مستقبل بحار الشرق الأوسط

تنافس روسي - أوروبي في البحر المتوسط... وأطماع إيرانية وتركية في البحر الأحمر... وقلق من نشاط مراكب تهريب السلاح والبشر

مستقبل بحار الشرق الأوسط

[caption id="attachment_55263295" align="aligncenter" width="1140"]الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، أثناء عرض رؤية 2030 وتتضمن آفاقا جديدة للتنمية والتعاون في المنطقة. الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، أثناء عرض رؤية 2030 وتتضمن آفاقا جديدة للتنمية والتعاون في المنطقة.[/caption]
القاهرة: عبد الستار حتيتة وسوسن أبو حسين وأحمد سالم وعصام فضل


* إعلان الأمير محمد بن سلمان لمشروع نيوم يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والتحديث وفرص العمل. وأمن البحر الأحمر والتعاون الاستراتيجي يتصدران مباحثات إقليمية مع الأطراف المعنية بمشاركة الرئيس السيسي.
* نائب بالبرلمان المصري: «مصر والسعودية والأردن يدركون أهمية التعاون المشترك بالبحر الأحمر»... ومدير الشؤون المعنوية الأسبق في الجيش المصري: «وجود تركيا في جزيرة سواكن السودانية عمل عدائي ضد بلادنا».
* خبير عسكري: اكتشافات الغاز في البحر المتوسط ستفتح أبواباً للتنافس بين مصر واليونان وقبرص من جانب وتركيا من جانب آخر... وروسيا تحاول التمدد في المياه الدافئة وتراقب خلافات الأوروبيين على سواحل الغرب الليبي.
* «المجلة» تزور مصدر الشائعات الدولية عن وجود قاعدة روسية على الساحل الشمالي الغربي بمصر... والواقع يثبت العكس. ونائب البرلمان عن المنطقة ومتحدث باسم الجيش يؤكدان: «محض شائعات»... و«لا وجود للروس هنا».
* إيران استغلت هزيمة «داعش» على الحدود العراقية السورية وأعادت فتح طريق «طهران - البحر المتوسط»... ودول أوروبية تحذر من خطورة التحرك الإيراني. والروس أكثر المستفيدين من السواحل السورية بعد ضعف نظام بشار الأسد.
* مراكب صغيرة للصيد تستخدم لتهريب أسلحة وبشر... وبعضها يُفخخ لاستهداف سفن كبيرة وإثارة الفوضى... وعددها بالمئات في البحرين الأحمر والمتوسط.
* خبراء عسكريون يؤكدون على أهمية البحر الأحمر والبحر المتوسط للأمن والاستقرار في المنطقة العربية. وإيران تفشل في استقطاب دول مطلة على باب المندب لصالحها وتقف وراء تشبث الحوثيين بميناء الحُديّدة.





[caption id="attachment_55263296" align="aligncenter" width="1262"]الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء استقباله للرئيس الإريتري آسياس أفورقي. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء استقباله للرئيس الإريتري آسياس أفورقي.[/caption]

ضباب كثيف يلف مركب الصيد. ومياه البحر تسد الآفاق من كل جانب. وسُحب الشتاء تحجب الشمس. صاح رئيس المركب على زملائه الثلاثة: هل تسمعون صوتا؟
وقبل أن تأتيه الإجابة، برز زورقان لقوات خفر السواحل: قف مكانك!
وعثرت القوات على صناديق من الأسلحة والذخيرة.
وتتنقل مئات من مراكب الصيد بين مرافئ البحر الأحمر المضطرب، ومثلها في البحر المتوسط الذي يغص بالمهاجرين غير الشرعيين. ويقول تقرير لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إن البحث عن مراكب لها علاقة بأنشطة إرهابية في البحر، وسط حركة دائبة لسفن من مختلف الأحجام، كمن يسعى لإيجاد إبرة في كومة قش.
وتعتقد السلطات المحلية في دول تطل على البحرين الأحمر والمتوسط، أن المراكب الصغيرة والزوارق البحرية الخاصة، أصبحت تستخدم على نطاق واسع في تهريب الأسلحة والمتفجرات والنفط والمخدرات والمهاجرين، بدلا من مهمتها الأصلية في صيد السمك ونقل البضائع بين الشواطئ القريبة. كما يتم استغلالها في نقل الممنوعات بين السفن الكبيرة والسواحل.
ويقول مسؤول أمني في خليج السلوم على الحدود المصرية الليبية، إن مثل هذا النشاط يزيد من تعقيد الوضع في البحر المتوسط. وكان هذا المسؤول يشرف، منذ شهور، على عملية احتجاز قواته لمركب تركية يملكها ليبي ويديرها طاقم سوري. ويضيف: «لم يقدموا إجابة عن سبب قدومهم إلى ميناء طبرق الليبي، ثم اقترابهم من الشاطئ المصري. ونحن نشتبه فيهم».
ويعرقل النشاط المحموم لمراكب مشبوهة من هذا النوع جهود السلطات لتأمين السواحل ووضع خطط لمواجهة الأطماع الدولية في مياه منطقة الشرق الأوسط الدافئة. فبينما يدور تحت السطح تنافس أوروبي روسي، للهيمنة على البحر المتوسط، تظهر أطماع إيرانية وتركية في البحر الأحمر. وبالإضافة إلى الصراعات التي لا تريد أن تنطفئ في هذه المنطقة الحيوية من العالم، تبدو قضية أمن البحار هنا، كمحور جديد للخلافات. وزاد من تعقيد الموقف قوافل المهاجرين ونشاط مهربي الأسلحة والأطماع العابرة للحدود. ويؤكد خبراء عسكريون على أهمية البحر الأحمر والبحر المتوسط على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية.
على سبيل المثال، لا يمكن لمجموعة من المتمردين الاستمرار في التشبث بميناء الحُديّدة الاستراتيجي دون مساعدة فَجة من إيران. وبعد تضييق التحالف العربي على تحركات السفن الإيرانية الكبيرة في البحر الأحمر، لجأت طهران إلى الاستعانة بمراكب صغيرة، لإيصال الأسلحة للمتمردين، وفقاً لمصادر من المقاومة الشعبية اليمنية.

