متحف للفن العربي الحديث يشعّ من الدوحة

متحف للفن العربي الحديث يشعّ من الدوحة

[escenic_image id="55214524"]

بعد شرائه لأول لوحة، تعلّق الشيخ حسن بالفكرة، وبدأ تدريجيا يشتري عملا فنيا إثر الآخر حتى أصبحت مجموعته تزيد عن 6000 عمل فني.

بدأ الشيخ حسن تكوين مجموعته في الثمانينات من القرن الماضي، من خلال شراء أعمال الفنانين القطريين. ثم بدأ يحصل على أعمال من كل أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومن العرب المهاجرين.

وفي عام 1994، تم ضم تلك الأعمال للمجموعة الموجودة في الفيلا التي كانت بمثابة متحف خاص. ونظرا لرغبته في تشجيع الإبداع والتعبير بخاصة بين من يعانون من الظروف السيئة، أسس الشيخ حسن أيضا برنامجا لإقامة الفنانين في نفس الفيلا. ونظرا لرغبتهم المحمومة في العثور على ملجأ، كان الفنانون العراقيون أكثر من أفاد من هذا البرنامج.

وعلى مدار الفترة التي تمتد منذ 1940 وحتى وقتنا الراهن، وجدت المجموعة المتزايدة من الفن العربي مكانا جديدا لها في الدوحة بالمتحف: متحف الفن العربي الحديث الذي يعد أعظم إنجازات الشيخ حسن حتى وقتنا الراهن.

ومن المتوقع أن يجذب المتحف ذو المجموعة الكبيرة من الأعمال الفنية العربية، الزائرين من كل مكان. وعلى أي حال، فإن الاختلاف الأساسي بين القيم السياسية والدينية لمعظم الدول العربية وقيم العديد من الفنانين العرب المعاصرين ربما يمنع المتحف من أن يصبح المكان الذي يسعى جميع الفنانين العرب من مشرق الوطن الى مغربه لزيارته.

والزمن وحده كفيل بأن يخبرنا إذا ما كان هؤلاء الفنانون الجدد الذين يتحلّون بالجرأة سوف يجدون طريقة لتجاوز تلك الحدود والإفادة من مساعي قطر الحثيثة لكي تصبح مركزا إقليميا للثقافة والتجارة والدوحة في قلبها.

وفي حوار مع «المجلة»، يتحدث الشيخ حسن حول كيف بدأت فكرة إنشاء المتحف، والاستجابات الأولية التي نجمت عنها ودوره المستمر في تطوير المتحف الجديد الذي من المقرر أن يتم افتتاحه في ديسمبر (كانون الأول) 2010 الحالي.

 

«المجلة»: من أين أتيت بفكرة المتحف، ومنذ متى كنت تفكر فيها؟

- عندما نتحدث عن إنشاء المتحف تحديدا، فإنه لم يبدأ كفكرة وإنما كمجموعة من الأعمال الفنية. ولم تأتني الفكرة حتى أدركت أنه لا يوجد مكان بالعالم لديه تلك المجموعة الكبيرة من الأعمال الفنية العربية، وعندها قررت افتتاح المتحف. فكنت أتساءل: «أين الفن العربي؟»، وكانت الإجابة: «ما هو الفن العربي؟»

لقد كان لدي دائما اهتمام وحب للفن وقد اكتشفت ذلك عندما كنت أبحث عن مواد لتثقيف نفسي. فوجدت أنه لم تكن هناك مواد كافية متاحة. ويعد ذلك من المهمات الأساسية للمتحف: توفير تلك المواد حتى يتمكن الآخرون من البحث واكتشاف المزيد حوله.

 

«المجلة»: كيف كانت الاستجابة حتى الآن؟

- منذ 1994، وعندما علم الناس بالمجموعة، كانوا يرغبون في معرفة متى سوف نفعل شيئا حيالها. ونظرا للضغوط التي كنا نتعرض لها من المجتمعات الفنية ومن محبي الفنون، قررنا الإسراع في العملية. وذلك هو السبب في أن الافتتاح سيكون في مكان موقت، فالموقع الدائم، لن يكون جاهزا قبل أربعة أو خمسة أعوام.

 

«المجلة»: يعد الاحتفاء بالهوية القطرية من الأهداف الرئيسة للمتحف. هل يمكنك الاستفاضة في هذا الصدد؟

- إن حركة الفن القطري هي جزء من حركة الفنون العربية التي تعد جزءا من حركة الفن الإقليمي الأوسع. والمتحف جزء من، ومهتم بـ، ومتفاعل مع، فنون أنحاء المنطقة كافة، وبالتالي فإن الأمر لا يقتصر على العالم العربي وحده، فهو يمتد إلى إيران وتركيا والهند وأفريقيا أيضا. وعلى الرغم من أن أوروبا جزء من تلك المنطقة الأوسع فإننا لسنا فاعلين في أوروبا نظرا لأن هناك منظمات ومؤسسات تهتم بالفنون الأوروبية بالفعل.

