مواطنون من أجل المتوسط

مواطنون من أجل المتوسط

[caption id="attachment_55243957" align="aligncenter" width="620"]إعلان مؤسسة آنا ليند للحوار الاورو - متوسطي للمنتدى الذي تنظمه في مارسيليا (فرنسا) ما بين 4 و7 ابريل (نيسان) الجاري في حضور 1000 من ممثلي منظمات المجتمع المدني وصانعي القرار وقيادات الشباب ينتمون لـ42 دولة اورو- متوسطية إعلان مؤسسة آنا ليند للحوار الاورو - متوسطي للمنتدى الذي تنظمه في مارسيليا (فرنسا) ما بين 4 و7 ابريل (نيسان) الجاري في حضور 1000 من ممثلي منظمات المجتمع المدني وصانعي القرار وقيادات الشباب ينتمون لـ42 دولة اورو- متوسطية[/caption]



يقف المتوسط ممزقا بين التجديد والأزمة، وتعاني الحقائق السياسية والاجتماعية والثقافية الجديدة آلام المخاض.. ففي الشمال كما في الجنوب يعم إحساس قوي بالترقب وعدم اليقين، وعدم وضوح السبيل التي يمكن اتباعها.
لقد هزت أزمة الديون في أوروبا الناس والسياسة والمؤسسات، على حد سواء، وأدت إلى تفشي البطالة التي أثرت بصفة خاصة على الشباب. بينما تركت التكاليف السياسية لذلك إحساسا متصاعدا بالعجز وانعدام الثقة في السياسة، وزيادة نسب عدم التسامح إزاء الأشخاص المنتمين إلى معتقدات أو أعراق مختلفة.

وعلى ضفة المتوسط الجنوبية والشرقية، أدى إسقاط النظم الاستبدادية السابقة إلى افتتاح ساحة للصراع بين الأطراف المتنافسة التي تكافح من أجل خلق مرحلة انتقالية شاملة، في وقت لا يزال المأزق، الذي لا يطاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين، قائما، ولم يتجاوزه من حيث الأهمية سوى مأساة وفاة 80 ألف شخص في سوريا.
إننا اليوم في أمس الحاجة إلى خلق زخم متوسطي جديد يتمحور حول فضائنا وقيمنا المشتركة، فالفرص موجودة، وكذلك الأسس المنطقية سواء كانت سياسية أو اقتصادية، لكن هل تتوفر الإرادة السياسية لتحقيق ذلك؟

يوم أمس التأم منتدى «آنا ليند» المتوسطي في مرسيليا، عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2013، بمشاركة أكثر من 1000 من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات من جميع البلدان الـ42 للاتحاد من أجل المتوسط، وهو منتدى سيتواصل إلى يوم الأحد المقبل.
وفي 7 أبريل (نيسان) الجاري، واستنادا إلى نتائج منتدى «آنا ليند»، سيتم، في مارسيليا أيضا، عقد القمة الأولى لرؤساء برلمانات الاتحاد من أجل المتوسط. وسيحضر هذا الاجتماع نحو 40 من رؤساء البرلمانات لدول الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية، وسيشكل هذا الاجتماع لحظة تاريخية، باعتباره أول اجتماع سياسي رفيع المستوى للاتحاد من أجل المتوسط منذ قمة باريس التي جرت عام 2008. إن الهدف من هذا المؤتمر واضح، فبقدر ما يستند التعاون الأورو - متوسطي إلى ثلاثة عناصر مبدئية هي التعاون الاقتصادي، وحرية التنقل، وانفتاح الأسواق، فإن الحوار السياسي لكي ينجح ينبغي عليه هو الآخر أن يستند إلى عناصر جوهرية تكمن في تعبئة المنتخبين، والمجتمع المدني، وبالأخص المواطنون، من أجل المتوسط.

[caption id="attachment_55243956" align="alignleft" width="163"]أزولاي أزولاي[/caption]

[caption id="attachment_55243958" align="alignright" width="163"]شولتز شولتز[/caption]

لقد أشار مسح أجرته مؤسسة «آنا ليند» ومركز «غالوب» لاستطلاع الرأي العام في المنطقة المتوسطية حول الاتجاهات بين الثقافات، إلى تزايد اهتمام المواطنين في ضفتي المتوسط بسياسة واقتصاد وثقافة جيرانهم. ويظهر المسح، وهو أول استطلاع أورو - متوسطي يتم إجراؤه في أعقاب الانتفاضات التي شهدتها منطقة شمال أفريقيا، أن المواطنين المتوسطيين يعتقدون بأن الصحوة العربية عامة سيكون لها أثر إيجابي على العلاقات الأورو - متوسطية.

وإلى جانب الاستطلاعات، أظهرت التعبئة الجماهيرية على جانبي البحر الأبيض المتوسط أن المواطنين لن يقبلوا تهميشهم فيما يتعلق بحكم بلدانهم. فقد أدى إسقاط الأنظمة التي كانت راسخة في شمال أفريقيا إلى تآكل الافتراضات السائدة التي كانت لدى العالم الخارجي بشأن خضوع المجتمعات العربية.
وبينما يتم اقتسام القيم المشتركة، فإن التحديات أيضا قد تكون واحدة، وينبغي أن تحدد طبيعتها بوضوح. فانعدام الاستقرار الاقتصادي، وانعدام المساواة الاجتماعية، وبطالة الشباب، وتدهور البيئة، هي أمور تمسنا جميعا، وينبغي معالجتها بصفتها قضايا مشتركة.

وفي خضم الكفاح من أجل إعادة بناء المجتمعات الممزقة، وخلق الديمقراطيات الجديدة، يجب أن ترتكز الحلول المطروحة على هذه القضايا وعلى مشاريع مشتركة ملموسة.
إن ما يتضح بجلاء من الأحداث التي تهز المجتمع في المنطقة الأورو - متوسطية، هو أنه أصبح ضروريا تسخير الهياكل الحكومية وغيرها من المصادر التقليدية للسلطة المجتمعية للتعامل مع المواطنين. كما يتحتم نسج شراكة حقيقية تنطوي على الملكية المشتركة والمصالح المتبادلة، أما النظم السلطوية التي تستلهم قوتها من النظام القديم فلم تعد مجدية.

في وضع دولي تتزايد فيه ندرة الموارد الاقتصادية والمادية، ينبغي على الجمهور أن يتمتع بملكية أكبر للأولويات التي سيجري اختيارها.. فالمنطقة تزخر بطاقة شبابية عالية وبحيوية وروح ريادة الأعمال والابتكار مما يوفر إمكانات ضخمة، وبالتالي علينا التصدي للقضايا التي قوضت محاولاتنا السابقة لبناء وحدة عادلة لشعوب المتوسط. ومن ثم لن تفلح الحلول التي تنطلق من الأعلى إلى الأسفل، فشراكة المتوسط ينبغي أن تكون للمواطنين ومنهم وإليهم.


* مارتن شولتز، رئيس البرلمان الأوروبي ورئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط
* أندريه أزولاي، رئيس مؤسسة «آنا ليند» الأورو - متوسطية للحوار بين الثقافات
font change