«أطفال المتعة» يغتصبون في لبنان ويقاتلون في سوريا

«أطفال المتعة» يغتصبون في لبنان ويقاتلون في سوريا

حزب «نصر الله» يدفع بالأيتام واللقطاء وأبناء النساء من ضحايا الزواج المؤقت في حروب ولي الفقيه


•العميد المنشق عن النظام السوري أحمد رحال: أبناء المتعة يولدون ويعيشون وهم خارج الحسابات ولا يتم قيدهم في السجلات الرسمية.. وليس لقتلهم تبعات أو تعويض
•قيادي بالجيش الحر السوري: الدفع بأبناء الولادات المكتومة لدى «حزب الله». في ساحات القتال انتهاكا مزدوجا
•3 أصناف من المقاتلين لا يعترف بهم أو لا يشكلون عبئا على إيران في حال قتلهم، وهم الأفغان والباكستانيون وضحايا زواج المتعة في إيران وأفغانستان وباكستان ولبنان
•لجوء «حزب الله»إلى الجنود - الأيتام و أبناء المتعة، كان الحل الأمثل للخروج من معضلة النقمة الشعبية التي قد تلحق به بسبب الخسائر البشرية في حروبه بالوكالة عن إيران
•الكاتب اللبناني فادي عكوم: «حزب الله» دأب على نشر ثقافة زواج المتعة وتجميع الأيتام واللقطاء وأسس المبرات الخيرية لإعدادهم للقتال في فرق خاصة
•أنصار «حزب الله» يبررون انتشار «بيوت العفاف» و«الهيئة الشرعية للمتعة» في لبنان التي يستنكرها كثير من الشباب الشيعي اللبناني بأنها «المخرج الشرعي كي لا يتمكن أعداء الأمة من إيقاع الشباب المقاوم في شباك العمالة من خلال العنصر النسائي»
•دعوات قضائية رفعت بحق عدد كبير من كوادر «حزب الله» وعناصره في المحاكم الجعفرية، من قبل نساء يلجأن إليها لإثبات شرعية أبنائهن.. و محكمة الضاحية الجنوبية هي أكثر تلك المحاكم التي تعج بقضايا زواج المتعة
•المحلل السياسي الإيراني حسن هاشميان: في اعتراف غير مسبوق قال القيادي بقوات الحرس محسن كاظميني متباهيا إن «ثلث مقاتلينا وربع قتلانا في الحرب مع العراق، كانوا من أطفال المدارس»
•وفقا لدراسة أجريت تحت إشراف مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني فإن أكثر من 74 في المائة من طلاب المدارس في إيران لديهم علاقات جنسية تحت اسم (زواج المتعة)..و 220 ألف عملية إجهاض سنويا في إيران ويولد 147 ألف طفل من أب غير معروف

لا بد من أن هناك عدة أشكال تتعلق بالدور الإيراني المتزايد في تكوين وتدريب الميليشيات الطائفية ودمجها في الفوضى المسلحة القائمة بالمنطقة، وتجنيدها لهذا الغرض شيعة العالم، من لبنانين وعراقيين وأفغان وباكستانيين.. إلخ، وجميعها تدخل ضمن الاستراتيجية الإيرانية في نظام الحرب بالوكالة، فقد أثبتت التجربة التاريخية منذ ثمانينات القرن العشرين فعالية هذه الاستراتيجية، وقدرة إيران على خلق معارك «مقدسة» وفق أجندة دينية وسياسية تتقاطع أحيانا مع منظومة غير الإيرانيين الفقهية، حتى وإن مسخت القيم الاجتماعية لتلك البلدان.

 

