ما الذي يحدث ببلاد العرب السعيد؟

ما الذي يحدث ببلاد العرب السعيد؟

[caption id="attachment_55235812" align="aligncenter" width="620" caption="علي عبدالله صالح"]علي عبدالله صالح[/caption]

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وافق الرئيس علي عبد الله صالح آنذاك على التخلي عن منصبه، وتخلى عنه فعليا في فبراير (شباط) 2012 لصالح نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي أصبح رئيسا للجمهورية فيما بعد.
ومع ذلك، ما زال صالح يمثل ثقلا كبيرا في السياسة اليمنية، نظرا لاستمراره كرئيس لـ«حزب المؤتمر الشعبي العام»، ولأن العديد من أفراد أسرته ما زالوا يحتلون مناصب قيادية في الجيش والاستخبارات، مثل ابنه أحمد الذي يترأس الحرس الجمهوري، ويحيى ابن أخيه الذي يترأس قوات الأمن المركزي. فحتى الآن تشير كافة المؤشرات إلى أن صالح غير مستعد للتخلي عن نفوذه، خاصة في ظل استمرار حضور خصومه السياسيين على الساحة السياسية في موقع يمكنهم من الهيمنة على اليمن.


الثالوث المتخاصم




وتعد جماعة الأحمر من عائلة الشيخلي أحد الخصوم السياسيين لصالح، وهم من قبيلة حاشد التي انقسمت على نفسها، وأصبحت تتطاحن وغير قادرة على الاحتشاد خلف زعيم واحد. بالإضافة إلى الجنرال علي محسن، أحد أقارب صالح وحليفه السابق، وقائد الفرقة الأولى في الجيش اليمني. ذلك الثالوث من الخصوم الذي يعتقد كل منهم أن له الحق في حكم اليمن، لن يتخلى عن المنافسة على السلطة، إلا إذا تم دفعه للخروج الفوري من المشهد السياسي، حيث يمثل حضورهم المستمر، تهديدا لنشأة نظام سياسي مستقر في البلاد.

ومن الأسئلة الرئيسية التي يجب على صناع السياسة في منطقة الخليج وكذلك الغرب أن يطرحوها، سؤال عما إذا كان اليمن يستطيع استئناف الطريق نحو الاستقرار والتنمية أخذا في الاعتبار حضور تلك القوى المتصارعة في البلاد ونفوذها، أم أن رحيل هذه القوى، يمثل ضرورة لاستقرار اليمن على المدى البعيد؟

ومن جهة أخرى، أصبحت الأوضاع في اليمن مرشحة للانفجار، مما يمكن أن يسفر عن حرب أهلية، بل وربما يؤدي إلى تقسيم البلاد إلى قسمين أو ثلاثة. فقد جرد حكم علي عبد الله صالح لليمن منذ عام 1978، البلاد من كافة مؤسساتها، نظرا للنظام الذي كان يحكم به، وكان فيه كل من الأحمر وعلي محسن من الشركاء والمستفيدين، وهو نظام فردي، وفوضوي إلى حد كبير، ويربط جميع الأطراف بالرئاسة على نحو مباشر. فلم يكن للمؤسسات أهمية، وكذلك ما تقوم به، بغض النظر عما إذا كانت تعمل لصالح الرئيس وتستفيد من دعمه.


تعزيز القبلية




فعلى سبيل المثال، أعاد صالح تعزيز نظام القبيلة في مناطق جنوب اليمن السابق (جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية) بعد توحد اليمن في عام 1990 لكي يتمكن من حل مؤسسات تلك الدولة، وخلق روابط خاصة مع الزعماء القبليين الجدد الذين شارك العديد منهم في ممارسات عدوانية، عبر مصادرة الأراضي وغيرها من الموارد الاقتصادية في الجنوب. وذلك أحد الأسباب التي جعلت العديد من الجنوبيين يشعرون بأن حكم صالح يمثل احتلالا لذلك الجانب من البلاد ومن ثم سعى البعض إلى الانسحاب.


وسوف يظل حلم الانفصال ذلك حيا في الجنوب، طالما ظل صالح أو أفراد أسرته في السلطة. وذلك الإحساس الذي يشعر به الجنوبيون من سلب خيراتهم وسوء الحكم هو ما مكن تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات المشابهة مثل «أنصار الشريعة» من أن تجد ملاذا ومؤيدين لها في تلك المناطق.

وجاءت استقالة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من خلال صفقة لنقل السلطة برعاية مجلس التعاون الخليجي، وهي الصفقة التي دفعت صالح للاستقالة في مقابل تقديم الحصانة له من المحاكمات القضائية، ولكنها لم تعالج العديد من القضايا الحرجة مثل الدور السياسي المستمر لصالح أو لخصومه العديدين والمسلحين.

وما زال الجيش منقسما، وهناك أقسام واسعة من البلاد تحت سيطرة قوات لا تخضع للحكومة المركزية مثل المناطق الشمالية التي تقع تحت هيمنة الحوثيين الزيديين وأقسام من الجنوب التي تخضع لجماعات تابعة لتنظيم القاعدة. باختصار، استطاعت صفقة مجلس التعاون الخليجي تحقيق قدر من التغيرات السياسية في شكل حكومة جديدة ورئيس جديد، ولكنها لم تقدم إطارا أو برنامجا للإصلاحات الهيكلية الضرورية التي سوف تضع اليمن على طريق الاستقرار والنظام.
بالإضافة إلى أن تزويد اليمن بالمساعدات الاقتصادية الضرورية، على الرغم من ضرورته، لن يحل المشكلات التنموية الأصيلة في البلاد مثل سوء التغذية، والانفجار السكاني، وانهيار الخدمات الاجتماعية، والتراجع الكارثي لموارد المياه وبالطبع تفشي الفساد والحوكمة السيئة.

