فقد ساقيه بحثًا عن الألغام.. ومنحته «البيشمركة» رتبة لواء متقاعد

فقد ساقيه بحثًا عن الألغام.. ومنحته «البيشمركة» رتبة لواء متقاعد

[caption id="attachment_55253760" align="alignnone" width="1020"]هوشيار في مزرعته الخاصة وإلى جواره لغم أبطل مفعوله (المجلة) هوشيار في مزرعته الخاصة وإلى جواره لغم أبطل مفعوله (المجلة)[/caption]

[blockquote]هوشيار: معاركي مع الألغام مستمرة في حقولها.. وهدفي توثيق إجرام الدول التي صدرتها إلى منطقتنا
لُقب بـ«رجل الألغام».. زار اليابان واستقبلته هيروشيما بالورود
[/blockquote]


حلبجة (كردستان العراق) – روشن قاسم:

يتحدث هوشيار إلى «المجلة» التي التقته في حلبجة المحافظة التي استخدم صدام حسين الرئيس العراقي الراحل عام 1988 ضد سكانها السلاح الكيماوي، وسقط نتيجتها آلاف الضحايا، قائلا: «بعد ثلاث حروب مع إيران من عام 1980 من القرن الماضي حتى 1988 وحرب الخليج الأولى عام 1991 وحرب الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا على العراق سنة 2003 أصبح العراق واحدًا من بين أكثر البلدان التي تعاني من انتشار الألغام، وكردستان التي ترتبط حدوها مع إيران، وتركيا، وسوريا، تعد من أكثر المناطق الملوثة بالألغام في العراق».
تعود مهنة «رجل الألغام» إلى 1981، إذ انضم إلى صفوف قوات «البيشمركة»، والكلام لهوشيار: «قررت أن أدخل دورة تدريبية في إزالة الألغام التي راح ضحيتها كثير من أصدقائي من البيشمركة، وأزلت أول لغم في حياتي، اللحظة التي لا يمكن أن أنسى تفاصيلها والثواني التي كانت بمثابة ساعات، إلا أنني عندما اجتزت الاختبار وأزلت اللغم شعرت بسعادة كبيرة، متعة لا تضاهيها أي متعة وهو المتعة نفسها أشعر بها عندما أزيل أي لغم».
ورافقته «المجلة» إلى أحد حقول الألغام، وهناك يستذكر كيف بترت إحدى ساقيه، يقول: «كانت الثلوج تكسو الجبال كان علي أن أمشط طريق البيشمركة، في منطقة بمو شرق السليمانية عام 1989، تحت الصخر كان هناك لغم ملعون، انفجر بي، شعرت بأنني أغرق في بحر من الدماء، وعندما عدت إلى وعيي كنت في مشفى بكرمنشاه في إيران، أحسست بفرق بين الساقين، للوهلة الأولى شعرت أن إحداهما أخف من الأخرى مسرعا أزلت الغطاء عن قدمي بكيت وبكيت كثيرا».

ويضيف: «بمجرد أن تعافيت ذهبت إلى تبريز، وصنعوا لي طرفا صناعيا، ورجعت إلى صفوف البيشمركة. شيء كان يغضبني كثيرا أنني ما عدت قادرا على الركض، رفاقي عندما كنت أرافقهم كانوا دون أن يشعروا يسبقونني أمتارا، ويستدركون متباطئين عندما يشعرون بأن قدرتهم على المشي أضعاف مضاعفة من قدرتي»، مستدركا: «مع اندلاع الانتفاضة عام 1991 ركضت وشعرت أني استرجعت ساقي. نزلنا من مقراتنا في الجبال إلى المدن سبقت الجميع، كنت في الحقيقة أركض لمعرفة مصير أهلي فقد فقدت الكثير منهم في جريمة حلبجة، وعند تحرير كركوك قتلت أمي برصاصة طائشة».
ويشير قائلا: «استمررت في مهمتي، كان الناس الذي هجرهم نظام صدام حسين، من القرى يعودن إليها، لكن شبح الألغام كان يطاردهم، وينال من أطفالهم ومن حيواناتهم، الكثيرون من أهل القرى بدأوا يبحثون عني لأنظف أراضيهم وطرقهم من الألغام، وفي عام 1994 اللغم الذي أكل ساقي الثانية، لم يكن هناك أي سيارة، كان يوجد فقط جرار زراعي وأسعفت إلى السليمانية، وفقدت الساق الأخرى، لم أكن أتصور أنني سوف أستمر بالحياة»، مستدركًا: «منظمة يابانية مختصة بإزالة الألغام سمعت بي، وتأثرت بي، وكنتُ وقتها في أحلك حال، معدوم المعنويات والحال، شرحت لهم وأمددتهم بخريطة الألغام في كردستان، ودعوني إلى اليابان وتم استقبالي من قبل المئات من اليابانيين، استقبلوني بالورود، وزرت هيروشيما وتويوتا، وهناك ألقيت عدة ندوات عن عملي في إزالة الألغام، مدير شركة تويوتا تولى مصاريف صناعة أطراف صناعية لساقيّ وتم تدريبي على القيادة، بقيت في اليابان 12 عاما، والآن أرفع العلم الياباني فوق متحف الألغام الذي لم أنتهِ منه».

