خاص: أول حديث للرئيس الأميركي رونالد ريغان مع مطبوعة عربية

قال الرئيس الأميركي في حواره مع (المجلة) إنه في حالة سقوط حكومة الرئيس الجميل سيقوم بمساندة أي حكومة في لبنان تحقق سيادة أراضيه وتطرد القوات الأجنبية الموجودة هناك حاليا

خاص: أول حديث للرئيس الأميركي رونالد ريغان مع مطبوعة عربية

كان الرئيس الأميركي يرتدي بدلة رمادية اللون وقميصا أبيض وربطة عنق زرقاء. كما كانت تبدو عليه معالم الصحة والحيوية بعد العطلة التي قضاها في كاليفورنيا. لقد قال إنه لم يشعر بمثل هذا النشاط وهذه الحيوية من قبل. وبالفعل لم تخلف الأزمة اللبنانية أي أثر على وجهه ولم تضف إليه تجعيدة واحدة. من الواضح أنه رجل يتغلب بسهولة على الأزمات. ويبدو أيضا أنه شعر بالارتياح لما اقترحه عليه الملك حسين والرئيس حسني مبارك من وجوب الاستمرار في متابعة خطة السلام الموضوعة في سبتمبر (أيلول) عام 1982. ولكن عندما سئل هل سيكون على استعداد، في عام الانتخابات الأميركية، للضغط على إسرائيل من أجل التفاوض بناء على خطته، أجاب بأن أساس أي مفاوضات يجب أن يتضمن تبادل الأراضي لحفظ السلام والأمن وتأمين الحدود، لذلك يتوجب على كل جانب تقوية مركزه قدر المستطاع قبل الدخول في هذه المفاوضات. وأضاف الرئيس الأميركي قائلا: «يجب أن تستفيد إسرائيل من تسوية لا تدمر اقتصادها عن طريق إبقائها معسكرا حربيا».

أجريت المقابلة مع الرئيس ريغان على مائدة إفطاره، وغطت جانبين فقط من جوانب سياسته الخارجية: الشرق الأوسط والعلاقات مع الاتحاد السوفياتي وفي ما يلي نص الحوار.

[caption id="attachment_55248650" align="alignleft" width="224"]العدد 211 – السبت 25 فبراير (شباط) – 2 مارس (آذار) 1984م – 24 - 30 جمادي الأول 1404 هـ العدد 211 – السبت 25 فبراير (شباط) – 2 مارس (آذار) 1984م – 24 - 30 جمادي الأول 1404 هـ[/caption]



* سيادة الرئيس، على الرغم من شرعية حكومة الرئيس الجميل. وفي حال إسقاط تلك الحكومة لتحل محلها حكومة شرعية أخرى، هل ستؤيد مراميها من أجل السيادة اللبنانية بغض النظر عن ماهية هذه الحكومة؟

- كل ما أريد قوله هو أنه ما دامت هناك جهود تبذل باستمرار من أجل التوصل إلى حل سياسي سلمي لهذه المشكلة، فسوف أبذل كل ما أستطيعه من أجل تقديم المساعدة. وأعتقد أن لدى الأمم الأخرى نفس الشعور. إننا، عادة، لا نتصرف في مثل هذه الأمور من جانب واحد، فنحن نسير بناء على اتصالات وثيقة مع الحكومات الأخرى. أنا لا أرى بديلا لذلك. ليس هناك أي شك في الأهمية الحيوية لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها للعالم الحر، وربما بالنسبة لحلفائنا أكثر منا. ولكن ذلك لا يقلل من أهميتها أبدا. إذا سنحت الفرصة لوجود بديل، على سبيل المثال، فمن سيكون؟ حرب جديدة بين سوريا وإسرائيل كما حدث عدة مرات من قبل؟ هل هناك فرد منا يظن أن أي رئيس أميركي سوف يقف مكتوف الأيدي وهو يرى إسرائيل تدمر؟! المنطقة حيوية بالنسبة لنا.

