عروض الأزياء في أفغانستان

غياب مستقبل واعد في ظل «الفكر الطالباني»

عروض الأزياء في أفغانستان



نيويورك: فيروزه رمضان زاده

* رئيس مركز عرض الأزياء: لم يحمل معظم المتدربين مسألة الاحتراف في صناعة عروض الأزياء على محمل الجد وكانوا يعتبرونها تسلية.
* التهديدات الصريحة للعرض في أفغانستان تقف في وجه التطور وتغيير الثقافة السائدة في البلاد.


استقطب عالم عروض الأزياء وتصميم الأزياء خلال الأعوام الأخيرة اهتمام الكثير من الفتيات والشبان في أفغانستان اليوم. وفيما يبدو فإن استمرارية هذه الصناعة تواجه تحديات كثيرة في المجتمع التقليدي في أفغانستان، لكن هناك فتيات وشباب كثيرون يرغبون في خوض هذه التجربة وتقييم إمكانياتهم لتحقيق نجاح في هذا المجال.
لقد حاز إدريس صالحي المخرج الفني ومؤسس مركز عرض الأزياء في كابل على شهادة الماجستير في فرع السينما في إحدى الجامعات في إيران.
وإدريس صالحي مالك شركة vision، وتعتبر insight studio وneovision من فروع هذه الشركة.
ويقول صالحي بشأن تأسيس هذا المركز لـ«المجلة»: «نجحنا أنا وعدد من أصدقائي في 2015 أن نستقطب 200 فتاة و380 شاباً أفغانياً للتسجيل في المرحلة التدريبية الأولى لهذا المركز».
وتابع مؤسس المركز قائلا: «كان هدفنا منذ تدشين مركز عرض الأزياء في كابل بأن يتحول المركز إلى مكان يجمع كل المواهب الناشئة والمحترفة في مجال الموضة وعرض الأزياء حيث يصبح المركز مجموعة متكاملة تضم كل الراغبين في عروض الأزياء والتمثيل».
وأوضح: «اللافت هو الترحيب الواسع الذي لقيناه من قبل الراغبين في عروض الأزياء منذ بداية تأسيس المركز، حيث لم نكن نتخيل ي Monitor terrorists Monitor terroristsوما بأن يكون لمثل هذا الاقتراح البسيط مثل هذا الصدى».



وأشار هذا المخرج الفني إلى أن تشكيل ورش عمل تدريبية في قطاع عرض الأزياء والتمثيل والتخصصات المرتبطة بهما تضم 380 شابا و200 فتاة أفغانية. لقد تم تسجيل أسماء هؤلاء المتدربين في المرحلة التدريبية الأولى في مركز عرض الأزياء في كابل.
وقال: «لم يحمل معظم المتدربين مسألة الاحتراف في صناعة عروض الأزياء على محمل الجد وكانوا يعتبرونها تسلية. وأحب الكثير منهم مجال عرض الأزياء بسبب الرشاقة وجمالهم الخارجي ولكن هناك فئة أخرى من المتدربين يسألوننا دوما بأنه أين يمكننا أن نستمر في هذه المهنة في خارج البلاد؟ وهل تعرفون شخصا أو مؤسسة يمكن أن تساعدنا لتطوير مهاراتنا في مجال عرض الأزياء؟
وأشار إدريس صالحي إلى مسألة أخرى وهي أن 80 في المائة من المتدربين تم تقديمهم لوسائل الإعلام بهدف الترويج لأعمالهم ونشر صورهم في مجالات عروض الأزياء والدعايات التلفزيونية منذ السنة الأولى من تأسيس المركز.
وكان من المتوقع أن تستمر فعاليات مركز عرض الأزياء في كابل بشكل سنوي وكان القائمون على المركز يسعون لاستقطاب عدد أكبر من المواهب الشابة للدورة التدريبية الثانية ولكننا نلاحظ أن أنشطة هذا المركز باتت باهتة وأقل من الدورة الأولى وذلك رغم مضي نحو 3 أعوام على القيام بالدورة التدريبية الأولى.

