الخصخصة تطل من جديد

وسط جدل في المنطقة

الخصخصة تطل من جديد



القاهرة: حسين البطراوي



* مصر تطرح 23 شركة وبنكاً في سوق الأوراق المالية لجمع 80 مليار جنيه... واتحاد الشغل التونسي يتصدى لخطط حكومية لبيع شركات عامة
* تحذيرات من بيع البنوك وشركات التأمين... والبرلمان التركي أقر طرح 100 مؤسسة حكومية للبيع منذ 2016
* 6 مليارات دولار سنوياً عائدات الخصخصة في العراق... والسعودية تتخذ خطوات سريعة في إطار «رؤية المملكة 2030»






في ظل تفاوت الظروف السياسية والاقتصادية في أنحاء منطقة الشرق، بدأت بعض دول المنطقة في تبني برامج موسعة لعمليات الخصخصة، في حين التزمت أخرى ببرامج محدودة لخصخصة الأصول العامة، تحت وطأة الضغوط المالية والاقتصادية التي تعاني منها اقتصادات المنطقة جراء التوترات الأمنية والسياسية، إلى جانب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية. في حين أن وتيرة عمليات الخصخصة في دول أخرى، مثل تونس وإيران ومصر، لا تزال تمر ببطء شديد نظراً لكون المناخ السياسي والاقتصادي غير مواتٍ بها.

وأثارت عملية الخصخصة جدلاً كبيراً في بعض الدول، ومنها مصر وتونس، فيما شهدت ترحبياً في دول أخرى، في إطار خطط أوسع لتصحيح مسار الاقتصادات، خصوصاً في منطقة الخليج، من خلال رؤية طويلة المدى، غير أن عمليات الخصخصة تمر بصعوبات كثيرة في منطقة الشرق الأوسط، بما قد يحول نسبياً دون تحقيق الأهداف الحكومية بتعزيز العائدات المالية، أو تحقيق التنافسية المنشودة.



تونس... جدل مبكر




في تونس، قال رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، إن بيع بعض الشركات العامة سيكون حلاً لتمويل الميزانية العاجزة، وأضاف أمام البرلمان أن عجز الشركات العامة بلغ 2.72 مليار دولار، مؤكداً أن الدولة لا تعتزم بيع الشركات العاملة في قطاعات حيوية، مثل الكهرباء والغاز وتوزيع المياه.
وتعهد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتصدي لخطط حكومية لبيع شركات عامة، وصفها بأنها خط أحمر. وقال الاتحاد إنه جاهز للمواجهة مع الحكومة، في توتر يشير إلى احتمال اندلاع صراع قد يعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد منذ ثورة 2011.

وقال نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل: «لا شيء للبيع في تونس... المؤسسات العمومية خط أحمر»، في أول رد قوي على رئيس الوزراء التونسي.

وكشف الطبوبي أن الاتحاد سينظم تجمعات عمالية كبرى في مختلف أرجاء البلاد، ستصل إلى ذروتها بتجمع كبير في تونس العاصمة، مضيفاً: «سنعمل ليل نهار من أجل التصدي لهذا المشروع الخطير جداً على التونسيين».



مصر... طرح 23 شركة وبنكاً




وفى مصر، تستعد حكومة المهندس شريف إسماعيل لبدء عملية لطرح الشركات الحكومية مرة أخري في سوق الأوراق المالية، بعد توقف عملية الخصخصة منذ أكثر من 10 سنوات، إذ تستعد الحكومة لطرح 20 شركة و3 بنوك في 7 مجالات في سوق الأوراق المالية، خلال فترة تتراوح بين 24 و30 شهراً، بهدف جمع 80 مليار جنيه، كقيمة إجمالية للأسهم المطروحة، حيث تبلغ القيمة السوقية للشركات المطروحة نحو 430 مليار جنيه.

وتشمل الشركات المعلنة الشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية (إنبي)، وتمتلك الهيئة المصرية العامة للبترول نسبة 97 في المائة من أسهم الشركة، بالإضافة إلى 1 في المائة لصندوق الإسكان والخدمات الاجتماعية للعاملين بقطاع البترول، و2 في المائة لشركة المشاريع البترولية والاستشارات الفنية «بتروجت».