[caption id="attachment_55253761" align="alignright" width="169"]هوشيار في بيته (المجلة) هوشيار في بيته (المجلة)[/caption]

ورافقته «المجلة»، إلى منزله الذي حوله إلى متحف لمختلف أنواع الألغام، والذي يقع في قرية بياويلة في منطقة هورامان التابعة لحلبجة، والعلم الياباني فوقه، وهناك، شرح عن أنواع الألغام والصواريخ ذات الرؤوس الكيميائية التي قُصِفت بها حلبجة، كاشفًا: «لقد حاولوا سرقة الألغام، لذا أحطته بالألغام لأحافظ على تلك الألغام، وهدفي هو توثيق إجرام الدول التي لا تجرؤ المؤسسات الحكومية والمنظمات التي تعود لتلك الدول التي صدرت إلينا الألغام الكشف عنها، أوثق إجرام تلك الدول التي قامت بصناعة هذه الألغام؛ لغم إيطالي تسبب في بتر إحدى ساقيّ والآخر أميركي، وغير ذلك هناك ألغام هولندية وسويدية وبريطانية وصينية الصنع.. إلخ، الكل شريك في هذه الجريمة».

ويكشف قائلا عن مواجهته ممثل إيطاليا في اجتماع أممي حضره في العاصمة اليابانية طوكيو، وطلبت الحديث، وخاطبت ممثل إيطاليا: «أنتم صنعتم ألغامًا، وتوجهت إليه كاشفًا عن ساقي، ودمعت عيناه، قلت له: لمَ تدمع عيناك؟ ألم تفكروا بنا قبل صناعتها؟! فقام ممثل فرنسا وقبلني وطلب أخذ صورة تذكارية معي وانتهى الأمر» (متهكمًا)!
وعن أكثر الحالات التي كانت تمثل خطرًا حقيقيا خلال عمله، أجاب: «عندما كنت أزيل لغمًا واللغم كان خاصًا بالمدرعات، وبالصدفة كانت تحته أفعى، كنت وقتها في مواجهة رأسين؛ رأس فيه سم، ورأس آخر فيه إبرة»، ولدى سؤالنا عن النتيجة قال: «ها أنا ذا ما زلت حيا».

مليونا لغم


هوشيار منحته وزارة البيشمركة رتبة لواء متقاعد، يملك سيارة خصوصية عليها صور أنواع الألغام، سيارته معروفة في كل كردستان، وقد قام بتغيير رقم لوحة سيارته إلى (حلبجة - 1) منذ سبعة عشر عاما من دون أن تكون هناك سيارة أخرى تحمل لوحة أرقامها اسم «حلبجة».
ويحتفظ هوشيار بمعظم الألغام والمتفجرات التي فككها في متحفه، ويملك متفجرات، وخلال العامين الماضيين من حرب البيشمركة ضد تنظيم داعش كان هوشيار حاضرًا، وفكك المئات من الألغام والمتفجرات.
ربما كان الخطر على حياة هوشيار أكثر بكثير خلال العامين الماضيين، بسبب قوة نوع الألغام والمتفجرات وكونها أكثر تعقيدًا حتى إن إحصاء لمؤسسة شؤون الألغام يؤكد أن 131 موظفًا وكادرا لمؤسسة شؤون الألغام والمنظمات والشركات ذهبوا ضحايا بين قتيل وجريح ومعاق خلال العامين الماضيين، أثناء إزالة وتقليل آثار الألغام والمتفجرات وبقايا المعارك.
ويعمل هوشيار خارج فرق مؤسسة شؤون الألغام، ولا يريد سوى مساعدة حكومة إقليم كردستان له للقيام بإزالة المزيد من الألغام والمتفجرات ويقول: «سأستمر في عملي هذا حتى آخر يوم في حياتي، ولستُ معاقًا.. المعاق هو من لا يعمل، الذي فقد متعة المحاولة».
هوشيار وبشهادة عدة جهات وأشخاص مقربين منه، وحتى منتقديه، أزال أكثر من مليوني لغم.

