دراسة: إيران تنفق على الإعلام الأميركي قرابة 950 مليون دولار سنوياً لتحسين صورتها وتشويه دول الخليج

دراسة: إيران تنفق على الإعلام الأميركي قرابة 950 مليون دولار سنوياً لتحسين صورتها وتشويه دول الخليج

[caption id="attachment_55255346" align="aligncenter" width="1024"]طاولة محادثات يديرها تيم روسيرت حول «التحقيقات المشتركة للمخابرات» الخاصة بلجنة سبتمبر مع النائب بورتر غوس، والنائبة نانسي بيلوسي عضوة مجلس الشيوخ، وبوب غراهام، والسيناتور ريتشارد شيلبي، في استوديوهات «بي بي سي» بواشنطن العاصمة عام 2002 (غيتي) طاولة محادثات يديرها تيم روسيرت حول «التحقيقات المشتركة للمخابرات» الخاصة بلجنة سبتمبر مع النائب بورتر غوس، والنائبة نانسي بيلوسي عضوة مجلس الشيوخ، وبوب غراهام، والسيناتور ريتشارد شيلبي، في استوديوهات «بي بي سي» بواشنطن العاصمة عام 2002 (غيتي)[/caption]

اللوبي الأميركي الإيراني يفشل في تسويق تورط السعودية في هجمات سبتمبر الإرهابية




واشنطن: إيلي فواز

نشر الكونغرس أخيرًا الصفحات السرية لتقرير هجمات 11 سبتمبر(أيلول). مرت عليها الصحافة العالمية بكثير من اللامبالاة، أما الصحافة العربية فيمكن القول إنها تجاهلتها. وقد يبدو للمتابع أن الصفحات السرية أدت مهمتها الإعلامية قبل النشر، وهي تشويه صورة الحكم في المملكة العربية السعودية، وممارسة الضغوط عليها من قبل البيت الأبيض، من أجل حملها على تغيير سياستها في الشرق الأوسط.
في المحصلة تلك الصفحات السرية لخص مضمونها مدير الـ(إف ب آي) موللر في جلسة استماع سرية في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) 2002، حين قال إنه يملك أسئلة أكثر بكثير من الأجوبة، محذرًا من القفز إلى الاستنتاجات قبل «أن نعرف أكثر».

تبين فيما بعد أن كل الأسئلة التي طرحت في حينها، كلها إيحاءات عن وجود علاقة ما بين المملكة والقاعدة لم يكن لها أساس.
من دون شك أن الرئيس أوباما كان يعرف تمامًا أن استنتاجات المخابرات الأميركية أكدت أن السعودية ليس لها علاقة بالعملية الإرهابية التي استهدفت برجي التجارة العالمية في 11 سبتمبر عام 2001.
ولكنه على الرغم من ذلك استعمل الرئيس الأميركي نفوذه في الإعلام من أجل زرع بذور الشك في عقول الأميركيين والعالم، حتى حول علاقة السعودية بالإرهابيين الذين نفذوا العملية. ساعد الرئيس أوباما في تغذية تلك الأسطورة في حين كان هو يعيد اعتبار الجمهورية الإيرانية بعد عقود من عزلها من قبل المجتمع العالمي بضغط أميركي.

قصة الضغوطات الأميركية على المملكة العربية السعودية في قضية الصفحات السرية الثماني والعشرين بدأت أولاً في تقرير بثته قناة الـCBS في برنامجها الذائع الصيت «60 دقيقة» توحي بأن الصفحات الثماني والعشرين من تقرير لجنة التحقيق في الكونغرس الأميركي حول هجمات 11 سبتمبر والمحفوظة لدواعي الأمن القومي الأميركي تشير إلى ضلوع المملكة العربية السعودية بالهجمات الإرهابية التي ضربت الولايات المتحدة. وتزامن هذا التقرير التي بثته القناة الأميركية أيضًا مع حكم من محكمة في مدينة نيويورك برئاسة القاضي جورج دانيلز، والتي قضت بتغريم إيران 10.7 مليار دولار لتورطها في أحداث 11 سبتمبر، لتصرف كتعويضات لصالح أسر ضحايا الهجمات، وشركات التأمين المتضررة.
المسؤولون في إدارة الرئيس أوباما ألمحوا إلى أن الرئيس سيمنع في الأشهر الأخيرة المتبقية له في الحكم نشر تلك الصفحات الثماني والعشرين من أجل حماية المملكة العربية السعودية، فيما الرئيس بوش كان برر عدم نشر تلك الصفحات لأسباب تتعلق بالأمن القومي، مؤكدًا أن نشرها يساعد التنظيمات الإرهابية. ومبدأ «حماية المملكة» من قبل الرئيس استعمل عن سابق تصور وتصميم من أجل الإيحاء بأن للمملكة على علاقة ما بالإرهابيين.
التقرير نفسه وقبل اثني عشر عامًا أكد أنه لم يعثر على أية أدلة تشير إلى أن الحكومة السعودية أو كبار المسؤولين قاموا بتمويل فردي لمنظمة القاعدة. وقبل 12 عامًا أيضًا أكد وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل «أن بلاده ليس لديها شيء تخفيه أو تسعى لحجبه»، بل «تؤمن المملكة بأن نشر الصفحات الثماني والعشرين التي لم تنشر، سيمكنها من الرد على أي مزاعم بصورة واضحة وموثوقة، وإزالة أي شكوك حول دور المملكة الحقيقي في الحرب ضد الإرهاب والتزامها تجاه ذلك».
الاتهامات التي صدرت بحق المملكة ليست بجديدة، ولكنها جرت دحضها ببيانات رسمية مستمرة من الرئيس بوش ومسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، خصوصًا وأن أولئك كان لهم معرفة بالحقائق، وأشادوا بالمملكة العربية السعودية كحليف نشط وقوي في الحرب ضد الإرهاب».
بالتزامن مع هذه الحملة على المملكة كشف بن رودز، أحد أقرب المستشارين للرئيس أوباما، أن إدارة البيت الأبيض عملت مع بعض مع المنظمات غير الحكومية وخبراء الانتشار النووي، وحتى صحافيين لحشد الدعم على الاتفاق النووي بين إيران والدول السبع بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. ويضيف أن منظمات مثل بلوفشير ساعدت بالفعل على نشر وجهة نظر البيت الأبيض في الإعلام.