[caption id="attachment_55263297" align="aligncenter" width="1262"]الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر قيلة، أثناء افتتاحه لمشروع تنموي على القرن الأفريقي. الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر قيلة، أثناء افتتاحه لمشروع تنموي على القرن الأفريقي.[/caption]

وطوال الأعوام الثلاثة الأخيرة، أوقفت سفن تأمين البحر الأحمر عشرات المراكب التي كانت تحمل الألوف من قطع الأسلحة وصناديق الذخيرة وهي في طريقها إلى الحوثيين. وكانت إحدى هذه الوقائع تتعلق بتوقيف ثلاث فرقاطات عسكرية قرب بحر العرب، لقوارب صيد عليها شحنات كلاشينكوف وقاذفات هاون وذخيرة وصواريخ مضادة للدبابات، قادمة من إيران وكانت في طريقها إلى سواحل اليمن. ورغم مثل هذه التحديات، يقول اللواء يحيى كدواني، عضو البرلمان المصري، إن بلاده، والسعودية، والأردن، أصبح لديهم إدراك عميق لأهمية التعاون المشترك في البحر الأحمر أكثر من أي وقت مضى.
أما أبعاد الصراع الدولي على الوجود في البحر المتوسط، فتأخذ مسارات مغايرة لأسباب مختلفة، خاصة بعد اكتشافات الغاز التي ستفتح أبوابا للتنافس بين مصر وتركيا ودول أخرى في المنطقة، وفقاً للخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، بينما تصدرت قضية أمن البحر الأحمر والتعاون الاستراتيجي مباحثات لمسؤولي بلدان تطل على هذا المجرى المائي الاستراتيجي. ويقول فرج وهو مدير سابق للشؤون المعنوية في الجيش، إن وجود تركيا في جزيرة سواكن السودانية بالبحر الأحمر يعد عملا عدائياً ضد مصر.
وتضع مبادرات الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، ومبادرات عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري، تقديرات جديدة لمنطقتي البحر الأحمر والبحر المتوسط. اتجاه يقوم على التعاون، وعلى التنمية لتقليل الاستخدام غير القانوني بين الشواطئ البحرية... هذا يقلب توقعات وضعتها في السابق المخابرات الأميركية، بشأن مستقبل الأطماع الإقليمية والدولية هنا.
اليوم يمكن أن تنظر طويلا إلى التطلعات الواقعية، في كثير من المجالات، وعلى رأسها مشروع «نيوم» على شمال البحر الأحمر، والذي يضم السعودية ومصر والأردن، على خليج العقبة بما يعزز الأمن وفرص التنمية والتقدم... ويتوافق هذا التوجه مع ما جاء في أطروحات أكاديمية، عن آفاق التعاون العربي الممكنة لحفظ الأمن في هذه المنطقة من العالم.
وبالنظر إلى الجانب الشمالي الممتد من فم قناة السويس، حتى أقصى الساحل الأفريقي المقابل لأوروبا، وبينما العالم مشغول بقضية تدفقات مراكب الهجرة غير الشرعية، يسعى الروس للاستحواذ على شواطئ البحر المتوسط الدافئة، والهيمنة على مزيد من الموانئ لخدمة الوجود العسكري والقرب من استكشافات الغاز الجديدة.
يسعى الروس لهذا مدفوعين بما تذوقوه من خيرات، نتيجة تمكنهم بالفعل من الحصول على موضع قدم على السواحل السورية. فقد أصبح النظام السوري أضعف من أن يقاوم أطماع الروس في المنطقة. وفي نفس الوقت تفتح مجموعة الموانئ والقواعد العسكرية المصرية الجديدة على البحر المتوسط - سواء قاعدة محمد نجيب في غرب الإسكندرية، أو قاعدة جرجوب في أقصى غرب البلاد - شهية الروس للتمدد.
لكن المصريين، وبناء على إفادة من المتحدث باسم الجيش العميد أركان حرب، تامر الرفاعي، لا يسمحون لمثل هذه التكهنات بالنمو. ولديهم محاذير تحول دون ذلك، كما يقول النائب في البرلمان المصري عن تلك المنطقة، فضل العميري. إلا أن باب التعاون يمكن أن يكون هو البديل الأمثل لأي محاولة للهيمنة أو إثارة الخصومات، خاصة أن الروس يقومون منذ شهور بمحاولات لوصل خيوط الود القديمة مع الحكام الجدد في ليبيا.
وبالعودة إلى جنوب البحر الأحمر، وفي لقاء سابق مع الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر قيلة، في قصره القريب من باب المندب، بدا أنه من بين القيادات التي أصبحت تعمل من أجل تطويع الصراعات ليحل محلها التعاون والتنمية. وهذا يمكن أن يسهم في إبعاد أطراف إقليمية ودولية تحاول إدارة صراعاتها على حساب شعوب المنطقة، مثل الإيرانيين أو الروس أو غيرهما.
حين حاولت إيران أن تستغل حالة الفقر في جيبوتي بحثاً عن موضع قدم لها في البحر الأحمر، تصدى لها الرئيس قيلة، ورفض الاستمرار في فتح الباب أمام الإيرانيين. ويقول في مقابلة معه العام الماضي: «نحن نقف مع التحالف العربي. ونقف مع خطط التنمية مع جيراننا في البحر الأحمر».

[caption id="attachment_55263298" align="alignright" width="300"]العميد أركان حرب تامر الرفاعي المتحدث السابق باسم الجيش المصري العميد أركان حرب تامر الرفاعي المتحدث السابق باسم الجيش المصري[/caption]

ومما يؤرق جيبوتي: الأزمة الصومالية، والحرب في اليمن، والقرصنة البحرية، والإرهاب. ولمواجهة المراكب الصغيرة التي تتسلل تحت الضباب لنقل شحنات من الأسلحة، في باب المندب، تتبادل عدة دول، من بينها دول التحالف العربي، تسيير زوارق حربية لتأمين سفن التجارة الدولية، وإحباط محاولات الإيرانيين تزويد المتمردين بأدوات الحرب.
وبينما تعمل بلدان الشرق الأوسط المعتدلة ضد أطماع إيران، دخلت تركيا على الخط لتفتح حسابات جديدة في معادلة الأمن والاستقرار. لم تكن تركيا أول دولة تبحث لها عن مكان في البحر الأحمر. فالعالم يشهد مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية، بينما تزداد الأهمية الدولية لمنطقة القرن الأفريقي وباب المندب وقناة السويس. ومنذ وقت مبكر كانت دول كبرى تسعى للوجود العسكري بالقرب من هذا المجرى المائي الذي خصصت له المخابرات الأميركية، في مطلع الثمانينات، تقريراً خاصاً تم رفع السرية عنه أخيراً.
يبدو أن المخاطر التي كانت محصورة في السابق في التنافس بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة، والشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي السابق، تغيرت، وأخذت أبعاداً جديدة جعلت دولا، مثل إيران وتركيا، تحاول أن تقتنص الفرص هنا.
في الوقت الحالي توجد معسكرات ضخمة أسسها الفرنسيون والأميركيون والصينيون، على الأراضي الجيبوتية، قبالة القرن الأفريقي. لكن الرئيس قيلة يقول إن بلاده لا تخشى من هذا الأمر، لأن وجود الدول الكبرى هنا «موجه في المقام الأول لمكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية، وحماية الملاحة الدولية».
ومن جانبه يقول مسؤول عسكري مصري إن إيران حاولت بشتى الطرق إيجاد مستقر لها في البحر الأحمر خاصة في منطقة باب المندب، بالتوازي مع دعمها للمتمردين في اليمن، من أجل زعزعة الاستقرار في منطقة تؤثر بشكل مباشر على الملاحة في قناة السويس... «كلما زاد التهديد في البحر الأحمر انعكس ذلك على مستقبل القناة».
النظرة الجغرافية تعتبر البحر الأحمر مجرد حوض بحري شريطي يمتد من باب المندب إلى السويس. وعلى الرغم من أهميته كممر مائي حيوي، فإن الاستراتيجية العربية الموحدة تجاهه ظلت غائبة في الماضي. وبدأ الاهتمام بالدراسات الجادة بشأنه بعد إغلاق مصر لباب المندب عام 1973.
وتتعدد الدراسات البحثية التي تتحدث عن مفهوم الأمن هنا، إلا أنها اتفقت، في مجموعها، على ضرورة تحقيق الأمن القومي للدول المطلة على المضيق، وأن هذا لن يأتي إلا بحل المشاكل الداخلية لتلك الدول، يليها حل المشاكل بين هذه الدول بعضها البعض. وإبعاد دول المنطقة عن دائرة الصراع والاستقطاب الدولي.