* على الرغم من أن الولايات المتحدة لجأت إلى استخدام أسلوب القوة في لبنان، يبدو أن سوريا قاومت هذا الأسلوب وتغلبت عليه. سؤالي هو: هل كنت ستسلك مسلكا مختلفا لو أتيحت لك الفرصة من البداية مرة ثانية؟ وهل ما حدث في لبنان درس لما يجب أن يكون عليه أسلوب استخدام القوات الأميركية؟

- لا، إنني أعرف جميع مشكلات الشرق الأوسط، وأعرف التاريخ الطويل لهذه المشكلات. إن حل المشكلة اللبنانية يكمن في إيجاد حكومة تكون لها السيادة الكاملة على البلاد، دون وجود «لوردات» الحروب المنتشرين هناك بميليشياتهم. لم تكن في لبنان حكومة على هذا المنوال. ولا يمكن أن يكون هناك حل للمشكلة دون مثل هذه الحكومة التي يمكنها أن توقف «لوردات» الحروب هؤلاء عند حدهم، وأن توحد البلاد، وأن تساهم في إعطاء الضمانات الأمنية لجارات لبنان، وخصوصا إسرائيل. إنني لا أعرف أي طريق آخر كان بإمكاننا أن نسلكه. لقد كنا نحاول إقرار السلام، وأعتقد أن ما فعلناه هو الصواب. وإذا كانوا هم قد عجزوا عن إقرار السلام في البلاد فإنني لا أشعر بالندم على أنني حاولت ذلك. لقد كان العمل الذي قمنا به شرعيا. ولم يكن أمامنا غير هذا السبيل. ما هو البديل الممكن؟ الدخول في حرب مع بلد مثل سوريا؟! لا. لا أعتقد أن ذلك هو الحل أيضا. إننا سوف نمضي قدما نحو تطبيق مشروع السلام الشامل في الشرق الأوسط.

* ما الذي تقترحه لتنفيذ ذلك؟

- لقد كان هذا هو موضوع حديثنا أمس واليوم الذي سبقه مع الرئيس مبارك والملك حسين. وكلاهما يرحب بذلك، ويعتقدان أننا يجب أن نمضي قدما في المشروع بغض النظر عن الوضع في لبنان. لقد كان اعتقادنا، دائما، أن عملية السلام سوف تنجح إذا أخذت بعض الدول العربية المعتدلة بزمام المبادرة في المفاوضات. تذكر أننا بدأنا من نقطة أعلنت فيها الدول العربية بالدرجة الأولى وببساطة أنها لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود كأمة. لذلك، كان هناك معسكران حربيان يواجه أحدهما الآخر. أذاب السادات جليد الجمود هذا باتفاقية السلام مع إسرائيل. إننا نسعى بالدرجة الأولى إلى إيجاد دول عربية أخرى كمصر.


* في الأسبوع السابق لإعلانك إعادة «انتشار» المارينز في لبنان، انتقدت بكلمات شديدة اللهجة ما اقترحه «توماس أونيل» وآخرون من سحب الجنود الأميركيين من لبنان. هل تعتقد أن ما أدليت به من تصريحات، في الوقت الذي كنت تفكر فيه جديا في إعادة «انتشار» المارينز، وربما انسحابهم الكامل، قد خلق مشكلة ثقة بينك وبين إدارتك؟ ثانيا، وبعد أن يتم سحب المارينز من داخل لبنان، إلى متى سيبقون على ظهر السفن بالقرب من الشاطئ اللبناني؟

- إن مدة بقائهم سوف تتحدد بمجريات الأحداث وما إذا كنا سننجح أم لا، ولن يكون لانتقالهم من على الأرض إلى عرض البحر أي تأثير على طول مدة بقائهم. إننا ندرس الآن كيفية الاستمرار في تحقيق مهمة القوة المتعددة الجنسيات، وفي نفس الوقت توفير أمن أكثر لقواتنا. أعتقد أن «أونيل» كان يقترح علينا أن نولي الأدبار، ولكننا كنا نفكر طيلة الوقت في كيفية الاستمرار في مهمتنا مع إعادة انتشار قواتنا. وما دامت هناك فرصة لتحقيق السلام، فسنبقى حيث نحن. لقد كانت هذه هي مهمتنا الأصلية.

* ذلك يعني، بكلمات أخرى، أنك تتوقع بقاءهم ربما لفترة الثمانية عشر شهرا التي كانت قد حددت؟


- نعم، ولكننا نأمل أن لا تطول المدة. إن الأمور تتغير، وأحيانا ليس كما نريدها تماما. ولكن ما زال هناك سبب يدعونا إلى الأمل، وسوف نبقى ما دام بقي هذا الأمل.