وفاء


رزكار أحد المرافقين لهوشيار، يكشف لـ«المجلة» ما تعرض له هوشيار من منظمات ومؤسسات إزالة الألغام ومحاربته، لأن هوشيار اختار العمل تطوعا دون مقابل، في حين أن تلك المنظمات تأخذ على المتر المربع، وبالدولار، لافتًا إلى أنه «عندما طالبته إحدى المؤسسات الحكومية المسؤولة بالتوقف عن إزالة الألغام، خرجت مظاهرات في حلبجة تضامنًا مع هوشيار، وحاول أن ينشئ منظمة، وانتهى من جميع المعاملات الرسمية، إلا أن السلطات في الإقليم لم توافق عليها، بعد أن سماها أمة خضراء».
ويضيف: «ذهبنا إلى بنجوين، منطقة على الحدود الإيرانية، عام 1993، بدأنا بتمشيط المنطقة على طول الأسلاك كلها كانت ظاهرة، والأهالي كانوا يؤمنون بقدرات ونزاهة هذا الرجل فكل عائلة فقدت عزيزًا لها في انفجار لغم، ناهيك بالضحايا من الذين غدوا معاقين، منهم من فقد أطرافًا، ومنهم من فقد السمع، ومنهم من فقد عينه، ومنهم أخو هوشيار، وأزال في بنجوين ما يزيد على 700 ألف، وتكريمًا له سُميت باسمه قرى ومدارس ومسجد ومرافق أخرى»، لافتًا إلى أنه «كان يقضي ساعات وساعات لإنقاذ الحيوانات التي تدخل بالخطأ إلى أحد الحقول، وبعد أيام من حصار الأبقار في الحقل تمكن من إنقاذها، وذاع صيته أكثر وأكثر».
ويتابع: «شارك في كثير من المعارض والمسابقات ولم يتوقف عمله على إزالة الألغام والمتفجرات فحسب، بل حاضر في عدد من المدارس والمعاهد وجامعات الإقليم لنشر التوعية حول الألغام بين الناس، وقد زار مئات المدارس في الإقليم خلال الأعوام الأخيرة».

[caption id="attachment_55253762" align="alignleft" width="300"]سيارة هوشيار تحمل ألغامًا نجح في إبطال مفعولها (المجلة) سيارة هوشيار تحمل ألغامًا نجح في إبطال مفعولها (المجلة)[/caption]

كاك عثمان من أهالي بنجوين، وبالتحديد قرية هوشياري، التي سميت على اسم هوشيار يقول: «تم ترحيلنا من قريتنا عام 1978، وفي 1995 عدنا رغم معرفتنا بأنها ممتلئة بالألغام، ما كان أمامنا سوى الاستعانة بكاك هوشيار، بعد أن سمعنا إنجازاته في هذا المجال عثرنا عليه، وهو وعدنا بتمشيط منطقتنا ومحيط القرية لتعود الحياة إليها. جاء إلينا رغم أنه كان قد فقد ابنه البكر بريز للتو، جاء ووفى بوعده، أزال مليون لغم، كُنت معه في إزالة الألغام، وكانت ساقه ثمنًا لذلك ورفض أي نوع من التعويض. قريتنا كانت كالبله ثم سمينا القرية باسمه. إنه ضحى من أجلنا، وفقد ساقه، وما كنا لنكافئه إلا عن طريق تسمية القرية باسمه، في قريتنا كان هناك ضحايا كثيرة، لقد أزال هوشيار معظم الألغام في مناطق بنجوين وحلبجة وسيد صادق وكرميان وهي أسوأ مناطق كردستان من حيث وجود الألغام».
ويختم حديثه قائلا: «هو رمز للشجاعة عندنا وفي جميع المناطق الكردية، وحتى المحافظات العراقية الأخرى وكل هذا بأدوات بسيطة وبدائية، كيف يحاولون منعه ويعرفون أنه ليس ممكنا وأنا أعرفه جيدًا إنه اختار هذا الطريق. لن يحيد عنه، ونحن معه».