[caption id="attachment_55263310" align="alignleft" width="300"]جانب من تقرير المخابرات الأميركية عن الأمن في البحر الأحمر. جانب من تقرير المخابرات الأميركية عن الأمن في البحر الأحمر.[/caption]

وتضيف دراسة للدكتور محمد رضا فودة، عضو الهيئة الاستشارية لمركز الدراسات العربي الأفريقي، أن من بين سبل ترسيخ الأمن، السيطرة على جزر باب المندب بالوجود فيها، سواء أكان وجودا عسكريا أو مدنيا أو مشتركا، منعا لاستغلالها من قبل دول أخرى. ودعت دراسة الدكتور فودة إلى تشكيل هيئة لدول حوض البحر الأحمر تتولى تحديد المسؤوليات المادية والعسكرية والاقتصادية لكل دولة.
وبحسب الدراسة نفسها فإن البحر الأحمر يتصدر قائمة البحار الثرية بالحديد، والماغنسيوم، والنحاس، والرصاص، والنيكل، والزنك، والذهب، والفضة، وغيرها، فضلا عن النفط والغاز الطبيعي. وهناك رؤية أخرى للباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، عماد جاد، يتطرق فيها إلى سعي إسرائيل إلى تطوير علاقاتها مع دول في شرق أفريقيا، وتمكنها من تدشين روابط ومصالح مع بعض الدول الأفريقية وتوسعها في إمداد هذه الدول بالسلاح والمعدات العسكرية والخبرات الزراعية التي جعلت العلاقة بينهما تتجاوز العلاقة الدبلوماسية.
رغم هذه الرؤية يبقى الأمل منعقدا على أهمية وضع استراتيجية عامة للبحر الأحمر، وهو ما تضمنته ورقة قديمة لأحد السفراء المصريين المتخصصين في هذه القضية، جرى تقديمها للحكومة في حينه، ويقترح فيها إنشاء مجلس للأمن والتعاون بين دول البحر الأحمر مع الدول العربية والأفريقية وأن «يبدأ بخطوات متدرجة في البداية على شكل التعاون في مجال تنظيم الملاحة أو البيئة وأن تقوم كل من مصر والسعودية بدعوة الدول المطلة على البحر الأحمر للتعاون الأمني والاقتصادي بما يحقق المصالح الشاملة للجميع».
ويبدو أن هذا ما يجري على أرض الواقع. وتقف دول عربية عدة، منها مصر والإمارات وجيبوتي وغيرها، مع السعودية، لفرض الشرعية في اليمن، ودحر التمرد الحوثي، وتأمين الملاحة الدولية. وقطعت دول أفريقية وأهمها جيبوتي الواقعة على مدخل البحر الأحمر من الجنوب، علاقتها الدبلوماسية مع إيران. ويقول الرئيس قيلة خلال زيارته في قصره، إن إيران قامت مرارا وتكرارا بالتدخل بشكل سافر في شؤون عدة دول عربية، من بينها اليمن والبحرين وسوريا والعراق، من خلال إثارة الفتنة الطائفية، ودعم الميلشيات المسلحة بالمال والسلاح، ما أدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار وحولها إلى ساحات حروب.
وبينما ترسل إيران أسلحة الموت عبر البحر الأحمر، تسعى البلدان العربية إلى خلق مشروعات تنموية كبرى للاستفادة من المجرى الملاحي الدولي. وفي الجنوب فتحت جيبوتي آفاقا جديدة من خلال إنشاء موانئ وحظائر لتخزين البضائع الواردة من آسيا ومن الخليج، ومد خطوط للسكك الحديدية من البحر الأحمر إلى داخل القارة الأفريقية، وهي تشارك في الوقت نفسه مع قوات التحالف العربي لإعادة الاستقرار في اليمن.
وفي شمال البحر الأحمر، يهدف مشروع «نيوم» الذي أعلن عنه الأمير محمد بن سلمان إلى تأسيس منطقة خاصة جديدة تطل على البحر الأحمر وعلى خليج العقبة، بطول 468 كيلومتراً، وعلى مساحة تصل إلى أكثر من 26 ألف كيلومترا مربعا. وعلى الضفة الأخرى من هذه المنطقة، تمكن الرئيس السيسي من توسيع مجرى قناة السويس، بأموال جمعها من عامة المصريين، حتى يتمكن المجرى من استيعاب ناقلات بحرية عملاقة، إلى جانب فتح مشروعات دولية.


[caption id="attachment_55263299" align="alignleft" width="300"]فضل العميري، النائب المصري عن مدينة النجيلة على البحر المتوسط. فضل العميري، النائب المصري عن مدينة النجيلة على البحر المتوسط.[/caption]

