ماكماستر: تعريف واشنطن لتهديد الإخوان المسلمين قصير النظر

مستشار الأمن القومي الأميركي قال إنه من أشد مؤيدي تقرير معهد بلير عن الجماعة

ماكماستر: تعريف واشنطن لتهديد الإخوان المسلمين قصير النظر

[caption id="attachment_55262822" align="aligncenter" width="3000"]مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر [/caption]

واشنطن: جوزيف براودي
 

* دعا ماكماستر في مؤتمر مع نظيره البريطاني، إلى مواجهة قوى الإسلام السياسي واتخاذ موقف أكثر صرامة ضد إيران وكوريا الشمالية.
* ماكماستر: نحن نقيم التعاون والعمل مع الصين فيما يخص كوريا الشمالية على أساس من التفاهم بأنه من مصلحة كل منا حل هذه المشكلة.

 

 


أصدر مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر تصريحات نادرة حول «الإسلام السياسي» وإيران وكوريا الشمالية، وقدم نظرة عامة على استراتيجية الأمن القومي التي ستصدر قريباً عن إدارة الرئيس ترمب، في واشنطن يوم الثلاثاء.
كان الحدث الذي حضرته «المجلة» أول مؤتمر يعقده في الولايات المتحدة مركز الأبحاث البريطاني الرائد (بوليسي إكستشانج). شهد المؤتمر، الذي ركز في الأساس على مستقبل «العلاقات الخاصة» بين الولايات المتحدة وبريطانيا، حضور نظير ماكماستر البريطاني مارك سيدويل سي إم جي، وخبراء سياسات منهم السير جون جينكينز السفير البريطاني السابق لدى السعودية الذي شارك في كتابة «تقرير الإخوان المسلمين» الصادر عن الحكومة البريطانية.

أثار ماكماستر الحديث عن تقرير الحكومة البريطانية البارز في رده على سؤال من دين غودسون، مدير (بوليسي إكستشانج) الذي تولى إدارة النقاش. قال غودسون: «بدا أن الحكومة السابقة كانت تعد الإسلام السياسي حائط صد محتملا ضد تنظيم القاعدة». وسأل: «ما هو موقفكم الآن في تقييم لواقع الأمر؟».
أجاب ماكماستر قائلاً: «أنا من أشد مؤيدي تقرير رئيس الوزراء السابق عن الإخوان المسلمين، لفهم التهديد الصادر عن صور معينة من الإسلام السياسي. إن الفكر الإسلامي الراديكالي يشكل تهديداً خطيراً على جميع المتحضرين. وقد وضعنا تعريفاً قصير النظر للتهديد في الأعوام الأخيرة. تبنت الولايات المتحدة خصيصاً نظرة واقعية للتنظيمات الإرهابية المُعلَنة بصفتها الجماعات التي تشكل أخطر تهديد، ولم تعط اهتماماً كافياً بكيفية تقديم الآيديولوجيات المتطرفة عبر مدارس ومساجد وما يطلق عليها جمعيات خيرية على نطاق واسع... ما نلتزم بتحسينه مع حلفائنا وشركائنا في بلدان الخليج وعلى نطاق أوسع – عن طريق إقامة مركز مكافحة التطرف ومكافحة تمويل الإرهاب في السعودية – هو تعقب هذا التدفق المالي، ليس فقط إلى المنظمات الإرهابية المعلنة، ولكن إلى المنظمات التي تهيئ الأوضاع لتنامي الإرهاب، عبر الفكر القطبي أو السلفي الجهادي، والتي تنشر الجهل وتبث الكراهية وتستغلها لتبرير العنف وتجد ضحيتها في أضعف عناصر المجتمع».