* في ضوء بعض أوصافك السابقة لمهمة المارينز في لبنان، يبدو أنهم لم ينجحوا في هذه المهمة. ماذا سيكون ردك، في عام الانتخابات هذا، على ما سيوجه إليك من اتهامات بأن رجال المارينز الذين ماتوا في لبنان إنما راحوا ضحية مهمة غامضة فاشلة؟ وهل ستقوم بإرسال المارينز مرة ثانية رغم نصيحة شركائك الكبار؟

- لا. إنهم لم يموتوا سدى. إذا استسلمنا وانسحبنا فهذا يعني أنهم راحوا ضحية مهمة عابثة. تذكر الوضع الأصلي عندما كانت الحرب مستعرة في وسط بيروت، قوات منظمة التحرير الفلسطينية، والإرهابيين، منطلقة دون عقال، بل إنها كانت تحتل أجزاء من لبنان. كانت حدود إسرائيل الشمالية تتعرض لهجماتهم عليها مطلقين صواريخهم وقذائف مدفعيتهم على المدنيين. بعد ذلك، قامت إسرائيل بغزو لبنان، وتوغلت قواتها 25 ميلا إلى الداخل. وبدأوا يتقهقرون أمامها حتى بيروت. واستمرت المشكلة قائمة.

اتفقنا، نحن وحلفاؤنا، على إرسال قوة متعددة الجنسيات، محاولين إقناع القوات الأجنبية بترك البلاد. ونجحنا في ذلك بالنسبة لقوات منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد ذلك وافق الإسرائيليون على الانسحاب، وبدأوا انسحابهم على مراحل. أما السوريون، الذين كانوا قد وافقوا من قبل، فقد ثبتوا في مواقعهم، وقالوا: «لا. لن نرحل». وأعتقد أن هذه هي العقبة الكبرى التي تقف أمامنا. لقد كانت الفكرة أن توفر القوة المتعددة الجنسيات بعض الاستقرار فور تشكيل الحكومة، وأن تقوم قوات مسلحة بتسلم المناطق التي كانت تحتلها القوات السورية والإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية. قمنا في نفس الوقت بتدريب القوات اللبنانية المسلحة وتزويدها بالأسلحة. إن مستواها القتالي أعلى مما أظهرته الاشتباكات التي وقعت مؤخرا. ولكن المشكلة أن الجنود المسلمين هجروا صفوف الجيش، مما أدى إلى تقلص هذه القوات حجما وعددا.


[inset_left]• حل المشكلة اللبنانية يكمن في إيجاد حكومة لها السيادة الكاملة على البلاد
• أحلم بأن تحل قوات الأمم المتحدة مكان «المارينز»
[/inset_left]


يجب أن أقول إنني كنت على اتصال بالعائلات التي فقدت أبناءها في لبنان، وقد تأثرت جدا بموقف الآباء والأمهات والأرامل عندما كشفوا لي عن اقتناعهم بالمهمة التي أوفد أبناؤهم وأزواجهن فيها. وحدثوني مرارا عن أن أبناءهم وأزواجهن كانوا يكتبون إليهم باستمرار عن إيمانهم بالهدف الذي أرسلوا من أجله إلى لبنان. وقبل بدء الهجمات الإرهابية ضدهم، تلقيت أيضا خطابات من مواطنين لبنانيين يشكروننا فيها، ويقولون إنهم لا يعرفون ماذا سيكون مصيرهم دون وجود القوات الأميركية هناك.

* هل سترسلهم إلى هناك ثانية يا سيادة الرئيس؟

- إذا كان ذلك سيسهم في إقرار السلام، فنعم. يجب على أن أخبرك بأنني تعلمت أن أصعب قرار يمكن أن أتخذه في وظيفتي هذه هو إرسال هؤلاء الشبان الشجعان إلى مناطق تتعرض حياتهم فيها للخطر.

* سيادة الرئيس، هل لديك الاستعداد لاستبدال بالمارينز الأميركيين قوة تابعة للأمم المتحدة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل ستقوم بسحب الأسطول الأميركي من الساحل اللبناني من أجل الحصول على موافقة السوفيات على هذه القوة؟

- لن أجيب على الشطر الأخير من السؤال، بل ولا أريد أن أفكر فيه الآن. ولكن في ما يتعلق بالقوة التابعة للأمم المتحدة، فقد كنت أفضلها من البداية. كان «الفيتو» والمعارضة الروسية هما اللذين جعلاني مضطرا إلى التفكير في شيء آخر غير قوة الأمم المتحدة.


