لبنان - سوريا: عون يتحدى الأسد

لبنان - سوريا: عون يتحدى الأسد

[caption id="attachment_55239495" align="aligncenter" width="620"]ميشال عون في 1989 ميشال عون في 1989[/caption]





“المجلة” تنشر ثلاث من هذه الوثائق تخص سوريا في السنوات 1979 و1985 و1989. الوثيقة الأولى التي تم نشرها بتاريخ 8 أكتوبر 2012 من إعداد مركز التقييم الخارجي وترصد العلاقات السورية العراقية والتقارب الحاصل بين البلدين بعد اتفاقية كامب ديفيد. للاطلاع على الوثيقة الرجاء الصغط على الرابط ملفّات السي آي إيه السريّة (1)

أما الوثيقة الثانية التي تنشرها "المجلة" اليوم والصادرة عن إدارة الاستخبارات بتاريخ 7 أبريل (نيسان) 1989 فتفصّل علاقة الجنرال ميشال عون مع سوريا وتحديه نظام الأسد ودوره في معارضة الوجود السوري داخل لبنان بخلاف عدد من القيادات الاسلامية والمسيحية الأخرى التي نأت بنفسها عن استعمال خطاب معادي لدمشق.
الكثير تغيّر في علاقة عون بدمشق سواء في عهد حافظ الأسد أو في عهد ابنه وخلفه بشار الأسد. عون الذي كان من ألد أعداء النظام السوري أصبح من أقرب حلفائه ومن المدافعين عنه، لهذا تكتسب مثل هذه الوثائق التاريخية أهمية كبيرة بخاصة في هذه الفترة التي يعرف فيها لبنان وسوريا ومنطقة الشرق الأوسط زلزالا حقيقيا من شأنه أن يغير خارطة التحالفات في المنطقة بأسرها.




[blockquote]

إدارة الاستخبارات
لبنان - سوريا: عون يتحدى الأسد
7 أبريل (نيسان) 1989

[/blockquote]



الملخص





يخوض الجنرال عون، رئيس الوزراء اللبناني، معركة إرادات مع السوريين وحلفائهم اللبنانيين، في نزاع ليس لدى أي طرف من أطرافه أدنى استعداد للتنازل، ولا يبدو أمام عون مخرج منه. فقد تسبب حصار عون البحري لموانئ المسلمين المستقلة في اندلاع القتال الحالي وما زال ذلك الحصار هو القضية الرئيسية للنزاع. ولكن حملة عون اللاحقة ضد الرئيس السوري الأسد والوجود السوري العسكري في لبنان قد عملت على تعميق النزاع وقللت من فرص عون في الفوز. (ـ)
وحتى في حالة نجاة عون غير المحتملة من الأزمة الحالية، فإن السوريين لم يعودوا يعتبرونه شريكا موثوقا به يمكنهم مناقشة المستقبل السياسي للبنان على المدى الطويل معه. (ـ)



خلافات عصية




يعد إغلاق موانئ المسلمين غير الشرعية القضية الرئيسية التي تقف حجر عثرة أمام وقف إطلاق النيران في بيروت. حيث يرفض عون بعناد رفع الحصار لأنه وضع الكثير من رأسماله السياسي في تلك القضية. وكانت بحرية عون المحدودة - حفنة من مراكب الدورية العتيقة - ومروحياته وطائراته القليلة قد أغلقت بفعالية مدهشة تلك المرافئ. فقد اعترضوا على الأقل خمس سفن تسير في شمال طرابلس لمنع ناقلة سورية أو ربما سوفياتية.