وكانت شركة «إنبي» مقسمة بين الهيئة المصرية العامة للبترول ومجموعة «إيه بي مولر ميرسك» الدنماركية، بنسبة 50 في المائة لكل منهما. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017، اشترت الهيئة المصرية العامة للبترول حصة شريكها الأجنبي مقابل 100 مليون دولار نقداً، لتستحوذ هيئة البترول على 100 في المائة من أسهم الشركة.

[caption id="attachment_55264970" align="alignleft" width="300"]شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء المصري شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء المصري[/caption]

أما شركة «الشرق الأوسط لتكرير البترول» (ميدور)، فتمتلك الهيئة المصرية العامة للبترول نسبة 78 في المائة من الشركة، وتحوذ شركة المشروعات البترولية والاستشارات الفنية «بتروجت» 10 في المائة، والشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية «إنبي» 10 في المائة، وبنك قناة السويس 2 في المائة.

أما شركة أسيوط لتكرير البترول، مملوكة للدولة بنسبة 100 في المائة، ومتوقع طرح 20 في المائة منها. وشركة الإسكندرية للزيوت المعدنية «أموك» يساهم في رأسمالها قطاع البترول بنسبة 27 في المائة، موزعة بين شركة الإسكندرية للبترول بنسبة 20 في المائة، ومجموعة شركات بترولية 3.5 في المائة، ومصر للبترول 3.5 في المائة، و9.7 في المائة لصالح شركة مصر للتأمين، و10 في المائة من التمويل العام، مقسمة بين صندوق التأمينات الاجتماعية للعاملين بالقطاع الحكومي بنسبة 5 في المائة، وصندوق التأمينات الاجتماعية للعاملين بالقطاعين العام والخاص 5 في المائة، والأهلي كابيتال القابضة 25.3 في المائة، ومصر للاستثمارات المالية 8.6 في المائة. أما نسبة 18.9 في المائة الباقية، فأسهم عامة مطروحة للتداول في البورصة.



قطاع البتروكيماويات




يساهم في رأسمال شركة سيدي كرير للبتروكيماويات «إيكم» المصرية القابضة للبتروكيماويات بنسبة 20 في المائة، وشركة البتروكيماويات المصرية 7 في المائة، والأهلي كابيتال القابضة 7 في المائة، وبنك الاستثمار القومي المصري 7 في المائة، وبنك ناصر الاجتماعي 2 في المائة، ومصر للتأمين 3 في المائة، وصندوق التأمينات الاجتماعية للعاملين بالقطاع الحكومي 19 في المائة، وصندوق التأمينات الاجتماعية للعاملين بالقطاعين العام والخاص 12 في المائة، وتتبقى أسهم عامة بنسبة 23 في المائة، وهى النسبة المطروحة والمتداولة حالياً في البورصة.

وتعد المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته (إيثيدكو) شركة مساهمة مصرية 100 في المائة، وتدعم سياسات الحكومة في مواجهة التحديات ودفع الاقتصاد، وهو أحدث مشروعات صناعة البتروكيماويات، التي تنفذها الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات.

ويساهم في شركة أبو قير للأسمدة بنك الاستثمار القومي (24.88 في المائة)، والهيئة المصرية العامة للبترول (19.11 في المائة)، والهيئة العامة للتنمية الصناعية (12.67 في المائة)، والأهلي كابيتال القابضة (8.11 في المائة)، والقابضة للصناعات الكيماوية (6.51 في المائة)، وبنك ناصر الاجتماعي (5.90 في المائة)، ومصر للتأمين (5.44 في المائة)، واتحاد العاملين المساهمين بأبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية (3.839 في المائة)، والصناعات الكيماوية المصرية (2.70 في المائة)، فيما تبلغ النسبة المطروحة للتداول العام 16.28 في المائة.



والشركة المصرية «ميثانكس» لإنتاج الميثانول (إيميثانكس) رائدة في صناعة وتوريد وتوزيع وتسويق الميثانول، وتمتلك منها شركة كندية حصة تبلغ 50 في المائة، بينما تمتلك شركات تابعة للحكومة المصرية حصة تبلغ 33 في المائة، موزعة على الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات (ECHEM) بنسبة 12 في المائة، والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (EGAS) بنسبة 12 في المائة، والشركة المصرية للغازات الطبيعية (GASCO) بنسبة 9 في المائة، وتمتلك الشركة العربية للاستثمارات البترولية (APICORP) نسبة 17 في المائة.