كانت قناة السويس، منذ افتتاحها عام 1869. محط تنافس الفرنسيين والإنجليز. وتسبب تأميمها في حرب العدوان الثلاثي عام 1956. وفي العقود التالية زادت أهمية أمن البحر الأحمر مع ارتفاع وتيرة المنافسة بين المعسكرين الغربي والشرقي. ويعكس تقرير المخابرات الأميركية المعنون بـ«النظام الأمني للبحر الأحمر: موضوعات سياسية وعسكرية واقتصادية»، الأهمية الدولية لواحد من أهم المجاري المائية في الشرق الأوسط.
ومنذ إعداده في مطلع ثمانينات القرن الماضي، توقع التقرير أن «تزداد الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر، بصورة جوهرية، خلال السنوات القليلة المقبلة، نتيجة للتطورات العسكرية والاقتصادية الأخيرة». وبدأ رفع الحظر التدريجي عن جانب من هذا التقرير بداية من عام 2002. وما زالت فقرات كثيرة فيه مطموسة حتى الآن، لأسباب أمنية.
وتبين التفاصيل الواردة فيه كيف تغيرت منظومة القوة في المنطقة. فالولايات المتحدة الأميركية يبدو أنها تراجعت عن الاهتمام بقضية الأمن في الشرق الأوسط. فقد كانت قواتها، في السابق، ووفقا للتقرير، تعتمد على التسهيلات العسكرية بالمنطقة من أجل «الانتشار السريع للمساعدة في مقاومة المد السوفياتي». وبالنظر إلى المخاطر الموجودة اليوم في بحار المنطقة، يبدو أن «المد السوفياتي» حل محله «المد الروسي» و«المد الإيراني» و«المد التركي»، وغيره، في مقابل تراجع واضح للدور الأميركي.
إن تقرير المخابرات الأميركية رصد كيف توقعت السعودية، منذ البداية، الأخطار التي يمكن أن تعصف بالمنطقة، وتعرقل إمدادات النفط من مضيق هرمز لأي سبب. ويقول التقرير إن المملكة أكملت مد خط أنابيب بترول إلى البحر الأحمر، وأن هذا «سوف يمكنها من تصدير كمية كبيرة من البترول الخام دون الحاجة إلى معاناة المرور عبر مضيق هرمز الذي يشهد الاضطرابات التي تمر بها المنطقة».
ومثلما تحاول إيران استخدام أدوات لها للوجود في جنوب البحر الأحمر، عمل الاتحاد السوفياتي، قديما، على تحريك أدوات له للوجود هناك... كانت هذه الأدوات ممثلة في الدول التي توالي الشرق وتعادي الغرب.
ووفقا للتقرير كذلك، فقد أعطت هذه التطورات، الدول العربية، مثل مصر والسعودية والعراق، نصيبا في أمن البحر الأحمر، مشيرا إلى أن التعاون الأمني بين هذه الدول، وغيرها من الدول العربية، في ذلك الوقت، كان يواجه عوائق كبيرة، بما في ذلك المنافسة السياسية والآيديولوجية والاختلاف بشأن دور القوة العسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وبنظرة متفحصة لتقرير المخابرات الأميركية يمكن استبدال «التهديدات السوفياتية»، قديما، بمصطلح «التهديدات الإيرانية»، أو غيرها، في الظروف الراهنة. ولم يغفل التقرير معضلة عدم التنسيق العربي مع إسرائيل في قضية أمن البحر الأحمر، بسبب الصراع في فلسطين. ويقول مسؤول عسكري مصري إن هناك الكثير من المكعبات قد تغيرت من أماكنها، مشيرا إلى أن «إسرائيل لم تواصل الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بمستقبل البحر الأحمر الذي يقترن بنشاطها في قارة أفريقيا، وإنما أخذت على عاتقها، منذ أكثر من عقدين، ولأسباب مختلفة، العمل بشكل قوي في القارة الأفريقية وفي البحر الأحمر، دون انتظار لليد الأميركية في كثير من الأحيان، من أجل تأمين مستقبلها وسط محيط غير مطمئن لها».
لا شك أن كبار القادة العسكريين في العالم يحتفظون، من بين ما يحتفظون، بخرائط تفصيلية للبحر الأحمر والجزر الموجودة فيه وأهم الموانئ المؤثرة. فالأمر هنا لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، ولكن بـ«الحركة التجارية والتنمية الاقتصادية التي تحتاج إلى قوة تحميها»، وفقا للمسؤول المصري نفسه.
لهذا تغيرت تسميات عدة، كانت تركز، في الماضي، على المنافسة العسكرية المجردة، الهادفة إلى الهيمنة والاحتلال، وحلت محلها أوصاف جديدة تعكس إلى أي حد يمكن الاستعانة بالقوة العسكرية العابرة للحدود، في التعاون على تأمين خطوط التجارة الدولية ومراكز التنمية الإقليمية، والتصدي للفوضى الناتجة عن القرصنة والإرهاب، بما في ذلك البحث الدءوب عن المراكب والزوارق الصغيرة المشبوهة التي تستخدمها بعض القوى لزعزعة الاستقرار. إن تسهيل نقل الأسلحة للمتمردين والخارجين عن القانون، يربك خطط التنمية. بالإضافة إلى أن توجيه زورق محمل بالمتفجرات لاستهداف ناقلة تجارية، أو سفينة حربية، يصيب دول البحر الأحمر بخسائر ضخمة، ناهيك عن بث الرعب في هذا المجرى الحيوي.

[caption id="attachment_55263300" align="alignright" width="300"]اللواء سامح أبو هشيمة، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية اللواء سامح أبو هشيمة، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية[/caption]


وتحت عنوان «العوامل العسكرية» داخل تقرير المخابرات الأميركية نفسه، يبدو أن البحر الأحمر ظل يمثل أهمية قصوى لجهود الغرب في حماية مسارات توريد البترول من منطقة الخليج العربي، منذ وقت طويل. ويشير في فقرات منه إلى أن «الأسطول الأميركي يفضل قناة السويس، على المسار الطويل والمكلف حول رأس الرجاء الصالح».
لقد كان للبحر الأحمر أهمية كبيرة أثناء الحرب العراقية مع إيران، رغم أن هذين البلدين لا يطلان أصلا على هذا الشريان المائي. ففي أثناء تلك الحرب التي جرت في ثمانينات القرن الماضي، لم يكن في وسع العراق الحصول على إمدادات السلاح والطعام بسبب التهديدات الإيرانية في مضيق هرمز. ولهذا لجأت إلى جلب المؤن والدعم من البحر الأحمر عبر الأردن.
وفي الوقت الراهن، سوف تكون الأردن، من بين الدول المستفيدة من مشروع التنمية الكبير في شمال غربي السعودية، والذي سيركز على قطاعات تمثل عصب الحياة في المستقبل، وعلى رأس هذه القطاعات، الطاقة، والمياه، والغذاء والنقل، والصناعة المتطورة، والتقنية والرقمية، والتقنيات الحيوية، والإنتاج الإعلامي، والترفيه.
ويجري هذا مع تكثيف زعماء المنطقة لجهود بسط الاستقرار ومقاومة التدخلات المثيرة للقلاقل... وعلى سبيل المثال اتفق الجانبان المصري والإريتري على الاستمرار في التنسيق المكثف إزاء كافة الموضوعات المتعلقة بالوضع الإقليمي الراهن، خاصة في ضوء أهمية منطقة القرن الأفريقي، ودور إريتريا بها، وما لذلك من انعكاسات على أمن البحر الأحمر ومنطقة باب المندب.
وجرى التركيز على هذه المحاور مجددا خلال قمة بين السيسي، ونظيره الإريتري آسياس أفورقي في القاهرة. وظلت علامات الاستفهام عن مستقبل هذا المجرى المائي المهم، تتحرك على خلفية عزف حرس الشرف لموسيقى السلام الوطني لكل من مصر وزوارها من قادة دول أفريقية مطلة على البحر الأحمر بما في ذلك زيارة الرئيس قيلة العام الماضي.
والمشكلة تكمن هنا في القدرة على فتح مزيد من أبواب التعاون مع باقي الدول الأفريقية المؤثرة في أمن البحر الأحمر. فمصر لديها علاقات جيدة مع جيبوتي مثلا، لكن هذه الأخيرة تعد خصما لدودا لإريتريا. وسيكون على هذه الدول تجاوز خلافاتها، من أجل خلق أرضية حقيقية للتعاون، حتى لو كان ذلك من خلال تنسيق أوسع مع دول العالم الحريصة على تأمين سفنها التجارية، مثل الصين.
وعقب انصراف الضيوف الإرتريين قبل أيام، وطي سجاجيد الاستقبال الحمراء، يقول السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية: «الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد لنظيره الإريتري اهتمام القاهرة بترسيخ التعاون الاستراتيجي مع أسمرة في شتي المجالات». بينما يضيف مصدر دبلوماسي أن هذا سيتبعه محاولة لحل خلافات إريتريا وجيبوتي، ضمن استراتيجية عربية لتأمين البحر الأحمر واستثماره، في نهاية المطاف.
وتعاني بلدان مطلة على القرن الأفريقي من شح المياه ومن الفقر العام. وتجد دول إقليمية وأخرى من الغرب والشرق فرصة لملء هذا الفراغ من خلال تقديم مساعدات مقابل غض الطرف عن أنشطة مريبة. وتقدم السعودية ومصر دعما فنيا وبرامج لبناء القدرات في القرن الأفريقي.
وفي اللقاء الجديد بين السيسي وأفورقي، اتفقا على تبادل زيارات الوفود، وتنفيذ مشروعات مشتركة سيكون لها علاقة في أغلب الأحوال بالمستجدات في البحر الأحمر، وعلى رأسها الوجود التركي على سواحل السودان. وتقول مصادر دبلوماسية في القاهرة إن الوجود التركي في جزيرة سواكن غير مرغوب فيه من جانب مصر، لأسباب عدة في مقدمتها مخاوف تتعلق باحتمال أن تستخدم كمحطة لتصدير الاضطرابات إلى دول لا تتفق مع سياسات أنقرة.

