مارين لوبان.. بين القاهرة ولبنان

مارين لوبان.. بين القاهرة ولبنان

بقلم: د. على السمان

ذهبت مارين لوبان مرشحة الرئاسة في فرنسا في زيارة إلة لبنان، وفي اليوم الأول لزيارتها، الثلاثاء 21 فبراير (شباط)، رفضت أن تلبس الحجاب قبل أن تدخل مسجد السيدة عائشة بكار، ورجعت دون أن تلتقي بمفتي لبنان الكبير الشيخ عبد اللطيف دريان.

وهكذا غادرت مرشحة الرئاسة الفرنسية لبنان قبل لقاء المفتي الكبير، وصرحت أمام الصحافة: «أرجو أن يعلم الجميع أن السلطة العليا السنية في العالم وهي الأزهر الشريف لم تطلب مني أن أضع الحجاب على رأسي في أثناء زيارتي القاهرة والأزهر في مايو (أيار) 2015، ولذلك أرجو أن ترفعوا كل احترامي لسيادة المفتي الكبير ولكني لن أرتدي الحجاب». على كلٍ كان رفض المرشحة للرئاسة الفرنسية مفاجأة للسلطة السنية العليا في لبنان. في حين أكملت لوبان رحلتها داخل لبنان بأن التقت مع البطريرك الماروني ورئيس الطائفة المسيحية سمير جعجع.

ومن المصادفات النادرة أنني كنت التقيت مع محامي لوبان السكرتير العام لحزب الجبهة، السيد غلبرت كولار، في مصحة شهيرة بمدينة كويبرون وتبادلنا كثيرا من الآراء عن الأحزاب الفرنسية وشخصية مارين لوبان، وسألني بصراحة عن رأيي، وقلت له إنني أعجبت بأفكارها الاقتصادية ومعارفها السياسية.

ثم تعرفت بها عن قرب من خلال لقاء مع مجموعة من الصحافيين المحيطين بالأستاذ صلاح دياب، وتناولنا معا العشاء الذي دعانا إليه الزميل العزيز والكاتب والمفكر عبد اللطيف المناوي وكانت ليلة ولقاء مرحا كما تعود المصريون وسعدت مارين لوبان أنني أهدي إليها كتابي عن «مصر من ثورة إلى أخرى» وقالت لي: «سأبدأ من الليلة اكتشافي لمصر».

وتابعت بعد عودتنا إلى باريس الطريق الذي أخذته بجانب والدها جان مارين لوبان في انتخابات المجالس البلدية لكي تقترب من والدها الذي كان دائما بعيدا عن بناته. وفي عام 1986 عندما كان سنها 18 عاما التحقت بحزب والدها، وحينما وصل سنها إلى 24 سنة رشحت نفسها لتكون عضوة في حزب الجبهة الوطنية في دائرة باريس رقم 17 وحصلت على 11 من الأصوات كمستشارة.

وفي عام 1998 حصلت على مكانها كمستشارة. وفي 1998 تولت مسؤولية الخدمة القانونية لحزب الجبهة الوطنية وكانت هذه الخدمة قد أنشأت برغبة جان مارين لوبان بناء على رغبة ابنته.

أما عن اهتمام مارين لوبان بأوروبا ومستقبلها فقد أعلنت في أحد المؤتمرات أن إنشاء كيان أوروبي جديد ليس فقط ضروريا بل يلهب الحماس.

وفي مؤتمر آخر انتقدت مارين لوبان الهمجية الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية، ولكنها حيت الواقعية وإرادة التغيير لدى الرئيس ترمب وكانت قد التقت مع الرئيس الأميركي أثناء زيارتها للولايات المتحدة وقالت هناك: «لقد أيدنا الرئيس ترمب لأنه عاد إلى الحوار الجاد مع روسيا». وقد صرح لوي أليو نائب رئيس حزب مارين لوبان أنه بالنسبة لروسيا فإن العلاقة معها تعتبر هامة مع دولة كبرى في أوروبا وكيان عسكري كبير وعنصر هام للحضارة الأوروبية والمسيحية.
وفيما يتصل بمستقبل العلاقات بين إسرائيل وفلسطين، فقد أكدت مارين لوبان على أهمية حل الدولتين وأن الاعتراف بدولة إسرائيل هو حل مسبق للسلام.

وفيما يتصل بالممارسة الحزبية لمارين لوبان فمن المعروف أنها غيرت كثيرا من أسلوب الحزب الذي رسخه والدها في عدائه لليهود وكما رأينا في سياستها الهادئة والصديقة مع روسيا والرئيس بوتين. وأيضا ما هو جديد هو لغة التعامل مع الإسلام؛ فهي تريد أن تقول إنها تتعامل بهدوء مع الإسلام حينما يرفض المسلمون أي تفاهم أو تعاون مع العنف والإرهاب. وهو ما جسدته الكلمات التي تبادلها شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب مع مارين لوبان؛ حيث نجد لغة هادئة تبحث عن التفاهم المشترك ورفض الصدام والخصام. وكان رد فعل اللقاء والكلمات المتبادلة في فرنسا وأوروبا إيجابيا جدا.

خلاصه القول إن لوبان المختلف عليها كانت زيارتها لمصر ولقاءها مع شيخ الأزهر مختلفة وطرحت لغة تفاهم وسماحة أصبحت نموذجا طيبا للحوار الأمثل.
font change