أحمد نجيب الشابي: أرفض التحالف مع النهضة أو إقامة دولة عقائدية في تونس

أحمد نجيب الشابي: أرفض التحالف مع النهضة أو إقامة دولة عقائدية في تونس

[caption id="attachment_186" align="alignnone" width="620" caption="أحمد نجيب الشابي"]أحمد نجيب الشابي[/caption]

احمد نجيب الشابي هو المؤسس و الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي وأحد أبرز السياسيين التونسيين المرشحين للفوز برئاسة الجمهورية التونسية ما بعد زين العابدين بن علي. كان الشابي معارضا شرسا لبن علي منذ التسعينات و من قبله لأول رئيس لتونس الحبيب بورقيبة غير أن الكثيرين لم يغفروا له "ثقة" كان قد منحها للرئيس السابق غداة توليه الحكم في نوفمبر 1987 ليغير موقفه مع أول انتخابات أنجزت في عهد بن علي.

يحسب لاحمد نجيب الشابي أنه كان يتكلم، وبصوت عال، حين اختار البعض الصمت و "درء الشر" وأنه كان بين من عارضوا نظام بن علي، وبقوة، ورفضوا التجديد له لولاية رئاسية خامسة. النظام السابق، وفي وجود جل رموز المعارضة في الخارج، بخاصة الاسلامية منها، كان يعتبر الشابي المحرض الأول ضد نظام حكم بن علي و اتهمه بأنه "موال" لأميركا. تهمة مولاة أميركا لا تزال تلاحقه إلى الآن حتى من طرف حلفاء الأمس أعداء اليوم، غير أن الرجل أكد أن هذه الاتهامات هي من باب الافتراء و أعلن بأن الولاء لله و لتونس التي يتمنى أن يراها بلدا ذا نظام رئاسي حقيقي يتمنى أن يكون على رأسه يوما "إذا وافقه حزبه و أيد ترشحه".

"المجلة" التقت الشابي الذي عليه قبل التطلع الى قصر الرئاسة بقرطاج الفوز أولا بثقة الناخب التونسي في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي ستكون ابرز مهماته صياغة دستور جديد للبلاد و انتخاب حكومة شرعية تسير شؤونها.
وإلى أن ينتهي الجدال حول موعد اول انتخابات تعددية وديمقراطية في تونس ما بعد بن علي إليكم نص الحوار الذي أجرته "المجلة" مع أحمد نجيب الشابي.

"المجلة": بداية، شهدت تونس جدلا كبيرا حول تأجيل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي صرحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات باستحالة انجازها في موعدها المقرر في 24 جويلية- يوليو 2011 بخاصة و أن هناك قوى سياسية عديدة تساند هذه التصريحات، ألا تتوقعون حصول ضغط في هذا الاتجاه إذا أصرت الحكومة الموقتة على هذا التاريخ؟

ـ بالموقف الذي أعلنت عنه الهيئة المستقلة أصبح تنظيم الانتخابات في موعدها المحدد في خطر كبير حتى مع تعهد الحكومة بتوفير كل الظروف و الإمكانيات و أخشى أن يكون انجازها أمرا صعبا فموقف الهيئة قد فاجأ الكل سواء الحكومة أو الأحزاب و لكنني حتى وان كنت أعارض ذلك فإنني اعتبر هذا فرصة لإعادة الحوار و النظر في أمر الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة والإصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي .

"المجلة": ألا ترون أن الهيئة العليا للانتخابات تستجيب في موقفها لنداءات الأطراف المنادية بتأجيل الانتخابات؟

ـ لا أظن ذلك فأنا اخذ الأمور بظواهرها و لا أميل إلى تفسير الأمور من منطلق نظرية المؤامرة و اعتقد ان أعضاء الهيئة أشخاص نزهاء و في قرارهم اعتمدوا على الاعتبارات التقنية بينما أضع أنا في الحسبان الاعتبارات السياسية و التي تعد أهمها الظروف الأمنية، في هذا الوقت، و أعني الآن، غالب الطرقات إلى المحافظات مقطوعة كما تشهد جهات الجنوب إضرابات عامة و يسود البلاد اضطراب كبير هو وليد الثورة ووليد الفراغ الحكومي الذي اخشى إن طال أن تتفاقم الأمور.

