قلق أوروبي من العقوبات الأميركية على إيران

انسحاب أميركا من خطة العمل الشاملة المشتركة

قلق أوروبي من العقوبات الأميركية على إيران

[caption id="attachment_55265990" align="aligncenter" width="4408"]وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري يغادر مكانه وهو على عكازين بعد التقاط صورة جماعية مع وزراء خارجية وممثلين من الصين وإيران وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي في مركز فيينا الدولي بالنمسا 14 يوليو 2015 بعد توصل إيران وست قوى كبرى في العالم إلى اتفاق نووي انسحبت منه الولايات المتحدة مطلع مايو الجاري. وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري يغادر مكانه وهو على عكازين بعد التقاط صورة جماعية مع وزراء خارجية وممثلين من الصين وإيران وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي في مركز فيينا الدولي بالنمسا 14 يوليو 2015 بعد توصل إيران وست قوى كبرى في العالم إلى اتفاق نووي انسحبت منه الولايات المتحدة مطلع مايو الجاري.[/caption]

بقلم: جوزيف براودي

 

* يبدو أن الشخصيات المهمة في القطاع الخاص الأوروبي أخذت تحذيرات أميركا بشأن العقوبات الثانوية على محمل الجد.
* يمكن أن يردع احتمال شن هجوم جوي إسرائيلي - أميركي مشترك على المواقع النووية الإيرانية النظام الإيراني عن إعادة تشغيل برنامجه النووي.

 

 


أثار إعلان قرار انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي الإيراني الأسبوع الماضي غضباً في أوروبا وتفاؤلاً في محيط إيران، وتسبب في طرح أسئلة جديدة حول الترتيبات الدولية التي ستطرأ لاستبدال «خطة العمل الشاملة المشتركة». ويعتمد طموح إدارة ترمب في فرض عقوبات غير مسبوقة على إيران بشكلٍ كبير على الامتثال أو التحدي الأوروبي. وأما بالنسبة لآمال الرئيس في تطويق النظام عسكرياً وسياسياً داخل منطقته، فإن نجاح أو فشل ذلك يكمن إلى حد كبير في استمرارية التفاهم العربي الأميركي -الإسرائيلي الوليد ضد طهران الذي يسعى الرئيس إلى تعزيزه. ويمكن الاعتماد على الملالي في محاولة لدحر هذه الجهود.

قال مستشار الأمن القومي جون بولتون في أعقاب إعلان الرئيس إن البيت الأبيض سعى إلى التوصل إلى اتفاق جديد على الفور. إلا أن صحيفة «واشنطن بوست» أفادت بأن محادثات بولتون مع نظرائه في المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا «ركزت بشكل كامل تقريباً على إصرار الولايات المتحدة على أنه لن تكون هناك إعفاءات من العقوبات على الشركات الأوروبية». وأوصل بولتون رسالة مماثلة في برنامج تلفزيوني يوم الأحد الماضي، قائلاً إنه لن يمنع إمكانية فرض الولايات المتحدة «لعقوبات ثانوية» على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران والتي يحظر على الشركات الأميركية التعامل معها بسبب قانون العقوبات الأميركي.
وبحسب تقرير للكاتبة كارين دي يونغ من صحيفة «واشنطن بوست» فقد اتصف مزاج قيادات أوروبا الغربية بعد قرار ترمب - ولا سيما قيادات المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا - التي ساعدت في التفاوض وتوقيع الصفقة - بأنه «على وشك الانفجار من الغضب». وانتقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في خطاب ألقته يوم الجمعة الماضي قرار ترمب لأنه أثار في نظرها «أزمة حقيقية» في العلاقات عبر الأطلسي وأي فكرة عن نظامٍ دولي.
وأكدت الحكومات الأوروبية عزمها على البقاء في الاتفاق النووي حتى من دون الولايات المتحدة. والتقى الثلاثاء وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا والممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف. وتعهدت الأطراف باستمرار تجارة النفط والاستثمار مع إيران في محاولة لمنعها من التخلي عن الصفقة. وكما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، فقد بدأ مسؤولو الاتحاد الأوروبي أيضاً في التحرك لتوسيع وصول إيران إلى بنك الاستثمار الأوروبي للحصول على قروض، وربما الاستفادة من الشركات الأوروبية البعيدة عن الظل الاقتصادي الأميركي كوسيلة لتقليص العقوبات الثانوية المفروضة من قبل الولايات المتحدة. ويتوقع أن يهيمن مستقبل الاتفاق الإيراني على تجمع جميع الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء في العاصمة البلغارية صوفيا.