وقد تم تضمين الفن القطري مثله مثل أي فن عربي آخر في المتحف، فلم يتم منحه أي امتيازات وذلك لأن هناك بالفعل متحف وطني قطري مخصص للفن القطري.

 

«المجلة»: لماذا يتم التركيز على الفن الحديث باعتباره نقيضا للفن المعاصر؟

- ما زال الفن الحديث في العالم العربي يشهد تطورا، نظرا لأن له تاريخا طويلا وما زلنا نكتشف المزيد والمزيد حوله. وهو يشهد حركة نهضة حتى قبل افتتاح المتحف. فنحن نعيد القراءة ونعيد استكشاف التاريخ الذي يمتد بعيدا في ما يتعلق بالفن العربي والإقليمي.

كما تم أيضا افتتاح مركز أبحاث داخل المتحف. وهناك جانب تعليمي بالمتحف، وهو جزء مهم للغاية حيث يسمح باستكشاف ذلك الفن نظرا لأنهم ليس لديهم بالفعل فكرة عن ماهية الفن العربي، ومن أين يأتي وكيف يبدو. وذلك واحد من المهام الرئيسة للمتحف، أن نجعل فننا متاحا للعالم بأسره سواء كنا نتحدث عن أوروبا أو شمال أميركا أو آسيا.

 

«المجلة»: من الأقسام الأخرى لمركز الأبحاث قسم البرامج على الإنترنت. هل يمكنك الاستفاضة في الحديث حول أنواع البرامج على الإنترنت التي تخطط لتقديمها؟

- سوف تكون هناك قاعدة بيانات يمكنك عبرها العثور على المعلومات التي تتعلق بالفنانين في المنطقة. كما يمكنك إضافة المزيد من المعلومات حول فنان معيّن، فسوف تكون قابلة للتفاعل في أنحاء العالم كافة. وسوف تصبح جزءا من ذلك المتحف وجزءا من تلك الموسوعة.

 

«المجلة»: إلى أي مدى يخطط المتحف للتعاون مع مؤسسات الفن الغربي؟

- في الوقت الراهن، نعمل مع متاحف الفن الحديث في العالم كافة، كما أن علاقتنا بتلك المؤسسات قوية للغاية. ونأمل أن تتطور تلك العلاقات ولكننا لا نستطيع أن نفعل المزيد في الوقت الراهن نظرا لأننا لم نبدأ بعد.

 

«المجلة»: كيف تقيم توازنا بين تشجيع الإبداع والتعبير من دون الإساءة إلى السلطات سواء كانت المؤسسة الدينية أو الأطراف غير الحكومية أو الحكومة؟

- هناك قانون قطري يمنع أي أحد من عرض أي شيء يمكنه إيذاء مشاعر الآخرين أو وعيهم، وهو ما يسهّل علينا المهمّة.

 

«المجلة»: ما المشترك بين الفنانين العرب ويمكن استخدامه كقوة موحدة؟

- إن الفن في المنطقة مختلف. وتلك الاختلافات هي ما تجعله ثريا. فالخليج مختلف عن مصر، على سبيل المثال، ولكل منهما تجاربه الخاصة داخل حركة الفن. ففي العراق، مثلا، لديهم تاريخ فني وطني وكبرياء، فيما يعتبر اللبنانيون أنفسهم أقرب إلى كونهم أوروبيين. وذلك المزيج أمر جيد. فقد كانوا يبحثون عن هويتهم ولكنهم لم يعودوا يفكرون في الأمر. فيمكنك الشعور بتلك التغيرات.

 

«المجلة»: إلى أي مدى تخطط للمشاركة في المتحف في المستقبل؟

- لقد بدأت بلوحة واحدة، والآن لدي نحو 6000 لوحة. لقد نما المشروع والآن أشعر وكأنني جزء من الناس مرة أخرى. وحتى يتم الانتهاء من المتحف سوف أشارك في تطويره ولكن ليس من خلال مشاركتي بالأعمال الموجودة. فمن أجل ذلك الغرض، لدينا مستشارون وأناس يقدمون النصح حول تلك الأشياء. وسوف أحرص على أن يلبي المتحف الغرض الأساسي منه، وهو ما أريد أن أركز عليه فعليا. وتلك هي مساهمتي الحقيقية للمتحف.

 

* أجرى الحوار جاكلين شوين.

font change