أبناء المتعة في جبهات القتال




«يولدون ويعيشون ويموتون وهم خارج الحسابات، هم أبناء المتعة في جبهات القتال، لا أم ولا أب.. لا أهل ولا عشيرة، ليس هناك من يسأل عنهم.. هم الخسائر الأقل تكلفة على الإطلاق.. ليست هناك تبعات أو تعويض، ويعتبرون ورقة رابحة في ساحات القتال».. الكلام للعميد الركن أحمد رحال، القيادي في الجيش الحر، وكثر مثله قادة ميدانيون في الجيش الحر لطالما كانوا يتساءلون: من هؤلاء القتلى المكتومون من «حزب الله»؟ لا يتم الإعلان عن مقتلهم، إلى أن اكتشفوا، وقبلهم العميد أحمد رحال، أنهم أبناء الولادات المكتومة لدى «حزب الله».
العميد المنشق والمحلل الاستراتيجي لدى الجيش الحر أحمد رحال، وفي تصريحات لـ«المجلة»، يسلط الضوء على قضية هي الأخطر من نوعها بوصفها انتهاكا مزدوجا لحقوق الطفل.. يقول رحال بهذا الصدد: «عند تشريع زواج المتعة، الذي في كثير من الأحيان تكون نتيجته طفل ضحية لا ذنب له، ولا يسجل في السجلات الرسمية ولا يعترف الأب به، وثانيا يتم استغلال هؤلاء الأطفال في الحروب»، موضحا: «لقد اكتشفنا أن (حزب الله)، وفيما بعد إيران، يستغلون، إلى جانب الأطفال الأفغان والباكستانيين، الأطفال نتاج زواج متعة، ففي العامين الأولين من عمر الثورة لم تكن لدينا معلومات عمن يتم استغلالهم في حرب (حزب الله) وإيران في سوريا، وبالنسبة للأسرى لم يكن يهمنا ما أصل وفصل الأسير. ما كان يهمنا أن يتم تبادله مع أسرانا لديهم، ولكن لاحظنا فيما بعد وعند الإعلان عن قتلى (حزب الله) وإيران، نجد أن الأعداد التي يتم إعلانها بعد تشيعها في إيران والجنوب اللبناني، أقل كثيرا، وما يتم إعلانه هم ضباط دون أي ذكر للجنود».
ويوضح: «بالمفهوم العسكري مثلا إيران تعلن عن مقتل 4 ضباط، وعندما تقول 4 ضباط يجب أن يكون معهم على الأقل نحو 20 عسكريا، لأنه ببساطة لا يقاتل الضباط جنبا إلى جنب، بل الضابط يقود مجموعة عساكر. إذن كيف يقتل 4 ضباط ولا يقتل معهم أي من العساكر؟ لأن الذين يقتلون هم من أبناء المتعة، ولا يعترفون بهم، وهذا ما أكدته لنا المعارضة الإيرانية».

ويضيف: «في البداية لم يكونوا أيضا يعلنون عن قتلاهم من الأطفال الأفغان والباكستانيين، إلا أنه في معركة خان طومان في حلب حيث تكبد الإيرانيون و(حزب الله) خسائر فادحة بعد هروب جيش الأسد، وفتحت ثغرة استغلها الجيش الحر ودخلوا تلك المناطق وقتلت أعداد كبيرة منهم، تأكدنا من أرقام القتلى من المآتم وتشييع القتلى الذين غالبيتهم كانوا أفغانا في طهران، واضطر خامنئي إلى أن يزور الأهالي الأفغان بنفسه، ويبتزهم ويرشوهم بالجنسية الإيرانية، إلا أنه قبل تلك الحادثة قلما يتم ذكر أو تشييع القتلى من الأفغان والباكستانيين، فقبل 3 سنوات كانت إيران تستغل الأطفال من أبناء المتعة والأفغان في القتال بسوريا. إذن ليس فقط أبناء المتعة من لا يعترف بهم (حزب الله) وإيران؛ إنما أيضا المقاتلون الأجانب، ومنهم 15 ألف أفغاني في (لواء فاطميون)، وألفا باكستاني في (لواء زينبيون).. هؤلاء أيضا قلما كانت تعلن إيران عنهم في حال مقتلهم»، لافتا: «بمجرد أن يقتل واحد من هؤلاء المقاتلين الأجانب، ينتهي أمره، ولا تتكفل الدولة بإعالة أهله أو تصرف لهم رواتب، ويعاملون معاملة مرتزقة، رغم أنهم ضحايا فكر التشيع والبروباغندا الشيعة التي أطلقها (حزب الله) وإيران لحماية المراقد والحسينيات في سوريا».
ويرى رحال أن هناك «3 أصناف من المقاتلين لا يعترف بهم أو لا يشكلون عبئا على إيران في حال قتلهم، وهم الأفغان؛ مثلا (لواء فاطميون)، والباكستانيون؛ مثلا (لواء زينبيون)، وأبناء المتعة؛ وهم ضحايا زواج المتعة في إيران وأفغانستان وباكستان ولبنان. لذلك نحن نقول إن من يتم الاعتراف بهم من قبل إيران و(حزب الله) لا يشكلون أكثر من 20 في المائة من الأعداد أو الرقم الحقيقي لخسائرهم البشرية في سوريا».