اللوبي الإيراني




دراسة أميركية تقول إن إيران تصرف على الإعلام الأميركي قرابة 950 مليون دولار سنويًا، من أجل تشويه دول الخليج، وتحسين صورتها لدى الرأي العام الأميركي. وهذا فعلاً ما أكده وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، حين قال في مقابلة مع التلفزيون الإيراني: «لدينا جالية كبيرة ومتعلمة في أميركا. يجب اعتبار هؤلاء بمثابة ثروة لإيران، حيث إنهم يستطيعون الدفاع عن مصالح بلادهم. بلاد أمهاتهم وآبائهم. يتوجب عليهم ألا يسمحوا بفرض النظرة العدائية ضد إيران في الولايات المتحدة والمجتمع الدولي».
وتقوم هذه المجموعات بنشاطات مختلفة منها: إقامة ندوات، وإصدار دراسات، وعقد مؤتمرات، ونشر مقالات في صحف أميركية متنوعة، وإقامة صداقات مع باحثين وخبراء أميركيين.
الغالبية العظمى من تمويل هذا اللوبي تأتي من دعم المجتمع المحلي، بينما يأتي جزء من المؤسسات، مثل صندوق بلاوشيرز، التي أنفق ملايين الدولارات للتأثير في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، وهذا ما فعلته إيران ليس فقط من خلال تبييض وتلميع صورتها لدى الرأي العام، ولكن أيضًا من خلال التهجم على خصومها في المنطقة خاصة المملكة العربية السعودية من خلال تسويق فكرة وقوف الأخيرة وراء تمويل «الإرهاب».


حملات إعلامية



بموازاة الحملات الإعلامية الموجهة ضد المملكة قام الكونغرس الأميركي بتمرير قانون حول تمكين عائلات ضحايا 11 سبتمبر من مطالبة المملكة العربية السعودية بتعويضات، وهو سلاح إضافي في يد الرئيس الأميركي أوباما (الذي يستطيع وقف العمل بالقانون)، في ظرف تبدو علاقة البلدين معقدة جدًا. فالخلاف ليس قائمًا فقط حول الاتفاق النووي الإيراني، إنما يشمل الملف السوري، ودور التحالف الإسلامي التي تقوده السعودية في اليمن.
قلة في الولايات المتحدة على سبيل المثال تعرف الدور الذي لعبته السعودية في محاربة الإرهاب، وكيف تعاونت مع الولايات المتحدة من أجل إحباط وتوقيف متطرفين كانوا ينوون القيام بأعمال إرهابية. في هذا الإطار أعلن رئيسا لجنة التحقيق في الكونغرس الأميركي حول هجمات 11 سبتمبر، الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي توم كين وعضو مجلس النواب السابق لي هاميلتون، أن السعودية هي واحدة من أهم أهداف المنظمات الإرهابية، ولذا كانت المملكة العربية السعودية حليفًا للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب؛ وقتل الكثير من الأمنيين السعوديين في معاركهم مع عناصر «القاعدة».
لم يخف يومًا الرئيس أوباما انحيازه للدولة الإسلامية الإيرانية، وهو كما الإيرانيون يستعملون كل الوسائل من أجل تشويه صورة المملكة، وجعلها تتبنى وجهة نظر الرئيس أوباما الغريبة: إنشاء نوع من توازن بين المكون السني والمكون الشيعي يفضي إلى تنافس من دون أن يقوض إلى حرب. نظرية فاشلة حتى اليوم في تأمين هذا التنافس المرجو، فالمنطقة كلها غارقة في حروب لا تبدو نهايتها قريبة.
لذا يبدو من المنطقي الاستنتاج بأن سر الحملات الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية هدفها حملها الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ولكن بشروط إيرانية.
font change