تطبيقات سيارات الأجرة في السعودية

تطبيقات سيارات الأجرة في السعودية

[caption id="attachment_55255847" align="aligncenter" width="1024"]سعودية تستقل سيارة اجرة سعودية تستقل سيارة اجرة[/caption]

جدة: معتصم الفلو

منذ عامين تقريبًا، تخلت هند صالح، العاملة في إحدى الشركات السعودية، عن النزول إلى الشارع بعد انتهاء العمل وانتظار سيارات الأجرة ومفاوضة السائقين على مبلغ التوصيل، واستعاضت عن ذلك باستخدام تطبيقات سيارات الأجرة مثل «أوبر» و«كريم» و«إيزي تاكسي»، التي توفر عليها الانتظار والمفاوضات.
كل ذلك يتم عبر ضغطة زر فقط من الهاتف الذكي الذي يمكنها من طلب سيارة الأجرة إلى باب الشركة ومعرفة مسار السيارة، وهي خاصة يملكها أفراد عاديون وليسوا موظفين لدى أصحاب التطبيقات، واختيار نوعها واسم السائق، والأهم من كل ذلك تحديد الأجرة مسبقًا، بل وحتى طريقة الدفع عبر بطاقة الائتمان أو نقدًا، وغالبًا بتكلفة أرخص من تكلفة سيارات الأجرة التقليدية التي تجوب الشوارع ليل نهار. إلى الآن تبدو الصورة وردية، فالأمر أشبه بتعيين سائق خاص يوفر الكثير من المشكلات، وبخاصة للسيدات اللاتي يصعب عليهن تحمل حرارة الشمس والوقوف في الشارع. ولكن ماذا حل بسيارات الأجرة التقليدية، المعروفة في السعودية بالليموزين (وهي غير سيارات الليموزين الفارهة) الملزمة بدفع رسوم حكومية ولون محدد للسيارات، إلى جانب تكاليف رخص العمل والإقامة؟


آلية العمل والنشأة




تقوم آلية عمل تطبيقات سيارات الأجرة على توفير منصة تضم قاعدة بيانات لآلاف السائقين المسجلين مع سياراتهم الخاصة وأرقام هواتفهم. كما أن التطبيقات مزودة بنظام تحديد المواقع GPS، وكل ما على الراغب في الحصول على الخدمة هو التسجيل في التطبيق ووضع بياناته، ثم تحديد موقعه وكذلك الموقع الذي يرغب في الذهاب إليه؛ لتظهر أمامه التسعيرة. يظهر بعدها أقرب سائق إلى الموقع ويمكن طلبه أو إلغاء طلبه في حال قرر الراكب تغيير رأيه. وعند وصول السائق إلى الموقع، فإنه يتصل بالراكب وينتظر نزوله عند باب المنزل أو مقر العمل أو أي مكان يريد. أما الدفع، فإنه يتم نقدًا أو عبر بطاقات الائتمان المسجلة باسم الراكب.
وقد بدأت الفكرة عام 2008 عندما واجه الشابان الأميركيان ترافيس كالانيك وغاريت كامب مشكلة عدم تمكنهما من إيقاف سيارات أجرة في باريس، فجاءت الفكرة في إنشاء منصة تسهل طلب سيارة الأجرة؛ بدل انتظارها في الشارع. وبالفعل بدأت الفكرة في مدينة سان فرنسيسكو بكاليفورنيا بتصميم المنصة وإطلاقها وإنشاء الشركة لتلك المنصة الرقمية لتأجير السيارات الخاصة تحت مسمى «أوبر». وتغطي الشركة أكثر من 460 مدينة في العالم، ووصلت إلى العالم العربي، ثم تلتها بعض الشركات التي قامت ببناء تطبيقات مشابهة مثل «كريم» التي تأسست عام 2012 وتدير 18 مكتبًا في أنحاء الشرق الأوسط، إضافة إلى «إيزي تاكسي» التي تغطي 30 دولة حول العالم.
وتعمل جميع تلك التطبيقات في السعودية ولديها عشرات آلاف المشتركين، فعلى سبيل المثال، يصل عدد سائقي «أوبر» إلى أكثر من 9 آلاف سائق. كما ظهرت تطبيقات أخرى إلا أن حصتها ضعيفة جدًا في السوق السعودية؛ نظرًا لحجم الاستثمارات الهائلة التي جرى ضخها في «أوبر» و«كريم»، وكذلك «إيزي تاكسي» بدرجة أقل. فحجم الاستثمارات في «أوبر» يناهز 11 مليار دولار على سبيل المثال.