"المجلة": كنتم قد ناديتم غداة الثورة بالمرور مباشرة إلى انتخابات رئاسية غير انه تم إقرار انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي لم يقع تحديد مهماته ولا مدّته عدا صياغة دستور جديد، ألا تخشون من إعادة السيناريو الليبي الذي مكّن القذافي من السيطرة على الحكم لأكثر من أربعين عاما؟

ـ فعلا، أنا كنت ولازلت مقتنعا بأن خارطة الطريق الأولى التي وضعتها حكومة السيد محمد الغنوشي كانت هي الصائبة و السليمة، فقد كان علينا التوجه مباشرة إلى انتخابات رئاسية تمكن من رؤية واضحة لمستقبل البلاد من خلال اختيار شخصية وطنية تتولى مسؤولية السلطة التنفيذية كما كان بالإمكان و في نفس السياق ان يقع انتخاب هيئة تشريعية ذات صلاحيات دستورية تعيد النظر في الدستور التونسي لان القديم لم يعد صالحا و كانت هذه الفرضية كفيلة بإعادة الاستقرار للبلاد و الثقة للشركاء الأجانب و الأمل للشباب التونسي الذي أرى أن اليأس بدأ يعتريه من تحسن أوضاعه. التخوف من ان يطول عمر المجلس التأسيسي قائم لأنه لا شيء يحدد من صلاحياته لا سيما و انه سيكون الهيئة الوحيدة الشرعية الصادرة عن صناديق الاقتراع و بالتالي فلا السلطات الحالية و لا اللاحقة قارة على تحديد صلاحياته التي ستكون مطلقة و لو كنا قد أنجزنا انتخابات مباشرة لكان هناك الآن توازن بين هيئتين منتخبتين من الشعب لكن النخب السياسية أرادت السير نحو مجلس وطني تأسيسي فسرنا و هاهم يريدون التأجيل سامحهم الله .

الاستحقاق الرئاسي

"المجلة": هل ستترشحون للاستحقاق الرئاسي المقبل؟

ـ لقد تم تعليق العمل بالدستور في انتظار صياغة اخر جديد و بالتالي فالسؤال هو: هل سيكون لتونس الحق في انتخاب رئيس... ؟ فقد يقرر من سيصيغ الدستور انه من غير الضروري وجود رئيس كما هو الحال في ايطاليا و لكن أتمنى ذلك بخاصة و أن الحزب قد شارك في كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة وفي صورة إقرار نظام رئاسي وبعد موافقة الحزب لا أرى مانعا في الترشح.

"المجلة": و لكن وقع تفسير استقالتكم من حكومة الغنوشي برغبتكم في الترشح للرئاسية المقبلة بعد إقرار منع المسؤولين في الحكومة من الترشح لهذا الاستحقاق و هو ما يعني أن النية كانت ولا تزال موجودة لديكم.

ـ بالفعل، ولكن القانون منع كل المتحملين للمسؤولية في الحكومة من الترشح لأي خطة انتخابية وبما أنني كنت انوي منذ ذلك الوقت الترشح لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي تخليت عن موقعي وتفرّغت بالكامل للحملة الانتخابية للحزب و الترشح ليس طموحا شخصيا بقدر ما هو محاولة لخدمة تونس عن طريق توفير أكثر ما يمكن من الحظوظ للحزب الديمقراطي التقدمي حتى يكون له تأثير في الحياة السياسية التونسية.

"المجلة": السيد احمد نجيب الشابي ما هي رؤيتكم لدور الجيش التونسي في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة من تاريخ البلاد؟ وهل تتوقعون أن يكون له دور في الحياة السياسية؟

ـ أنا شخصيا افتخر بمكسبين في حياتنا الوطنية التونسية، الأول هو مجلة الأحوال الشخصية و حرية المرأة والثاني هو حياد الجيش الذي دافع عن حدود البلاد و كان في نصرة الشعب كلما تعرض إلى مخاطر و أتمنى أن يبقى في دوره هذا و لكن يبقى المطلوب أن يحكم التونسيون أنفسهم بأنفسهم عن طريق صناديق الاقتراع.

