ماذا يخفي فنجان الوزير جبران باسيل في حقيبة الخارجية بلبنان؟

ماذا يخفي فنجان الوزير جبران باسيل في حقيبة الخارجية بلبنان؟



بقلم: منصف المزغني
ريشة: علي المندلاوي


- 1 -

- في قضاء البترون بالشمال اللبناني، ولد جبران جرجي جرجي باسيل سنة 1970.
- وكان، مثل باقي أبناء جيله في لبنان، ينتظر في طفولته يوم الدخول إلى المدرسة للمعرفة والتعلم..
- ولكن، في سن الخامسة، كانت الحرب الأهلية في لبنان تنتظره في سنة 1975..
- وصارت تلك الحرب تدقّ بكل طبولها، وألويتها، وشعاراتها، وأسلحتها، وتوجهاتها الطائفية، ومصالحها المتنافرة، والمتشابكة، وتحالفاتها المتقلبة في بحر تلك الحرب المتلاطمة أمواجها الحزبية.

- 2 -

- وإذا كان وعي الأطفال يتأثّر في زمن السلم، فإنّ هذا الوعي يكبر بسرعة فائقة في زمن الحرب..
- وهكذا بات وعي جبران باسيل يتفتح في زمن تلك الحرب، وحسه يزداد انتباهاً لقسوة الحياة السياسية في بلد مثل لبنان..
- خاصة حينما يصير الوطن جائعاً للسلام والوئام أيام الخصام بين أبناء الوطن الواحد.

- 3 -

- لقد كانت النقاشات السياسية الحادة تملأ مناخه الذي عاش فيه طفولته وشبابه..
- واختار دراسته في قطاع التعمير (في زمن التدمير): وتخصص في الهندسة المدنية.
- كما حصل على الماجستير في المواصلات من الجامعة الأميركية في بيروت.
- ولعل هذا التوجه العلمي والمدني قد أملته رغبة جامحة وعميقة
- في نفس الشاب جبران من أجل:
- بناء وإعمار ما قد هدمته الحرب وخربه الرصاص..
- ولم تكن لجبران آلات بناء غير:
- حزب سياسي هو الحزب الوطني الحر الذي أسسه العميد ميشال عون
- الذي سيصير زعيمه السياسي، وصهره العائلي.

- 4 -

- لقد فتح الطفل جبران عينيه على مشاهد الحرب..
- وتربّى سمعُه على صوت السلاح القريب..
- وكانت روحه تنشد السلام الذي سوف يطول وقته بعد حرب أهلية طويلة ومنهكة، ومملَة
- (إلا من صوت المغنية «فيروز» وهو يواجه الحرب بأغنية حب للبنان الأخضر الموحد بين كل الفرقاء).

- 5 -

- وفي هذا المناخ السياسي اللبناني الخصوصي والحادّ، وجد جبران نفسه في دنيا السياسة، وعوالمها، وكوابيسها، وكواليسها، في الحزب والطائفة..
- وصارع حتى وصل به المطاف السياسي إلى ثلاث حقائب وزارية خلال عشر سنوات منذ 2008 إلى اليوم، وهي:
- حقائب كل من: وزارة الاتصالات، ثم وزارة الطاقة والمياه، وأخيراً، استقر به المقام مع حقيبة وزارة الشؤون الخارجية والهجرة.

- 6 -

- أما زوجته، فكانت اختيارا مدنيا وسياسيا، وحزبيا..
- إنها «شانتال» ابنة رئيسه في الحزب الوطني الحر ميشال عون
- ولهما من الأبناء: يارا، وغابريال، وجورج.

- 7 -

- لقد كان لا بد لجبران من العمل الحزبي والسياسي في ظرف كان فيه لبنان يحتاج إلى الحلول السلمية، والتوافقات الطائفية، والتنازلات من أجل الاستقرار السياسي..
- بعد حرب أهلية كانت منهكة لكل القوى السياسية والحزبية بمختلف فصائلها، وتوجهاتها الآيديولوجية، ومصالحها المتضاربة في أغلب الأحيان.

- 8 -

- وكان «التيار الوطني الحر» تنظيماً سياسياً مولوداً حزبياً لمعارضة شرسة ضد التدخل السوري في الشأن اللبناني..
- وظل تيار العميد ميشال عون حريصاً على مصلحة لبنان أولا، دون رغبة في حل آخر للبنان غير الحل اللبناني الصميم.
- بعيداً عن كل الوصايات، وقريباً من اختيارات اللبنانيين وتوافقاتهم..
- وصار جبران باسيل رئيسًا للتيار الوطني الحر في لبنان خلفاً للعميد وقد تزوج ابنته: شانتال.

- 9 -

- لقد سبق لباسيل عون أن تمرس بالعمل الحكومي من خلال، شغله الوزاري المتعدد والمتنوع، وفي وزارات (الاتصالات، والطاقة والمياه، وباتت حقيبة وزارة الخارجية من نصيبه منذ 2014 إلى اليوم).

- 10 -

- اللافت أن بعض المراقبين لاحظوا ما يلي:
إن جبران باسيل تجمعه نقاط التقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بينها:
- شبه قريب من حيث المظهر الخارجي والعمر الشبابي..
- فضلا الاهتمام المبكر لكليهما بالعمل السياسي..
- وكلاهما تدرج باكرا في المنصب الحزبي والسياسي.
- ولكن نقاط الافتراق الأساسية تمثلت في:
- أن جبران باسيل دخل العالم السياسي في بلاد تزدهر العلاقة فيها بين الطائفة والحزب والسلطة.
- أما إيمانويل ماكرون فهو سليل تراث طويل من العمل الحزبي طويل النفس، وقد قطعه بسرعة في فرنسا ذات المؤسسات العريقة في العمل الديمقراطي.
- مع فارق آخر هو أن ماكرون تزوج أستاذته التي قادت خطاه إلى قصر الرئاسة بسرعة قصوى.
- وجبران طرق بيت العماد ميشال عون، وتزوج ابنته، وترأس حزبه، ولعله يحلم، مثل صهره، بمسك زمام السلطة في لبنان.

- 11 -

- ما هو مستقبل جبران باسيل صهر العميد ميشال عون؟
- هذا السؤال يحتاج إلى جواب من...
- قارئة سياسية للفنجان، وميزان سياسي في بلاد مثل... لبنان.
font change