ويساهم في الشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين (إيلاب)، «إيكم» المصرية القابضة للبتروكيماويات، بنسبة 21.01 في المائة، وإيجاس المصرية القابضة للغازات الطبيعية 21.01 في المائة، ووزارة المالية المصرية 13.11 في المائة، وبنك الاستثمار القومي المصري 34.15 في المائة، ورويال للكيماويات 0.22 في المائة، والهيئة المصرية العامة للبترول 10.50 في المائة.



قطاع الخدمات اللوجيستية




وتبلغ حصة المال العام في شركة الإسكندرية لتداول الحاويات 95 في المائة، من المتوقع طرح نحو 20 في المائة من أسهمها، في حين أن نسبة المتداول حالياً منها في البورصة 5 في المائة فقط.

وتمتلك الدولة 100 في المائة من أسهم شركة بورسعيد لتداول الحاويات، ومتوقع طرح 20 في المائة منها أيضاً، وهي تابعة للقابضة للنقل البحري والبري. أما شركة دمياط لتداول الحاويات، إحدى كبرى الشركات في المجال، التابعة للقابضة للنقل البحري والبري، فحصة المال العام بها 100 في المائة، ويتوقع طرح 20 في المائة منها في البورصة.



القطاع العقاري




تبلغ حصة المال العام من مصر الجديدة للإسكان والتعمير، إحدى شركات القابضة للتشييد والتعمير، ‏‏73 في المائة، ومتوقع طرح 30 في المائة منها. أما شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، فحصة المال العام فيها 17 في المائة، منها 15.5 في المائة للقابضة للتشييد والتعمير، ‏ومتوقع طرح الحصة كلها المتبقية في البورصة.‏



قطاع خدمات المستهلك




وتبلغ حصة المال العام من الشرقية «إيسترن كومباني»، إحدى شركات القابضة للصناعات الكيماوية، 55 في المائة للقابضة، و5.88 في المائة ‏للعاملين، ومن المتوقع طرح 15 في المائة منها، تضاف للحصص المتداولة.



القطاع الصناعي




وحصة المال العام لشركة مصر للألمنيوم، إحدى شركات القابضة للصناعات المعدنية، 89 في المائة، والباقي (11 في المائة) ‏للتداول الحر، ومن المتوقع طرح 30 في المائة من حصة المال العام في البورصة.‏



قطاع الخدمات المالية




وتمتلك هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة حصة 29.8 في المائة من أسهم بنك التعمير والإسكان، وشركة مصر لتأمينات الحياة 8.9 في المائة، وشركة مصر للتأمين 8.29 في المائة، وهيئة الأوقاف المصرية حصة 5 في المائة، بالإضافة إلى حصص متفاوتة بين شركات ومستثمرين آخرين.

وتحوذ الدولة حصة 20 في المائة من بنك الإسكندرية، و70.25 في المائة لمجموعة «إنتيسا سان باولو» المصرفية الإيطالية، و9.75 في المائة مملوكة لمؤسسة التمويل الدولية.

وتمتلك الدولة، ممثلة في وزارة المالية المالكة لبنك مصر، 100 في المائة من حصة بنك القاهرة.



أما شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية (E – finance)، 70 في المائة لبنك الاستثمار القومي، و10 في المائة للبنك الأهلي المصري، و10 في المائة لبنك مصر، و10 في المائة لشركة بنوك مصر.

وشركة مصر للتأمين، تابعة للقابضة للتأمين، حصة المال العام بها 100 في المائة، ويتوقع طرح 30 في المائة منها لأول مرة.



رفض البيع




ووسط حالة من الجدل حول طرح الشركات العامة في سوق الأوراق المالية، رفض سيد عبد العال، رئيس حزب التجمع، خطة الحكومة المعلنة لبيع أصول الدولة، متمثلة في شركات قطاع الأعمال والبنوك، وأكد أن عملية البيع التي تنوى الحكومة تنفيذها تكشف عن أنه ليس فقط استسلام من الحكومة لشروط البنك وصندوق النقد الدوليين، وإنما تكشف عن فشل الحكومة في إدارة موارد الدولة، مشيراً إلى ارتفاع الدين العام نتيجة سياسات التوسع في الاقتراض الخارجي، وارتفاع أعباء خدمة الدين العام التي تجاوزت نسبة 38 في المائة من الموازنة العامة للدولة. وقال إن الحكومة بدلاً من العمل على توفير موارد لسد الدين تلجأ إلى بيع أصول الدولة، كما فعلت حكومات الخصخصة قبل ثورة 25 يناير.

