توماس كين: موقف السعودية الصارم ضد الإرهاب مشجع جداً

عيّنه بوش رئيساً لـ«لجنة 11/ 09»... وأصدر تقريراً جديداً عن الأحداث ومكافحة «داعش»

توماس كين: موقف السعودية الصارم ضد الإرهاب مشجع جداً

[caption id="attachment_55261402" align="aligncenter" width="1024"]الحاكم توماس كين الحاكم توماس كين [/caption]

واشنطن: جوزيف براودي
 

- الأميركيون يريدون العمل مع العرب والمسلمين لمواجهة تهديدٍ مشترك.
- تتطلب مكافحة الإرهاب قيادة حقيقية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتحقيق النجاح.

 


بعد ستة عشر عاماً من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، نجت الولايات المتحدة من عمل إرهابي مماثل، ولكن التهديد العالمي الذي يشكله منفذو هذه الهجمات الذين ينحدرون من مختلف البلدان تحت عباءة الإسلام قد انتشر. ومن بين المراقبين التواقين للخوض في تطور الإرهاب هو حاكم نيوجيرسي السابق توماس كين. وعقب المأساة التي وقعت في 11 سبتمبر، ووسط مطالبة شريحة واسعة من الأميركيين بالقيام بتحقيق مستقل عن أسباب تلك الهجمات، قام الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش بتعيين كين رئيساً لـ«اللجنة الوطنية حول الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة» التي أصبحت تعرف باسم «لجنة هجمات 11/ 09». وبالشراكة مع عضو الكونغرس الديمقراطي لي هاملتون، أشرف السياسي الجمهوري كين على مشروعٍ بحثي ضخم انتهى بتقريرٍ كبير عن الفترة التي سبقت الهجمات وفشل أجهزة الأمن والاستخبارات الأميركية لمنعها. كما قدم التقرير 41 توصية لإجراء تغييرات في السياسات والحوكمة – بالاستناد إلى الدروس المريرة – والتي حظيت جميعها بتأييد من كلا الطرفين الأميركيين وتم تنفيذ معظمها بالفعل منذ ذلك الحين.
بعد عقدٍ ونصف العقد من نشر التقرير، اجتمع كين وهاملتون مرةً أخرى وعينا فريق عمل من الخبراء لإعداد تقريرٍ جديد عن الإرهاب ومكافحته في عصر داعش،وذلك تحت رعاية مركز السياسة الحزبية في واشنطن وهي منظمة يقودها كين وهاملتون.

وصدر التقرير التحليلي الأول في واشنطن في 8 سبتمبر الحالي بعنوان «هزيمة الإرهابيين وليس الإرهاب: تقييم سياسة مكافحة الإرهاب الأميركية من 11 سبتمبر إلى داعش». ومن حيث الجوهر، يخلص التقرير إلى أنه يتم «تعويض الرتب الإرهابية تقريباً بنفس السرعة التي يقوم الجيش بالقضاء عليها»، ويدعو لإقامة حملة جديدة «لمقاومة الفكر الجهادي الذي يشرع ويحرض الناس على العنف». وسيقدم الجزء الثاني من التقرير ، والذي يتم العمل عليه في الوقت الراهن، توصياتٍ جديدة في مجال السياسة العامة لتحقيق هذا الهدف.

وقد التقيت بصفتي عضواً في فريق العمل المشارك في كتابة التقرير، مع الحاكم كين في واشنطن لمناقشته التقرير على هامش إطلاقه والتحدث عن أهميته.

* ما الذي دفعك أنت وعضو الكونغرس هاملتون إلى البدء في إعداد تقريرٍ جديد بعد ذلك الذي أعددتموه عقب أحداث 11 سبتمبر؟

- لقد مضت عدة سنوات منذ نشر تقرير 11 سبتمبر. ودائماً ما شعرت أنا وعضو مجلس النواب هاملتون بأننا بحاجة إلى إعادة تقييم المشكلة. وقد قدم التقرير 41 توصية تم تنفيذ معظمها بالفعل وأثبتت فعاليتها في المكافحة ضد الإرهاب. ولكن أردنا أن نلقي نظرةً على محتواه مرة كل أربع أو خمس سنوات لنرى ما الشيء الصحيح الذي قمنا به، وما الخطأ الذي كنا نفعله وما هي المناهج الجديدة التي يجب اتباعها. ولا أعتقد أننا فعلنا ذلك بما فيه الكفاية. لذلك اعتقدنا أن الوقت قد حان للحصول على آراء بعض الخبراء في هذا الشأن وذلك تحت إشراف الحزبين في البلاد للنظر في هذه المشكلة ككل والبت فيما إذا كنا في الواقع نفعل كل ما في وسعنا.