* بأية سرعة تفضل أن ترى هذه القوة في لبنان؟ وماذا ستكون وظيفة المارينز بعيدا عن الشاطئ، خصوصا أنهم لم يستطيعوا حماية الحكومة اللبنانية وهم على الأرض؟

- لم تكن المسألة مسألة حماية الحكومة اللبنانية. لقد كانوا هناك لمساعدة الحكومة على الاستقرار. أما في ما يتعلق بالقوة التابعة للأمم المتحدة، فكنت أود أن أراها هناك، ليس بالأمس فقط، بل في اليوم الذي قبله. بصفة رئيسة، أقول إن القوة المتعددة الجنسية ما زالت هناك. ويمكن إنزالها على الشاطئ في لمح البصر لو اقتضت الضرورة ذلك.


[caption id="attachment_55248651" align="alignright" width="234"]وصف نيكسون ريغان بـ«الكاوبوي المتهور» وصف نيكسون ريغان بـ«الكاوبوي المتهور»[/caption]


* إذا كان المارينز قد أبعدوا عن الشاطئ، فكيف يمكن تحقيق هذا الهدف وهم في هذا الوضع، وبعد إخفاقهم في تحقيقه أثناء وجودهم على الشاطئ؟

- إنني أعترف أن الناس الذين وصفتهم بـ«لوردات» الحروب يسيطرون أكثر من ذي قبل على المنطقة. وفي نفس الوقت، تحاول الحكومة أن تتفاوض مع نفس هؤلاء الناس لإشراكهم في الحكم. لم يعلن أن ذلك غير وارد حتى الآن. وحتى يتم هذا الأمر، فعلينا أن نستمر في المحاولة.


* ذكرت قبل دقائق أنك تود أن تشترك مع الرئيس حسني مبارك في وضع مشروع سلام للشرق الأوسط. ولكن بالأمس فقط وهنا في واشنطن أدلى مبارك بتصريحين مضادين مباشرة لسياستك وآرائك. في أحد التصريحين، يقترح الرئيس مبارك أن تدخل الولايات المتحدة في حوار مباشر مع منظمة التحرير الفلسطينية. وفي التصريح الثاني، ذكر أن سحب المارينز يعتبر كارثة، إذ سيكلف أميركا ثقة أصدقائها في المنطقة. في ضوء مثل هذه التصريحات من رئيس دولة عربية ستعتمد عليه، يمكن أن نسأل ما هو أساس تعاونك مع الرئيس مبارك في ما يتعلق بمشروع السلام في الشرق الأوسط؟

- لقد أدلى الرئيس مبارك بهذين التصريحين اللذين ذكرتهما في حديثه الوداعي. ولكني أتذكر أيضا ما قاله خلال محادثاتنا التي استمرت ساعات طويلة، نحن الثلاثة معا، صحيح أنه ربما كان مقتنعا، وبقوة أكثر منا، بأن عرفات هو الممثل الشرعي للفلسطينيين. إننا أيضا نوافق على أن المشكلة الفلسطينية أساسية في عملية السلام، وأنه يجب أن تكون هناك تسوية عادلة لهذه المشكلة. كان الرئيس مبارك يبدي رأيه ضد الذين يقترحون عودة المارينز إلى الولايات المتحدة. إنه يرى في ذلك كارثة، ويشاركه هذا الرأي الملك حسين. ولكنه عندما علم أننا نعيد «انتشارهم» فقط أبدى ارتياحه لوجودنا هناك في هذا الطرف من البحر الأبيض المتوسط.


* هذا العام هو عام الانتخابات، وليس بالضرورة عام إقرار السلام في الشرق الأوسط أو الاعتماد على الإسرائيليين، الأمر الذي يقلق بوجه خاص الدول العربية المعتدلة. إنهم يعرفون، وأنت تتحدث عن أخذهم بزمام المبادرة، وهذا على ما أظن سوف يكون مشجعا لك، يعرفون أن إسرائيل رفضت مبادرة أول سبتمبر عام 1982. رفضتها يوم 2 سبتمبر، لأنها قالت إنها تهديد لأمن إسرائيل، وانتهاك لاتفاقيات كامب ديفيد. في ذلك الوقت، وبعده بعام أيضا، وصفت سياسة إقامة المستوطنات الإسرائيلية بأنها عقبة في سبيل السلام. وتجاهلت إسرائيل تصريحات في كلتا المرتين. ما الذي بإمكانك تقديمه للدول العربية المعتدلة حتى تستطيع المضي قدما في المبادرة، خصوصا إذا كانت هذه الدول لا ترى أي دليل في تأثيرك على إسرائيل التي تعارض خطتك؟