سيارات الأجرة التقليدية




يتخطى عدد سيارات الأجرة التقليدية (الليموزين) في السعودية حاجز 100 ألف سيارة بحجم استثمارات يتجاوز المليار دولار. وجميعها تعمل ضمن ضوابط معينة، تضعها وزارتا العمل والنقل السعوديتان، إلا أن تطبيقات سيارات الأجرة وضعتها في موقف لا تحسد عليه. فالنساء في السعودية يشكلن الغالبية المطلقة للركاب، ومع انتشار الهواتف الذكية وسهولة الوصول إلى الإنترنت، صارت النساء يفضلن تلك التطبيقات لأنها أكثر ملاءمة وتوفر الكثير من العناء وتمنع التلاعب بالتسعيرة من جانب سائقي «الليموزين»، الأمر الذي ساهم في خفض دخول سيارات الأجرة التقليدية.
ولا يخفي الكثير من السائقين والمستثمرين في سيارات «الليموزين» الذين تحدثت إليهم «المجلة» امتعاضهم وخوفهم من الإفلاس جراء الإقبال على تلك التطبيقات، وما يتبع ذلك من عودة السائقين الأجانب إلى بلادهم وانخفاض دخول المستثمرين السعوديين. فكما تجري العادة، يفرض على السائق مبلغ يومي مقطوع بين 100 - 140 ريالا لصاحب العمل، والباقي يذهب لجيب السائق. وقلما تركب مع أحدهم إلا ويشتكي من ذلك المنافس الذي بدأ يلتهم أرزاقهم؛ دون أن يتكبد عناء تجديد رخص العمل والإقامة والتأمين وغير ذلك من الاشتراطات الحكومية، إذ بإمكان أي شخص، سعوديًا كان أم مقيمًا، من التسجيل كسائق في تلك التطبيقات، ضمن شروط معينة، والعمل خلال وقته الإضافي والمضاربة على شركات سيارات الأجرة. فالتطبيق هنا وسيط فقط ولا يمتلك أي سيارات مسجلة لديه!


حلول مطروحة




ويقترح الخبير الاقتصادي خالد الموسى أنه يمكن مساعد شركات سيارات الأجرة التقليدية في تبني التقنية الحديثة عبر تشريعات جديدة، تربط جميع تلك السيارات بتطبيق موحد بقاعدة بيانات عملاقة، تمكن الركاب من طلب السيارات عبر الهاتف الذكي، وجعلهم على قدم المساواة مع السائقين المسجلين في تطبيقات «أوبر» و«كريم». كما أن عملية دمج شركات سيارات الأجرة في تكتلات عملاقة سيساهم في ذلك، وبخاصة أن المشروع يحظى بقبول لجان النقل في الغرف التجارية السعودية بحسب الأنباء الواردة في الصحف السعودية.
ومن المقرر أن تبدأ وزارة النقل السعودية قريبًا بتطبيق اللائحة الجديدة لسيارات الأجرة التي ستحد تدريجيًا من التجول غير المجدي لسيارات الأجرة عبر تخصيص أماكن معينة لوقوف تلك السيارات في الأسواق التجارية والأماكن العامة مع منع التراخيص الجديدة لسيارات الأجرة للحد من الحركة العشوائية والازدحامات الخانقة بحسب ما أفادت به وزارة النقل أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويبقى القول الفصل للراكب، فهو صاحب القرار الذي يحدد ما يناسبه، فالتنقل بسيارات الأجرة هو خدمة متاحة يمكنه أن يختار منها ما يشاء. ومن قال أصلاً إن التقنية الحديثة تركت شيئا على حاله!
font change