 

لبنان.. ضجيج المحاكم الجعفرية




يؤكد الصحافي والكاتب اللبناني فادي عكوم، معلومات العقيد الركن أحمد رحال، ويقول في حديث لـ«المجلة»، إن «حزب الله» ومنذ نشأته عسكريا في لبنان خلال عامي 1983 و1984، دأب على نشر ثقافة «الشهادة»، من خلال استغلاله الشعارات الدينية إلى أقصى درجة، بالإضافة طبعا إلى نشر ثقافة زواج المتعة، وهي من الثقافات الدينية الدخيلة على المجتمع اللبناني، كما أن تشجيعه العناصر المنتسبة لصفوفه على الزواج وبشكل لافت مرده إلى توسعة قاعدته الشعبية المبنية على الأفكار الجديدة الدخيلة، وتحويل جزء كبير من اللبنانيين إلى آلات تنفذ الأوامر لا أكثر، وهو أمر مشابه لما يقوم به «داعش» في مناطق سيطرته من حيث تشجيع الزواج؛ «بل ودعم زواج مجنديه ومجنداته للإنجاب، ليتم بعدها إعداد (الجيل الجهادي الجديد) الذي لا يعرف شيئا إلا أوامر أمراء التنظيم، وهي حال آلاف الشبان اللبنانيين نفسها، الذين لا يعرفون إلا أوامر الولي الفقيه الواردة من إيران والمنقولة عبر الأمين العام للحزب».

ويتابع عكوم: «الحزب منذ تأسيسه دأب على تجميع الأيتام والفقراء واللقطاء، وأقام الكثير من دور الأيتام تحت اسم (المبرات الخيرية)، حيث يتم إعداد الأطفال فكريا وجسديا، ليتحول من لا أهل له منهم إلى جنود في الفرق الخاصة في الحزب، وقد تم إنشاء كثير من دور الأيتام والمراكز الخاصة السرية في منطقة الضاحية الجنوبية ضمن المربعات الأمنية وبعض المناطق في البقاع، التي تضم الأطفال الذين تم إنجابهم فقط ليكونوا جنودا للحزب، فهؤلاء الأطفال ليسوا مدرجين في السجلات المدنية الحكومية في لبنان، بل توجد لهم سجلات لدى قيادة الحزب فقط، وهؤلاء يعدون ثمرة العلاقات التي تم الترويج لإقامتها تحت ستار ديني باسم (زواج المتعة)، حيث إن الصيغة الدينية والشرعية تغطي هؤلاء الأطفال ويعتبرون من قوات النخبة لدى الحزب، أولا بسبب التدريب الخاص الذي تلقوه في لبنان وإيران، وثانيا لأنهم يشكلون رأس الحربة التي يدخل بها الحزب حروبه دون أن تتأثر قواعده الشعبية بالخسائر البشرية».

[caption id="attachment_55255636" align="aligncenter" width="1024"]فتاة شيعية لبنانية تحمل صورة حسن نصر الله خلال احتفال الحزب ببلوغ بناته سن البلوغ الجنسي وارتداء الحجاب (غيتي) فتاة شيعية لبنانية تحمل صورة حسن نصر الله خلال احتفال الحزب ببلوغ بناته سن البلوغ الجنسي وارتداء الحجاب (غيتي)[/caption]

ويتابع: «في سوريا، وطبقا لتسلسل الأحداث، فإن (حزب الله) بدأ تدخله العسكري أولا من خلال بعض فرق القناصة التي انتشرت في المناطق التي كانت تشهد توترات أمنية أو مظاهرات يعجز عن قمعها جنود الجيش السوري النظامي، وبعدها تم إرسال بعض المجموعات العسكرية النظامية (أي الفئة التي تشكل الجيش النظامي للحزب)، وخلال هذه الفترة تم إرسال الجنود - الأيتام بسبب الخسائر الكبيرة التي بدأت تعصف بكثير من عناصر الحزب، خصوصا في معارك القلمون وحلب ودمشق، إلى أن فتح باب التطوع للقتال مقابل مبالغ مالية تصل شهريا إلى 500 دولار أميركي، حيث تم استيعاب مئات الشباب اللبنانيين العاطلين عن العمل من الطائفة السنية والشيعية على حد سواء، كما سمح خلال هذه الفترة بتطوع ميليشيا الحزب، وهي القوى غير النظامية كما سلف».

