رئيس مجلس إدارة «بنك غيتهاوس» يحذر من بوادر أزمة اقتصادية

رئيس مجلس إدارة «بنك غيتهاوس» يحذر من بوادر أزمة اقتصادية

[caption id="attachment_55253215" align="aligncenter" width="620"]فهد بودي فهد بودي[/caption]

• هناك سيولة لكن البيروقراطية وعدم الالتزام بالقوانين وغياب الشفافية يخيف المستثمرين


دعا فهد بودي الذي يشغل أيضا الرئيس التنفيذي لغيتهاوس كابيتال والتي تتخذ من الكويت مقرا لها، إلى ضرورة خصخصة مختلف القطاعات، وتنويع موارد الاقتصاد والخروج من عباءة النفط في المنطقة.

في مايلي نص الحوار:

* ما الدور الذي تقومون به عبر مؤسستكم (غيتهاوس) والتي مقرها بريطانيا؟

- لسنا بنكا تقليديا، نحن مؤسسة استثمارية نركز على عملاء منتقين، نساعد المستثمرين على تجنب المخاطر الاقتصادية عالميا.. والناس غالبا لا يفرقون بين الاستثمار والمخاطرة، ودرجات المخاطرة وما نقوم به في «غيتهاوس» هو السعي لتثقيف العميل، وإحاطته بالفرص المتاحة.

* من هم أهم المستثمرين الذين تتعاملون معهم، وما أهم القطاعات التي تعملون بها؟

- بدأنا بالاستثمارات ذات الطابع العائلي، والأفراد/ المستثمرين سنة 2008، لكن بعد 2010 دخلنا في قطاعات أخرى، وحرصنا على أن تكون من القطاعات التي لا تتأثر بالأزمات، فعملنا مثلا على قطاعات السكن الجامعي، ودخلنا في بريطانيا وفي عدة دول، والفرص الاستثمارية خدمتنا، وطريقة الطرح أيضا كانت مهمة وكل تعاملاتنا كانت مع شركات كبيرة، ونتعامل في إدارة الأصول وخلق الفرص الاستثمارية في الولايات المتحدة، وبريطانيا، ودول أوروبا.

* لماذا اخترتم الولايات المتحدة وبريطانيا والسوق الأوروبية تحديدا، وما نسب استثماراتكم في هذه الأسواق؟

- اخترنا هذه الدول لأنها أسواق عميقة وعريقة، وتتمتع بالشفافية، ونسب استثمارنا في أميركا لا تقل عن 60 في المائة، وبريطانيا 30 في المائة، وبقية أوروبا 10 في المائة.
هي أسواق تاريخها واضح، فأنت تعلم أنك عندما تبدأ كمستثمر مع من تتعامل، تدخل ولديك المعلومات والتاريخ، ولديك فرصة القيام بدراسة حول كل العقارات على الأقل لـ50 سنة، مقارنة بالأسواق العربية التي لا تتوفر فيها معلومات أو ما يسمى «داتا بيز».
والسبب المشجع أيضا على الاستثمار في هذه الدول هو القوانين، فمثلا رغم أن نسب الربح في الدول العربية أكبر وقد تفوق 2 في المائة فإن المخاطرة هنا (في الغرب) أقل، والشفافية متوفرة.
ونحن في عملنا نركز على ما نعرفه، وقد كانت فرصنا عالية سنة 2009 و2010 و2011، حيث افتقدت السيولة، وهذه فرصة لا تتوفر إلا مرة في نصف قرن. والأزمة خلقت لنا الفرص، نحن حققنا أهدافنا، ولا تقيدنا العقود الزمنية بل الفرص المطروحة.

* ما الفرق بين الثلاثة أسواق، الأميركية، البريطانية، وبقية دول أوروبا في قطاع الاستثمار العقاري؟

- السوق البريطانية تتميز بسيولة ضخمة ومستثمرين عالميين خاصة في لندن فهي سوق آمنة، والقوانين كتبت لمصلحة المالك، والعقود قابلة للزيادة فقط وليس للنزول. كما يتميز أيضا بشفافية عالية من ناحية القانون ليس لها مثيل في العالم، لكن المساحة تبقى محدودة في بريطانيا وأهم الاستثمارات محصورة في لندن.
على عكس أميركا حيث ضخامة المساحات وتنوع المستثمرين المؤسساتيين، في لندن هناك الاستثمارات العائلية والخاصة هي الأكثر، كما أنه وفي أميركا الصناديق والمؤسسات، حجمها الاستثماري أكبر بكثير مما يتيح مجالات للتنوع.
وكل سوق عقارية تختلف مما يمنح تنوعا للفرص، في أميركا كان يوجد وقت للرهن العقاري، في بريطانيا الفرص مختلفة وأصبح التطوير العقاري هو الفرصة الاستثمارية الأنسب.

في أميركا يتعاملون مع المشكلات وتتدخل الحكومة بتخفيض أسعار الفائدة ومنح البنوك السيولة كما وقع في الأزمة المالية، عكس أوروبا التي تأخرت. وبريطانيا استفادت من المستثمرين العالميين فحدث تضخم. أوروبا تفاقمت مشكلتها لأنها تأخرت في التعامل معها، لكن الأزمة في أوروبا بالنسبة لنا كانت فرصة.
كما أن الربيع العربي كان مهما، كثيرون رأوه أزمة، لكن بالنسبة لنا كمستثمرين في الخارج فقد ساعدتنا لأنها نقلت سيولة ضخمة من بعض الدول خاصة الخليجية، وليس من الحكومات لكن من القطاع الخاص لمخاوف المستثمرين.
والمشكلة الآن في المنطقة أن السيولة موجودة لكن فرص الاستثمار غير موجودة خاصة مع مخاوف رجال الأعمال الذين يتخوفون من التنبؤ بما سيقع في المنطقة.

