هل يصلح بوش الثالث ما أفسده الثاني؟

هل يصلح بوش الثالث ما أفسده الثاني؟

[caption id="attachment_55251438" align="aligncenter" width="620"]بوش الاب يتوسط جورج دبليو بوش الرئيس الاسبق وجب المرشح المحتمل للرئاسة بوش الاب يتوسط جورج دبليو بوش الرئيس الاسبق وجب المرشح المحتمل للرئاسة[/caption]

لم يشعر الرئيس السابق جورج بوش الابن بالحرج عندما أطلق يوما على مستشاره كارل روف تسمية «عقلي»، فبوش كان معروفا ببساطته الفكرية التي قاربت السذاجة، وهو ما دفع كثيرين للتصويت له على قاعدة أن الرجل ليس نخبويا، وأنه يمكنهم أن يشاركوه وجبة عشاء لأنه متواضع مثل أي مواطن أميركي عادي. على أن روف بدوره يطلق على جب بوش، الشقيق الأصغر لجورج بوش، تسمية «المفكر الأعمق» في الحزب الجمهوري.

الفارق الكبير بين بوش الثاني، الساذج، وبوش الثالث، المثقف، هو السمة الأساسية التي من المتوقع أن يبني جب بوش حملته الانتخابية عليها في حال ترشحه للرئاسة عن الحزب الجمهوري في العام 2016. في وقت يعتقد الخبراء أن تكريس هذا الفارق وإظهاره قد يصل إلى حد قيام جب «بمعاداة» سياسات أخيه، والتملص منها، وحتى إعلان تمسكه بنقيضها.

الشقيقان، وهما نجلا الرئيس السابق جورج بوش الأب، سبق أن تم انتخاب كل منهما إلى مركز محافظ: الأول في ولاية تكساس والثاني في ولاية فلوريدا. وفيما ذاع صيت جورج الابن لكونه أكثر محافظ وقع على أحكام إعدام أثناء ولايته، اشتهر جب لإطلاقه برنامجا تربويا نجح فيه بالقيام بإصلاح كبير في مدارس فلوريدا. وحاز نجاح جب التربوي على دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتحول إلى مناسبة يشير إليها كثيرون لدى حديثهم عن ضرورة الابتعاد عن الحزبية من أجل تحقيق نجاحات على مستوى الولايات وعلى مستوى أميركا ككل.

وتظهر «لائحة القراءة الإلكترونية» لجب بوش، على جهاز كيندل، أنه يقرأ نحو 25 كتابا في الأسبوع، وهو ما يضعه في خانة أبرز مثقفي أميركا من السياسيين. كذلك، يقول كتاب كثيرون إنهم غالبا ما يتلقون رسائل إلكترونية من بوش يتوجه إليهم فيها بأسئلة محددة حول مواضيع كتبهم.
ويروي من سبق أن عاصر جب بوش أثناء عمله محافظا لولاية فلوريدا أنه في إحدى المرات التي كانت مخصصة لمناقشة دراسة حول أحد المشاريع، توجه جب بوش بمجموعة من الأسئلة المعقدة، فتبين أن المسؤول الذي قدم الدراسة غير ملم بتفاصيلها، فساده الحرج، واستسمح بوش لفض الجلسة وعقد واحدة جديدة يكون فيها قد استعد أكثر.

إذن، يشكل ترشيح جب بوش للرئاسة، في حال حصوله، مرة من المرات القليلة التي يقدم فيها الحزب الجمهوري مرشحا من طراز المثقفين الرفيعين، في العقود القليلة الأخيرة، على عكس الديمقراطيين الذين غالبا ما يقدمون رؤساء يتمتعون بمواهب فكرية كبيرة، بغض النظر عن نجاحاتهم أو إخفاقاتهم في الحكم.

فالديمقراطيون قدموا رؤساء عرفوا بمقدرتهم الفكرية من أمثال جيمي كارتر وبيل كلينتون وباراك أوباما، فيما يشتهر أبرز رئيس جمهوري، أي رونالد ريغان، بالإنصات لمحاضرة هامة عن الأمن القومي الأميركي، وحينما جاء دوره ليقدم أسئلة، وضع حبتي سكاكر من نوع «جيلي بين» في فمه وقال: «أيهما برأيكم يغلب طعمها، الخضراء أم الحمراء».
لكن مقدرات جب بوش الفكرية قد لا تسعفه وحدها، فالمرشح المزعوم يحمل فوق كتفيه إرث عائلة بوش، في وقت يخشى الجمهوريون أن يكون الأميركيون قد اكتفوا من حكم آل بوش، وأن يعارضوا وصول «بوش» ثالث إلى الحكم.

لكن الجمهوريين قد يجدون أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه للاعتراض على مرشح يمكنه خوض مواجهة 2016، خصوصا إذا قدم الديمقراطيون مرشحا بحجم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. حينذاك، ترتفع حظوظ جب بوش ويتحول إلى مرشح إجماع بين الأجنحة المتعددة للحزب، اليمينية والأكثر وسطية.
ثم إنه في حال رشح الديمقراطيون «كلينتون» آخر، فسيجد الجمهوريون أنه لا ضير في ترشيحهم لبوش ثالث.

على أن السؤال يبقى، ما هو حجم الاختلاف بين بوش الثاني وبوش الثالث؟ وهل يصلح الثالث ما أفسده الثاني داخليا ودوليا؟ الإجابة ستبقى غائبة حتى يعلن بوش الأصغر رسميا ترشحه، إن فعل ذلك، وهو ما من شأنه أن يعطي العالم فكرة أكبر عن الفارق بين الثالث وسلفه الثاني.
font change