* تم نشر تقرير «لجنة هجمات 11/ 09» في أعقاب لحظة نادرة للوحدة الوطنية الأميركية التي حفزتها هجمات 11 سبتمبر. أما هذا التقرير الجديد فيأتي في وقتٍ تطغى عليه الحزبية المفرطة. كيف يمكن نقل رسالة عن الإرهاب إلى الحزبين المنقسمين في مثل هذا الوقت؟

- في الواقع، كانت هناك حزبية مفرطة عندما تم تشكيل «لجنة هجمات 11/ 09». كان جورج دبليو بوش، الذي يعتقد البعض أن «المحكمة العليا» قد انتخبته، مرشحاً لإعادة انتخابه، وكل ما كان يهم الجمهوريين هو إعادة انتخابه، في حين كان كل ما يهم الديمقراطيين هو هزيمته. وتم تشكيل هذه اللجنة في حين كانت الحملة الانتخابية تتجهز. ولذلك في المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى الاجتماع، كان الديمقراطيون مجتمعين في زاوية واحدة في حين أن الجمهوريين كانوا مجتمعين في زاويةٍ أخرى. وقلت لهم: «إذا أردنا النجاح فعلينا أن نشكل ثنائياً حزبياً». ولذلك عملت مع لي هاملتون لضمان بقاء هذا الثنائي، وكان كل ما فعلناه من بعد الاجتماع أننا حرصنا على أن يكون كل ما نفعله علناً أو سراً ثنائياً. وفي حين بدأت اللجنة بالترابط، وفي خضم حملةٍ رئاسيةٍ صعبةٍ جداً، توصلنا إلى تقريرٍ بالإجماع بين الحزبين وقّع عليه كلا الطرفين ومرشحو الرئاسة. ولذلك أعتقد أن القيادة في هذا الصدد ممكنة جداً، ولكنها تتطلب أناساً مصرين على الثنائية الحزبية في العمل بدلاً من التعصب الحزبي، وهذا ليس بالأمر السهل. ولكن لا بد من القيام به. فالإرهاب لا يمكن ولا ينبغي أن يكون بأي شكلٍ من الأشكال قضية حزبية.

* بينما تسعى واشنطن لمحاربة الجماعات الإرهابية بعد 14 عاماً، كيف تطورت آفاق السياسة تجاه حلفاء أميركا العرب ودورهم في هذا الشأن؟

- دائماً ما كنا نمر بأوقاتٍ عصيبة مع تحالفاتنا في الشرق الأوسط. وعندما نصنع تحالفات في بعض المناطق يكون الأمر صعباً جداً في بعض الأحيان لأننا لا نتفق على آيديولوجيا أو أساليب للحكم. ومع ذلك، من المهم جداً للعالم أن يحافظ على تحالفات جيدة في المنطقة. لقد بذلنا قصارى جهدنا لفهم المنطقة. وما يساعدنا بشكلٍ هائل أنَّ لدينا مواطنين لديهم فهم وكفاءة عالية في هذا البلد يأتون من تلك المنطقة، ويخدم عددٌ منهم في فريق عملنا. دائماً ما يكون الأمر صعباً ولكنه مهمٌ في نفس الوقت، لذلك ينبغي أن نصنع تحالفاتٍ مع الجميع بقدر استطاعتنا.

* شهدت زيارة الرئيس ترامب للمملكة العربية السعودية في يونيو (حزيران) افتتاحاً للمركز العالمي لمكافحة الآيديولوجيا المتطرفة في الرياض. ما تقييمك للمشروع الجديد المشترك؟

- برأيي هذه الخطوة مهمة جداً. خاصة أن السعودية نفسها، موطن ومسقط رأس الإسلام، تتخذ مواقف «صلبة» وصارمة ضد العنف والتطرف والإرهاب هذا أمرٌ مشجعٌ جداً.
وعلى نطاقٍ أوسع، أعتقد أن ما يحاول الرئيس ترامب أن ينشئه في المنطقة هو مجموعة موحدة من الناس في عددٍ من البلدان يعارضون آيديولوجيا معينة. الحوار أفضل حل، وينبغي أن يكون الخيار الأول في أي جهدٍ يتم بذله للانخراط في هذه المجتمعات. أنا أفهم مبادرة الرئيس وأرى النتائج الجيدة التي يمكن أن تأتي منها.

* نظراً إلى أن التقرير متاح على شبكة الإنترنت ومن المرجح أن يستقطب جمهوراً من العالم العربي، ما الذي تأمل أن يستفيد منه قراؤه في المنطقة؟

- آمل أن يكتسب العرب الذين يقرأون هذا التقرير فكرةً عن التاريخ والتفاصيل حول كيفية نضال الإدارات الأميركية الواحدة تلو الأخرى، لمعالجة هذه المشكلة. كما أتمنى أن يرى القرّاء هذا التقرير على أنه شرح لكيفية رغبتنا في العمل مع الغالبية العظمى من المسلمين والعرب، لمساعدتهم على معالجة ما يمثل مشكلة لهم أكثر مما يمثله لنا، وهو التطرف. لذا آمل أن يقرأوا التقرير بهذه الروحية.
أما تقرير المتابعة الثاني، الذي هو الآن قيد التحضير، فسيتحول من التاريخ والتحليل إلى توصيات للسياسة المستقبلية.

 

font change