وكم ذا بمصر..!!

وكم ذا بمصر..!!

[caption id="attachment_55229579" align="aligncenter" width="620" caption="مصر تنتخب"]مصر تنتخب[/caption]

تابعت برنامجا مصريا على التلفزيون شبيها بالكاميرا الخفية، موضوعه ان القاهرة مزدحمة بالناس، يأتيها الزوار من المحافظات المصرية المختلفة، وان هناك اقتراحا من ثلاثة احتمالات، ويطلب من الأشخاص الذين يقابلهم البرنامج اختيار واحدة من تلك الاقتراحات.
الأولى أن يُطلب تأشيرة (فيزا) من كل من يرغب دخول القاهرة من سكان المحافظات المختلفة، والثاني ان يدفع القادم رسوما على بوابات القاهرة عند الدخول، والثالث أن يأتي من يريد الدخول للقاهرة بكفيل، يكفل عودته! انه منظر سيريالي!
ولكن عددا من الذين استوقفهم البرنامج في شوارع القاهرة وافق على واحد أو أكثر من تلك الاقتراحات، خاصة ايجاد قنصليات في المحافظات من أجل إصدار الفيزا لمن يريد القدوم الى القاهرة!
تلك واحدة.

أما الثانية فقد تابعت أيضا برامج تلفزيونية مصرية في خضم الانتخابات السائدة، وكان المتحدثون مرتبكين لا يعرفون كيف سوف يصوتون في التشكيل المعقد للانتخابات، بين قوائم فردية وقوائم الأحزاب! أو ما هي الانتخابات النسبية! وقد قابل البرنامج عددا ليس بقليل من الناس.
اذا كان ذلك عينة من إخواننا المواطنين، فإن الثقافة العامة للمواطن المصري وايضا المواطن العربي، هي في اقل ما يقال فيها محدودة، تميل الى السذاجة والسير مع (القطيع) دون قدرة على التفكر المستقل او التيقن مما يدور حوله.

اعرف ان من يقرأ هذه الكلمات من النخبة سوف تأخذه روح المزايدة ويقول أو يكتب ان (الشعوب ليست غبية) ولكني أرى أن لم نعالج مشكلاتنا ونضعها تحت مشرحة التفكير، فنحن ندفن تلك المشكلات تحت (السجادة) وندعي عدم وجودها.

[caption id="attachment_55229580" align="alignright" width="216" caption="القاهرة تختنق.. ولا حلول"]القاهرة تختنق.. ولا حلول[/caption]

من هنا فإن عاطفتي مع الديمقراطية والحرية، وعقلي يقول ان الديمقراطية والحرية تحتاجان الى ثقافة لم تتبلور بعد في فضائنا العربي خارج النخبة المحدودة. حقيقة الأمر ان ما يحتاجه العرب اليوم، هو ميثاق ثقافي جديد يساير الحراك الاجتماعي الكبير، وهذا الميثاق يعمل على تعميق الثقافة العامة للمواطن، خاصة في ما يتعلق بالعمل السياسي وحقوقه وواجباته.

طبعا هذا جزء من عمل الأحزاب، الا أن الأحزاب العربية، في الغالب، تطالب بالديمقراطية ولا تطبقها وتدعي الحرية وتتجاهلها عمليا، واكثر النخب المستقلة اليوم كانت منضوية تحت أجنحة أحزاب لم تستوعب الرأى الآخر فخرجت منها. انتهت كثير من الأحزاب العربية الى أن تكون (عائلية) وقبلية) اكثر منها احزابا حديثة بالمعنى العلمي والعملي للأحزاب.

ميثاق ثقافي جديد يعترف اولا وقبل كل شيء بضحالة المعلومات والتصورات السياسية في بلادنا لدى الانسان العادي، وان الكثيرين في الشارع ليس لهم رأى مسبق وواضح في القضايا السياسية المطروحة، هم فقط مستعدون للسير خلف الأصوات العالية.
مثل هذا الأمر (الانقياد الأعمى) يقود عاجلا أو آجلا للشمولية لا الديمقرطية. اذا كان الفرد عاجزا عن تكوين رأي مستقل في أمور تخص سياسة البلد، فإنه سيكون تابعا. ايضا من الانتخابات المصرية، وهي الأكثر ظهورا اليوم على وسائل الاعلام التقليدية والحديثة، نسمع كثيرين يسألون السؤال التالي (تنصحني انتخب مين) أو (مين عندكم كويس) أو أنا انتخبت الحزب الفلاني، لأن العاملين لديه وزعوا (سندوشات) على كل الواقفين في طابور الانتخاب!!.. وهكذا..

في مثل هذا التغياب لوعي المواطن، كيف يمكن لنا أن نحصل على مؤسسات ديمقراطية حقيقة؟ لقد انشغل الجميع بالحمار (الشكل الظاهري للديمقراطية) ونسوا الحمار المسكين، الذي لا يعرف الطريق الذي يسلكه ولسان حاله يقول (من بعد حماري لا ينبت حشيش)!
font change