[caption id="attachment_55263301" align="alignleft" width="300"]السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر. السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.[/caption]

ويوضح اللواء فرج، أن تأجير تركيا جزيرة سواكن، يعتبر بمثابة موضع قدم لها لتنفيذ عمليات لوجستية في المنطقة. ومعروف أن تركيا تتخذ موقفا معاديا من مصر منذ الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، وهي جماعة مصنفة في عدة بلدان على البحر الأحمر بوصفها «منظمة إرهابية»، باستثناء السودان.
كما لا يخفى على أحد أن دولة قطر، التي تأوي قادة مصريين من جماعة الإخوان، مدت خيوط الود مع الخرطوم، وهو أمر يؤثر بالسلب على إيجاد طاولة تعاون جادة في هذا الحوض الحيوي من العالم. وتوجد عدة موانئ مهمة على الضفة الشرقية للبحر الأحمر. ويعد من أشهرها في الشمال ميناء العقبة الأردني، ذو الأهمية التجارية والسياحية. وميناء جدة، ذو القدرة على استقبال أكبر سفن الحاويات في العالم. وإلى الجنوب منه، في اليمن، يقع ميناء عدن، القريب من مضيق باب المندب، وميناء الحديدة الذي يحاول الحوثيون الاستمرار في السيطرة عليه لاستقبال المساعدات العسكرية الإيرانية منه.
أما على الضفة الغربية للبحر الأحمر، فهناك عدة موانئ مصرية في خليج السويس، ثم ميناء بور سودان في السودان، وميناء مصوع في إريتريا، وميناء جيبوتي الذي يعرف محليا باسم ميناء دورالة، والذي يعد مركزا حيويا للتجارة مع قلب القارة الأفريقية. وإلى الجنوب منه يقع ميناء مقديشو الصومالي، الذي تديره شركة تركية لمدة عشرين عاما مقابل الحصول على 45 في المائة من العائدات.
ويوجد في البحر الأحمر نحو 30 جزيرة، أشهرها جزيرتا تيران وصنافير. أما جزيرة سواكن، فيقول عنها اللواء فرج إنها كانت أيام الإمبراطورية التركية، قاعدة عسكرية، وانطلقت منها الحملة العثمانية إلى اليمن، موضحاً أن كل الحقائق على أرض الواقع تؤكد أن تركيا تتخذ إجراءات عدائية ضد مصر.
ويذهب مسؤولون مصريون إلى أبعد من ذلك فيما يخص المخاوف من الأنشطة التركية في البحر الأحمر، حيث يتم الربط بين النشاط التركي والنشاط القطري مع الجانب السوداني، فيما يشبه «الحلف الثلاثي المعادي للقاهرة»، ويتركز هذا التحالف على ما يبدو على دعم حركات إسلامية متشددة. ويؤكد مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق في الجيش المصري، أن منح تلك الجزيرة لتركيا يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي لبلاده، موضحاً أن الجزيرة تقع على بعد نحو 200 كيلومتر من الحدود المصرية، وأن الخطر الذي تمثله سيطرة القوات التركية على الجزيرة، أنها ستصبح موضع قدم لها في البحر الأحمر، خاصة أن أي أحداث عدائية في هذا البحر تؤثر على دخل قناة السويس.
وبسبب المتغيرات الجارية، وأهمها ما ثبت من دعم إيراني للمتمردين الحوثيين في اليمن، وتأثير ذلك على مرور السفن التجارية في باب المندب، يتحدث عدد من الخبراء الأمنيين عن أن المشكلة التي ظهرت أخيرا تتعلق بإصرار قوى إقليمية على التعامل مع دول عربية تطل على البحر الأحمر، كلٌ على حدة. وفي الحقيقة يبدو أن هذه المشكلة تخص العالم العربي، لا القوى المتربصة به فقط. إن «أمن البحر الأحمر امتداد للأمن القومي العربي». هذا ما قاله وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال لقائه مع نظيره السعودي عادل الجبير.
وفي حديث مطول يؤكد اللواء يحيى كدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري، أن إيران تدعم الحوثيين وتهدد باب المندب، المغذي الرئيسي لقناة السويس. ويشير إلى أن البحر الأحمر له أهمية خاصة عند كل من مصر والسعودية، مشيرا إلى أنهما تتابعان بجدية ما يحدث.
وفي آخر مؤتمر للدول المشاطئة للبحر الأحمر جرى التركيز على ثلاثة محاور سياسية وأمنية واقتصادية، حيث تناول الشق السياسي بحث الرؤية المشتركة إزاء تحديات الإقليم، وأطر العمل العربي الأفريقي المشترك، وتعزيز سيادة دول البحر الأحمر على شؤونها الداخلية ومياهها الإقليمية، ‌وتنسيق المواقف في المحافل الدولية والإقليمية المختلفة.
وتناول المحور الأمني تنسيق الجهود لمجابهة التهديدات الأمنية وعلى رأسها الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والاتجار في البشر، وعمليات التهريب، والجريمة العابرة للحدود. ويقول اللواء حاتم بشات، الخبير العسكري وعضو مجلس النواب المصري، إن الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر والبحر المتوسط دفعت مصر والسعودية والأردن لتعميق أفق التعاون المشترك للاستفادة من هذه الحدود البحرية الهامة استراتيجيا لكل منها. ويوضح أن هذا التعاون مهم جدا لتأمين الممرات المائية.