* هل الأحداث التي تشهدها المنطقة حاليا تؤثر على استقطاب المستثمرين، وعلى المشاريع بشكل عام؟

- الاستثمار في المنطقة حاليا فيه نوع من المخاطرة، وليست أمنية بالأساس أو سياسية، بل الأهم هو مشكلة تغيير القوانين، لكن هذا لا يعني أن الاستثمارات متوقفة في المنطقة بل على العكس نرى في السعودية وفي الإمارات والكويت انتعشت السوق وهناك استثمارات.

* الهبوط المفاجئ في أسعار النفط كيف أثر على العمل الاستثماري؟

- نزول الأسعار يعتمد على مسألة العرض والطلب، كما أنها مرتبطة طبعا بالأمور السياسية، وليست مسائل اقتصادية بحتة، وهذا كان جيدا لأوروبا، وكأن أوروبا كانت تحتاج لصدمة، وسياسة تخفيض الأورو من مصلحتهم.
وفي الخليج كانت الأسعار مبالغا فيها 110 إلى 120 دولار للبرميل، وقد كسبنا جيدا، الآن حان وقت التفكير في كيفية الاستفادة من هذه المرحلة، وهي حسب رأيي بالبحث عن خلق اقتصاد بديل، فالاقتصاد مرتبط مصيريا بالسياسة، وبالقوانين وتطويرها، وقد نجحت الإمارات جدا في هذا المجال، وهناك قوانين محفزة.

* ما الاقتصادات البديلة التي ترونها مناسبة للمنطقة؟

- هناك احتياج كبير للسكن ف70 في المائة من شعوبنا أعمارهم أقل من 30 عاما، وأكثر مجال استثماري يكون ناجحا هو السكن، وفي الكويت في السابق كان هناك خطأ وهو أن الاقتصاد كان يعتمد على أكثر من 90 في المائة في قطاع النفط، وأرى أنه حان الوقت لتوجيه اهتمامات الشباب نحو استثمارات وصناعات جديدة، يجب منح الفرص للجميع وفتح الملعب أمام الجميع.

* ما الفرق بين الشركات الخاصة والمؤسسات الحكومية من ناحية الإدارة والنجاعة؟

- أنا من أنصار خصخصة المؤسسات، فنحن نغير إداراتنا التنفيذية وقمنا بذلك في السابق. وهذا سهل للشركات الخاصة، ومعاييرنا الكفاءة والمحاسبة، وهذا ما ينقص الاستثمار في قطاع الحكومات العربية. وبريطانيا مثلا قبل ثاتشر مرت بأزمات كبيرة في فترة السبعينات، عندما تعرضت الخطوط الجوية البريطانية وقطاع الكهرباء لأزمة كبيرة وكانت شبه منتهية، لكنهم أنقذوا أنفسهم بالتوجه للخصخصة.
والقطاع الخاص ينجح لأنه لا فرص أو خيارات ثانية أمام المستثمر، ليس مثل الحكومات التي لديها النفط أو الضرائب، أو موارد أخرى قد تختلف مع كل دولة.

* هل يؤثر ما يقع في المنطقة على المستثمرين الأجانب؟

- الفرص دائما موجودة، فالأجانب يرغبون في الوجود في الخليج لكن أصبحوا يبحثون عن وسطاء من أوروبا، خاصة بريطانيا التي يخيرون بالدخول عبرها وهم مهتمون، هناك سيولة لكن تخيفهم القوانين وغياب الشفافية. والوسطاء الذين يبحثون عنهم هم الذين يقدمون خدمات مثل التي تقدمها شركتنا ومثيلاتها في السوق.
لكن نحن في دول الخليج بالتأكيد لا نحتاج السيولة لكن نحتاج الخبرة، وهذا بالتأكيد من أجل تحقيق العوائد، يعني نبحث عن الربح لجميع الأطراف.

* مع كل المستجدات في المنطقة والعالم عموما، هل تتوقعون أزمة جديدة مستقبلا أم عاصفة اقتصادية أخرى قريبا حسب المعطيات؟

- اليوم الأسعار ارتفعت والتاريخ يعيد نفسه عادة، لكن الطرق مختلفة، وما يحدث سياسيا في العالم غير مطمئن، ونعم أنا أنصح الآن بالتريث، والاستعداد للأزمة القادمة لكن هناك فرصا، لكن لا نعلم ما سيحدث، قبل ذلك كانت الأزمة أزمة سيولة، أو رهنا عقاريا، لكن مشكلة الأزمات أنها تأتي من أشياء غير متوقعة.
المؤشرات الحالية تنذر بخطر، هناك تضخم في الأسعار، وما تقوم به البنوك المركزية في مختلف دول العالم لأن أسعار الفائدة انخفضت مقابل تضخم الأصول.. والأخطار متنوعة، ومرتبطة بالسياسة وحتى بالانتخابات ونتائجها التي قد تحدث صدمات في السوق.

والأمر يسير بشكل دائري، فمثلا إذا حدث عمل إرهابي، يمكنه التأثير على آلاف الناس، وننصح بالاستعداد بالسيولة، أو توزيعها بين عدة مناطق، وتنويع الاستثمارات إذا أمكن فهذه العوامل من أهم الوسائل للتعامل مع الأزمة.
font change