نهاية الترقب

ترمب ينسحب من الاتفاق النووي الإيراني

نهاية الترقب

[caption id="attachment_55265879" align="alignright" width="1536"]يسير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اتجاه موريستاون بنيو جيرسي - في 22 سبتمبر 2017 (غيتي) يسير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اتجاه موريستاون بنيو جيرسي - في 22 سبتمبر 2017 (غيتي)[/caption]

بقلم: جوزيف براودي


 

* وزير الخزانة ستيفن منوتشين: العقوبات تهدف إلى منع الحرس الثوري الإيراني من الحصول على الأموال التي يحتاج إليها لإنتاج الصواريخ الباليستية ورعاية الإرهاب عالمياً وانتهاك حقوق الإنسان محلياً ودعم نظام الأسد.
* «نيويورك تايمز»: السيد ترمب وحلفاؤه في الشرق الأوسط يراهنون على أنهم يستطيعون قطع شريان الحياة الاقتصادي لإيران وبالتالي «كسر النظام»

 

 


أنهى الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الثامن من مايو (أيار) عدة أشهر من الترقب والتكهنات، وأعلن أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي مع إيران. وصرّح قائلاً: «من الواضح أننا لن نستطيع منع إيران من تصنيع قنبلة نووية بهذا الاتفاق الحالي المتعفن والفاسد». وتابع قائلاً: «يوجد خلل بجوهر الاتفاق النووي مع إيران، ونعلم جيداً ماذا سيحدث إذا لم نفعل شيئاً». وتعهد الرئيس بفرض عقوبات غير مسبوقة على البلاد وأعلن تضامنه مع خصوم النظام في الداخل وتوقع أن تسعى طهران جاهدة – وليس الولايات المتحدة – لإرضاء منافسها من خلال تقديم تنازلات.

وفي خضم الوضع السياسي المتسارع الذي ظهر في أعقاب إعلان ترمب، قامت مجلة «المجلة» بتقييم موجة النشاط الدولي الذي سبق هذا الإعلان وردود الفعل الأولية التي تلته.

 

 

 

 

 

 

العد التنازلي لـ8 مايو: اندفاع جنوني لإنقاذ الاتفاق وحالة تأهب عالية في المنطقة

 

 


شهد اليومان الأخيران قبل إعلان ترمب قراره بشأن الاتفاق النووي جهوداً مبذولة من مؤيدي خطة العمل الشاملة المشتركة لإقناع ترمب بالبقاء والحفاظ عليه. فعلى سبيل المثال، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمجلة الألمانية «دير شبيغل» إن إلغاء الاتفاق يعني «فتح صندوق باندورا. وقد يعني نشوب الحرب... لا أعتقد أن دونالد ترمب يريد الحرب». واجتمع وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا في مؤتمر صحافي في برلين لإعلان أن الاتفاقية جعلت العالم أكثر أمنا وأن التخلي عنها سيجعل العالم أكثر خطورة. وقام نظيرهما البريطاني بوريس جونسون بزيارة الولايات المتحدة وقدم براهين ودية إلى ترمب لإقناعه بالالتزام بالاتفاق النووي من خلال ظهوره في برنامج تلفزيوني صباحي شهير يُعرف أن الرئيس يشاهده في العادة. وفي الوقت نفسه، أصدرت مجموعة من المنظمات الأميركية والجماعات الناشطة التي تدعم خطة العمل الشاملة المشتركة بيانات عامة ونشرت مقالات افتتاحية واحتجت أمام البيت الأبيض. ومن الجدير بالذكر أن وزير خارجية الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما قدم براهين للعلن عن فعالية خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي كانت بمثابة الإنجاز الدبلوماسي البارز في مسيرته المهنية وشن حملة خاصة به لكسب التأييد في هذه القضية.

وأشار مسؤولون إيرانيون إلى التحدي. شاهدوا عنوان الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية جواد ظريف باللغة الإنجليزية، وتم نشره في 6 مايو عبر موقع «يوتيوب». وقال ظريف فيما يتعلق بالمطالب الأميركية لتراجع إيران عن تطوير الصواريخ الباليستية وسياسات تدخلها الإقليمية، والتي أشار إليها على أنها سياسات «للدفاع والتأثير الإقليمي»: «إيران المعنية في القضيتين وليس الغرب، فهي التي لديها شكاوى خطيرة والكثير من المطالب. لم نهاجم أحداً منذ قرون، ولكننا تعرضنا للغزو، وكان آخرها غزو صدام حسين الذي كان مدعوماً من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين. وحذر ظريف المشاهدين من أن إيران سترد على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية في الوقت الذي تجده مناسباً وبالطريقة التي تختارها، وأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية العواقب. وفي اليوم التالي، أضاف متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ملاحظة إيجابية عبر وكالة «مهر» الرسمية قال فيها: «قد تكون لدى إيران فرصة أفضل للنهوض بسياساتها الاقتصادية في مواجهة الانسحاب الأميركي من خطة العمل الشاملة المشتركة وفي غياب أي اتفاق نووي».

