الانتخابات الفرنسية: كل ما يجب أن تعرفه

الانتخابات الفرنسية: كل ما يجب أن تعرفه

فرنسا في حالة ترقب عشية انتخابات رئاسية وسط تهديدات إرهابية


[caption id="attachment_55258458" align="aligncenter" width="1024"]عشرة من المرشحين ال 11 للرئاسة على خشبة المسرح قبل مناقشة تليفزيونية فى 4 ابريل (غيتي) عشرة من المرشحين ال 11 للرئاسة على خشبة المسرح قبل مناقشة تليفزيونية فى 4 ابريل (غيتي)[/caption]

باريس - المجلة

يسود ترقب شديد فرنسا (السبت) عشية الدورة الأولى من انتخابات رئاسية غير محسومة النتائج، وسط تدابير أمنية مشددة بعد أيام قليلة على اعتداء جديد في باريس. وبلبلت عملية إطلاق النار التي جرت مساء الخميس واستهدفت عناصر من الشرطة في جادة الشانزلزيه بوسط العاصمة الفرنسية، نهاية الحملة الانتخابية، وأعادت إلى الأذهان الخوف من الإرهاب في بلد واجه سلسلة اعتداءات بلغت حصيلتها 239 قتيلا منذ مطلع 2015. وقام المهاجم كريم شرفي، وهو فرنسي عمره 39 عاما له سجل قضائي حافل، بقتل شرطي بدم بارد الخميس، وأصاب اثنين آخرين وسائحة ألمانية قبل أن تقتله الشرطة. وسارع تنظيم داعش إلى تبني الاعتداء الذي يأتي بعد اعتداءات دامية عدة في أوروبا، وإحباط مخططات مؤخرا في فرنسا، وقد ينعكس على مستوى تعبئة الناخبين وخيارهم، في وقت هيمنت على الحملة مسألتا الأمن والبطالة.

ولا يزال ربع الناخبين مترددين، وتوحي المؤشرات بامتناع نسبة كبيرة منهم عن التصويت في الانتخابات التي ستكون على ما يبدو أشبه بـ«مباراة رباعية» وسط منافسة حامية بين الوسطي إيمانويل ماكرون، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، والمحافظ فرنسوا فيون، وممثل اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون. ووفقا لوكالة (أ.ف.ب) الإخبارية سيتواجه المرشحان اللذان يحلان في طليعة نتائج الدورة الأولى مساء الأحد في الدورة الثانية في 7 مايو (أيار).
وقالت لوبان، التي تراهن على الخوف من الاعتداءات لكسب الأصوات «منذ عشر سنوات، في ظل الحكومات اليمينية واليسارية على السواء، تم القيام بكل ما هو ممكن حتى نخسر الحرب المعلنة علينا».

من جهته، أبدى المرشح فيون الذي أضعفته فضيحة وظائف وهمية استفاد منها أفراد من عائلته، تصميمه على التصدي للإرهاب «بقبضة من حديد»، وقال: «يبدو لي أن البعض لم يدرك تماما بعد حجم الشر الذي يهاجمنا»، ملمحا بذلك إلى الحكومة الاشتراكية.

وندد ماكرون الذي يأمل في الاستفادة من الرغبة في التجديد التي أعرب عنها الفرنسيون، بـ«إضعاف الاستخبارات» الداخلية الفرنسية بفعل إلغاء وظائف، في انتقاد موجّه إلى فيون رئيس الوزراء السابق في عهد نيكولا ساركوزي (2007 - 2012).

استطلاعات الرأي ما بعد الهجوم الإرهابي



ومع انتهاء الحملات الانتخابية رسميا، أظهرت آخر استطلاعات الرأي احتدام المنافسة في الجولة الأولى من الانتخابات.

وتشير معظم استطلاعات الرأي إلى أن مرشح الوسط إيمانويل ماكرون يتفوق قليلا على زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، يليهما المرشح المحافظ فرنسوا فيون ومرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلانشون.

فحسب آخر استطلاعات الرأي (Elabe) أفيد بأن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية ستكون كما يلي:
1. مرشح الوسط المستقل إيمانويل ماكرون، 24 في المائة‏.
2. مرشحة أقصى اليمين ماري لوبان، 21.5 في المائة‏.
3. مرشح التيار المحافظ فرنسوا فيون، 20 في المائة‏.
4. مرشح أقصى اليسار جان لوك ميلانشون 19.5 في المائة‏.



نظرة سريعة على المتسابقين الأربعة البارزين



مارين لوبان

لم تظهر استطلاعات الرأي حتى الآن فوز مارين لوبان (48 عاما) بالجولة الثانية، لكن الاستطلاعات تقول إنها يمكن أن تحصل على أكثر من 40 في المائة في جولة الإعادة، متقدمة على نسبة الـ18 في المائة التي حصل عليها والدها جان - ماري لوبان بعدما صدم فرنسا بوصوله إلى الجولة الثانية في انتخابات 2002.

يشار إلى أن والدها مؤسس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي تترأسه لوبان حاليا. ويعارض حزبها باستمرار الهجرة وأي إشارات إلى الهوية المسلمة في فرنسا. لكن على صعيد القضايا الاقتصادية، فهي أكثر وسطية وتسعى لخطب ود الناخبين من الطبقة العاملة.

إيمانويل ماكرون

انضم ماكرون (38 عاما) إلى فريق الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند، وشغل منصب وزير الاقتصاد من 2014 وحتى العام الماضي. ويشتهر أيضا بزواجه من معلمته في المرحلة الثانوية التي تكبره بـ24 عاما.