[caption id="attachment_55263302" align="aligncenter" width="1262"]قضاة يتدربون بمصر على تشريعات الهجرة غير الشرعية (المجلة). قضاة يتدربون بمصر على تشريعات الهجرة غير الشرعية (المجلة).[/caption]

وتسعى دول البحر الأحمر خاصة مصر والسعودية للمضي قدما من أجل إيجاد منظومة تتكامل فيها عوامل التنمية الاقتصادية، من عمالة وفيرة، وخبرات عالية، ومصادر استثمار وموارد، وسوق واسعة، سواء من خلال مشروع نيوم الذي أعلن عنه الأمير محمد بن سلمان، أو المشروعات التي يتبناها الرئيس السيسي في محور قناة السويس.
فطوال السنوات الأخيرة، ورغم أحداث ما يعرف بـ«الربيع العربي»، ظل أمن البحر الأحمر تحت نظر القيادات الأمنية والسياسية. وحتى لو تم تأجيل فتح الباب لمناقشة بعض التداعيات أو «التدخلات»، في هذا المجري الملاحي، فإنه، وبمجرد أن تهدأ الأوضاع في هذه الدولة أو تلك، تعود القضية إلى الواجهة من جديد، مثلما هو الحال في اليمن ومصر؛ فقد عمت الفوضى في هذين البلدين حيث كانا في قلب أحداث الربيع العربي. وفي تلك الفترة، في عامي 2011 و2012. ظهر وجود تهديدات في كل من قناة السويس وباب المندب.
فقد تجرأ المتطرفون على استهداف قناة السويس، حين كانت الدولة المصرية في حالة من الضعف والتجاذب السياسي والاضطرابات. حينها قام بعض هؤلاء المتطرفين باستهداف سفينة صينية في ذلك الوقت بالفعل. يعتقد مسؤولون أمنيون مصريون، حاليا، أن مراكب صيد ضالعة في نقل أسلحة لمتطرفي سيناء، من البحر.
إن مراقبة الحركة الدائبة في البحر الأحمر والبحر المتوسط، مثل أي بحار أخرى، تبدو صعبة بالنظر إلى العدد الكبير من السفن والبواخر التجارية والعسكرية. ويتنقل عبر هذين البحرين نحو 17 ألف سفينة سنويا، بما يمثل نحو 11 في المائة من إجمالي حجم التجارة العالمية، ناهيك عن مئات من مراكب الصيد والزوارق الصغيرة التي تعمل في الظلام.
ويقول مسؤول عن ملف معني بالبحار في الجامعة العربية، إن ظاهرة استغلال مراكب الصيد في أعمال التهريب بدأ لأول مرة انطلاقا من سواحل الصومال بعد أن ضربتها الفوضى في مطلع تسعينات القرن الماضي، ثم لوحظ أن المشكلة أخذت في التزايد في سواحل إريتريا والسودان، وأن إيران تدفع أموالا طائلة من أجل استئجار أو شراء هذا النوع من المراكب لاستخدامها في تهريب الأسلحة، من سفنها الكبيرة إلى الشواطئ التي تسيطر عليها جماعات خارجة عن القانون.
ووفقا للمسؤول نفسه فقد ساعد على انتشار هذه الظاهرة على سواحل المتوسط، الفوضى في ليبيا وسوريا، مشيرا إلى انخراط مئات من صيادي البحر في مثل هذه الأنشطة المشبوهة. ويقول مساعد لرابطة الصيادين في غرب الإسكندرية، إن مافيا تهريب السلاح والبشر في البحر تعاقب من يرفضون تأجير مراكبهم لأغراض غير قانونية، بالاختطاف أو القتل، وأن أكثر من مائتي مركب «تورطت في العمل مع أباطرة الهجرة غير الشرعية والمهربين، مقابل أموال طائلة». وتتسع المركب من هذا النوع لنحو 300 شخص، كما يمكنها حمل عدة أطنان من الأسلحة.
وتستطيع مركب صيد أن تعود من رحلة عمل في المياه الإقليمية مدتها نحو شهر، بنحو 15 طنا من الأسماك. ويقول صاحب مركب في مدينة دمياط على البحر المتوسط: هذا عمل شاق وأرباحه متواضعة... البعض يجني أموالا طائلة من تأجير المركب لرحلة هجرة غير شرعية أو غيرها. وبينما يبلغ ثمن مركب صيد، متوسط الحال، نحو خمسين ألف دولار، في السوق المحلية، يقدم المهربون إغراءات لشرائه بضعف الثمن.
وإلى جانب الصراعات الخفية لبسط النفوذ العسكري والهيمنة على حقول الغاز، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، شهد البحر المتوسط خلال العامين الماضيين أكبر موجة من مراكب الهجرة غير الشرعية التي كانت تحمل ألوف البشر الفارين من بلادهم المضطربة والفقيرة، إلى الضفة الأخرى من البحر، على الشواطئ الأوروبية. وكان معظم هؤلاء قادمين من الشام وأفريقيا، عبر السواحل التركية والليبية، حيث أشارت أصابع الاتهام في أوروبا إلى احتمال وصول إرهابيين إلى القارة العجوز ضمن هؤلاء المهاجرين.

[caption id="attachment_55263303" align="aligncenter" width="890"] قوات بحرية غرب ليبيا خلال محاولة التصدي لإحدى مراكب الهجرة (صورة أرشيفية). قوات بحرية غرب ليبيا خلال محاولة التصدي لإحدى مراكب الهجرة (صورة أرشيفية).[/caption]