ويلفت إلى أن «حجم الخسائر التي مني بها (حزب الله) منذ اندلاع الأحداث في سوريا لا يتناسب أو يتطابق مع المعارك التي خاضها وخسر خلالها كثيرا من المواقع، كما لا يتطابق مع عدد العناصر الذي تم الإعلان ولو بشكل نادر عنه، مع الإشارة إلى وجود العشرات من المقابر الجماعية لجثث قتلاه في مناطق متفرقة من المناطق السورية التي تعتبر من خطوط التماس بين القوات النظامية و(حزب الله)، والجماعات المسلحة المعارضة، وبالتالي، فإن اللجوء إلى الجنود - الأيتام، أو أبناء المتعة، كان الحل الأمثل والسحري للخروج من معضلة النقمة الشعبية التي قد تلحق به بسبب الخسائر البشرية، فالعشرات أو ربما المئات ممن ماتوا خلال قتالهم ضمن صفوف الحزب، من هذه الفئة التي لا يعلم عنها شيء من الأساس، ولا قيود مدنية عليهم ولا أهل يكشفون موتهم»، منوها بأن «حزب الله» وقبل بدء الأزمة السورية، شكل مجموعات عسكرية في جميع القرى والبلدات التي له وجود فيها، وأصبحت هذه المجموعات على قدرات قتالية عالية بسبب الدورات التدريبية التي يخضع لها عناصرها، وقد تمت الاستعانة بكثير من هذه العناصر في العمليات المتنوعة؛ بدءا من العمليات الاستخباراتية والتجسسية لصالح الحزب، بالإضافة إلى الأعمال التجارية الشرعية وغير الشرعية التي تعد من موارد الحزب الأساسية، وصولا إلى إرسال بعضهم إلى سوريا؛ إما للمشاركة في القتال بشكل مباشر، أو لتأسيس «حزب الله السوري» على الطريقة اللبنانية، من خلال نشر ثقافة الولي الفقيه الدينية بالتزامن مع نشر ثقافة القتال، وبدأت فعلا مجموعات «حزب الله السوري» في الظهور بالمناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام.

وكانت صحف لبنانية ومرات عدة دقت ناقوس الخطر الذي يهدد المجتمع اللبناني بنشر ثقافة زواج المتعة وانتشار «بيوت العفاف» و«الهيئة الشرعية للمتعة» في لبنان، التي يستنكرها كثير من الشباب الشيعي اللبناني، سواء في الجنوب أو الضاحية الجنوبية، ولكن يبررها أنصار «حزب الله» بأنها «المخرج الشرعي كي لا يتمكن أعداء الأمة من إيقاع الشباب المقاوم في شباك العمالة من خلال العنصر النسائي»! وأنها جاءت بناء على طلب من الولي الفقيه خامنئي، وبالتالي تصبح ملزمة حكمًا لأتباع الولي الفقيه في العالم، وبطبيعة الحال لبنان.
وكانت تقارير أشارت إلى دعوات قضائية رفعت بحق عدد كبير من كوادر الحزب وعناصره في المحاكم الجعفرية، من قبل نساء يلجأن إليها لإثبات شرعية أبنائهن بعد تهرّب عدد كبير من هؤلاء الكوادر والعناصر، وأن محكمة الضاحية الجنوبية هي أكثر تلك المحاكم التي تعج بقضايا زواج المتعة؛ إذ لا يمر يوم واحد من دون دعوى تتعلق بهذا الزواج،، وغالبا ما تتدخل قيادة «حزب الله» لإسقاط الدعاوى بحق عناصرها، وفي بعض الأحيان يتم التوصل مع الضحايا من النساء إلى صفقة؛ وهي عبارة عن دفع تعويضات مالية جيدة مقابل إجهاضهن.
وبحسب المعلومات فإنه دائما هناك حالات ولادة تتم عن طريق زواج المتعة من دون أن تتمكن أمهات الأطفال من انتزاع اعتراف ولو خطّي من الآباء الفعليين، بحسب مقترحات قضاة شيعة في المحاكم الجعفرية، ليتحول هؤلاء الأطفال مستقبلا إلى أطفال حروب.

