خلافة خامنئي

المرشحون واللاعبون الرئيسيون في تعيين المرشد المقبل

خلافة خامنئي

[caption id="attachment_55265078" align="aligncenter" width="1476"] الرئيس الإيراني حسن روحاني يلقي خطابا أمام صور المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية روح الله الخميني، عشية الذكرى الخامسة والعشرين لوفاة الزعيم الثوري الإسلامي آية الله روح الله الخميني[/caption]

نيويورك: فيروزة رمضان زاده*

* من بإمكانه أن يقول لا للحرس الثوري؟ هل يوجد أحد في مجلس الخبراء يتمتع بتأييد الشعب؟ لا أحد.
* خامنئي يعلم تماما ما يحدث وهو على إلمام دقيق بالظروف الراهنة ولذا يقوم حاليا بإدارة وقيادة عملية تعيين المرشد المقبل.
* مجتبى واحدي: اليوم الذي يموت فيه علي خامنئي يوم خطير وحاسم في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية... «ستقوم التيارات المتشددة في الحرس الثوري قبل رحيل خامنئي بساعات قليلة بعملية تصفيات وقتل».



يمر علي خامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية والبالغ من العمر 78 عاما بوضع صحي حرج، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: من سيخلفه بعد وفاته؟ وبالتالي، من سيكون المرشد الثالث للجمهورية الإسلامية الإيرانية؟

ويبدو بأن السلطة السياسية والإمكانيات الاقتصادية الهائلة لإمبراطورية بيت المرشد (بيت رهبري) وسلطة المرشد الدينية وشرعيته ستنتقل إلى أحد أقربائه أو أحد الأفراد من الحلقة المقربة لخامنئي، وذلك بدعم من قوى القمع.

قال هاشم زاده هريسي عضو مجلس قيادة الخبراء في 3 دورات: «إن مهام لجنة أصل 109 تحديد هوية الذين يتمتعون بشروط وصفات المرشد ويستطيعون قيادة النظام الإسلامي باقتدار وسلامة».

ويقول الناشط السياسي المقيم في الولايات المتحدة ورئيس التحرير السابق لصحيفة «أفتاب يزد» الصادرة في طهران لـ«المجلة»: «في رأيي إن ما يتم تداوله بأنهم يبحثون حاليا قضية خليفة المرشد الحالي ليس إلا لعبة وأنا أعتقد بأن الحرس الثوري سيقوم ليلة وفاة السيد خامنئي بتعيين أحدهم ومن ثم يوصي الحرس الثوري أعضاء مجلس قيادة الخبراء بتنصيبه مرشدا لإيران. فمن بإمكانه أن يقول: (لا) للحرس الثوري؟ هل يوجد أحد في مجلس الخبراء يتمتع بتأييد الشعب ويرغب في الكشف عما يدور خلف الكواليس؟ لا أحد».

وأعلن عضو مجلس قيادة الخبراء أحمد خاتمي منذ فترة عن تشكيل لجنة سرية مهمتها البحث في الخيارات المناسبة لخلافة مرشد الجمهورية الإسلامية.
وأضاف مجتبى واحدي: «لقد أعلنوا عن تشكيل لجنة سرية لبحث المرشحين لخلافة المرشد ولكن هذا غير صحيح لأنه إذا كان هناك بالفعل مرشحون فيجب أن يتم تقديمهم للرأي العام ولا يبحثون ذلك سرا».

لقد خسر النظام الحاكم في إيران أحد أعمدته الرئيسيين بعد وفاة أكبر هاشمي رفسنجاني الذي تحول إلى أحد الوجوه البارزة المنتقدة للنظام خلال السنوات الأخيرة. لو كان رفسنجاني على قيد الحياة للعب دورا كبيرا في تعيين خليفة خامنئي.

وقال هاشمي رفسنجاني خلال حوار مع جريدة «شرق» في مارس (آذار) 2015: «ستكون مهمة الهيئة الرئاسية لمجلس قيادة الخبراء حساسة للغاية مرة واحدة وهي عندما تقوم هذه المؤسسة بتعيين المرشد الجديد. هذا هو جوهر الموضوع الذي قد يحدث مرة واحدة بعد 20 أو 30 عاما أو أقل أو أكثر بقليل، وغيرها من مواضيع مجرد كلام لا أكثر».