حدد ماكماستر تقييمه للإخوان المسلمين بالحديث عن المشاركة السياسية للإسلاميين في العديد من البلدان العربية، إذ قال: «عندما تنتقل هذه الآيديولوجيا الإسلامية إلى منظمات سياسية، يمكنها أن تكون شديدة الخطورة. ليسوا جميعاً سواء. على سبيل المثال يختلف ذراع الإخوان المسلمين في الأردن عن غيرها من المناطق في الشرق الأوسط. ولكن ما شهدناه هو نموذجان استغلتهما الجماعات الإسلامية للاستحواذ على السلطة. الأول هو «نموذج مرسي». بعد انهيار نظام استبدادي، استطاع هذا النموذج الاستفادة من كونه الكيان الوحيد المنظم – جماعة سرية – بينما كانت جميع البدائل السياسية الأخرى منسحقة في مصر. أحد أهم وسائل علاج ذلك هي المساعدة على ظهور جماعات معارضة شرعية متسامحة مع حقوق الإنسان وتستطيع أن تنضم إلى صفوف المعارضة عن طريق العملية السياسية. إذا تم سحق تلك الجماعات، سيؤدي ذلك إلى استمرار المشكلة. يتمثل النموذج الآخر في تركيا وحزب العدالة والتنمية، والذي استفادت منه الكثير من الجماعات الإسلامية. إنه نموذج أكثر صبراً يعمل عبر المجتمع المدني، ثم قطاع التعليم ثم الشرطة والقضاء والجيش لتعزيز السلطة في يد حزب معين، وهو ما نفضل أن لا نراه. وأعتقد أن ذلك للأسف يُبعد تركيا عن الغرب. وأرى أن هذه مشكلة. يجب علينا إدراك الحراك المحلي وأن لا نستبعده، وهي مشكلة علينا أن نواجهها.

[caption id="attachment_55262823" align="aligncenter" width="1299"]مارك سيدويل سي إم جي مارك سيدويل سي إم جي[/caption]


في حديثه لخص ماكماستر وثيقة «استراتيجية الأمن القومي» الأميركية المقبلة، التي تحدد أربع مصالح أمن قومي وتتناول ثلاثة تهديدات. المصالح هي: «حماية أرضنا وحماية الشعب الأميركي. وتقديم الرخاء الأميركي، إذ يرتبط الأمن الاقتصادي بالأمن القومي. والحفاظ على السلام عن طريق القوة. وأخيراً تعزيز النفوذ الأميركي». أما بالنسبة للتهديدات الكبرى، فقد وصفت كالتالي: أولاً «القوى الداعية إلى المراجعة - الصين وروسيا – والتي تسعى إلى تقويض النظام العالمي واستقراره وسيادة القانون والحقوق السيادية؛ ثانياً، الأنظمة المارقة – ومن بينها إيران وكوريا الشمالية – والتي تشكل تهديدا متزايدا للسلام بدعمها الإرهاب وسعيها لامتلاك أسلحة دمار شامل؛ وثالثاً، الجماعات الدولية الجهادية، التي تبحث باستمرار عن طرق جديدة للهجوم على بلادنا».

أحد المبادئ العملية في الاستراتيجية الجديدة، والذي أشار إليه ماكماستر مراراً، هو «المشاركة التنافسية»، وهو مبدأ تم تفسيره في عام 2013 في بحث مهم أجرته ناديا شادلو الباحثة التي تعمل الآن نائبة لماكماستر. كتبت ناديا في البحث أن حالة المشاركة التنافسية «قد تستدعي أن تتحمل الأطراف المدنية التي تشرف على برامج اقتصادية وإنسانية أميركية مسؤولية أن الأفكار الجديدة والاستراتيجيات الاقتصادية وخطط العمل المدني وحتى المبادرات المتعلقة بالرعاية الصحية تتنافس مع مصالح راسخة أو معارضين آيديولوجيين أو سياسيين». بمعنى أنها قد تتطلب استخدام مجموعة من الأدوات غير العسكرية – منها نفوذ مالي واقتصادي، واتصالات استراتيجية، وتعليم دولي، وإمكانيات أخرى – لمواجهة سيطرة الأطراف المعادية على الدول ومجتمعاتها.

