شفيق صرصار: الانتخابات التونسية قبل نهاية هذا العام مهما كانت الظروف

شفيق صرصار: الانتخابات التونسية قبل نهاية هذا العام مهما كانت الظروف

[caption id="attachment_55250294" align="aligncenter" width="614"]شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس[/caption]

بمناسبة شروع المجلس الوطني التأسيسي في النظر في القانون المنظم للانتخابات، التقت "المجلة" في تونس شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات،وفيما يلي النص الكامل لهذا اللقاء:

* هل الهيئة مستقلة فعلا، خصوصا أن البعض يشكك في ذلك، ويرى أن بعض أعضائها لهم ولاءات حزبية؟

- لقد حرصت كل الأطراف على أن تكون الاستقلالية والحياد والنزاهة من بين شروط الترشح إلى هذه الهيئة ولتدقيق هذا العنصر هناك فصل في القانون المحدث للهيئة المستقلة للانتخابات ينص على ضرورة ألا يكون المترشح قد انتمى إلى أي حزب في السنوات الخمس الأخيرة، وكل إخلال أو مخالفة لهذا الشرط تقتضي العقوبة بالسجن، لذلك فإن كل من يشك أو لديه دليل على انتماء أحد أفراد الهيئة إلى أي حزب عليه التقدم بدعوى قضائية وله الحق في ذلك.
أما ضمان استمرارية استقلالية الهيئة فيقوم على الممارسة الشفافة والتي تقتضي مراقبة حفاظ الهيئة على حيادها واستقلاليتها بالإضافة إلى الرقابة القضائية، فالشك والمراقبة والمحاسبة أمر جيد لكن التشكيك على أساس إشاعات أو مسائل واهية سيكون ذا تأثير سلبي على كل المسار الانتخابي.أما بالنسبة إلى الولاء فليست هناك أية حجة وكل ما صدر إلى حد الآن هي إشاعات لا أكثر.

* ما الأعمال التي قمتم بها منذ تركيز الهيئة إلى حد الآن؟

- لقد تقدمنا على ثلاثة محاور أساسية، أولا انتخاب نائب رئيس الهيئة والتفاوض مع الحكومة على مسألة المقرات والاتفاق على الميزانية. ثانيا تركيز الجهاز الإداري بدءا بانتداب المدير التنفيذي. وثالثا الإعداد للعملية الانتخابية بتقييم تجربة 2011 وتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف وإعداد خطط عمل لتدارك كل الثغرات التي مر بها المسار الانتخابي سنة 2011. وفي هذا الإطار نظمنا عدة جلسات عمل مع المنظمات الدولية المختصة في المجال الانتخابي لضبط الإطار القانوني لمواصلة التعاون مع الهيئة والأكيد هو وضع أسس الهيئة الدائمة للانتخابات سواء من حيث الإعداد القانوني أو اللوجستي.
كما تقوم الهيئة بمتابعة مسار إعداد القانون الانتخابي والمصادقة عليه باعتبار أن من صلاحياتها إبداء الرأي في هذا القانون الذي في ضوئه وحسبما سيقرره الفاعلون السياسيون سنعرف هل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجرى بشكل متزامن أم منفصل، وبعده ستحدد الهيئة رزنامة دقيقة للمسار الانتخابي.

* أيهما أسهل وأفضل بالنسبة إليكم: تزامن الانتخابات الرئاسية والتشريعية أم إجراؤهما بصفة متباعدة. وفي حالة الفصل بينهما، هل تفضلون إجراء الانتخابات الرئاسية قبل أم بعد الانتخابات البرلمانية؟

- نحن نعتبر أن عدم التزامن أسهل من حيث التنظيم، لكن يبقى الاختيار للأطراف السياسية، وعند الفصل بين الرئاسية والبرلمانية تكون الأولى أكثر سهولة باعتبار أن عدد المترشحين أقل مما في الانتخابات البرلمانية التي يجري فيها التصويت على القوائم لا على الأفراد وهذا يفترض كثرة القوائم وتعددها في كل دائرة وهو ما يتطلب جهدا أكبر.

* متى نتعرف على موعد الانتخابات؟

- هذا سيكون انطلاقا من محددين رئيسين الأول هو إصدار القانون الانتخابي والثاني هو تحديد طبيعة إجراء الانتخابات المقبلة (هل سننظم الرئاسية ثم البرلمانية أم الاثنتين معا) والتحدي المطروح الآن هو تنظيم هذه الانتخابات سنة 2014 وهو ما أقره الدستور الجديد في أحكامه الانتقالية فلا خيار لنا إلا احترام الدستور وإجراء الانتخابات سنة 2014 مهما كانت الظروف.