وتمكن ملف الهجرة غير الشرعية وما اقترن به من كوارث إنسانية بين ضفتي المتوسط، من فرض نفسه على السياسات المحلية والإقليمية والدولية... ووفقا لتقرير المنظمة الدولية للهجرة الذي أصدرته مطلع العام الحالي 2018. فقد شهدت أعداد هؤلاء المهاجرين انخفاضا حادا، مقارنة بالعام السابق 2016. بعد أن كان عددهم قد وصل في 2017 إلى 171.6 ألف.
ويقول إن 3116 مهاجرا فقدوا حياتهم في البحر في عام 2017. معظمهم عبر السواحل الليبية، بينما بلغ عدد الضحايا في العام السابق، 5140 شخصا، وهو ما يعني تراجعا بنسبة 40 في المائة. وتفاقمت قضية الهجرة غير الشرعية منذ 2011. ووصلت إلى ذروتها في 2015. وشكل الاتفاق الذي وقعه الاتحاد الأوروبي مع أنقرة في 2016 بداية التحركات الأوروبية الفعلية للحد من تدفق اللاجئين، وهو ما دفعه، بعد ذلك، إلى التركيز على الضفة الجنوبية من البحر المتوسط،، خاصة ليبيا، حيث جرى توقيع اتفاق معها لهذا الغرض في 2017، يقضي بتمويل الاتحاد الأوروبي إنشاء مخيمات إيواء للمهاجرين في ليبيا، إلى أن يتم ترحيلهم لبلادهم.
وسعى الاتحاد الأوروبي لتكرار هذا الاتفاق مع دول جنوب المتوسط الأخرى، وهي أساسا مصر وتونس، اللتان رفضتا إقامة أي معسكرات للاجئين لديهما. لكن هذا لم يمنع من بذل الجهود المحلية والتعاون مع الأوروبيين للحد من هذه الظاهرة، فقدمت الحكومة الألمانية مساعدات تقنية لتونس بقيمة 34 مليون يورو، لتأمين حدودها مع ليبيا، كما حصلت مصر من الأوروبيين على 60 مليون يورو، لتنفيذ مشروعات تعالج الأسباب الجذرية المؤدية إلى الهجرة.
ويقول ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء: «تسعى أوروبا إلى مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية بمساعدة الدول التي تشكل معابر للاجئين على تطوير تشريعاتها ورفع كفاءة أجهزتها القضائية. وتوضح السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر بمصر، أن سبب نجاح بلادها في التصدي لقضية الهجرة غير الشرعية، هو تمكن القوات المسلحة متمثلة في حرس الحدود وخفر السواحل من السيطرة على منافذ التهريب عبر البحر المتوسط، إضافة إلى التعديلات التشريعية التي غلظت العقوبات على عصابات تهريب البشر، والبرامج التنموية والتدريبية المختلفة. لكن الهاجس دائما لا يتعلق بالمهاجرين فقط، ولكن بمن يمكن أن يتسلل وسطهم من إرهابيين.
وبالتزامن مع الجهود الإقليمية والمحلية، يعمل حلف شمال الأطلسي (الناتو) على مد يد العون لتأمين البحر المتوسط. وهو لديه خبرة سابقة في العمل في خليج عدن وحوض الصومال. وتقول دراسة له بعنوان «الإبقاء على البحر الأبيض المتوسط آمناً»، إن المهمة الصعبة تكمن في التمييز بين النشاط الإرهابي في مياه البحر والأنشطة المشروعة، وأن هذا يشبه محاولة تمييز إبرة في كومة قش.
وإلى جانب محاولاتها الوجود على باب المندب، تسعى إيران إلى فتح طريق لها إلى البحر المتوسط، عبر العراق وسوريا، ولبنان أيضا. وبمجرد قيام قوات التحالف الدولي والقوات العراقية والسورية، بدحر تنظيم داعش من المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، دخلت طهران على الخط، واستغلت الوضع لصالحها، حيث بدأت في تسيير معدات عسكرية ومقاتلين، لدعم بشار الأسد و«حزب الله» اللبناني، من الطريق البري المار من منطقة البوكمال.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها إيران مخاوف بشأن أنشطتها في البحر المتوسط... فقد سبق لها الوصول إلى الشواطئ السورية، بعد رحلة طويلة لعدة سفن حربية تابعة لها عبرت قناة السويس، وأجرت في مطلع 2011 مناورات على الساحل السوري. ويبدو أن وتيرة النشاط الإيراني ارتفعت بعد ذلك، إلى درجة جعلت وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، ينتقد «الأطماع الإقليمية الإيرانية». وعدم قبول بلاده لـ«توسع طهران العسكري إلى البحر المتوسط». وفقا لما جاء في مقابلة له مع محطة «فرانس 2» التلفزيونية منتصف الشهر الماضي.

[caption id="attachment_55263304" align="aligncenter" width="1262"]ميناء جيبوتي أحد مشروعات التنمية الطموحة على البحر الأحمر (تصوير: عبد الستار حتيتة). ميناء جيبوتي أحد مشروعات التنمية الطموحة على البحر الأحمر (تصوير: عبد الستار حتيتة).[/caption]

يبدو أن الانسحاب الأميركي التدريجي من المنطقة، يترك فراغات للعب. ليست إيران فقط... هناك الروس الذين تمكنوا، قبل نحو عامين، من عقد اتفاق مفتوح مع نظام الأسد، لاستخدام قاعدة حميميم الجوية على البحر المتوسط للأغراض العسكرية، إلى جانب استخدامها لقاعدة طرطوس البحرية. ثم ازدادت طموحات الروس في الوجود على المياه الدافئة. فلم تكتفِ موسكو بتوسيع قاعدة حميميم، ولكنها مدت أيديها لجس نبض الشواطئ الليبية، ورست لبعض الوقت بواحدة من قطعها البحرية أمام شواطئ طبرق. كما أجرت مناورات مع المصريين على ساحل البحر، بالقرب من المكان الذي اعتاد فيه الأميركيون خوض المناورات مع الجيش المصري.
ويرصد الأوروبيون النشاط الروسي الذي يحاول أن يتوسع من الساحل السوري إلى مناطق في غرب البحر المتوسط أكثر قربا من الشواطئ الأوروبية. وفي وسط هذا الترقب، بثت وكالات أنباء أجنبية، عدة مرات، أخبارا عن وجود قاعدة روسية على شواطئ مصر الغربية. وبالانتقال إلى الموقع، وهو ميناء ضخم تقوم مصر ببنائه في منطقة النجيلة، يسمى ميناء جرجوب، لم يظهر أي أثر للروس. ويقول المتحدث الرفاعي: «لا يوجد أي شيء من هذا القبيل... لا يوجد أي جندي أجنبي على الأراضي المصرية. لقد نفينا هذه الأنباء التي تحدثت عن قاعدة روسية في مصر، في حينه، أي في شهر مارس (آذار) من العام الماضي».
ويقول العميري، النائب في البرلمان عن مدينة النجيلة، إن ما تم بثه من شائعات عن أن الروس لديهم قاعدة هنا، غير صحيح على الإطلاق، ومن روج لهذه الأقوال يسعى لإثارة القلاقل حول توجهات مصر... «ليس للروس أي علاقة بالميناء الجاري إنشاؤه بأيد مصرية»، مشيرا إلى أن المشروع يعد الأكبر بعد مشروع توسيع مجرى قناة السويس.
ومن جانبه استبعد اللواء بشات، أن تقبل أي دولة في العالم ببناء قواعد على أرضها كالقاعدة الروسية الموجودة في البحر المتوسط على الساحل السوري، مؤكدا أن المعايير تغيرت. أما بالنسبة للشواطئ الليبية، فيبدو أن الروس ما زالوا يتجنبون الدخول في معمعة الصراعات المحلية في بلد لا توجد فيه سلطة موحدة. ويكتفون بالانتظار، ويرسلون بين وقت وآخر إشارات إلى منافسيهم على سواحل ليبيا، من إيطاليين وأتراك وفرنسيين وإنجليز.
باختصار يقول الروس - كما جاء على لسان فلاديمير شامانوف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما - إنهم يريدون العودة إلى البحر المتوسط، بعد غياب طويل، حتى لو لم يعجب ذلك الدول الغربية. ولم تظهر أي مناوشات صريحة للروس مع باقي الطامحين في وضع جنود على الشواطئ الليبية، لسبب واحد، كما يقول أحد المصادر الدبلوماسية الروسية: «علاقتنا طيبة مع المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على سواحل الشرق الليبي، أما سواحل الغرب ففيها معارك خفية دائرة بين الأوروبيين. لكن هذا لم يمنع موسكو من ضم غواصتين إلى غواصات أسطولها الدائم في البحر المتوسط، بداية من الصيف الماضي، وهما كولبينو وفيليكي نوفغورود».