يمزج ماكرون بين الليبرالية الاقتصادية والليبرالية الاجتماعية، وهو ما يتعارض مع نهج لوبان. ويدعو إلى خفض النفقات بواقع 60 مليار يورو (5.‏64 مليار دولار)، وفي الأساس عبر تعديل برامج التأمين الصحي والبطالة.

وسيقابل ذلك استثمارات بقيمة 50 مليار يورو تركز في الأساس على تدريب القوة العاملة والطاقة النظيفة. ويشمل برنامجه عدم التسامح على الإطلاق مع الجريمة ويكافئ أرباب العمل الذين يوظفون شبانا يافعين من الضواحي المضطربة بالبلاد.

فرنسوا فيون

شغل فيون (63 عاما) منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي اليميني من 2007 إلى 2012. وتعثرت حملته الانتخابية في يناير (كانون الثاني) عندما زعمت صحيفة «لوكانار إنشاين» الساخرة، أن زوجته جنت مئات الآلاف من اليوروات بصفتها مساعدته البرلمانية لسنوات من دون عمل حقا.
ونفى فيون المزاعم نفيا قاطعا، لكن جرى وضعهما قيد التحقيق.

ويريد فيون قطع نصف مليون وظيفة في القطاع العام، وخفض الإنفاق العام بواقع مائة مليار يورو، ورفع سن المعاش إلى 65 عاما.

جون - لوك ميلانشون

كان ترتيب ميلانشون الخامس في استطلاعات الرأي حتى منتصف مارس (آذار)، لكن أداءه المباشر في مناظرتين تلفزيونيتين أدى إلى تقدمه في الاستطلاعات، وهو على وشك اللحاق بفيون.

ورغم أن ميلانشون ولوبان يقفان على طرفي نقيض الطيف السياسي،، يخطب ميلانشون أيضا ود الناخبين خائبي الظن. ويقترح رفع الحد الأدنى للأجور، حيث سيفرض حدا أقصى للرواتب يبلغ 20 ضعف الحد الأدنى للرواتب التي يتم دفعها في أي وظيفة، وسيزيد الضرائب على الأثرياء.


أي المرشحين يمكنه أن يستفيد من تلك الهجمات؟



وحول إمكانية أن يستفيد أحد المرشحين أكثر من غيره بهذا الهجوم، يقول وسيم الأحمر، الصحافي المختص في الشؤون الدولية بـ«فرانس 24» إن «مرشحي اليمين واليمين المتطرف فيون ولوبان سيحاولان الاستفادة من تلك العملية أكثر من غيرهما». حيث إن برنامجيهما يتركزان بصورة رئيسية حول مكافحة «التطرف الإسلامي»، وبخاصة تنظيم داعش.

فرنسوا فيون، مرشح اليمين، وجد في الهجوم ضالته، وصب جام غضبه على «الإرهاب الإسلامي»، وأكد أنه المرشح الوحيد القادر على مكافحته عن طريق «تجفيف منابعه» في الداخل الفرنسي عن طريق تشديد المراقبة على الخطاب الديني، ونشر فكر «التسامح» بين المسلمين.

مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان ارتأت من جانبها، في الهجوم دليلا على صحة رؤيتها، مؤكدة أن «مثل هذا الهجوم ما كان ليقع تحت عهدتها»؛ لأنها كانت ستعمل على ترحيل المشتبه بهم أو اعتقالهم كخطوة وقائية، وكذلك «استعادة الحدود» الفرنسية التي تقع حاليا «رهينة» اتفاقية شينغن.

باقي مرشحي الرئاسة أدانوا الهجوم، وأعربوا عن تعاطفهم مع أسر الضحايا، مؤكدين أن مكافحة الإرهاب وضمان أمن الفرنسيين يجب أن يكون أولوية الرئيس المقبل.

تأثير الهجمات على نوايا التصويت



هل من الممكن إذن أن تغير هذه العملية من المعادلة الانتخابية الحالية؟ يرى الأحمر أن «مسألة تأثير تلك العملية على نوايا التصويت مطروحة بقوة، بسبب ارتفاع نسبة الفرنسيين المترديين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، فإلى أي من المرشحين سيعطون أصواتهم؟ هؤلاء المترددون بلغت نسبتهم نحو ثلث الفرنسيين والتأثير سيكون في هذا الحيز من الأصوات».

وفي مؤشر إلى الأهمية المتزايدة التي تثيرها الانتخابات الفرنسية في الخارج، تطرق الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الموضوع قائلا: إن الهجوم سيكون له «تأثير كبير» على الانتخابات، وأنه «سيساعد على الأرجح» لوبان التي يكن لها إعجابا علنيا.

ما يميز السباق الانتخابي الحالي؟




هذا، ويقول المراقبون: إن أهم ما يميز هذه الانتخابات، أنه لأول مرة بعد 15 عاما تكون لأقصى اليمين فرصة للفوز برئاسة الجمهورية. كما أنه ولأول مرة في تاريخ فرنسا الحديث يقرر رئيس الجمهورية الفعلي عدم الترشح لولاية رئاسية ثانية، وشعار اثنين من المرشحين الأوفر حظا الأربعة هو Frexit، أي خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي. وتثير إمكانية فوز لوبان وزعيم «فرنسا المتمردة» ميلانشون، وكلاهما من كبار منتقدي الاتحاد الأوروبي ويدعوان إلى الخروج منه في حال عدم تعديل طريقة عمله، مخاوف الكثير من المسؤولين السياسيين في أوروبا وخارجها.
font change