"المجلة": كنتم وغداة إقالة حكومة الغنوشي قد حذرتم من تسلم الجيش للسلطة، فهل كنتم وقتئذ تسيئون الظن بالجيش أم كنتم تطلبون حياده فقط؟

ـ قلت في ذلك التصريح أنني لا اتهم الجيش ولا قيادته بل كنت ولازلت اكبر دوره و لكن قلت أيضا أن الفوضى تعبد الطريق أمام الحكم الديكتاتوري بما فيه الحكم العسكري الذي لا أتمناه لتونس بما أنني ضد الديكتاتورية و لذلك أؤكد انه يجب تلافي الفوضى التي إذا سادت تجعل الشعب يتوق إلى حكم قوي لتخليصه منها و لتجنب الوصول إلى هذه النتيجة، يجب إجراء انتخابات في اقرب وقت ممكن.

إعادة الشرعية

"المجلة": بمناسبة الحديث عن الفوضى، ألا ترون كما الكثير من المتابعين أن قيام زوبعة تصريحات وزير الداخلية الأسبق فرحات الراجحي وتعرض تونس إلى هجمات إرهابية هدفها التشكيك في الجيش الوطني و قيادته، يرجح فرضية وقوف نفس الجهة وراء الحادثتين؟

ـ كما قلت سابقا ليست لي تفسيرات تآمرية للأشياء، و لكنني أرى أن الخطر الإرهابي في بلادي حقيقي غير انه يبقى هامشيا، فلا شيء في المجتمع التونسي يدفع و يشجع الإرهاب إلا حاجيات الناس الاقتصادية و التي قد يقع استغلالها عن طريق تأجيج العواطف الدينية و التمويل غير أن ذلك يبقى هامشيا، فالشعب التونسي قد اثبت للعالم قدرته على التغيير بالوسائل السلمية. أما بخصوص الكلمة التي نسبت للسيد الراجحي و التي مفادها التشكيك في قائد الجيوش الثلاث (الفريق أول رشيد عمار) فما كانت لتثير تلك الاضطرابات لو لم يكن الوضع مهيأ لذلك و الذي لا يزال مستمرا في الاضطراب، فالوضع الاجتماعي في البلاد يستحق إجراءات عاجلة حتى يعود الأمل للتونسيين الذين انا متأكد من قدرتهم على الصمود لسنوات ثلاث أخرى على الأقل إذا لمسوا و رأوا عودة نسق الاستثمار و التنمية، فمجرد رؤية الجرافات في الطرق السريعة كفيل بأن يعيد الطمأنينة أما إذا غاب ذلك فمن الطبيعي ان يدب اليأس لا سيما مع حالة الضعف التي عليها الحكومة و الاختلال الأمني، ما يفرض التعجيل بإعادة الشرعية و تدعيم الأمن و المصالحة مع المواطن.

"المجلة": يرجع الكثيرون حالة الانفلات الأمني إلى ما يسميه التونسيون "حكومة الظل" التي تتركب من بعض فلول النظام السابق و "القوى المضادة للثورة" التي كانت منتفعة من النظام القديم و بأطراف جديدة تحاول فرض نفسها بالقوة، فما هو تفسيركم لهذه القوى وما هو موقفكم مما يسمى بحكومة الظل؟

ـ أولا أنا لا اعتقد في وجود حكومة ظل، فالحكومة معروفة وأعضاؤها معروفون و رئيسها أيضا معروف من زمن طويل وهو شخصية قد أثبتت في الأسابيع القليلة الماضية قدرتها على إدارة دفة الدولة فبالتالي ما يوحى به من وجود حكومة ظل لا أرى له أساسا في الواقع. أما قوى الردة فهي بالتأكيد الأطراف المتضررة وهي موجودة و لكنها وإن قدرت على النشاط فهي لا تستطيع أن تتجاوز استغلال الاضطرابات الموجودة. وانا بكل الوضوح أقول انه لابد من معالجة الأوضاع بإعادة الشرعية وإعادة الأمل للشباب و الثقة للمستثمرين ووضوح رؤية العالم الخارجي لتونس وحينها فقط تصبح كل الأطراف التي تحدثنا عنها على هامش التاريخ و الأحداث وغير قادرة على التأثير إلا بقدر إخفاقنا في تحقيق المهمات العاجلة والأساسية التي ذكرتها.