وأكد رئيس حزب التجمع أن الحزب والشعب سبق أن رفض بيع البنوك في عهد الرئيس مبارك، التي تعد ركائز الأمن القومي في المجال الاقتصادي لاستحواذها على مدخرات المصريين في القطاع العائلي، كما تعد البنوك أحد أدوات البنك المركزي في توجيه السياسة النقدية، كما تعد البنوك أكبر دائن للحكومة بمشتريات تصل إلى نحو 60 في المائة من أدوات الدين الحكومية، سواء أذون أو سندات خزانة، مؤكداً لرفضه لخطة طرح أسهم بنوك الإسكندرية والقاهرة والإسكان والتعمير في البورصة.

وأكد سيد عبد العال أن بيع شركات الحكومة في مجال الحاويات أو جزء منها يخرج مصر نهائياً من سوق تجارة وتبادل الحاويات، وترك السوق لاحتكار الشركات الأجنبية التي ستحقق أرباحاً احتكارية كبيرة، خصوصاً في ظل تطوير الموانئ المصرية الذي يجري حالياً.
وشدد على رفضه لعملية البيع، مؤكداً أن هذا الإجراء غير مضمون النتائج، ولن يوفر فرص عمل جديدة، بل على العكس سيؤدى إلى الاستغناء عن العاملين بعد عمليات البيع، مما يزيد من نسبة البطالة المرتفعة في المجتمع.

وأضاف أنه على الحكومة أن تتصدى للعوائق التي تعترض الاستثمار المحلى والأجنبي الذي يرغب في تأسيس شركات إنتاجية جديدة أو خدمية تتيح فرص عمل حقيقية، ولها مردود على خزينة الدولة من حصيلة الضرائب، مؤكداً أن عملية البيع التي تعتزم الحكومة تنفيذها، عن طريق طرح بعض أسهم الشركات القائمة، ما هي إلا مضاربة في البورصة، وهو إجراء لا يضيف أي نوع من التطوير وزيادة الإنتاج للشركات، وقال إن الأرباح ستقتصر على أصحاب الأموال المضاربة بالبورصة، وهى أرباح معفاة من الضرائب. وقال إن القطاع العام لا يمثل سوي 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات الحكومة والمؤسسات الدولية، وبالتالي لا يمثل عائق أمام القطاع الخاص في الاستثمار.



تركيا... استمرار البيع




في أغسطس (آب) 2016، أقر البرلمان التركي طرح 100 مؤسسة حكومية ضمن قائمة المؤسسات المطروحة للبيع، في إطار برنامج الخصخصة الذي بدأته في ثمانينات القرن الماضي، وأدر عليها عوائد بنحو 66 مليار دولار خلال الفترة بين 1986 - 2015.



إيران... تجميد البرنامج




ويبدو أن برنامج الخصخصة الذي بدأ عام 2006 في إيران قد تم تجميده بشكل واقعي، خصوصاً أن عمليات الخصخصة كانت تتم عبر نقل حصص الهيئات الحكومية إلى مؤسسات شبه حكومية، بما في ذلك صناديق المعاشات التقاعدية، والمؤسسات الدينية، والشركات المملوكة من قبل الحرس الثوري.



العراق... برنامج محدود




بدأت العراق برنامجاً محدوداً لخصخصة بعض القطاعات الاقتصادية، مثل قطاع توزيع الكهرباء الذي أعلن عن خصخصته منذ عام 2012، إلا أنها لم تمضِ في تيسير دخول القطاع الخاص سوى منذ بداية عام 2017. ومن المتوقع - بحسب وزارة الكهرباء العراقية - أن توفر خصخصة قطاع التوزيع عائدات مالية بنحو 6 مليارات دولار سنوياً.



