سندات أسهم بحق الرجوع

سندات أسهم بحق الرجوع

[caption id="attachment_55253241" align="aligncenter" width="624"]رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي[/caption]


الرفع المالي هو ذلك الإكسير الذي يؤدي إلى ارتفاع أرباح البنوك في الأوقات الجيدة، ولكن يُضخم الخسائر عندما يسوء الاقتصاد. ومنذ حدوث الأزمة الاقتصادية، كثفت الهيئات التنظيمية إشرافها على البنوك وطالبوها بحيازة مزيد من الأسهم وقليل من القروض. وهناك مُقترح جديد من شأنه تحسين هذا النموذج، إذ يجعل البنوك أكثر أمانًا بفضل انضباط السوق بدلاً من سلطة الدولة الثقيلة.



القروض والأسهم




تفضل البنوك القروض لعدة أسباب. أولاً، تُعد القروض زهيدة مقابل الأسهم: حيث إن دائني البنوك يطلبون مقابلاً ضئيلاً نسبيًا لأنهم يعلمون أنه من المحتمل أن يتم إنقاذهم في حالة انهيار البنك. كما أن الإعفاءات الضريبية لمدفوعات الفائدة تجعل القروض أقل تكلفة. وعلى عكس الأسهم، فإن إصدار القروض لا ينطوي على أي تقليص في السيطرة. ولكن المنظمين يفضلون الأسهم، التي من الممكن أن تستوعب الخسائر في فترات التراجع الاقتصادي، وبالتالي استبعاد عمليات الإنقاذ المالي.

وتُوصف مجموعة جديدة من الصكوك الهجينة بأنها أفضل ما يوجد في عالمي الأسهم والقروض. تتحول ما يطلق عليها السندات القابلة للتحويل المشروط، أو «cocos» إلى أسهم عندما تعثر البنك أو يُقلص من مدفوعات ديونه أو فوائده. ويشار إلى زيادة إصدار السندات القابلة للتحويل المشروط منذ عام 2010، حيث سعت البنوك إلى أرضاء المنظمين، وذلك من خلال تعزيز قدرتهم على تحمل الخسائر. تملك هذه السندات المذهلة مزايا القروض في الأوقات الجيدة ولكنها تُقدم دعمًا كبيرًا في وقت الأزمات.

كما تشير النظرية، غالبًا ما تتحول السندات القابلة للتحويل المشروط عندما يُصدر المنظمون قرارًا بأن رأسمال البنك تراجع دون الحد الأدنى. وفي ذروة أي أزمة، نجد أن تلك السندات تضع المنظمين في مأزق: حيث إن الإعلان عن ضعف أي بنك من الممكن أن يُسبب حالة من الذعر. كما أن التحول أيضًا يفرض خسائر مفاجأة على حاملي السندات، الذين يجدون أنفسهم يحملون أسهم بقيمة تقل عن السندات التي صدرت عنها. وإذا كان حاملو السندات أنفسهم في ضائقة، فإن تلك الخسائر من الممكن أن تتردد أصداؤها في النظام المالي بأسره.



سندات أسهم بحق الرجوع




يرى جيرمي بالو بجامعة ستانفورد وبول كليمبرر بجامعة أكسفورد أن هناك طريقة للتغلب على تلك المشكلات من خلال أداة جديدة تُسمى سندات أسهم بحق الرجوع (ERN). وكما هو الحال بالنسبة للسندات القابلة للتحويل المشروط، فإن سندات الأسهم بحق الرجوع (ERN) تعمل بمثابة ديون في الأوقات العادية. ولكن ما يؤدي إلى التحويل هو سعر سهم البنك، وليس إجراء تنظيميًا لرأس المال. فعندما يتراجع سعر السهم بقدر كافٍ مثلا بنسبة 25 في المائة من قيمته الأولية، يستطيع البنك إعادة سداد السندات بأسهم جديدة بدلاً من الأموال النقدية.

على سبيل المثال، إذا افترضنا أن بنكًا يُصدر سندات أسهم بحق الرجوع بقيمة 50 مليون دولار أميركي عندما يبلغ سعر كل سهم 100 دولار أميركي. حينها سوف تكون فائدة سندات الأسهم بحق الرجوع مماثلة للسندات العادية، إلا إذا استقر سعر السهم دون 25 دولارًا أميركيًا خلال اليوم المُستحق فيه سداد المدفوع أو استرجاع السند. وفي هذه الحالة، يتم الدفع للمستثمرين من خلال أسهم تبلغ قيمتها 25 دولارًا أميركيًا لكل منها، حتى لو كان سعر السوق أقل من ذلك. وبالتالي، من أجل سداد سندات الأسهم بحق الرجوع بقيمة 50 مليون دولار أميركي، سوف يُصدر البنك أسهمًا جديدة بقيمة مليوني دولار. ونظرًا لأن سعر السهم أقل من 25 دولارًا أميركيًا، سوف تقل قيمة السندات الجديدة عن 50 مليون دولار أميركي، مما يعني أن التحويل سيمثل صفقة جيدة للبنك المتعثر.