* ما أهم التحديات التي تعترض عمل الهيئة المستقلة للانتخابات؟

- التحديات كبيرة وكثيرة وأهمها:
1- تجاوز كل سلبيات الانتخابات السابقة خاصة أنه في أي تجربة انتقال ديمقراطي تكون الانتخابات الثانية أصعب باعتبار أن درجة المحاسبة ومعايير التقييم تكون أكثر صرامة.
2- تقليص نسبة العزوف عن الانتخابات والتي قدرت سنة 2011 بنحو 48 في المائة.
3- مراقبة المال السياسي والانفلات في الإعلام والذي قد يرسخ الإشهار السياسي.
4- حسن التعامل مع المخاطر الانتخابية وخاصة العنف.
5- النجاح في الإسراع بإعلان النتائج ولو بتقديم نتائج أولية ليلة التصويت.

* بعض الأطراف السياسية تعتبر أن الانتخابات المقبلة هي بالنسبة إليها معركة مصير وحرب وجود وتريد الفوز فيها بأي طريقة، ألا يزيد هذا في صعوبة مهمتكم؟

- عندما تكون الرهانات كبيرة سواء بالنسبة إلى الأطراف السياسية أو المواطنين أو حتى الأطراف الدولية، تكون المهمة دقيقة وصعبة خاصة أن الانتخابات المقبلة تندرج ضمن الترسيخ الديمقراطي أي تجاوز الانتقال لتركيز منظومة ديمقراطية بشكل حقيقي ونحن مدركون لدقة وصعوبة مهمتنا.

* التقيتم مؤخرا بالمهدي جمعة رئيس الحكومة فبماذا خرجتم من هذا اللقاء؟

- في هذا اللقاء واصلنا النظر في النقاط التي طرحت مع رئيس الحكومة السابق (علي العريض) وتعلقت بأهم الصعوبات التي تعترض تركيز الهيئة المستقلة للانتخابات وكان اللقاء مفيدا للغاية واتفقنا على عدة حلول وقد لاحظنا استعدادا حقيقيا من جانب حكومة المهدي جمعة لإنجاح الانتخابات.

* بدأ الإعداد لتنظيم إحصاء للسكان، فهل لهذا الإحصاء علاقة بالانتخابات؟

- تعداد السكان له علاقة كبيرة بالانتخابات، خاصة فيما يتعلق بتحديد عدد المقاعد على أساس القاعدة السكانية التي سيضبطها القانون الانتخابي، وكذلك بالنسبة إلى إمكانية إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، لكن لسوء الحظ واعتبارا لتأخر عملية انتخاب الهيئة المستقلة للانتخابات فإنه لم يحصل التنسيق مع معهد الإحصاء الذي سينظم التعداد وقد كان بالإمكان إدراج قسم ضمن استمارات التعداد يخص الجانب الانتخابي.

* ما أهمية توفر ظروف أمنية جيدة لتنظيم الانتخابات؟

- الجانب الأمني يدخل في باب إدارة المخاطر زمن الانتخابات، ولا بد من أخذه بعين الاعتبار لضمان انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة وتعددية.

* الكل متخوف من المال السياسي كعنصر مؤثر وهذا في كل مراحل المسار الانتخابي فهل فكرتم في هذه المسألة؟

- هناك أطراف مختلفة ومتعددة مطلوب منها أن تقوم بدورها في المراقبة ومنها الجهاز البنكي ودائرة المحاسبات والهيئة المستقلة للانتخابات وكذلك القانون الانتخابي، فبقدر وجود قواعد دقيقة لتمويل الحملات الانتخابية ومراقبتها ووجود المؤسسات اللازمة لتفعيل هذه الأحكام فإننا ننجح في الحد من تأثير المال السياسي.

* في الانتخابات السابقة (أكتوبر/ تشرين الأول 2011) هناك أحزاب تحصلت على أموال من الدولة لتمويل حملاتها الانتخابية ولكنها لم ترجع هذه الأموال، فهل ستمولونها مرة أخرى؟

- هذا أمر مرتبط بالقانون الانتخابي، فالقانون الجديد يمكن أن يحرم كل من أخذ أموالا في الانتخابات السابقة ولم يرجعها من حق الترشح، وأعتقد أن هناك طرقا لاستخلاص هذه الأموال يمكن تفعيلها لتسوية هذه الوضعية.

* في رأيك، ما شروط نجاح الانتخابات المقبلة؟

- هناك شروط مختلفة أولها استعداد المواطن والأحزاب والمجتمع المدني والإعلام لترسيخ الديمقراطية عبر المساهمة في هذه الانتخابات، من جانب آخر لا بد من تعاون بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري وبقية المؤسسات ذات الصلة للالتزام بأعلى معايير شفافية ونزاهة الانتخابات ومحاولة تطبيق الممارسات المثلى من جانب الدولة، وأخيرا التزام مؤسسات الدولة بدعم إدارة الانتخابات حتى لا يقع تعطيل المسار لمجرد عوائق مادية أو لوجستية.
font change