الموانئ اللبنانية غير الشرعية




لقد عمل ظهور عدد من الموانئ غير الرسمية أو الموانئ الرسمية التي تهيمن عليها الميليشيات على إعادة تشكيل اقتصاد لبنان على مر السنوات. حيث تقل المصروفات التي تتقاضاها الموانئ التي تديرها الميليشيات بنسبة تتراوح بين 60 - 70 في المائة عن الرسوم التي تتقاضاها الموانئ الرسمية اللبنانية، كما لا يتم دفع أي رسوم جمركية على البضائع التي تدخل تلك الموانئ. وقد حرمت هذه الموانئ غير الشرعية الدولة من مصدرها الرئيسي للعائدات.
ومن بين الموانئ غير الشرعية التي يأمل عون في إغلاقها:
الحوض الخامس، بيروت. يعد ذلك الجزء من ميناء بيروت والذي تهيمن عليه القوات هو الميناء غير الشرعي الرئيسي. وكان إغلاقه أحد الأهداف الرئيسية لعون في مواجهة الميليشيات في فبراير (شباط).
الضبية. وهو يخضع أيضا لسيطرة القوات وجاري توسيعه.
جونية. وهو مرفأ صغير ضحل خاضع للقوت اللبنانية ويعمل كنقطة لمرور المسافرين الذين يتحاشون مطار بيروت إلى قبرص.
الخالدة. يعد ذلك المرفأ الدرزي هو الميناء غير الشرعي وغير المسيحي الأكثر نشاطا. ولكن ذلك الميناء لا يسمح بمرور السفن الكبرى وهو ما دفع الميليشيات لبناء مرفأ الجية.
الجية. بنى الدروز ذلك المرفأ للسماح بمرور الحاويات وتوفير منشآت لتفريغ الحمولات البترولية. وقد تأثر كلا الميناءين الدرزيين بالحصار الذي فرضه عون.
الأوزاعي. وهو ميناء تهيمن عليه حركة أمل ويمكنه السماح بمرور الحاويات. وكان المسيحيون قد قاموا بقصفه كما صار هدفا رئيسيا للحصار.
ولا يعادل قوة معارضة الزعماء المسلمين في لبنان - خاصة الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، وزعيم حركة أمل، نبيه بري - للحصار، سوى إصرار عون نفسه على استمراريته. وقد ظل حزب الله على هامش المعارضة ولكنه كان مؤيدا بقوة للموقف السوري. وكان الحصار يحرم الدروز وحركة أمل من مصدر مهم للعائدات ويعزلهم عن العالم الخارجي. وكانت دمشق وحلفاؤها المسلمون يطالبون برفع الحصار في إطار وقف لإطلاق النيران.
وقام عون بتعقيد الأزمة من خلال نعته المواجهة الجارية بأنها نزاع سوري - لبناني يضع مكانة دمشق الإقليمية على المحك. وبالإضافة إلى دعوته لإخراج القوات السورية من لبنان، فإنه اتهم سوريا بدعم الإرهابيين والاتجار في المخدرات. وقد أغضب عون زعماء سوريا وقضى على أفق التوصل إلى تسوية من خلال مناداته العلنية بخلع الرئيس الأسد وامتداح الدور العراقي في لبنان. (ـ)


[caption id="attachment_55239493" align="alignright" width="209"]نبيه برّي نبيه برّي[/caption]

الخطوات التالية لسوريا




(ـ) لدى السوريين قدرة غير محدودة على تصعيد النزاع العسكري. وتظهر مشاركة سوريا المباشرة في عمليات القصف عدم رضاء دمشق عن عون، وتنذر باستعدادها لزيادة الضغط. وكانت الأسلحة السورية موجهة في البداية فقط للرد على قصف الجيش اللبناني، ثم اتجهت بعد ذلك لقصف بيروت الشرقية كل مساء ويبدو أنها تقصف بنشاط الآن المسيحيين على مدار الساعة. وحتى الآن تسببت المدفعية السورية في إسقاط عدد قليل من الجرحى وهي الخطوة التي من المرجح أن تتسبب في رفع الكلفة المدنية والاقتصادية للنزاع بالنسبة للمسيحيين. (ـ)



وجهة نظر




ليس من الممكن التوفيق بين مطالب عون والمطالب السورية كما أن كليهما ليس مستعدا أو مرحبا بالتنازل. وليس أمام عون سوى خيارات قليلة في مواجهة الضغط العسكري المستمر لسوريا. ومن الواضح أن قواته لا تقارن بنظيرتها السورية كما أن الدعم الدولي الذي كان يعتمد عليه لم يتحقق وربما يكون الدعم الذي يحصل عليه من مسيحييه في حالة تراجع. ومن جهة أخرى، فإن سوريا ليس لديها كثير لتخسره بإبقاء فرض الضغط على عون.
ومن المستبعد أن يلعب الضغط الخارجي من الجامعة العربية، والولايات المتحدة، أو الاتحاد السوفياتي دورا رئيسيا في صناعة القرار السوري ما دامت سوريا تؤمن بأن مصالحها الحيوية في لبنان على المحك. وحتى يوافق الجنرال عون على ضرورة بقاء القوات السورية في لبنان، وضرورة إنهاء الحصار البحري والتراجع عن خطابه المعادي لسوريا، فإن الضغط العسكري السوري على المسيحيين سوف يستمر.
ومما لا شك فيه أن السوريين سوف يستعينون بشركائهم اللبنانيين لإضفاء شرعية على الضغط على تلك الجيوب واحتواء العديد من الإصابات في البداية. الدروز، حزب الله، وزعيم المعارضة المسيحي، إيلي حبيقة، هم المرشحون الرئيسيون للعب ذلك الدور وجميعهم سيكون على أتم استعداد للتعاون مع السوريين.

• (ـ) أجزاء تم حجبها من الوثيقة
font change