ميت رومني.. أميركي حقيقي!

ميت رومني.. أميركي حقيقي!

[caption id="attachment_55238807" align="aligncenter" width="620"]ميت رومني ميت رومني[/caption]



بعد متابعة الخطاب الذي ألقاه ميت رومني في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في شهر أغسطس (آب) الماضي، من السهل ملاحظة ارتياحه لأن يكون محورا للاهتمام وأنه اعتاد ذلك مرات عديدة.
يتحدث رومني بنبرة موزونة يتميز بها المحامون - وقد حصل على شهادة مشتركة في القانون وإدارة الأعمال من هارفارد في عام 1979 - ولكنه أيضا يملك قدرة المحامي النمطية على المراوغة.

منذ اختياره المؤثر كمرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في مارس (آذار) الماضي، يغير رومني مواقفه بشأن كل شيء بداية من الرقابة على الأسلحة إلى ما خلفته فترة ريغان الرئاسية إلى حزمة المحفزات الاقتصادية التي اتخذت عام 2008 وإصلاح الرعاية الصحية. أصبح رومني مرشحا يشتهر بالتراجع عن آرائه، حتى أن المذيع الساخر كونان أو براين قال مازحا: "الذي ولد في ديترويت، مركز صناعة السيارات الأميركية التي كانت تتمتع بالثراء، حيث جمع والده جورج رومني ثروة العائلة عندما كان رئيس مجلس إدارة شركة أميركان موتورز، يتحدث عن نشأته في ظروف متواضعة، وأنه "صنع ذاته بذاته".

يرجع هذا في الأساس إلى نجاح شركته الخاصة (باين كابيتال) - التي يدعي، في تناقض، أنه أسسها بعد أن بذل "جهدا كبيرا"، على الرغم من أن الشركة وفروعها تحظى بتخفيضات ضريبية كبيرة وتعاقدات حكومية.
تزوج رومني زوجته آن في عام 1969 عندما كانا طالبين في جامعة بريغهام يونغ، وأنجبا خمسة أبناء. رومني عضو من الجيل الخامس في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة (وقد غيرت زوجته ديانتها لكي تتزوجه)، وعمل في عدة مناصب قيادية رفيعة. بأسلوب أميركي نموذجي، يستغل رومني أسرته - مرض زوجته، وإتقان ابنه للغة الإسبانية - من أجل رسم صورة للحلم الأميركي الشامل سهل التحقيق.

أقام رومني في عدة مدن في أميركا (بالإضافة إلى فرنسا حيث عمل مبشّرا). في الأعوام الأخيرة، كانت أبرز الأماكن التي أقام فيها يوتا وماساتشوستس. (الأولى هي المقر الروحي للكنيسة المورمونية التي ينتمي إليها)، وعمل هناك أثناء توليه منصب الرئيس التنفيذي لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2002 في سولت ليك سيتي. استفاد رومني من نجاحه في الأولمبياد الشتوية من أجل بداية مشواره في الحياة السياسية حاكما لولاية ماساتشوستس، وهو المنصب الذي مكث فيه لفترة واحدة من 2003 إلى 2007.





تشير حياة رومني الشخصية إلى مجال سياسي واحد فقط ليس من الممكن أن يتراجع فيه المرشح الرئاسي عن قراره: السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. على الأرجح أن رومني، الذي ظل طوال حياته عضوا في الكنيسة وواعظا فيها، سوف يطبق آراء كنيسته الخاصة بإسرائيل (وهي مثل عديد من الطوائف الإنجيلية في أميركا تؤمن بأن عودة المسيح الثانية تعتمد على عودة جميع اليهود إلى إسرائيل). فهو بذلك يؤمن بعقيدة محافظة بسيطة - بأن إسرائيل تملك الحق في الدفاع عن النفس وإيران هي العدو ولا يجب أن يسمح لها بالحصول على سلاح نووي، ومن الصعب تصور ما الذي يمكن أن يعيد توجيه إدارة رومني بعيدا عن رؤيته تجاه الشرق الأوسط التي يتبناها كل من حزبه وكنيسته.

رعاة البقر

ولكن لا يعد التردد الذي يبديه رومني من سمات أميركا التي تعرف بالالتزام الآيديولوجي. تحدث في المؤتمر الجمهوري هذا العام أيضا كلينت استوود، نجم أفلام رعاة البقر.
وكانت المفارقة أن الخطاب الذي ألقاه استوود يشبه خطابا ألقاه جون واين في مؤتمر الحزب الجمهوري عام 1968 - وفي مفارقة أخرى كان هذا هو العام الذي خاض فيه والد ميت، جورج رومني، الانتخابات التمهيدية للحزب ولكنه خسر في النهاية أمام نيكسون.

على الرغم من أن بطلي أفلام رعاة البقر، وخطابهما المحافظ المتشدد، قد يلاقيان قبولا لدى قاعدة الحزب الجمهوري الجماهيرية في الوسط الغربي، إلا أن رومني ليس فتى رعاة البقر البسيط. في تناقض آخر، يبدو رومني "رجل المدينة اللامع"، مثقفا وثريا بدرجة كبيرة تجعل من الصعب عليه استيعاب المشاكل التي تواجه أشد مؤيديه حماسا، لدرجة أنه في أثناء حملته الانتخابية عام 2002 لمنصب حاكم الولاية أجبر على إذاعة إعلانات تتضمن اشتراكه في مجموعة من الأعمال الخاصة بالعمال والمزارعين ليقدم صورة المتفهم لأوضاع العمال والمزارعين، أي كما يقال "أميركي حقيقي".

في النهاية، يُكتب الكثير عن رومني لدرجة أنه لا بد وأن يستطيع المرء معرفة كل شيء عن المرشح وفهمه بصورة كاملة، ولكن لعل الشيء الوحيد الذي يمكن معرفته عن رومني هو أنه يقدم ذاته بطريقة تجعل من المستحيل فهمه. ويظل السؤال عما إذا كانت هذه هي السمة التي يريدها الأميركيون في رئيسهم.
font change