أحاسيس ملتبسة


هناك مؤسسات في الإقليم مختصة في شؤون الألغام تشعر بأحاسيس ملتبسة تجاه هوشيار علي، بعضهم يرى أن عمل هوشيار يعيق عملهم، حيث يصرح أحد مدير فرع إحدى المؤسسات الأجنبية بأنه «حين نذهب إلى حقل الألغام.. ويكون أشخاص قد أزالوا بعض الألغام، وليس كلها، يصبح عملنا أكثر صعوبة وخطورة، لأن محاولاتهم قد تؤثر على طرق لإزالة العملية التي نستخدمها، كما أنه لا يتم بطرق علمية»، ولا يعترفون بالخبرات المكتسبة بل بالأكاديمية، ويقول خبراء إن الذين يعملون في إزالة الألغام منفردين يتعرضون لخطر أكبر، لأنهم لا يستخدمون الأساليب العلمية. لكن ذلك لا يفت في عضد علي الذي يصر على أنه يبلي بلاء حسنا في عمله.
وقد استعاد هوشيار دوره الذي لم يخسره أصلاً، فقد كان أحدث تهديدات «داعش» زرع الألغام الأرضية، إذ يعكف مسلحو «داعش» على تفخيخ الأراضي والمباني بالعبوات الناسفة الارتجالية (IEDs)، وتخلف المئات من الضحايا ويضيفون خطرًا جديدًا إلى المخاطر التي تواجه قوات البيشمركة والقوات العراقية والمدنيين الذين تسيطر «داعش» على مناطقهم، ولم يغب هوشيار عن المشهد في جبهات القتال مع «داعش».
ويقول هوشيار بهذا الخصوص: «هنالك اختلاف كبير بين إزالة الألغام وإزالة العبوات، فإن (داعش) يضع العبوات في منازل، ويستخدم أجهزة بدائية محلية الصنع غالبا تكون بشكل الأدوات ذات الاستعمالات اليومية أو التي عادة تثير فضول من يعثر عليها، والاعتقاد خطأ بأنها أشياء أخرى، (شراك خداعية)، واعتماد أسلوب خداعي، غالبا ما يضعونه تحت المصاحف ملقاة على الأرض فيأتي البيشمركة ويلتقطونها بسبب عقيدتهم الإسلامية، وعند التقاطها تنفجر به، أو أدوات يعرف أن البيشمركة في حاجة إليها، وبالتالي يتركونها لهم، فيلتقطها مقاتل البيشمركة ويكون معبأ بالمتفجرات، ويمكن أن يفقد يده، في أحسن الأحوال هذا إن لم يفقد حياته، يجب وضع الإشارات الخاصة والتوعية في إشارة إلى الأعمدة والأعلام الحمراء التي تستخدمها فرق إزالة الألغام».
وهناك مجموعات، توظفها وكالة كردستان العراق لمكافحة الألغام (IKMAA)، التابعة لحكومة إقليم كردستان، تعمل جنبًا إلى جنب مع البيشمركة.

أرقام


إن القوات العراقية زرعت خلال الحرب العراقية - الإيرانية (1980 - 1988) آلاف الألغام في المناطق القريبة من الحدود الإيرانية. كما زرعت القوات العراقية آلاف الألغام الأخرى لقمع حركة تمرد الكرد ضد النظام في 1991، وهناك مجموعة متبقية من العبوات الكيماوية منذ أواخر القرن الماضي التي استخدمها حزب البعث باستهدافهم قوات البيشمركة ولم تنفجر لغاية الآن.
ويذكر أن العراق هو إحدى الدول الأكثر تلوثًا بالألغام في العالم بسبب عقود من الصراع والنزاعات الإقليمية.
ووفقًا لمرصد الألغام الأرضية التابع للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، تشير الإحصاءات الصادرة في الآونة الأخيرة إلى تلوث ما يقرب من 1838 كيلومترًا مربعًا من الأراضي العراقية بالألغام.
ولكن بفضل تنظيم داعش، أصبحت الألغام الأرضية تشكل خطرًا حقيقيًا مرة أخرى بالنسبة لجميع العراقيين، وليس فقط في كردستان.
وعلى سبيل المثال، فبحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، زرع تنظيم داعش ما يقرب من 3000 عبوة متفجرة من مخلفات الحرب ولغم أرضي في مختلف أنحاء بلدة جرف الصخر بمحافظة بابل قبل انسحابه منها.