السعودية... خطط واسعة




وكشف تقرير مجموعة أكسفورد للأعمال أن خطط الخصخصة واسعةِ التأثير في المملكة العربية السعودية تُعدُّ من العوامل الأساسية المحركةِ والدافعةِ نحو التنوع الاقتصادي في المملكة. وأشار التقرير، الذي جاء بعنوان «المملكة العربية السعودية 2018»، إلى تَقدم الخطوات الحالية، التي تسعى إلى البيع الجزئي لكثير من الجهات التي تملكها الحكومة، بما في ذلك الحدث الأبرز الذي تضمن طرحَ شركة «أرامكو» السعودية.
وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن تعلن الحكومة السعودية عن تفاصيلِ برنامج الخصخصة الذي تضمنته «رؤية 2030»، والذي يرأسه وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري، خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وأوضح وزير النقل نبيل العامودي أن الاستراتيجية الأساسية في «برنامج التحول الوطني» و«رؤية المملكة 2030» هي زيادةُ مشاركةِ شركاتٍ متخصصةٍ من القطاع الخاص في معظم مشاريع النقل العملاقة، من خلال الخصخصة، أو من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتستهدف وزارة النقل السعودية، وفقاً للتقرير، تحقيقَ مساهمةِ القطاع الخاص بما نسبته 5 في المائة من مشاريع الطرق، و50 في المائة من مشاريع السكك الحديدية، و70 في المائة من مشاريع الموانئ والمطارات، وذلك بحلول عام 2020 م.

وتوقع بنك «إتش إس بي سي»، المستشار المالي لخصخصة قطاع مطاحن الدقيق السعودية، الإعلان عن تفاصيل عملية الطرح خلال الربع الثاني من 2018. وقال البنك إن الإعلان سيشمل الجدول الزمني المحدد لتأهيل المستثمرين ولإطلاق عملية البيع بعد الحصول على الموافقات النظامية من الجهات المختصة.

وقال البنك إنه تم إحراز تقدم كبير في إعداد شركات ومطاحن الدقيق لعملية الخصخصة، وتم التركيز على 3 جوانب رئيسية قبل الطرح، تتمثل في إنهاء نموذج ونطاق عمل شركات المطاحن.




وقال وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتحول، خالد الشيباني، إن الوزارة ستطرح أول مشاريع الخصخصة خلال العام الحالي، من خلال مجالات الأشعة والعلاج التأهيلي والعناية الممتدة والعناية المنزلية والمختبرات والعيادة الصيدلية وسلسلة الإمداد والتوريد.
وأوضح الشيباني أن برنامج الغسل الكلوي هو البرنامج الوحيد الذي تطبق فيه الخصخصة، مشيراً إلى أن الوزارة تسعى لتوفير تخصصات غير موجودة في السوق، مثل المستشفيات التأهيلية، والعناية الممتدة، والتوسع في العناية المنزلية.



إصلاح اقتصادي




وتشير دراسة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، تحمل عنوان «اتجاهات عمليات الخصخصة في منطقة الشرق الأوسط»، إلى أن تطبيق برامج الخصخصة، أياً كانت درجة نطاقها، يتوازى مع اتجاه كثيرٍ من دول المنطقة إلى برامج أوسع للإصلاح الاقتصادي، تقوم في الأساس على تحقيق أهداف مثل الاستقرار المالي، تزامناً مع الرغبة في تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصادات الوطنية. وتوقعت الدراسة أن تُدر برامج الخصخصة عوائد مالية كبيرة لحكومات المنطقة، بالإضافة إلى دورها المحتمل في تحسين وتعزيز المنافسة في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
غير أن الدراسة أشارت إلى أن برامج الخصخصة معرضة لكثير من القيود في دول المنطقة، لثلاثة أسباب رئيسية: يتصل أولها بكون المناخ السياسي غير مواتٍ لتنفيذ عمليات الخصخصة، في ظل المعارضة الشديدة لها من قبل بعض الفئات الاجتماعية. ويتمثل ثانيها في تداعيات الظروف الاقتصادية التي يمكن أن تُضعف جدوى عمليات الخصخصة ذاتها. ويتعلق ثالثها بالتوجهات العامة لبعض الدول بإبقاء الشركات المملوكة لها تحت سيطرتها، بل وإضافة أصول جديدة لحوزتها.



ظروف غير مواتية




ويأتي توسع بعض دول منطقة الشرق الأوسط في تنفيذ خطط لخصخصة المرافق العامة والشركات المملوكة لها تحت وطأة تراجع النمو الاقتصادي، في ظل تصاعد حدة الصراعات في بعض دول الشرق الأوسط، وتراجع الأسعار العالمية للنفط، وتباطأ النمو الاقتصادي في المنطقة بدرجة كبيرة ليصل إلى 2.4 في المائة بين عامي 2013 و2015، وهو ما يعادل نصف معدل النمو السنوي الذي تحقق خلال السنوات العشر الأولى من العقد الحالي. ورغم توقعات المؤسسات الدولية تحسن النمو الاقتصادي، ليصل إلى 3 في المائة في السنوات المقبلة، فإن ذلك يظل دون المستويات القياسية التي حققها قبل اندلاع الثورات العربية عام 2011.