 

إيران.. أطفال الحروب




وفقا للمعاهدات الدولية ومنظمات الدفاع عن حقوق الأطفال، فكل شخص تحت الثامنة عشرة من العمر يشارك في الحرب، مهما كان دوره؛ يحمل السلاح أو يوزع رسائل الجنود، يعد من «مجموعة أطفال الحروب» وتمنع الدول بتاتا من اتخاذ مثل هذه الإجراءات.
ولكن دولة الفقيه في إيران منذ تأسيسها، فرضت نفسها خارج هذه المعاهدات، والأطفال كانوا من أهم ضحاياها في الحروب التي خاضتها وما زالت تخوضها في المنطقة، حسب رأي المحلل السياسي الإيراني الدكتور حسن هاشميان، الذي أوضح في تصريحات مع «المجلة» أن «الطفل في حروب الولي الفقيه له حيز أساسي، ومنذ البداية عملت الدعاية الحربية الإيرانية على صناعة رمز من طفل عمره 13 عاما ويدعى (حسين فهميدة)، قد قُتل إبان الحرب العراقية - الإيرانية في عام 1980 دون أن توثق ملابسات مقتله بشكل شفاف، وبينما كانت الدعاية الرسمية تقول إن حسين حينما شاهد الدبابة العراقية تزحف باتجاهه، حمل المتفجرات ورمى بنفسه عليها، روى أحد أقرباء حسين الذي كان يدرس في الجامعة نفسها معنا في الثمانينات في طهران، رواية مناقضة لما تروجه البروباغندا الإيرانية حول قصة مقتله، حيث مات هذا الطفل بسبب حادث.. دهسته إحدى العربات العراقية»، مستدركا: «لكن الخميني ونظامه في تلك الفترة كان في أشد الحاجة إلى قصة بطولية مثل قصة حسين، تهدف إلى تجنيد الأطفال وإرسالهم إلى جبهات القتال. لذلك خاطب الخميني الإيرانيين بقصة حسين وهتف باسمه وقال عبارة معروف بحقه، بقيت مرسومة على جدران المدارس طيلة الحرب العراقية - الإيرانية وهي: (قائدنا الحقيقي ذلك الطفل الذي رمى بنفسه أمام الدبابة وفجرها)».

ويتابع هاشميان: «على أثر هذه الدعاية، أنشأ الخميني منظمة (باسيج طلاب المدارس) وعممها في كل أنحاء إيران، خصوصا المناطق الريفية. بهذه الخطة نجح الخميني في تجنيد آلاف الأطفال وإرسالهم إلى الجبهات»، مضيفا: «في اعتراف غير مسبوق، قال محسن كاظميني، قائد (فيلق محمد رسول الله) التابع لقوات الحرس في إيران، متباهيا إن (ثلث مقاتلينا وربع قتلانا في الحرب مع العراق، كانوا من أطفال المدارس)».
ويشير المحلل السياسي الإيراني إلى أنه «وفقا للإحصاءات الرسمية في إيران، فإن عدد قتلاهم أثناء الحرب الإيرانية - العراقية تجاوز 224 ألف شخص، وطبقا لهذه الإحصائية وما قاله كاظميني، فإن 56 ألف طفل إيراني شاركوا في الحرب بوصفهم مقاتلين، قد قُتلوا في الحرب الإيرانية - العراقية، وهناك كثير من هؤلاء الأطفال تم أسرهم على يد القوات العراقية، حيث بث التلفزيون الفرنسي تقارير مصورة عنهم في مهاجعهم داخل السجون العراقية في الثمانينات من القرن الماضي».
وعن استغلال النظام الإيراني أطفال المتعة في حروبه، يفيد هاشميان بأنه «وفقا لدراسة أجريت تحت إشراف مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني على 141 ألفا و555 طالبا وطالبة في مدارس إيران، وبالتعاون مع وزارة التعليم، سُربت مضامينها من خلال تبادل الرسائل السرية بين الإدارتين ونشرت على المواقع الخبرية ومن بينها موقع (تابناك) المتعلق بمحسن رضائي قائد الحرس السابق والأمين العام الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام، فإن أكثر من 74 في المائة من طلاب المدارس في إيران لديهم علاقات جنسية يتم قسم كبير منها تحت اسم (زواج المتعة)، وليس من المستغرب أن تتم 220 ألف عملية إجهاض سنويا في إيران، ويولد 147 ألف طفل من أب غير معروف».