[caption id="attachment_55235802" align="alignleft" width="300" caption="القاعدة تعود الى جنوب اليمن"]القاعدة تعود الى جنوب اليمن[/caption]



أين الحل؟




وما يزيد الطين بلة أن سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن تركز فقط على مشكلة تنظيم القاعدة والتهديد الأمني الذي تمثله. وهو ما يعني على المستوى العملي أن الولايات المتحدة ترى اليمن عبر المنظور العسكري الذي يشتمل على مزيج من تدريب وحدات معينة من الجيش اليمني واستخدام طائرات الدرون والقوات الجوية للقتال ضد «القاعدة».

وحتى الآن، مكنت تلك السياسة الوحدات الخاضعة لسلطة أسرة صالح، ودفعت العديد من اليمنيين إلى مناهضة الولايات المتحدة نظرا لدعمها الفعال لذلك المعسكر بالإضافة إلى تجاهلها للمشكلات الحقيقية من سوء الحكم والتخلف.
بالنظر إلى تلك المشكلات المذكورة سلفا، أين يكمن الحل إذا؟ لا يوجد حل بسيط أو سحري لمشكلات اليمن، حيث إن الساحة السياسية منقسمة تماما وليس لدى البلاد سوى عدد محدود ـ إذا كانت هناك حلول - من المؤسسات الفعالة.
ويجب أن يأتي الحل، إذا ما كان هناك حل، من اليمنيين أنفسهم ويجب أن يشتمل على خلق نظام للحكم يوحد الفصائل المختلفة حول قائمة من الأهداف المشتركة، بدلا من نزاعهم الحالي حول السلطة.

من جهة أخرى، فإنه أمام الأطراف الإقليمية، بريادة السعودية، دور محوري لكي تمارسه في مساعدة اليمنيين على بدء رحلتهم الطويلة في ذلك الإطار. فالمملكة هي الدولة الوحيدة التي لديها معرفة تاريخية وثيقة باليمن، وتواصل دائم مع اليمنيين، بالإضافة إلى مواردها المالية والسياسية التي تمكنها من المساعدة على البدء في إجراء الإصلاحات الضرورية.
ويجب أن يتضمن ذلك وسيلة تدفع صالح والأحمر وعلي محسن للتخلي عن السلطة لأطراف أخرى لديها سجل وسمعة أنظف. ويعد تولي الرئيس اليمني الجديد عبد ربه منصور هادي السلطة، بداية جيدة، والآن هو الوقت الملائم لمساعدته على بناء قاعدة تأييد مستقلة عن صالح.

وإذا ما فشل إصلاح النظام السياسي اليمني، سوف تنهار الدولة ويزداد احتمال نشوب حرب أهلية وانفصال جزء من البلاد. بالإضافة إلى أن إيران كانت تقدم دعمها المالي والسياسي للقوى اليمنية المعارضة المستعدة لقبولها. وهو ما سوف تكون له آثار سلبية على المستقبل، ما يعني حربا أخرى بالوكالة قد تشتعل بين القوى الاقليمية في المنطقة، إيران أحد أطرافها. ويجب أن نمنع حدوث ذلك من خلال دعم نظام سياسي جديد وإصلاحي يمثل انفصالا حقيقيا عن نظام حكم صالح وخصومه على السلطة.




[blockquote]

المبادرة الخليجية لحل أزمة اليمن





تتكون المبادرة الخليجية من 5 مبادئ أساسية و10 خطوات تنفيذية.

المبادئ الأساسية:
- أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.
- أن يلبي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح.
- أن يتم انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني.
- أن تلتزم كافة الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسيا وامنيا.
- أن تلتزم كافة الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطي لهذا الغرض.

الخطوات التنفيذية:
- منذ اليوم الأول للاتفاق يكلف رئيس الجمهورية المعارضة بتشكيل حكومة وفاق وطني بنسبة50 في المائة لكل طرف على أن تشكل الحكومة خلال مدة لا تزيد عن سبعة أيام من تاريخ التكليف.
- تبدأ الحكومة المشكلة على توفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالة عناصر التوتر سياسيا وامنيا.
- في اليوم التاسع والعشرين من بداية الاتفاق يقر مجلس النواب بما فيهم المعارضة القوانين التي تمنح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس ومن عملوا معه خلال فترة حكمه.
- في اليوم الثلاثين من بداية الاتفاق وبعد إقرار مجلس النواب بما فيهم المعارضة لقانون الضمانات يقدم الرئيس استقالته إلى مجلس النواب ويصبح نائب الرئيس هو الرئيس الشرعي بالإنابة بعد مصادقة مجلس النواب على استقالة الرئيس.
- يدعو الرئيس بالإنابة إلى انتخابات رئاسية في غضون ستين يوما بموجب الدستور.
- يشكل الرئيس الجديد لجنة دستورية للإشراف على إعداد دستور جديد.
- في أعقاب اكتمال الدستور الجديد، يتم عرضه على استفتاء شعبي.
- في حالة إجازة الدستور في الاستفتاء يتم وضع جدول زمني لانتخابات برلمانية جديدة بموجب أحكام الدستور الجديد.
- في أعقاب الانتخابات يطلب الرئيس من رئيس الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات تشكيل الحكومة.
- تكون دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي شهودا على تنفيذ هذا الاتفاق.[/blockquote]

font change