- إن هذا الوضع يشبه، بعض الشيء، الأوضاع نفسها عندما كنت مفاوضا باسم الاتحاد مع الإدارة. إنك تحاول قدر استطاعتك تقوية مركزك قبل الدخول في مفاوضات، وذلك حتى تتفاوض من مركز قوة. لهذا فإنك ترى ان كل جانب يحاول تقوية مركزه ما أمكنه ذلك. يجب أن أخبرك أنني وجدت الملك حسين والرئيس المصري مؤمنين تماما باتفاقيات كامب ديفيد والقرار 242 وقرارات الأمم المتحدة، ويعتقدان أن المفاوضات يجب أن تمضي قدما في هذا الإطار. أعتقد أن إسرائيل ستستفيد كثيرا من هذه العملية، إذ إنها، بعد ممارستها للسلم وحصولها على حدود آمنة، لن تضطر إلى تدمير اقتصادها ببقائها معسكر حرب.


* عندما ألقى تشيرنينكو خطابه، ذكر فيه أنه يريد حفظ التوازن بين الشرق والغرب. ماذا يعني التوازن بالنسبة لك؟ وهل هناك الآن توازن عادل؟ هل يعني تشيرنينكو بذلك أن عليهم أن يصبحوا أكثر قوة؟

- أعتقد أننا تقدمنا كثيرا في طريق إصلاح التوازن المختل مع السوفيات. ولكننا لم نصل بعد إلى الدرجة التي نتوقف عندها. ما زال أمامنا القيام بنشر صواريخ «إم.إكس» ووضع قاذفات القنابل «بي.1» على الحدود الفاصلة. في رأيي إن هذه الأشياء في غاية الأهمية، إذ إنها ستكون بمثابة قوة ردع كافية. لا أعتقد أن ذلك سيجعلنا متكافئين معهم. إنني ما زلت مصمما على أن الحل الأمثل يكمن في توصل القوتين العظميين إلى اتفاق يؤدي إلى خفض حقيقي لمخزون الأسلحة النووية. ويحدوني الأمل أننا إذا بدأنا السير في هذا الطريق فسوف ننتهي إلى نتيجة تخلصنا تماما من هذه الأسلحة.

* هل تشعر أنك أكثر تفاؤلا هذا الأسبوع، من الأسبوع الماضي نتيجة لخطاب تشيرنينكو؟

- نعم، أشعر بذلك.

* لماذا أصبحت أكثر تفاؤلا؟ هل حدث شيء ما بين تشيرنينكو ونائب الرئيس؟

- لقد استمعت إلى ما تم في الاجتماعات. وفي الوقت الذي لم يتراجع فيه مستر تشيرنينكو عن مواقف السوفيات الأساسية، فقد أبدى رغبته في إقامة علاقات أفضل. لقد شعر أن كلينا يجب أن نقوم بدور من أجل منع الصراعات الإقليمية من الانتشار على نطاق واسع، وأنه يجب أن تكون هناك وسائل وقاية ضد أي استخدام طائش للأسلحة النووية. وبكلمات أخرى، كانت كلماته، والأسلوب الذي قيلت به، يدلان على اعتقاده بأنه بالإمكان التوصل معا إلى اتفاق.


* سيادة الرئيس، كإشارة عن حسن نية نحو القيادة الجديدة في الاتحاد السوفياتي ولإذابة الجليد في ما يتعلق بمفاوضات الأسلحة النووية، هل يمكنك وقف المزيد من انتشار صواريخ «بيرشينغ 2» الأميركية، وصواريخ «كروز» في أوروبا الغربية لفترة من الوقت، ربما حتى نهاية هذا العام؟

- لا، لا أعتقد أننا يجب أن نفعل ذلك. إن عدد صواريخ الاتحاد السوفياتي المتوسطة المدى يزيد على الألف، ولا توجد لدى دول منظمة حلف شمال الأطلنطي قوة ردع يمكن أن نقف في وجه هذه الصواريخ. لقد طلب حلفاؤنا انتشار الصواريخ في عام 1979، ووافقت الإدارة الأميركية، في ذلك الوقت، على هذا الطلب. لقد آل إلينا هذا الوضع، ونوافق على أنه يجب أن تكون هناك قوة ردع. أعتقد أن الاتحاد السوفياتي أوضح تماما أثناء المفوضات أن هدفه هو منعنا من انتشار تلك الصواريخ.