كما تعاني كثير من دول المنطقة من ضغوط مالية كبيرة، إما جراء تراجع أسعار النفط أو انخفاض الإيرادات الضريبية، وهو ما فرض الخصخصة كأحد الخيارات المحتملة لزيادة العوائد المالية للدولة. وبحسب البنك الدولي، فقد بلغ عجز أرصدة المالية العامة لدول الشرق الأوسط نحو 10.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، وذلك مقارنة بـ2.1 في المائة في عام 2014، غير أنه من المرجح أن يتحسن المشهد المالي تدريجياً في السنوات المقبلة، ليصل عجز الأرصدة المالية إلى 5.6 في المائة و3.6 في المائة في عامي 2017 و2018 على التوالي.
وقد تراجعت كفاءة الشركات المملوكة للدولة، حيث تُشير دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، صادرة عام 2013 تحت عنوان «الشركات المملوكة للدولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: محركات التنمية والتنافسية»، إلى أن كثير من الشركات المملوكة للدولة في المنطقة تُعاني من إنتاجية ضعيفة وصعوبة في التنافس مع الشركات الخاصة.



وفي كثيرٍ من الحالات، فإنها تعاني من فائض في العمالة، وتراجع الكفاءة، وضعف الإيرادات المالية، وهو ما يستوجب، حسب تقييم المنظمة، إعادة هيكلة هذه الشركات على الصعيدين المالي والإداري. ومثال على ذلك، أقرت شركة الخطوط الجوية التونسية، في أغسطس 2016، تسريح ألف موظف أو ما يزيد على 12 في المائة من قوتها من أجل تعزيز قدراتها التنافسية. وبجانب إعادة الهيكلة، تبدو عمليات الخصخصة الكلية أو الجزئية خياراً مستقبليّاً محتملاً لكثير من الشركات في الإقليم، للتغلب على الصعوبات المالية والإدارية التي تواجهها.



عراقيل أمام الخصخصة




مع مضي بعض دول المنطقة في تنفيذ برامج الخصخصة، واجهت الحكوماتُ كثيراً من الصعوبات في الآونة الأخيرة. يتمثل أولها في أن المناخ السياسي غير مواتٍ لمواصلة عمليات الخصخصة في كثير من الدول، كالعراق التي واجهت منذ بداية عام 2017 مظاهرات بمختلف أنحاء المحافظات، كان آخرها بمحافظة ذي قار في أبريل (نيسان) الفائت، جراء تزايد المخاوف الشعبية من ارتفاع أسعار الكهرباء نتيجة عمليات الخصخصة.

وينصرف ثانيها إلى أن الظروف الاقتصادية أثرت سلبياً على جدوى عمليات الخصخصة، أو مشاركة القطاع الخاص في عمليات إدارة المرافق العامة. ففي تركيا، على سبيل المثال، جُمدت الخصخصة الجزئية لمرافق الطرق والجسور بسبب عدم الجدوى التجارية من بيع هذه الأصول، وذلك حسبما أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في عام 2013.

ويتوافق الوضع السابق مع بعض التقديرات الحالية بأن بعض المشروعات التي يتم إنجازها بالتعاون بين القطاع العام والخاص تواجه خسائر في الوقت الحالي، مثل جسر عثمان غازي بإسطنبول الذي تُديره إحدى الشركات الخاصة، فقد تكبد خسائر بنحو 62 مليون دولار خلال أكثر من شهر ونصف الشهر من بداية عام 2017، وذلك بسبب مرور 12 ألف سيارة فقط يومياً، قياساً بالأهداف المقدرة بعبور 40 ألف سيارة يومياً.
ويتصل ثالثها بالتوجهات العامة لبعض الدول التي تتعمد الإبقاء على السيطرة على الشركات المملوكة لها، بل وتنميتها في أحيان أخرى، مثل إيران التي نفذت فيها عمليات الخصخصة بشكل صوري، حيث تم نقل حصص الهيئات الحكومية إلى مؤسسات شبه حكومية، مثل الشركات المملوكة من قبل الحرس الثوري.
font change