فرنسوا هولاند في السلطة وخارج السيطرة

فرنسوا هولاند في السلطة وخارج السيطرة

%d9%87%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%af

نص: منصف المزغني..ورسم: علي المندلاوي



1 -




- فرنسوا هولاند الذي يشير اسمه إلى بلاده، له لقبٌ يذكّر الفرنسيين بتلك البلاد التي تذكرهم بالأبقار والثيران، والألبان والإدمان على تناول الأجبان.
- هو ابن طبيب الحنجرة والأنف والأذنين الذي كان مع إبقاء الجزائر رغم أنفها، تحت السيطرة الفرنسية.
- هو الولد الذي اكتشفوا أنه أَحْوَلَ النظرات عندما نادوه في شبابه إلى الخدمة العسكرية، فبحثوا له عن حل لائق.
- وهو ذات الرجل الذي بدأ يساريا، وتدرّج مع الفكرة الشيوعية، وعرّج مستقرًا مع الحزب الاشتراكي حتى صار على رأس الحزب، ثمّ غدا مرشّحه للرئاسة وأوصله إلى قصر الإليزيه سنة 2012.


2 -




كان لا بد للرئيس الجديد من حركة مسرحية لإعلان الدخول إلى القصر الرئاسي، ولا بد للحركة من أن تكون مدعاة للتصفيق على «جرأة» القرار.
وكان القرار الذي اتخذه هولاند هو التخفيض في رواتب وزراء الحكومة، ولا بد أن يبدأ المعلم بنفسه حتى يقتنع الشعب التلميذ.
بدأ هولاند حياته الرئاسية بقصة التقشف والتزهد، متنازلا عن نسبة مهمة من مرتبه لصالح الخزينة العمومية وللدولة.
وكان يريد، بأمر هكذا، أن يحصد شعبية، وهو الذي انتصر في الانتخابات على نيكولا ساركوزي (الذي لن يجد القذافي المقتول ليمول حملته الرئاسية ضدّ فرنسوا هولاند).


3 -




فرنسا تنادي بالتغيير، كان هذا شعار هولاند، ولا بد له من مواجهة ساركوزي، ولا مناص من انسحاب مترشحين آخرين للرئاسة حتى يخلوَ لفرنسوا هولاند الجوّ لتصفية خصمه ساركوزي.
- ومن بين الذين انسحبوا كانت زوجته السابقة سيغولين رويال التي تعرف إليها منذ 1978، وظل معها عقديْن من الزمان في علاقة حرة أنتجتْ أربعة أبناء، ورغم انقطاع العلاقة منذ 2007، فإن السيدة الرفيقة السابقة كانت تتحمل حقائب وزارية في حكومة الوزير الأول فالس، الذي بات يراها اليوم سلبية وتضعف من قدرة الدولة.


4 -




- الوصول إلى القصر الرئاسي قد حصل، منذ 2012، ولكن فرنسا 2016 ذات مشكلات كثيرة وتحديات كبيرة في الداخل وفي باقي أنحاء العالم، في السلام والحرب، في وضعها بين الدول العظمى.
- وكم كان أهل الكاريكاتير «شغالين» على قصتي الطاعة والوداعة اللتين كان يمارسهما الخروف الفرنسي «هولاند» أمام الذئبة الألمانية «ميركل».
- والقصة ليست في جعل الرجل خاضعا لميركل، فمثل هذا الصنيع مغفور لدى الرأي العام الفرنسي إذا وجدت نتائج على أرض الواقع.
- إن عدم قدرة الرجل الأول، السيد الرئيس، فخامته، على إيجاد حل للبطالة هو ما سيجعل بورصة هذا الرئيس الذي انطلقت رحلته من اليسار قريبة من قيمة الصفر على اليسار.


5 -




- لا أحد الآن يجرؤ على التفكير في فرنسوا هولاند مرشحا في الانتخابات القادمة في مايو (أيار) 2017.
- هذا وزيره الأول فالس يحاول جاهدا إخفاء ما صار عصيا على الإخفاء:
غول البطالة، وانعدام المصداقية لدى وعود الرئيس.
- بماذا سوف يعد الرئيس شغب الناخبين؟
- وأنّى للوزير الأول أو الحكومة أن تجد الأعذار لرئيس لم يكن مقنعا في أدائه، فضلا عن أن الأعمال الإرهابية قد استقبلت فرنسوا هولاند منذ أشهر السلطة الأولى.
- لئن فاز هذا الرئيس بالتفاف كل الفرنسيين حول أطروحاته لمقاومة الإرهاب على أثر الحادثة الكبرى (شارلي إيبدو) فإن نزيف الإرهاب لم يتوقف.


6 -




- الرياح تشير إلى هولاند غدًا رئيسًا سابقًا وهو في السلطة!
- بل إنه جاهز للسقوط، ولا أحد وراءه، ولا أحد أمامه، وذاكرة الفرنسيين، مثل كل الشعوب جاهزة للتذكر والنسيان معا.


7 -




لم يكن عيب الرئيس الفرنسي أن به حَوَلاً أعاقه عن تعديل النظر، فالعيب هو أن لا يكون القائد ثاقب الفكرة.
- لقد صار خطاب فرنسوا هولاند بلا مصداقية، ووعوده بالإنقاذ أو الإنجاز بلا صدى، في بلد عريق كانت له مستعمرات هنا وهناك، واليوم تحفُّ به الأزمات، وعليه أن يجيب على أرض الواقع.
- وذلك لأن السياسة تكفر بالأذن أحيانا، وتؤمن بالعين دائمًا، فهي امرأة لا تحب الكلام المعسول لأنها تحب العسل.
font change