* هل ترى أية فائدة ممكنة في توسيع نطاق المفاوضات الآن لتشمل مجموعة متنوعة من الأسلحة النووية الموجودة لدى كل طرف... ليس فقط الصواريخ الأوروبية، ولكن أيضا الأسلحة الاستراتيجية – وربما قاذفات القنابل – وذلك حتى تتقدم المفاوضات على أساس أكبر وأشمل لكي تؤدي ربما إلى نتائج أعم وأشمل أيضا؟

- لقد قدمنا من قبل اقتراحا بذلك، ولكن السوفيات لم يستجيبوا له. لقد اعتقدنا أصلا في بداية المحادثات أن أكثر الأسلحة إشاعة لعدم الاستقرار والذعر بين الناس هي الأسلحة التي تضغط فيها على زر، يتفجر بعده العالم. وإذا حدث وضغطت على هذا الزر مرة، فلا سبيل إلى التراجع أبدا. لقد اعتبرنا القنابل والصواريخ التي تنطلق من غواصات أقل إثارة للقلاقل لأنها محمولة على سلاح تقليدي. لقد عرضنا وجهة نظرنا بمنتهى الوضوح وقلنا للسوفيات إننا راغبون في مناقشة وضع جميع الأسلحة ولكنهم لم يستجيبوا لرغبتنا.

* هل ذكر مستر تشيرنينكو شيئا عن هذا الموضوع لنائب الرئيس جورج بوش؟

- كما ذكرت فقط، لقد عبر عن قلقه بشأن الأسلحة النووية، والحاجة إلى إيجاد حل لهذا التهديد.

* سيادة الرئيس. هل أنت كاوبوي متهور؟

نعم.

* قال الرئيس السابق نيكسون إن عليك أن تجتمع بالزعامة السوفياتية، لتظهر لهم، على الأقل، أنك لست بالكاوبوي المتهور، على حد قوله. وقد ذكرت بنفسك أنك لست متأكدا من الروس، وأنه من الحمق أن تقول إنك تعرف الروس. إذن لماذا لا تسعى إلى لقاء تعارف معهم على مستوى القمة، وذلك لتثبت لهم، على الأقل، أنك لست كما وصفك نيكسون بـ«كاوبوي متهور»، ولكي تعرفهم أفضل؟ ما الخطأ في ذلك؟


- هناك رئيس أميركي واحد قام باجتماع تعارف من هذا النوع. وعلى الفور انطلقت التكهنات في جميع أنحاء العالم عن رأب الصدع بين القوتين العظميين. لقد تعارف الزعيمان وانتهى الاجتماع. وبعد ذلك حدث تدهور شامل في العلاقات، لأنه لم يتم التوصل إلى شيء عملي. كما أنني لا أعرف ما إذا كانوا يظنونني «كاوبوي متهورا» بالفعل أم لا، لقد مثلت هذا الدور في فيلمين فقط في السابق. ولكن أعتقد أنهم يجب أن يعرفوا، وفي أسرع وقت، أنني أعني ما أقوله في ما يتعلق بنزع السلاح وتحقيق السلام.


* سيادة الرئيس، هل لك أن تخبرنا بأكبر دقة ممكنة عن رأيك في الزعامة السوفياتية الجديدة؟ هل تتوقع أن تنتهج خطأ أكثر لينا أو تصلبا، أم تكون مجرد استمرار للزعامة السابقة؟ إننا نتطلع بشوق إلى رأيك بهذا الخصوص


- لقد ذكر أحد سفرائنا لدى الاتحاد السوفياتي قبل عدة سنوات أن الشيء الثاني الأكثر حمقا هو القول إنك تفهم الروس. ومنذ ذلك الوقت والفضول يملأ نفسي لمعرفة ما هو الشيء الأول الأكثر حمقا. هناك حقيقة واحدة، وهي أن هناك زعامة جديدة، وأن هناك شخصا لم يعلن تراجعه بعد عن موقف معين، أو تغيير وضع، أو جعله معتدلا. ولكن أمامنا أيضا تصريحات مستر تشيرنينكو الأولية التي أعلن فيها أنه سوف يسعى إلى إقامة علاقات أفضل.

* إنك تأخذ ذلك بمعناه الظاهري.

- نعم، حتى يثبتوا العكس.

*حوار أجراه هنري برانسدون



 
font change