وأعرب هاشمي رفسنجاني آنذاك عن أمله في أن يكون عضوا في مجلس خبراء القيادة في تلك اللحظة الحاسمة قائلا: «لا يهمني إذا كنت رئيسا لمجلس خبراء القيادة بل ما يهم هو أن أكون عضوا فيه حيث يتمتع أعضاء مجلس خبراء القيادة بالإدلاء بآرائهم وإذا أردت فأستطيع أن ألعب دورا مؤثرا في هذه العملية (اختيار المرشد)».

واعتبر مجتبى واحدي أن هاشمي رفسنجاني لم يمت لأسباب طبيعية بل قتل. وأضاف: «نعم تم قتله لأنه هو الوحيد الذي كان يتمتع بهذه القدرة بأن يقول إن مجلس قيادة الخبراء لم يعقد جلسته، أو يقول مثلا إن المجلس لم يعين شخصا ليكون خليفة خامنئي. أي إنه هو الشخص الوحيد الذي كان يملك القدرة على الكشف عما وراء الكواليس. كان يتمتع رفسنجاني بقاعدة اجتماعية واسعة بين القوى الداعمة للنظام ورجال الدين وعامة الشعب، ولذا أعتقد بأنه لا تجري نقاشات كثيرة بعد وفاة السيد خامنئي. ما أعنيه هو أنهم سيقومون بتعيين شخص لخلافة المرشد الحالي ومن ثم يعلنون ذلك في التلفزيون الرسمي للشعب ولا أحد سيتجرأ على معارضتهم أو الاحتجاج على قرارهم».

وأضاف الناشط السياسي الإيراني أن خامنئي يعلم تماما ما يحدث وهو على إلمام دقيق بالظروف الراهنة ولذا يقوم حاليا بإدارة وقيادة هذه العملية (عملية تعيين المرشد المقبل).

[caption id="attachment_55265079" align="aligncenter" width="1476"] جندي إيراني يمر من أمام صور المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي (أعلى يسار) والزعيم الأعلى الإيراني الراحل آية الله روح الله الخميني (أعلى يمين)، بعد صلاة الجمعة الأسبوعية في طهران في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2017.[/caption]


وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى المرشحين الأكثر حظا لخلافة خامنئي، وذلك بالنظر إلى الشروط والميزات التي نص عليها الدستور الإيراني لمرشد الجمهورية الإسلامية؛ وهم: هاشمي شاهرودي رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام والرئيس السابق للسلطة القضائية، وصادق لاريجاني الرئيس الحالي للسلطة القضائية، وإبراهيم رئيسي ممثل ولي الفقيه في مشهد، ورئيس مؤسسة أستان قدس رضوي وهي إحدى المؤسسات الثرية في الجمهورية الإسلامية.

وأكد واحدي على أن هؤلاء المرشحين لا يتمتعون بتأييد شعبي في المجتمع بتاتا، قائلا: «لا يوجد حاليا شخصية سياسية موثوقة بين الحلقة المقربة للسيد خامنئي وأعوانه لخلافته تحظى بإجماع وتأييد مطلق من أعضاء مجلس خبراء القيادة إلا مجتبى خامنئي».

وأردف قائلا: «سجل شاهرودي وروحاني ولاريجاني سيئ بما فيه الكفاية، حيث أصبحت ملفات الفساد الاقتصادي التي تورط فيها الإخوة لاريجاني حديث كل البلد، وفيما يخص السيد شاهرودي فإنه مريض وهناك شكوك بشأن أصوله الإيرانية. ولا يتمتع إبراهيم رئيسي بالقبول والتأييد بين الرأي العام وذلك بسبب سجله الأسود وتورطه في إعدامات السجناء السياسيين. إذا أخذنا كل هذه الأمور بعين الاعتبار سنجد أن الشعب سيقبل مجتبى خامنئي كمرشد مقبل بسهولة أكبر من الأشخاص سيئي السمعة والمتورطين في ملفات سياسية واقتصادية».