"المجلة": كنتم قبل 14 جانفي (يناير) قد تعرضتم و حزبكم إلى هجمات شرسة من البوليس السياسي و الحزب الحاكم سابقا (التجمع الدستوري الديمقراطي) الذي كان مسيطرا على الحياة السياسية في تونس وبعد الثورة لازلتم تتعرضون إلى هجمات و لكن من أطراف أخرى بسبب رفضكم لإقصاء التجمعيين الذين طالما أقصوكم، فبماذا تردون؟

ـ أولا لابد من التفريق بين الخصوم السياسيين و الرأي العام و في جميع دول العالم يختلف كل الخصوم أما الرأي العام فاعتقد انه إلى جانبنا و يؤيدنا، أما مسألة الحزب الحاكم سابقا فنحن و في حزبنا قد توخينا سياسة الاستمرارية بشأنه، فقبل الثورة لم نكن نطالب بحله بل بفصل أجهزته عن أجهزة الدولة لتحقيق تكافؤ الفرص أما بعد 14 جانفي فقد قامت حكومة السيد محمد الغنوشي بهذا الفصل و استرجعت الدولة مقراتها و منقولاتها و نادينا في هذه المرحلة بتتبع رموز هذا الحزب الذين تورطوا في الفساد و القمع ليتولى أمرهم قضاء عادل من دون تأثير خارجي بما فيه تأثير الرأي العام ليبقى الحكم على الخصوم السياسيين للشعب عن طريق صناديق الاقتراع، ففي بلدان أوروبا الشرقية حكمت الأحزاب الشيوعية بالحديد و النار و لكنها أصبحت بعد ذلك أقلية لا تسمح لها إمكاناتها بالعودة إلى الحكم. وبالنسبة لي الخلاف مع التجمع الدستوري الحاكم سابقا ليس تضادا شخصيا بقدر ما هو على صورة تونس التي نريد وهي الآن قد تحررت من الاحتكار وإن كانت هناك مساءلة فيجب أن تكون أمام القضاء أولا ثم عن طريق صناديق الاقتراع. ثم انه على كل من يمارس السياسة وضع المصالحة الوطنية نصب عينيه و اذكر كلمة الرسول صلى الله عليه و سلم "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" فهو من طوى صفحة الماضي، فأنا انظر إلى المستقبل و أريد للتونسيين أن يتصالحوا مع بعضهم البعض.

"المجلة": كلمة " انظر إلى المستقبل " توحي بنوع معين من الحكم و يريد البعض لتونس نوعا اخر، فكيف تريدون للحكم في تونس أن يكون؟

ـ اعتقد أن الدين الإسلامي مشاع بين الجميع واعتقد أيضا أن الحياة العصرية تفرض علينا التمييز بين السياسي و الديني الذي يجب أن يتمتع كل منهما بالاستقلالية عن الآخر و لكن يمكن للحركات ان تستوحي برامجها من الإسلام من دون أن تحاول فرض عقيدتها الخاصة و تطرحها كمشروع دولة لأن الدولة تحتكر العنف و لو أضفنا إليها الطابع العقائدي دينيا كان أو شيوعيا فستحمل خطر الشمولية و هو ما لا نقبله ويجب التمييز هنا بين العمل الدعوي والعمل السياسي إذ لا نجد مثلا في الغرب أنجيلا ميركل المنتمية للحزب المسيحي تذهب إلى الكنائس و تحرض الشعب على الحزب الاشتراكي ولا القساوسة يحرضون المصلين للتدخل في الصراع بين الأحزاب السياسية كما أنني في نفس الوقت لست من مؤيدي اللائكية الفرنسية.

