سمير صايغ يطرق أبواب قصر بيت الدين

سمير صايغ يطرق أبواب قصر بيت الدين

[caption id="attachment_55237650" align="aligncenter" width="620"]الحرية لسمير صايغ الحرية لسمير صايغ[/caption]


لقد كان دائما فن الخط جزءا أصيلا في تطور اللغة المكتوبة. ويعتبر فن الخط الذي قدمه الفنانون المسلمون من خلال الأبجدية العربية أحد أهم أشكال الفنون البصرية. وتتم ممارسة ذلك الفن من المغرب إلى الصين، وقد كشف التاريخ أن الخط العربي لم يكن مقتصرا على تقديم آيات من القرآن الكريم ولكنه كان يستخدم أيضا في أنواع مختلفة من الكتابة مثل الشعر والقصص والمراسيم الملكية والأقوال المأثورة.

ومؤخرا، تسللت إلى ذلك الفن العديد من العناصر الجديدة المستقلة، مثل الحب، والسلام، والحرية. بالإضافة إلى أنه في العقود القليلة الماضية، تم الدمج بين الشكل التقليدي لفن الخط والعديد من المدارس الغربية للفنون التجريدية. وبعدما تحرر من العديد من القواعد التقليدية للكتابة، أصبح فن الخط المعاصر مثل الأبناء المتمردين الذين تربطهم جذور قوية بالماضي. فهو يقدم رؤى فنية جديدة ومستقلة، باستخدام تقنيات الوسائط المتعددة والفنون الرقمية.

وعلى مستوى المفهوم، وبالنسبة للفنانين المعاصرين من العالم الإسلامي، يمثل فن الخط تجسيدا لأفكارهم حتى أصبحت بعض الأعمال وكأنها تأويلات للحقائق المحيطة بهم. فعلى سبيل المثال، كانت تستخدم مجموعة اللوحات الأخيرة لسمير صايغ «يوميات حرية» مصطلح الحرية كمصطلح رئيسي، كمفهوم كان يشغل العالم العربي بأسره خلال الثمانية عشر شهرا الماضية.
سمير صايغ هو فنان لبناني مرموق اشتهر بتجاربه الحديثة مع الفن، من خلال دمج الفن العربي مع العديد من المفاهيم والآفاق المعاصرة. يعرض «يوميات حرية» في قاعات محيطة بقاعة «دار الخيل» الكبرى بقصر بيت الدين، في إطار مهرجان الفنون السابع والعشرين لبيت الدين وهو أحد أهم المهرجانات الموسيقية والفنية في الشرق الأوسط.

ووفقا لسمير صايغ، فإن المعرض «شهادة على اللحظات التاريخية النادرة التي شهدناها خلال العام الماضي». فقد كان صايغ يكتب كلمة «حرية» بالخطوط العربية المختلفة أثناء كل الأحداث التي شهدها العالم العربي خلال العام الماضي. ويعد المعرض الذي يديره صالح بركات، مؤسس «معرض أجيال بيروت» «مستوحى من يوميات الربيع العربي».


[caption id="attachment_55237654" align="alignleft" width="300"]قصر بيت الدين قصر بيت الدين[/caption]

وكما يؤكد الفنان نفسه، فإن المعرض هو شهادة مهمة بالنسبة لفن الخط العربي ذاته إنه «فن جميل يسير في طريق الحرية لكي يصبح مرة أخرى فنا قادرا على رؤية الخفي وسماع غير المسموع وقول ما لا يقال».
خطوط صايغ غارقة في المعاصرة الفنية العربية. وتصل أعماله، البسيطة من حيث الشكل والمحتوى، بين المقاربة الشخصية والحساسية الفنية الفريدة. ويتسم التناغم بين السيطرة والحرية الذي يهيمن على منطق صايغ الفني بحرية اللمس. وتحترم براعة صايغ العميقة الأسس العامة للشكل الفني التي يعيد اكتشافها وتشكيلها حاليا، على غرار الدول العربية التي تعيد اكتشاف القيم التي كانت ضائعة منذ سنوات. تتسم بعض الأعمال بالبساطة والمباشرة حتى أنها تفاجئ المشاهدين برسالتها الجريئة وهي تؤكد على دقة وبراعة الخطاط، فيما تعكس الأخرى ديناميكية قوية وتنشر طاقاتها المتأججة مشاعر قوية تعادل تلك التي يستدعيها نداء الحرية.

ولم تتقيد الخطوط الحديثة للخطاط بقواعد الكتابة التقليدية وهو ما كان يعني في بعض الأحيان تجلي عفوية الفنان من خلال دفقات الشكل واللون.
لقد أصبحت أعمال صايغ التي كانت جريئة في بعض الأحيان ومتواضعة في أحيان أخرى موقعا لمصدر الإلهام الذي عبر عنه ملايين العرب: الحرية. ومن ثم، أصبح «يوميات حرية» جسرا مهما بين المفهوم والشكل، بين الماضي وإحياء القيم العربية على المستويات الإنسانية والاجتماعية والجمالية. وتستدعي أعمال صايغ واحدة من أكثر اللحظات إيحاء حول الفكرة التي تتجاوز المعنى والشكل.

وعلى الرغم من أن العديد من اللوحات كانت لديها أفكار وعناصر متكررة، أبرز صايغ من خلال ذلك التكرار وجود الحرية كفكرة نشطة من أجلها بدأ العالم العربي الربيع العربي. وبالتالي فربما نتساءل إذا ما كانت تلك الأعمال ستنجو من اختبار الزمن، حيث إن وجودها في ذاته، في تلك اللحظة التاريخية، هو إحدى الخطى المهمة في سلسلة من الانعكاسات الفنية حول الأشهر الماضية في التاريخ العربي.
«يوميات حرية» جزء من المهرجان احتضنه بيت الدين من 28 يونيو (حزيران) واستمر حتى 28 يوليو (تموز) الماضي. وقد أقيم في نفس الفترة معرض مواز في قاعة أخرى من قاعات القصر تعرض فيه صور غوكسين سيبايوغلو، مؤسس «وكالة سيبا للتصوير الصحافي».
يذكر أنه تم افتتاح المهرجان بعرض بعنوان «كان ياما كان» لفرقة الفنون الشعبية «كاركالا». وقدم المعرض عددا أصغر من الفعاليات خلال العام الحالي مقارنة بالمهرجانات السابقة رغم أن كفاءة وسمعة الفنانين لا شك فيها.
font change