[caption id="attachment_55255647" align="aligncenter" width="1023"]احتفالية لنساء «حزب الله» (غيتي) احتفالية لنساء «حزب الله» (غيتي)[/caption]

ويعتقد هاشميان أن «هذه الإحصاءات الدامغة تشير إلى أن التركيبة السكانية في إيران تتغيّر، وعدد الأولاد غير الشرعيين آخذ في الازدياد، ويمكن تقييم هذه الظاهرة الاجتماعية من جوانب مختلفة، وفي عالمنا اليوم وفي بعض المجتمعات لا حرج عليها، ولكن في إيران العمائمية كان لديها مخطط يشمل (أولاد المتعة) للتجنيد والدفاع عن بشار الأسد، بعد أن رفض المواطنون الإيرانيون الذهاب إلى سوريا، وبعد محاولات الشيعة الأفغان الهروب من إيران إلى أوروبا».
ويكشف عن أنه «في الآونة الأخيرة، وبعد تعدد جبهات علي خامنئي وجنراله المدلل قاسم سليماني في سوريا واليمن والعراق ولبنان، وانحسار المتطوعين الإيرانيين للذهاب إلى جبهات القتال خارج حدود الوطن، أعاد الولي الفقيه قصة حسين فهميدة وتجنيد الأطفال، وأمر بإنتاج فيلم كرتوني عن حسين وبطولاته المزعومة وبثه بشكل واسع على شاشات التلفزة بغية تشجيع طلاب المدارس على الذهاب إلى سوريا ومناطق أخرى من النزاعات القائمة»، مستدركا: «لكن في ظل تنوع وسائل الإعلام الحالية بالمقارنة مع زمن الخميني وعدم تمكين الولي الفقيه الجديد من غسل أدمغة طلاب المدارس كما كان يفعل الخميني، فشل علي خامنئي في استقطاب طلاب المدارس والزج بهم في حروبه القائمة في المنطقة. على هذا الأساس اضطرت قيادات الحرس إلى توظيف الأفغان والباكستانيين والعراقيين واللبنانيين في حروبهم القائمة ضد العرب والمسلمين في الشرق الأوسط، وهناك من تحدث عن تجنيد عدد كبير من الأطفال الأفغان في ثكنات ورامين جنوب العاصمة طهران واستغلال البؤس الذي تعيشه أسرهم داخل إيران».

ويشير إلى أنه «في السابق، دولة الولي الفقيه كانت تعتم على تشييع جثامين هؤلاء الأفغان في الصحف ووسائل الإعلام، لكن في الأشهر الماضية وبأوامر من خامنئي وتوصيات من بعض قادة الحرس وكمكافأة على حضورهم في الجبهات ولتشجيع المجموعات الأخرى من الأفغان على الذهاب إلى سوريا مجددا، أصبح التشييع في العلن جزءا من التعويضات التي سيحصلون عليها».
وكان البرلمان الإيراني أقر في مايو (أيار) الماضي مشروع قانون يمنح الجنسية الإيرانية لزوجة وأبناء ووالدي المقاتلين غير الإيرانيين الذين قضوا خلال الحرب الإيرانية العراقية (1980 - 1988)، ورغم ذلك، فإن 60 في المائة من قرابة 3 ملايين أفغاني في إيران يفضلون الخروج منها، حسبما صرح وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا فضلي.

 

العراق ليس بمنأى




وعلى الجانب الآخر من الحدود، ورغم أن الغالبية الكبرى من العراقيين لا يتبنون ولاية الفقيه، فإن العلاقة بينهم وبين النظام الإيراني كان ينظر إليها طائفيًا، باعتبار أن بين البلدين مصيرًا مشتركًا، وقد تغيرت النظرة اليوم، وبعكس ما كان يعتقد البعض من أن العراق سوف يكون بمنأى عما يهدد بنيته الاجتماعية، فإن العلاقة بين البلدين تعدت المصير المشترك، إلى أزمات اجتماعية مشتركة، ومن ضحاياها «أطفال المتعة».
بشرى يوناد، من «جمعية أمل العراق»، تؤكد في حديث مع «المجلة» على أن «انتشار (بيوت العفة) أو ما يعرف بـ(زواج المتعة) ظاهرة دخيلة على المجتمع العراقي، رغم أنها كانت في زمن النظام السابق، ولكن هذه الحالات كانت تعد على الأصابع، والمشكلة الحقيقية بدأت بعد السقوط والاحتلال الأميركي للعراق. سابقا القوانين كانت تمنع منعًا باتًا مثل هذه الزيجات، لاحقًا وبعد سقوط النظام السابق، بدأت مكاتب التزويج الشيعية، خصوصا في المناطق المقدسة لدى الشيعة، تروج لمثل هذا النوع من الزيجات، خصوصا مع حملات ترويجية كبيرة يقوم بها معممون ورجال دين، وبدأت تضيق دائرة من يرفض هذا الزواج نتيجة الأزمات المتلاحقة التي مر ويمر به العراق؛ الاقتصادية والسياسية والطائفية والبطالة.. وغيرها».
وتتابع الناشطة المدنية قائلة إن «رجال الدين شجعوا هذه الظاهرة بمبرر عزوف الشباب عن الزواج من جهة، ومن جهة أخرى عدم وجود عمل جعل الآباء يدفعون بناتهم إلى زواج المتعة؛ وحتى القاصرات منهن، وفي حال حدوث حمل، فإن الطفل الذي يولد لا يسجل في السجلات المدنية العراقية، وليس لديهم أي حقوق أو واجبات، فينشأ الطفل لقيطا، وعادة هؤلاء الأطفال يتركون للشارع أو يستغلون من قبل عصابات إجرامية أو جماعات متطرفة، أو يتم استغلالهم في الحرب وتجنيدهم في الفصائل المقاتلة»، منوهة بأنه «في النهاية هذا الطفل لا يسجل في المدرسة، لأنه لا يملك أي مستمسكات؛ لا هوية، ولا شهادة جنسية.. الأب لا يعترف به، والأم لا حول لها ولا قوة، وفي كثير من الأحيان تكون قد استغنت عنه في مرحلة الخدج، وليست هناك تنشئة اجتماعية، والعراق أصلا يفتقر لمراكز كهذه».