خلاف مع النهضة

"المجلة": منذ أواخر الثمانينات كنتم قد خبرتم الإسلاميين و أساليبهم العنيفة في فرض أنفسهم بالقوة ثم تحالفتم معهم في 2005 في إطار هيئة 18 أكتوبر لتعلنوا الآن عدم استعدادكم لخوض أي تحالف مهما كان نوعه، فهل سقطت تحالفاتكم بمجرد سقوط بن علي؟

ـ في نهاية الثمانينات كنا فعلا على خلاف مع حركة النهضة (الإسلامية) في ما يتعلق بأسلوبها الذي توخته آنذاك على خلفية اعتقادنا بأنه سيساهم في انهيار الوضع العام في البلاد و لكن العنف الذي واجه به النظام حركة النهضة لم يكن مقبولا، لا من الناحية الأخلاقية ولا من الناحية السياسية، لأنه دمر كل أمل في تطور ديمقراطي في البلاد، وفي سنة 2005 وعلى قاعدة مطالب دنيا كحرية التعبير و التنظم و العفو العام، التقينا مع حركة النهضة و قمنا بتحرك دام سنة و نصف السنة و أجرينا حوارات في إطار ما يسمى بمنتدى 28 أكتوبر و توصلنا إلى اتفاقات حول عديد القضايا لكن هذا التحالف تجاوزه الزمن منذ 2008 حين طرحت مسالة انتخابات 2009 عندما اختلفت الرؤى و انفرط التحالف بخاصة عند معركة المناشدة التي خضناها في الصف الأول و لم نجد سندا من عديد القوى بما فيها حركة النهضة التي تعللت بان قواها لا تسمح لها لنختلف بعد الثورة أيضا في كيفية التعامل معها، فقد ارتأينا نحن أن حكومة الوحدة الوطنية هو اسلم الطرق للمرور إلى الديمقراطية بينما ارتأى الإخوة في النهضة التشكيك في شرعية الحكومة و عملوا على إسقاطها بالتعاون مع اليسار التونسي و منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل و هو ما جعل السبل تختلف و لكن للانتخابات المقبلة أن تضع مكاسب تونس الحداثية في الميزان و سنعمل على تعزيزها عكس الدولة العقائدية التي لا تخلو من الأخطار على الحريات الخاصة من ناحية و على صورة تونس في العالم من ناحية أخرى و هو أساس الخلاف مع هذه الحركة.

"المجلة": إذا نفهم انه من غير الوارد رؤيتكم في حكومة تحالف مع حركة النهضة؟

ـ الأصل هو أن يفرز المجلس الوطني التأسيسي غالبية تكون في الحكومة و أقلية تكون في المعارضة و لكن يقع في بعض الحالات كما في ألمانيا مثلا أن تتعايش في حكومة انتقالية والحديث في هذا لا يزال سابقا لأوانه غير أنني شخصيا لا أرى نفسي معنيا بمثل هذه الحكومة.

"المجلة": اتهمكم النظام السابق بتنفيذ أجندة أمريكية في تونس ولا تزال بعض الأطراف من قوى ما بعد 14 جانفي تجتر هذه الاتهامات فما مدى صحتها؟

ـ حاول النظام السابق الإساءة إلينا بشتى الطرق كاتهامنا بالموالاة لأمريكا، ليقول أمام الأمريكان بأننا موالون لصدام حسين، ونشرت الصحافة الصفراء صورنا "كأعضاء لعصابة الموساد" و لم تؤثر هذه الممارسات في شيء فقد سقط الزيف "و قل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " و بقينا واقفين. ولا اعلم لمن تشيرين بالضبط بالحديث عن اتهامنا بالموالاة للأمريكان فولاؤنا لله و لتونس.

"المجلة": أخيرا، انطلقت الثورات العربية من تونس، فكيف تتوقعون لمستقبل المنطقة العربية ان يكون؟

ـ أنا أرى أننا بصدد ميلاد جديد للمنطقة العربية و للأمة العربية، فقد كنا على هامش التاريخ بسبب فقدان الديمقراطية و الحمد لله تفجرت الثورات في كامل أرجاء العالم العربي و كان لنا شرف البدء و كانت الاوضاع ناضجة ومواتية لانطلاق عمليات التغيير الديمقراطي و القضاء على داء الاستبداد الذي كان ينخر العالم العربي و التخلص منه سيمنحه فرصة الانبعاث من جديد، فالمجتمعات العربية ستفجر طاقاتها و ستوسع التواصل بينها في إطار مبادلات و تنقلات حرة و هو ما سيعزز عرى الوحدة الثقافية و الجغرافية و ستكون الافاق باذن الله واعدة و أنا اشعر لأول مرة بأننا نضع أرجلنا على اليابسة و إن شاء الله نتقدم في طريق الديمقراطية.

أجرى الحوار: شهرزاد عكاشة
font change