[blockquote] الباحث الاقتصادي روبرت شيلر يدعو الحكومات لاستخدام سندات ذات فائدة مُرتبطة بنمو الناتج المحلي الإجمالي حتى يصبح الدين الحكومي أقل وطأة في حالة الركود
[/blockquote]

يؤدي ذلك إلى تجنب الكثير من المشكلات بالنسبة للسندات القابلة للتحويل المشروط. لا توجد شكوك حول كيفية تعامل المنظمين. كما يتم تقليص الخسائر المفاجئة، حيث يستطيع المستثمرون معرفة متى يقترب سعر السهم من الحد الأدنى، وفي حالة تعافيه، تستمر المدفوعات النقدية. ونظرا لأن الأسهم الجديدة لا تزيد قيمتها على النقد المُدخر، ينبغي أن تدعم تحويلات سندات الأسهم بحق الرجوع سعر السهم في البنك (في المقابل، عندما تتحول السندات القابلة للتحويل المشروط، تُصدر أسهم جديدة كافية لدفع الأسعار نحو التراجع).

من الممكن أن تعود سندات الأسهم بحق الرجوع بالفائدة على الاقتصاد أيضًا. غالبًا ما تعاني الشركات المُتعثرة في جمع تمويل جديد نتيجة للمشكلة المعروفة باسم «وطأة الديون»، حيث يتم تحويل الأموال الجديدة لسداد الديون بدلاً من تمويل استثمارات جديدة.
وهكذا يصبح التمويل أكثر تكلفة، وبالتالي تُقلص البنوك من سجلات قروضها بدلاً من إصدار أسهم جديدة، ليتراجع بذلك اقتصاد الائتمان. لا تظهر هذه المشكلة مع سندات الأسهم بحق الرجوع. فإذا قام البنك المتعثر بإصدار سندات أسهم بحق الرجوع جديدة عندما تتراجع قيمة السهم إلى 25 دولارًا أميركيًا، سوف تكون نقطة التحويل للسندات الجديدة 6.25 دولار أميركي فحسب، مما يعني أن سعر السهم سوف يتراوح ما بين 6.25 دولار أميركي و25 دولارًا أميركيًا، ويحصل المستثمرون الجدد على مدفوعات نقدية، بينما لا يزال المستثمرون القدامى يحصلون على الأسهم. سوف يؤدي ذلك إلى تحول أزمة «وطأة الديون» في الاتجاه المعاكس، مما يُساعد على ترويض صعود وهبوط الائتمان، وهو الأمر الذي لا تستطيع المزيد من الأسهم تحقيقه.



الأفضل على الإطلاق




قد يبدو ذلك جيدًا بدرجة لا تصدق بالفعل، ولكن سندات الأسهم بحق الرجوع لم يتم اختبارها. على سبيل المثال، ليس من المؤكد أن المستثمرين سيحرصون على مبادلة السندات التقليدية بأدوات مالية أكثر مخاطرة وأكثر تعقيدًا. ولكن ذكر الخبيران الاقتصاديان أنه بالنسبة للشركات سيكون إصدار سندات الأسهم بحق الرجوع مماثلاً لإصدار قروض عادية، بالإضافة إلى خيارات تسمح لها ببيع الأسهم بسعر التحويل إذا أرادت ذلك. وبالتالي، سوف يجعل ذلك تقييم سندات الأسهم بحق الرجوع أمرًا يسيرًا. كما يعني ذلك أيضًا أن المستثمرين يمكنهم تحويل سندات الأسهم بحق الرجوع إلى قروض خالية من المخاطر من خلال شراء الخيارات الخاصة بهم لبيع الأسهم، وهكذا سوف يحصلون على الأموال النقدية في أي حال.

ينطبق أفضل الانتقادات الموجهة لسندات الأسهم بحق الرجوع على كل الأدوات المالية الهجينة: في حالة ما إذا كان تفضيل البنك للقروض أمرًا اصطناعيًا، فإن الفائدة الضريبية، على سبيل المثال، ستمثل تحريفًا في صالحها، ومن ثم يتطلب الحل الأبسط مزيدًا من الأسهم. قد يشتكي المصرفيون، ولكن ذلك فقط لأن عليهم دفع المزيد للحصول على التمويل.
تسمح الصكوك الهجينة للشركات، وليس المنظمين، باتخاذ قرار بشأن أفضل المزيج التمويلي. ويعد استغلال فوائد كل من الديون والأسهم هدفًا جديرًا بالثناء توجد له تطبيقات بعيدًا عن البنوك. على سبيل المثال، قام روبرت شيلر في جامعة ييل، بدعوة الحكومات لاستخدام سندات ذات فائدة مُرتبطة بنمو الناتج المحلي الإجمالي، حتى يصبح الدين الحكومي أقل وطأة في حالة الركود. كذلك يريد آخرون تسجيل الديون العقارية تلقائيًا عندما تتراجع قيمة العقارات، كي لا يتحمل مالكو المنازل المدينون وحدهم مخاطر أسعار المنازل. وقد تبدو عقود الدين جيدة في فترات الازدهار، ولكن في أثناء فترات التراجع الاقتصادي، تصبح المرونة كل شيء.

font change