[caption id="attachment_55255640" align="aligncenter" width="1050"]أطفال ينتمون لما يسمى بحزب الله خلال عرض عسكري في سوريا (غيتي) أطفال ينتمون لما يسمى بحزب الله خلال عرض عسكري في سوريا (غيتي)[/caption]


وتدق بشرى ناقوس الخطر قائلة: «هناك حالات لا تعد ولا تحصى من زيجات المتعة في العراق، وهناك مكاتب علنية لزواج المتعة في بغداد والمحافظات الشيعية، ففي منطقة بغداد الجديدة ومنطقة الكرادة تجد مكاتب عليها لافتة كبيرة مكتوبا عليها: (زواج متعة)، (مكتب شرعي)، ويجلس فيه عادة رجل دين أو (السيد)، كما يسميه الشيعة، الذي يتولى عقد زواج المتعة، ويمكن لأي شخص أن يقصد هذه المكاتب لعقد زواج متعة مقابل عمولة للمكتب وأجر يتفق عليه للشهود وأجر المرأة التي سيعقد عليها»، مشيرة إلى أن «مكاتب زواج المتعة تشهد إقبالا كبيرا ومن مختلف الشرائح والفئات والأعمار، وحتى في الجامعات العراقية»، مستدركة: «لكن الإقبال الأكبر يكون في الأماكن التي تشهد سياحات دينية، مثل الكاظم أو في النجف، أو في كربلاء التي يقصدها إيرانيون وأفغان وباكستانيون وغيرهم من أبناء الطائفة الشيعية في العالم، ويأتون ويتزوجون زواج المتعة من النساء والفتيات العراقيات، والأجر هناك عادة يكون بالدولار».
وتؤكد أن أعدادا كبيرة من الأطفال هم ضحايا زواج المتعة، وأن هذه الأعداد غير معروفة، ورغم مطالبات منظمات وجمعيات حقوقية، فإن الحكومة لا تلقي بالا لهذا الخطر، مضيفة: «لقد بتنا اليوم أمام ظاهرة كارثية. هناك العشرات من صفحات (فيسبوك) المخصصة لهذا النوع من الزواج، بل الأكثر من ذلك - بسبب زواج المتعة - نحتاج إلى أن تقف الدولة العراقية موقفًا حازمًا إزاء هذا النوع من الزواج، فحتى لو حللته كل الشرائع، فأعتقد أن الأخلاق ترفضه».
وتختتم حديثها مع «المجلة» محذرة: «هؤلاء الأطفال كانوا يستغلون سابقا من قبل جماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة، ويتم استغلالهم الآن وبشكل ممنهج ضمن الميليشيات العراقية المقاتلة، ويرسلون إلى سوريا للقتال، أي إن الأطفال يعنفون مرتين؛ مرة عندما تتم شرعنة زواج لا يضمن لهم أي حقوق لدى الدولة، وثانيا عندما يولدون ويجدون أنفسهم في الشارع وأبناء غير رسميين في دوائر الدولة وسجلاتها، وإذا استمرت الحال على ما هي عليه، فإننا سوف نكون أمام جيوش من ضحايا المتعة يزج بهم في حروب ليست حروبهم».
وبداية العام الحالي، قامت مؤسسة إيرانية، ولأول مرة بشكل علني، بافتتاح فرع لها في العراق لزواج المتعة المؤقت، لتشجيع الرجال والنساء على إقامة هذه العلاقات، مع توفير أماكن لذلك مقابل أجور مالية محددة.
وأعلنت «جمعية طريق الإيمان الخيرية» بدء نشاط فرعها في العراق من خلال إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف، بعد حصولها على الموافقات الرسمية لممارسة نشاطها في المدن العراقية.
وتشير عناوين المؤسسة على الإنترنت إلى أن الفرع الرئيسي للمؤسسة موجود في مدينة مشهد في إيران وأن لها فروعا في العراق وتركيا والبحرين.