تولى إبراهيم رئيسي وهو رجل الدين المقرب من علي خامنئي مناصب عليا في جهاز القضاء والأمن منذ مطلع الثمانينات وكان الرجل أحد أعضاء «لجنة الموت» التي نفذت عمليات إعدام السجناء السياسيين في 1988 حيث تمت تصفية عشرات الآلاف من النشطاء السياسيين والثقافيين والقوميين المعارضين للنظام».
يعتبر صادق لاريجاني وأشقاؤه الأربعة من ضمن الحلقة المقربة والموثوقة لآية الله خامنئي. ويُتهم الإخوة لاريجاني بالفساد الاقتصادي. يشغل علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، وصادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية، ومحمد جواد لاريجاني أمين لجنة حقوق الإنسان التابعة للسلطة القضائية، وباقر لاريجاني مساعد وزير الصحة للشؤون التعليمية، وفاضل لاريجاني عميد جامعة الحرة الإسلامية في مدينة آمل الإيرانية.

ويعتقد واحدي أن تقديم رئيسي كمرشح محتمل لخلافة المرشد الحالي خطوة غير مناسبة، لأنه لا يتمتع بالمستوى الفقهي المطلوب ولا يتمتع أيضا بالسمعة الحسنة، وبالتالي فإن ترشحه لخلافة المرشد هو تقليل من مكانة المرشد، غير أن بعض الإصلاحيين قاموا بمناورة غير ناضجة ومستعجلة ونشروا هذه الفكرة في المجتمع بأن شخصا على مستوى رئيسي يمكنه أن يتولى منصب المرشد.



الحرس الثوري يلعب دورا بارزا في تعيين مرشد الجمهورية الإسلامية





تدل الظروف الراهنة على أن الحرس الثوري والمؤسسات العسكرية ذات النفوذ الاقتصادي الكبير ومؤسسة بيت المرشد سيتدخلون ويلعبون دورا بارزا في تعيين خليفة علي خامنئي، فكل هذه المؤسسات تشكل الكتلة الصعبة للسلطة، وبالتالي سيقومون بتعيين شخص تابع لخطهم السياسي والفكري خليفة لخامنئي.
ويرى مجتبى واحدي أن مجتبى (النجل الثاني لخامنئي) هو المرشح الأوفر حظا لتولي المنصب بعد والده، قائلا: «يفتقر مجتبى خامنئي إلى قاعدة اجتماعية وشعبية ويعجز عن كسب تأييد أعضاء مجلس خبراء القيادة لتثبيت مكانته، وبالتالي فهو بحاجة إلى دعم ومساندة الحرس الثوري والقوات العسكرية أكثر من غيره من المرشحين. في الواقع فإن الحرس الثوري أيضا بحاجة لمثل هذه الشخصية وإن الاثنين بحاجة لبعضهما البعض».

واعتبر واحدي أن مجتبى خامنئي أكثر تطرفا من والده، قائلا: «كان يتحلى والده (علي خامنئي) بقدر من الصبر والتحمل في بعض الأحيان وذلك بسبب تاريخه في عالم الثقافة والفن ولكن مستوى صبر مجتبى خامنئي أقل من والده».

ويقول واحدي إن مكانة مجتبى خامنئي لا تقل أهمية عن رئيسي، فهو أصغر سنا من رئيسي. المستوى الفقهي لمجتبى خامنئي ليس أعلى من رئيسي إن لم يكن أدنى منه، وأيضا يجب الأخذ بعين الاعتبار أن مجتبى خامنئي هو أقرب لبيت المرشد من رئيسي.

مجتبى خامنئي النجل الثاني لآية الله خامنئي من مواليد 1969 وهو صهر غلام علي حداد عادل عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجمع اللغة والأدب الفارسي. وتدور اتهامات حول مجتبى خامنئي بشأن عمليات اختلاس كبيرة.