وظهرت مؤشرات - خلال الساعات الأخيرة قبل إعلان ترمب انسحابه - على احتمال وقوع اشتباكات بين إيران وبعض خصومها في الشرق الأوسط. وأعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية تعليمات بفتح الملاجئ في هضبة الجولان إثر تحديدها «لتحركات غير طبيعية للقوات الإيرانية في سوريا». وقبل يومين، قيل إن جيش الدفاع الإسرائيلي قد علم بالخطة المشتركة بين «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني لتنفيذ هجوم ضد إسرائيل، غالباً باستخدام طائرات من دون طيار تحمل صواريخ موجهة بدقة وتنطلق من سوريا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بيان قوي من ترمب ومزيد من التفاصيل من كبار مستشاريه

 

 


افتتح ترمب خطابه الذي كانت مدته 11 دقيقة من البيت الأبيض بنقد خطة العمل الشاملة المشتركة، وقال: «أتاح الاتفاق لإيران مواصلة تخصيب اليورانيوم والوصول إلى حافة اختراق نووي مع مرور الوقت... ورفع العقوبات الاقتصادية المشلّة عن إيران مقابل قيود ضعيفة للغاية تحد النشاط النووي للنظام، ولا حدود على الإطلاق على سلوكها الخبيث الآخر، بما في ذلك أنشطتها الشريرة في سوريا واليمن وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم. وبعبارة أخرى، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تتمتع بالحد الأقصى من النفوذ، فإن هذه الصفقة الكارثية أعطت هذا النظام - وهو نظام إرهاب عظيم - مليارات الدولارات، وبعضها كان نقداً فعلياً، وهو إحراج كبير بالنسبة لي كمواطن ولجميع المواطنين في الولايات المتحدة. وكان يمكن بسهولة التوصل إلى اتفاق بنّاء في ذلك الوقت، لكن لم يكن الأمر كذلك».

[caption id="attachment_55265881" align="alignleft" width="300"]يحمل الرئيس الأميركي دونالد ترمب مذكرة تفيد بإعادة فرض العقوبات على إيران، بعد أن أعلن قراره بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في الغرفة الدبلوماسية بالبيت الأبيض في 8 مايو (أيار) 2018 في واشنطن العاصمة. (غيتي) يحمل الرئيس الأميركي دونالد ترمب مذكرة تفيد بإعادة فرض العقوبات على إيران، بعد أن أعلن قراره بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في الغرفة الدبلوماسية بالبيت الأبيض في 8 مايو (أيار) 2018 في واشنطن العاصمة. (غيتي)[/caption]

وأشار ترمب إلى نشر إسرائيل للوثائق الاستخباراتية «التي أخفتها إيران منذ فترة طويلة» والتي قال إنها «تظهر تاريخ النظام الإيراني في السعي للحصول على أسلحة نووية». ولفت إلى أن الميزانية العسكرية الإيرانية ارتفعت بنحو 40 في المائة منذ أن تم التوصل إلى الاتفاق، حتى مع الأداء الضعيف للاقتصاد الإيراني، وأن «الديكتاتورية استخدمت أموالها الجديدة لبناء صواريخ قادرة على حمل السلاح النووي ودعم الإرهاب وإحداث الفوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط والخارج». وعبّر ترمب عن المخاوف بشأن سباق التسلح النووي في المنطقة، والذي نشأ عن تطلعات شركاء الأميركيين العرب ليستطيعوا ردع إيران بأنفسهم وقال إنه أحد الدوافع وراء اتخاذ قراره. وأضاف: «لن نسمح لنظام يندد بالموت لأميركا بالوصول إلى أكثر الأسلحة فتكاً على الأرض».