 

إيران.. تصدير المتعة




«بيوت العفة» كانت موجودة في عهد الشاه السابق، ثم توقف عملها بعد الثورة، والرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني كان أول من طرح فكرة إيجاد «بيوت العفة» أو مراكز الزواج المؤقت بعد الثورة، وذلك عام 1991.
الصحافية الإيرانية مينا شهرامي في حديث سابق لها مع المجلة، رأت أن «إيران بدل أن تصدر الثورة، صدرت زواج المتعة لدول الجوار، محدثة أخطر أزمة في البنية الاجتماعية في تلك الدول»، موضحة: «وفي عام 1993 أقدمت وزارة الداخلية الإيرانية على الإعداد لمشروع يحمل عنوان: مشروع تنظيم النساء الخاصات والمتعة، وفي عام 1994، قامت مجموعة تطلق على نفسها اسم (الجماعة الإسلامية للناصحين) في قم بكتابة مسودة مشروع للمرة الأولى يحمل اسم (بيوت العفة)، وأرسلته إلى مجموعة كبيرة من العلماء ورجال الدين في مواقع سياسية فاعلة، وبحسب المشروع، فإن (بيوت العفة) المقترحة ستعرض على الراغبين في الزواج بطريقة المتعة، الزواج المؤقت من النساء والرجال، وتسهيلات تشمل إجراء الزواج للمدة التي يتفق عليها (الزوجان) من ساعة واحدة، إلى 99 سنة، ومنح (الزوجين) ترخيصًا رسميًا لحجز الغرف في الفنادق، وتشرف على هذه البيوت هيئات تتألف كل واحدة منها من أحد أئمة المساجد. ويدفع الراغب مكافأة رمزية كمساهمة في تغطية تكاليف إدارة البيوت»، متابعة: «وهذا ما يحدث أيضا في مكاتب زواج المتعة في لبنان والعراق وأفغانستان.. ودول أخرى، لكنها سرية حتى الآن في بعض الدول».

وتلفت إلى أن «هذه البيوت الآن تتمتع برعاية رسمية من السلطات الإيرانية، وتلقى دعمًا كاملاً من المؤسسة الدينية والتيار المحافظ في إيران، رغم ما تعتبره منظمات حقوق المرأة انتهاكا صارخا لحقوق المرأة، وأنها تهدد مكونات المجتمع الإيراني، وهذه الاستمارات لا تشترط أن يكون الراغبون من مذهب واحد فقط، فإن المذاهب الأخرى أيضًا بإمكانهم أن يقدموا على هذا النوع من الزواج، والاستمارة ورقة تتضمن خانة اسم الزوج والزوجة والمبلغ المتفق عليه ومدة الزواج». وتشير إلى «تفاقم مشكلة اللقطاء في ظل انتفاء الحلول، لأسباب دينية أو قانونية أو اجتماعية، فيترك الطفل في الطرقات لقيطا، مما أدى إلى ازدياد عدد اللقطاء بشكل ملحوظ، نتيجة عدم اعتراف المتمتعين بأبنائهم من الزواج الوقتي، لعدم وجود ما يثبت نسب الأطفال إليهم، ويسمونهم (نسل المتعة)»، مشيرة إلى أن «السلطات وحتى (بيوت العفة) لا تكفل رعايتهم أو إعطاءهم أي ثبوتيات شخصية لمتابعة حياتهم والدراسة والتوظيف، فيما يتم استغلال غالبيتهم حاليا في حروب ولي الفقيه».

[caption id="attachment_55255638" align="aligncenter" width="1024"]احتفالية بلوغ بنات «حزب الله» (غيتي) احتفالية بلوغ بنات «حزب الله» (غيتي)[/caption]
 
font change