) فإن تلك المجلة لا تهدف إلى تحقيق أعلى المبيعات، فهي تسعى خلف رجل واحد يمكنه بواسطتها استلهام تفجير ميدان التايمز، وربما ينجح هذه المرة في تجميع أجزاء القنبلة على نحو صحيح».

وقد أسفر متنزه «مليتا» عن نفس الاستجابة الأولية، رغم أن جهوده للترويج لأفكاره يبدو أنها تستهدف جمهورا مختلفا تماما. فالمتنزه الذي يقع في مدينة الجبل اللبنانية، التي تحمل الاسم نفسه، يعد متحفا مفتوحا يؤرخ لحروب الحزب الكثيرة مع إسرائيل.

ومع ذلك، فإن إقامة متحف عسكري ليس بالأمر الجديد؛ فلندن هي المكان الذي أنشئ فيه متحف الحرب الإمبريالية، كما أن الولايات المتحدة لديها كثير من المتاحف التي تخلد ذكرى حروب سابقة أيضا. وربما يكون الصادم في «مليتا» هو أنه ليس مجرد متحف يستهدف تخليد ذكرى حرب أو حتى تقديم رؤية خاصة حول صراع حزب الله مع إسرائيل. فبخلاف الدبابة الإسرائيلية التي تتصدره، يشير دليل متحف «مليتا» إلى خطة لـ«بناء الفنادق، والملاعب، ومناطق المعسكرات، بل وحتى المنتجعات أو حمامات السباحة حتى يستطيع جميع الزائرين - خاصة من شعبنا - أن يأتوا إلى هنا لقضاء عطلاتهم».

وبمعنى آخر، بخلاف خلق خطاب حول الحرب أو الدعاية ضد إسرائيل، يستهدف «مليتا» عسكرة طريقة معيشة مجتمعه. فدمج وسائل الحياة الترفيهية من الملاعب إلى المنتجعات في خطاب الصراع بين حزب الله وإسرائيل هو محاولة صريحة لإزالة أي اختلاف ربما كان يحمله اللبنانيون في طريقة معيشتهم عن علاقتهم بإسرائيل.

إن ذلك المزيج الخطر، لكل من مجلة «إنسباير»، ومتنزه «مليتا» يشير إلى أن العنف والآيديولوجيا التي تبرره يمكن أن يتم تقديمهما من خلال أكثر الطرق إبهاجا.

font change