أثار دين غودسون أيضاً مسألة عقد «صفقة كبرى» ممكنة مع الصين بشأن كوريا الشمالية، «وما إذا كان هناك أي احتمال لإزاحة رأس النظام».
وقال ماكماستر رداً على ذلك: «أحد الطرق التي انتهجناها، وهو النهج الأساسي، أن الرئيس لا يطلب من الرئيس الصيني صُنع معروف. نحن نقيم التعاون والعمل مع الصين فيما يخص كوريا الشمالية على أساس من التفاهم بأنه من مصلحة كل منا حل هذه المشكلة. ومن المهم للغاية تعزيز التفاهم مع الصينيين في ثلاثة مجالات رئيسية: أولاً، إنها ليست مشكلة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، ولكن بين كوريا الشمالية والعالم. ثانياً، من مصلحة الصين ومن مصلحتنا جميعا اتخاذ هدف نزع السلاح النووي عن شبه الجزيرة الكورية، ولا يمكن أن نعد المفاوضات هدفاً في حد ذاتها، ولا أيضا التجميد الذي يسمح... (في النهاية) بتهديد نووي عالمي كأمر واقع. ثالثاً، الاعتراف بأن الصين تمتلك قوة اقتصادية قسرية هائلة. لذلك يجب علينا تعزيز هذا التفاهم والاعتراف بأن الوقت ينفد، وقد حان الوقت لكي تبذل جميع الدول المزيد. وها نحن نرى بفضل مساعدة من بريطانيا وآخرين قوة الدفع الهائلة، إذ قطعت الفلبين العلاقات التجارية، وكذلك فعلت فيتنام، وغيرها من المناطق في آسيا، والسودان وشمال إفريقيا».
ومن جهته قال مستشار الأمن القومي البريطاني مارك سيدويل: «العالم مستدير. أحيانا ما ننظر إلى العالم عبر مساقط على خرائط. ولكن تستطيع صواريخ باليستية نووية عابرة للقارات الوصول إلى أميركا وأوروبا أيضا. بناء عليه تلك ليست مشكلة الصين وحدها، ولكنها مشكلة عالمية. أعتقد أنه فيما يتعلق بالنهج العام، نحن نعمل بالتعاون مع القيادة الأميركية من أجل ذلك. تملك الصين أكبر قدر من النفوذ على كوريا الشمالية – قد يكون أقل مما نريد، ولكنه الأكبر بالتأكيد. ومن مصلحتنا جميعاً التعاون معهم والبحث عن حل».

وعلق ماكماستر قائلاً: «إن مسار القوة الاقتصادية مهم، لاسيما في مجال النفط ومنتجات الوقود. وقد شهدنا قدراً لا بأس به من عمليات النقل من سفينة إلى أخرى... ويجب إخطار أي شركة تشترك في تلك العملية وكل الشركات التي تشترك سفنها في ذلك النشاط، بأن تلك الشحنة قد تكون آخر عملية تقوم بها لفترة طويلة في أي مكان».
ورداً على سؤال غودسون بشأن فرضية إزاحة حاكم كوريا الشمالية، قال ماكماستر: «تغيير النظام ليس سياستنا الآن. ما نؤكد عليه هو نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية».
وأخيراً سأل غودسون كلا المسؤولين عما إذا كان هناك «أي دور لسلطة الشعب في كوريا الشمالية وإيران» – في مقارنة مع اتحاد العمال المستقل، أو ما يسمى حركة «تضامن» التاريخية، في بولندا، والذي عارض القمع السياسي السوفياتي في أوروبا الشرقية.

وقال ماكمساتر: «فيما يتعلق بإيران، أعتقد أنه سيكون من المهم تشجيع ظهور قواعد قوى بديلة خارج الحكومة الدينية والحرس الثوري الإيراني، وأفضل وسيلة نحقق بها ذلك عن طريق التجارة، عن طريق التأكيد على عدم العمل مع شركات يكون المالك المستفيد منها إحدى الجماعتين. (كذلك الأمر) بالنسبة لكوريا الشمالية، حيث تعتمد النخبة في بيونغ يانغ على الامتيازات (التي يحظى بها النظام) ».

 

 

font change