هذا وتبذل الحلقة المقربة من مجتبى خامنئي جهودا حثيثة لتلميع صورته وتقديمه على أنه المرشد الثالث للجمهورية الإسلامية. وبموازاة ذلك، بدأ مجتبى خامنئي منذ فترة طويلة تكميل دراساته الحوزوية. وسبق وأن نشرت الشبكات الاجتماعية صورا لمجتبى خامنئي وهو يدرس الفقه في مرحلة الخارج (وهو بمثابة أستاذ الفقه).
وتنص المادتان 107 و109 في الدستور الإيراني المعدل على أن مرشد الجمهورية الإسلامية عليه أن يكون حائزا على درجة «الاجتهاد» وأن يكون «الأعلم بالأحكام والمسائل الفقهية والسياسية والاجتماعية وأن يتمتع بقبول شعبي أو يتمتع بميزة بارزة».

ورغم كل ذلك، فإن مجتبى خامنئي لم يتول المناصب الإدارية والتنفيذية.

وأضاف مجتبى واحدي أن السيد خامنئي كان يفتقر أيضا إلى الكاريزما والسلطة السياسية خلال توليه رئاسة الجمهورية لمدة 8 سنوات. قائلا: «لم يكن بيد السيد خامنئي في فترة رئاسته أي شيء وتمتع بصلاحيات أقل من محافظ إقليم. وكانت الخارجية هي الوزارة الوحيدة التي كانت سياساتها متطابقة نوعا ما مع آراء خامنئي وكانت وزارة الخارجية آنذاك مرتبطة بالسيد الخميني وعلي أكبر ولايتي، وشكلت نقطة وصل بين خامنئي ومؤسسة بيت المرشد. لم يكن يتمتع خامنئي بأي نفوذ وسلطة سياسية في بقية الوزارات على غرار وزارة الداخلية. ناهيك عن ذلك، هل كان السيد الخميني حقا صاحب خبرة وتجربة لدى توليه منصب المرشد؟ الإجابة: لا».

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن أن يكون حسن روحاني المرشد المقبل للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك بالنظر إلى فوزه بالانتخابات الرئاسية لفترة ثانية؟

قال واحدي: «إذا كانت عين حسن روحاني على خلافة آية الله خامنئي فهذا سيكون خبرا سيئا للغاية». وأضاف: «حسن روحاني متكبر ومغرور وهو يبلغ من العمر 70 عاما ولم يتمتع بدعم أي من التيارات الأصولية المتشددة وقيادات الحرس الثوري والتعبئة. لا يتمتع حسن روحاني بعلاقة وثيقة لا مع الحرس الثوري ولا مع الإصلاحيين ولا مع المحافظين، لأنه أراد مسك العصا من الوسط والتمتع بقاعدة انتخابية من كلا التيارين ولكنه خسر القاعدة الانتخابية لكلا التيارين».
ويرى هذا المحلل السياسي أنه يجب أن نتحسر على فترة خامنئي في حال أصبح روحاني مرشد الجمهورية الإسلامية. وأعرب مجتبى واحدي عن أمله بأن لا يحدث هذا، لأنه إذا أصبح روحاني المرشد المقبل فحينها ستحل الكارثة على البلاد لأنه لا يتمتع بدعم السلطة التنفيذية ولا بدعم ملموس في أوساط رجال الدين ولا من قبل الحرس الثوري.

واستبعد مجتبى واحدي احتمالية شطب منصب المرشد، وقال: «إن الجمهورية الإسلامية تسير نحو الهاوية بسبب الظروف الاقتصادية المتدهورة والسياسة الخارجية المثيرة للمشاكل والأزمات والصراع بين الأجنحة في السلطة كالذي نلاحظه من خلال تصرفات أحمدي نجاد. ولن يتمتع نظام بهذه المواصفات بالثبات والاستقرار».

ويرى هذا المحلل السياسي: «إذا أزيلت سلطة علي خامنئي عن سماء الجمهورية الإسلامية، فعندها سيتمرد الكثير من القيادات العسكرية ورجال الدين الموالين والتابعين لخامنئي على النظام».

ولذلك يرى مجتبى واحدي أن اليوم الذي يموت فيه علي خامنئي هو يوم خطير وحاسم في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قائلا: «ستقوم التيارات المتشددة في الحرس الثوري قبل رحيل خامنئي بساعات قليلة بعملية تصفيات وقتل بحق الكثير من الأشخاص لكي لا تواجه متاعب ومشاكل بعد موته».
font change