وأوضح رئيس مركز عرض الأزياء في كابل: «ما زالت القيم والأفكار السائدة في المجتمع الأفغاني تقليدية. ويساء فهم الكثير من القضايا من قبل الكثير من الأفراد. عندما يتم طرح فكرة (عرض الأزياء) هناك تصور سائد بأن عرض الأزياء يعادل التعري والفحشاء وما يناقض الدين والشريعة. لذلك نواجه تحديات كثيرة بسبب نظرة المجتمع على غرار الإساءات والشتائم التي يوجهها لنا مستخدمو الشبكات الاجتماعية. وقد تم تهديدنا بالقتل خلال كل عمليات الإساءة. وقال بعضهم إنه لا يجوز أن يعيش مثل هؤلاء الأفراد في هذه البلاد. لقد وجهوا لي ولكل أعضاء المركز اللعنة آلاف المرات وقالوا ينبغي أن يتم قتلهم لأنهم كفار تسللوا إلى البلاد».
واعتبر صالحي أن هذه التهديدات الصريحة سببها الفكر «الطالباني» السائد في أفغانستان والذي يعارض التطور وتغيير الثقافة السائدة في البلاد.
لم يتمكن القائمون على مركز عرض الأزياء في كابل من توسيع دائرة نشاطهم في المرحلة التدريبية الثانية بسبب هذه الموانع والانتقادات الحادة في شبكات التواصل الاجتماعي واضطروا إلى نقل مقر المركز إلى مكان آخر في كابل بهدف الحفاظ على أرواحهم والحفاظ على سلامة بقية الأعضاء.
وأكد مؤسس المركز قائلا: «نحن غير قادرين على الاستمرار في عملنا بشكل اجتماعي وبحرية بسبب الظروف السائدة ولذلك التزمنا الصمت وأنتِ أول من نجري معها حوارا إعلاميا للكشف عما يجري».
ويبدو أن القائمين على المركز عاقدون عزمهم على الاستمرار في عملهم باحترافية وذلك رغم الضغوط والموانع الموجودة.



وأشار صالحي إلى أن المتدربين تم تقديمهم إلى القطاعات المختلفة مثل وسائل الإعلام للترويج لهم «لم تتحول نشاطاتنا إلى مصدر للدخل لنا لأننا كنا على الدوام نقدم الخدمات، ولكن عارضي الأزياء يقبضون ما يتراوح بين 100 و300 دولار مقابل كل عرض للأزياء حسب المكان الذي يقومون فيه بعرض الأزياء. هذا المبلغ معقول تماماً للأفراد الذين يحترفون عرض الأزياء كمهنة ثانية».
ولفت صالحي إلى أوضاع عرض الأزياء في أفغانستان: «هناك عروض أزياء جيدة في البلاد، ولكن أغلب عروض الأزياء تجرى بشكل عشوائي وغير مدروس وغير هادف. ويقام عرض أو عرضان للأزياء أحيانا في كابل ولكن لم يتم التخطيط للاستمرار في إقامة مثل هذه العروض».
وقال صالحي «أقيمت برامج مرتبطة بعروض الأزياء والموضة على غرار catwalk وعدد آخر من البرامج في كابل ولكن كل هذه البرامج بحاجة لإدارة منسجمة والتنسيق للاستمرارية. يجب أن تتولى مؤسسة ما إدارة هذه البرامج باحترافية ولكن هذا مستحيل في كابل بسبب الظروف الراهنة».
وأضاف: «وأقيمت حفلات عروض الأزياء في 2011 و2012 تحت عنوان كات ووك (catwalk) أو عناوين أخرى ولكن كلها كانت تهدف للأسف لتحقيق مكاسب تجارية، وبالتالي فإن القائمين على هذه العروض لم ينشئوا مؤسسة أو مراكز للترويج والتدريب في مجال تصميم وعرض الأزياء بشكل احترافي. ما يجري هو أن بعض المواهب الشابة في عرض وتصميم الأزياء يلفتون انتباه مصمم الأزياء الذي يجري معهم مفاوضات لبيع منتجاته ومن ثم يتم الترويج لهذه المواهب الشابة من خلال دعايات تجارية. ولكن هؤلاء المصممين يفتقرون إلى علم عرض الأزياء وتصميم الأزياء ولا يملكون برنامجا لتدريب المواهب الناشئة».

وتابع إدريس صالحي: «سمعت من أحدهم بأن عددا من الشباب الأفغان المتخرجين في فروع عروض الأزياء وتصميم الأزياء من جامعات بريطانيا تم خداعهم من قبل بعض مصممي الأزياء أو بالأحرى منتجي الأزياء وتم إقامة عرض الأزياء تحت عنوان (catwalk) لأغراض تسويقية وتجارية بحتة لا صلة لها بالقيم الفنية».
واعتبر بأن آفاق عرض الأزياء في أفغانستان مجهولة وذلك بسبب الظروف والمجتمع التقليدي وقال: «غادر نحو 50% من المتدربين البلاد في المرحلة التدريبية الأولى لمركز عرض الأزياء في كابل لأسباب مختلفة».
وأكد المخرج الفني الأفغاني على ضرورة تأسيس كلية أو فروع متخصصة في عرض الأزياء وتصميم الأزياء في الجامعات الأفغانية قائلا: «آفاق صناعة الأزياء في أفغانستان لا تبشر بالخير وذلك بسبب عدم اعتراف السلطات بهذه المهنة رسمياً والنظرة السائدة في المجتمع المنغلق في أفغانستان».
font change