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية فوراً بعد بيان الرئيس وتوقيع مذكرة رئاسية «للبدء في إعادة فرض العقوبات النووية الأميركية على النظام الإيراني» أنها ستتخذ «إجراءً فورياً» لتنفيذ المذكرة. وسيتم إعادة فرض عقوبات مختلفة بعد مدة تتراوح بين 90 إلى 180 يوماً. وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين إن العقوبات تهدف إلى منع الحرس الثوري الإيراني من الحصول على الأموال التي يحتاج إليها لإنتاج الصواريخ الباليستية ورعاية الإرهاب عالمياً وانتهاك حقوق الإنسان محلياً ودعم نظام الأسد.

وتعليقاً على قرار الرئيس، شدد مستشار الأمن القومي المعين حديثاً جون بولتون على أهمية قرار ترمب كونه رسالة إلى كوريا الشمالية وشرح قائلاً: «جانبٌ آخر من الانسحاب الذي تم الإعلان عنه اليوم هو إنشاء مواقع قوة للولايات المتحدة، وسيكون لها تداعيات ليس فقط على إيران بل أيضاً على اللقاء القادم مع كيم جونغ أون في كوريا الشمالية إذ إنه يرسل إشارة واضحة للغاية بأن الولايات المتحدة لن تقبل بصفقات غير كافية».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ردود الفعل الأولية على طول خطوط التقسيم التي يمكن التنبؤ بها

 

 


كانت الاستنكارات من قرار انسحاب ترمب من الاتفاق النووي الإيراني سريعة. ونشر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظراؤه في ألمانيا والمملكة المتحدة تغريدات وبيانات رسمية معربين فيها عن أسفهم من القرار. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني من جانبها إن منظمتها «مصممة على الحفاظ على» الاتفاق النووي مع إيران على الرغم من الانسحاب الأميركي. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي أدان القرار، إن حكومته ستحاول التفاوض على مواصلة الاتفاق مع بقية الموقعين عليه - الدول الأوروبية الثلاث وروسيا والصين - كما حذر روحاني من أن إيران قد نستأنف تخصيب اليورانيوم أكثر من قبل «في غضون أسابيع» إذا لم يتم استيفاء شروطه.

[caption id="attachment_55265880" align="aligncenter" width="940"]امرأة إيرانية تسير إلى جوار لوحة على جدار السفارة الأمريكية السابقة في طهران يوم 8 مايو الماضي (غيتي) امرأة إيرانية تسير إلى جوار لوحة على جدار السفارة الأمريكية السابقة في طهران يوم 8 مايو الماضي (غيتي)[/caption]

ونشرت صحيفة «طهران تايمز» بيان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي يعبر فيه عن أسفه على إلغاء الاتفاق، والذي نشره أوباما في الأصل على صفحته على موقع «فيسبوك». ولاقى هذا الطيف من ردود الفعل الحاسمة بدوره صدى في صفحات الرأي الأميركية والبرامج الحوارية التلفزيونية والتصريحات العامة من قبل المشرعين وإدانات من جماعات المصالح في واشنطن، مثل المجلس الأميركي - الإيراني.

ولكن ترمب وجد أيضا دعماً، خاصة من الدول التي هي في المواجهة الإقليمية مع إيران والميليشيات التابعة لها. وجاء في بيان لوزارة الخارجية السعودية: «إن المملكة تدعم وترحب بالخطوات التي أعلنها الرئيس الأميركي تجاه الانسحاب من الاتفاق النووي... وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية ضد إيران». وقد أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار ترمب «الشجاع»، وقال إن «الاتفاق كان سيسمح لإيران بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم للحصول على ترسانة كاملة من القنابل النووية». وأعلنت السفارة البحرينية في واشنطن أن المملكة «تؤكد تضامنها مع القرار الذي اتخذه الرئيس دونالد ترمب، مشيرة إلى دعمها لجهود الولايات المتحدة التي تهدف إلى إنهاء الإرهاب على المستويين الإقليمي والدولي. كما تدعو مملكة البحرين جميع الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق إلى النظر في أمن المنطقة وسلامها واتخاذ خطوات مماثلة».

ويتحول الاهتمام الآن إلى الخطوات التالية التي ستقوم بها إيران والولايات المتحدة وحلفاؤهما. وقيّمت صحيفة «نيويورك تايمز» الوضع الحالي للبيت الأبيض وقالت إن «السيد ترمب وحلفاءه في الشرق الأوسط يراهنون على أنهم يستطيعون قطع شريان الحياة الاقتصادي لإيران وبالتالي (كسر النظام)».

 

 

 

 

 

 

font change