[caption id="attachment_55263305" align="aligncenter" width="1262"]تهديدات إيران في مضيق هرمز زادت من أهمية نقل النفط بالأنابيب إلى البحر الأحمر. وفي الصورة أسر إماراتية على شاطئ أبوظبي (تصوير: عبد الستار حتيتة). تهديدات إيران في مضيق هرمز زادت من أهمية نقل النفط بالأنابيب إلى البحر الأحمر. وفي الصورة أسر إماراتية على شاطئ أبوظبي (تصوير: عبد الستار حتيتة).[/caption]

وإلى جانب التحرك المثير للانتباه من جانب الدب الروسي، يعج البحر المتوسط بمنافسات متقاطعة بين دول عدة، يعود بعضها لخلافات قديمة على الحدود وعلى مناطق الثروات تحت البحر. ويرى اللواء سامح أبو هشيمة، الخبير العسكري المصري، ومستشار أكاديمية ناصر العسكرية، أن اكتشافات الغاز الأخيرة التي وجدت في البحر المتوسط، ستفتح أبوابا للتنافس بين مصر وقبرص واليونان من جهة، وتركيا من جهة أخرى.
ولتركيا خلافات جذرية مع عدة دول في البحر المتوسط بينها قبرص واليونان، بالإضافة إلى عدائها لنظام الرئيس السيسي على خلفية الإطاحة بمرسي. ويقول مسؤول مصري: «لدينا علاقات قوية ومتنامية مع قبرص واليونان... هذا أصبح واضحا في الشهور الأخيرة. أعتقد أن هذا السبب جعل الأتراك يشعرون بالحنق ولهذا توجهوا إلى السودان واستأجروا جزيرة سواكن لإثارة غضبنا».
وقبل نحو أربعين يوما، قررت كل من مصر واليونان وقبرص، عقب اجتماع لوزراء الدول الثلاث بمدينة لارنكا، عقد اجتماع سنوي لـ«تعزيز التعاون في مجال الدفاع»، من أجل التصدي للإرهاب والاتجار بالبشر. وأشار وزير الدفاع المصري، صدقي صبحي، وقتها، إلى تزايد التهديدات الإرهابية والتطرف، بعد هزيمة الإرهابيين في سوريا والعراق.
وفي تطور لافت، منذ نحو أسبوعين، أوقفت السلطات اليونانية سفينة محملة بمواد تستخدم في تصنيع المتفجرات، كانت قادمة من السواحل التركية في طريقها إلى مدينة مصراتة الليبية، وهو أمر أثار غضب أنقرة، بعد أن أخذت القضية أبعادا دولية. ومن جانبه يرى أبو هشيمة أن اكتشافات الغاز في البحر المتوسط، ربما لن تستطيع أن تخلق قنوات للتعاون بين مصر وقبرص واليونان من جانب، وتركيا من جانب آخر، مشيرا إلى أن التنافس موجود بالفعل، ولكن يحكمه القانون الدولي العام، والذي يطلق على المياه الموجودة بها الاكتشافات: «المياه الاقتصادية»، وهو حق لمصر واليونان وقبرص، مؤكدا أن إسرائيل هي الأخرى دخلت دائرة التنافس.
ويوضح الخبير العسكري المصري أن منطقة شرق البحر المتوسط منطقة مليئة بحقول الغاز العميقة التي ستحدث تنافسا في الإنتاج العالمي، مشددا على أن مصر كانت تدرك أهمية التعاون مع قبرص واليونان باعتبار علاقتها القديمة معهما. ويقول إن مصر كانت سباقة في التعاون معهما، وأن الأيام القادمة ستشهد تنافسا حاد بين تلك الدول من جهة والجانب التركي من جهة أخرى، خاصة بعد «رفض مصر الدور الوظيفي المشبوه لتركيا في المنطقة»، حسب وصفه.
لقد توقع حلف الناتو منذ وقت مبكر، أي منذ نحو سبع سنوات، أن تتضخم التهديدات والمخاطر التي تتعلق بالنشاطات غير الشرعية في البحر، مثل تهريب المخدرات والأسلحة والهجرة غير الشرعية، لتتعدى قدرات وكالات تطبيق القانون المحلية. وهو ما يحدث بالفعل، حيث تعثر زوارق خفر السواحل، بين وقت وآخر، على مراكب تتسلل خفية تحت الضباب لنشر الموت والفوضى، بينما تستمر محاولات كثير من الدول للتنسيق من أجل إحلال التعاون بدلا من الصراع.
[caption id="attachment_55263306" align="aligncenter" width="1262"]ميناء بنغازي في ليبيا استخدمه المتطرفون في أكبر عملية تهريب ونقل للمتطرفين في البحر المتوسط (تصوير: عبد الستار حتيتة). ميناء بنغازي في ليبيا استخدمه المتطرفون في أكبر عملية تهريب ونقل للمتطرفين في البحر المتوسط (تصوير: عبد الستار حتيتة).[/caption]
[caption id="attachment_55263307" align="aligncenter" width="1262"]مركز لوحدة أمنية ليبية لمراقبة تحركات المراكب الصغيرة على ساحل جليانة في شرق البلاد (تصوير: عبد الستار حتيتة). مركز لوحدة أمنية ليبية لمراقبة تحركات المراكب الصغيرة على ساحل جليانة في شرق البلاد (تصوير: عبد الستار حتيتة).[/caption]
[caption id="attachment_55263308" align="aligncenter" width="1262"]ميناء طبرق الليبي، زارته حاملة الطائرات الروسية «أدميرال كوزنيتسوف»، ما أثار قلق الأوروبيين (تصوير: عبد الستار حتيتة). ميناء طبرق الليبي، زارته حاملة الطائرات الروسية «أدميرال كوزنيتسوف»، ما أثار قلق الأوروبيين (تصوير: عبد الستار حتيتة).[/caption]
[caption id="attachment_55263309" align="aligncenter" width="1262"]إنشاء ميناء جرجوب البحري الضخم في شمال غربي مصر فتح تكهنات عن طموحات الروس في التمدد (تصوير: عبد الستار حتيتة). إنشاء ميناء جرجوب البحري الضخم في شمال غربي مصر فتح تكهنات عن طموحات الروس في التمدد (تصوير: عبد الستار حتيتة).[/caption]
[caption id="attachment_55263315" align="aligncenter" width="1262"]واحدة من ناقلات الحاويات أثناء اجتيازها البحر الأحمر إلى البحر المتوسط (تصوير: عبد الستار حتيتة). واحدة من ناقلات الحاويات أثناء اجتيازها البحر الأحمر إلى البحر المتوسط (تصوير: عبد الستار حتيتة).[/caption]

font change