[caption id="attachment_55253763" align="alignright" width="189"]جانب من صحيفة يابانية تحدثت عن تجربة هوشيار الفريدة من نوعها جانب من صحيفة يابانية تحدثت عن تجربة هوشيار الفريدة من نوعها[/caption]

وتوجد نحو 12 شركة إزالة ألغام تجارية تعمل في العراق، بما في ذلك بعض الشركات الدولية. ويتم التعاقد مع كثير منها من قبل شركات النفط والغاز لتطهير مناطق الاستكشاف، على الرغم من أن البعض يعمل أيضًا لدى الحكومة استعدادًا لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والحدائق الوطنية.

وعلى الرغم من توفر الخبرات في البلاد لمساعدة السلطات العراقية على إزالة المتفجرات من مخلفات الحرب، فإن الخلاف الطويل الأمد على الميزانية بين بغداد وأربيل يعني أن إقليم كردستان ليس لديه المال الكافي لتحمل نفقات مقاولين جدد، لذا أجلت الكثير من المساحات في كردستان، التي كان مقررًا تنظيفها.
كما أن لدى العراق التزامًا بإزالة جميع الألغام الأرضية بحلول عام 2018، بموجب توقيعه على اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام المضادة للأفراد في عام 2007. وقد بدا هذا الهدف طموحًا لبعض الوقت، وزاد هذا الانطباع الآن بعد زرع الكثير من العبوات الناسفة الجديدة من قبل تنظيم داعش.

وبحسب مصادر رسمية، فهناك نحو 20 مليون لغم زُرِعت في المناطق الحدودية بين العراق وإيران خلال حربهما التي استمرت من عام 1980 إلى عام 1988 منها نحو تسعة ملايين لغم في كردستان وحدها.
وهناك منظمات إيطالية ونرويجية وبريطانية، كل حسب اختصاصه في الألغام، من الإزالة إلى التوعية إلى علاج الضحايا إلى تأهيل الضحايا.
وتشير التقارير إلى وجود 4446 منطقة خطرة تحوي على مقذوفات غير «منفلقة»، و3385 منطقة خطرة تحوي ذخائر حربية متروكة و1682 منطقة خطرة تحوي قنابل عنقودية و1271 منطقة معركة أو مواضع عسكرية تحوي على أعتدة مختلفة، فضلا عن امتداد انتشار الألغام على الحدود العراقية مع إيران التي تبلغ 1200 كيلومتر مربع.
وتتسبب الأمطار والسيول عادة في تحريك التربة وبجرف عدد كبير من الألغام إلى المناطق المؤهلة.

ويرجع تاريخ حقول الألغام إلى الحرب العالمية الثانية، وتتطلب عمليات إزالة الألغام الكثير من الوقت في ظل اتساع رقعة حقول الألغام وغياب الخرائط التي وضعت على أساسها حقول الألغام في أوقات الحروب أو تغير التضاريس، عادة ما تتولى وحدات من المهندسين العسكريين مهام إزالة الألغام، في البداية يتم فتح طريق آمن بفعل كاسحات الألغام.
ثم يأتي دور الفرق الهندسية الفنية التي تقوم بمسح المساحات بعد تقطيعها إلى مساحات منتظمة بأجهزة كشف المعادن والمتفجرات، ويتم التعامل مع الألغام كل على حدة، وهي عملية تنطوي على كثير من الخطورة، إذ إنه في بعض الأحيان تكون الألغام شراك خداعية على شكل لغمين فوق بعضها البعض، ما أن يزال اللغم الأعلى حتى ينفجر الذي أسفله لأنه غير ظاهر، ولذلك فالخبرة مهمة جدًا في هذا المجال والحذر إضافة إلى الالتزام بقواعد السلامة الأمان وارتداء المعدات الوقائية متى توفرت لتقليل الأخطار قدر الإمكان.
ويحتفل العالم سنويًا، في 4 أبريل (نيسان)، باليوم العالمي للتوعية على مخاطر الألغام ودعم المشاريع المتعلقة بمكافحتها.
font change