[caption id="attachment_55265992" align="alignright" width="300"]مستشار الأمن القومي للرئيس ترمب جون بولتون يتحدث إلى وسائل الإعلام في البيت الأبيض -	واشنطن العاصمة - 9 مايو الجاري(غيتي) مستشار الأمن القومي للرئيس ترمب جون بولتون يتحدث إلى وسائل الإعلام في البيت الأبيض
- واشنطن العاصمة - 9 مايو الجاري(غيتي)
[/caption]

ولكن في حين أن العناصر السياسية المهمة في الاتحاد الأوروبي قد تسعى إلى إيجاد طرق لتحدي الولايات المتحدة وتحفيز إيران على البقاء في الاتفاق، كما أشرت سابقاً، يبدو أن الشخصيات المهمة في القطاع الخاص الأوروبي قد أخذت تحذيرات أميركا بشأن العقوبات الثانوية على محمل الجد. ففي مقابلة مع «سي إن إن» يوم الأحد، قال الرئيس التنفيذي لشركة SIEMENS جو قيصر إنه على حد ما فهم أنه إذا قبل هو أو أي شركة عالمية أخرى بعرضٍ تجاري جديدٍ من إيران، فقد يواجه ذلك رداً أميركياً. ومن جهته، أشار وزير خارجية المملكة المتحدة إلى أن القطاع الخاص في بلاده سيحتاج أيضاً إلى أخذ الموقف الأميركي بعين الاعتبار. وقال للصحافيين: «يجب أن نكون واقعيين بشأن السكك الحديدية المكهربة والأسلاك الحية للأميركيين خارج الحدود الإقليمية وكيف يمكن أن تكون رادعاً لرجال الأعمال». وكما قال دبلوماسي أوروبي كبير لم يكشف عن اسمه لـ«رويترز»، فإن أوروبا لديها القليل في مواجهة الولايات المتحدة... «دعونا لا نخدع أنفسنا بأن هناك الكثير من الأمور التي يمكننا القيام بها. ليس لدينا الكثير لتهديد الأميركيين».
وفي الوقت نفسه، شرعت وزارة الخزانة الأميركية في العمل على تفويضها بفرض عقوبات جديدة على إيران. وشملت الإجراءات الجديدة التي أعلنت عنها يوم الثلاثاء فرض عقوبات على محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف ومساعد مدير القسم الدولي بالبنك المركزي علي تارزالي، وتصنيفهما كإرهابيين عالميين. وبحسب بيان وزارة الخزانة، فقد شارك كلاهما بالإضافة إلى قيادة مصرف البلاد الإسلامي في صرف الأموال إلى «حزب الله» وحلفاء إيران الآخرين.

وفي ظهور آخر لبولتون في برنامج حواري يوم الأحد الماضي، قال إن الادعاءات بأن الولايات المتحدة عزلت نفسها عن طريق الانسحاب من الاتفاق النووي لا أساس لها من الصحة. وقال: «نحن لا نتحرك بمفردنا... إسرائيل تدعمنا، وتدعمنا الممالك العربية المنتجة للنفط وغيرها الكثير».
وفي مقال بصحيفة «وول ستريت جورنال» هذا الأسبوع، قيم الكاتب والتر راسيل ميد تصريحات البيت الأبيض بأنها ترقى إلى آمال تحالف جديد ضد إيران، وكتب: «يأمل [البيت الأبيض] أن يمنح تفاهم العرب والإسرائيليين الناشئ شركاء محليين لأميركا يكونون مستعدين لتحمل الكثير من المخاطر والتكاليف لإنشاء سياسة معادية لإيران مقابل الدعم الأميركي.
واقترح ميد أنه من شأن مثل هذا التفاهم أن يفيد في الضغط على إيران إلى جانب العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة مما سيؤدي إلى إضعاف النظام محلياً. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يردع احتمال شن هجوم جوي إسرائيلي - أميركي مشترك على المواقع النووية الإيرانية النظام الإيراني عن إعادة تشغيل برنامجه النووي إذا شعرت القيادة بأنها تريد القيام بذلك.
ويبدو أن مجموعة من التصريحات الإيرانية الصادرة مؤخراً تهدف إلى تخريب هذا التحالف المتصور، على وجه الخصوص، من خلال وضع إسفين جديد بين العرب والإسرائيليين. ويوم الجمعة الماضي، على سبيل المثال، قال رجل الدين الإيراني البارز آية الله أحمد خاتمي إن إيران «ستسوي تل أبيب وحيفا بالأرض». ويبدو هذا التعليق، الذي يعكس صدى التخيلات العنيفة للناصريين والغلاة الرافضين الذين تركوا إرثا ثقافياً عميقاً في المنطقة، محسوباً لكسب التعاطف بين الشباب الذين تم غسل أدمغتهم بأفكار مماثلة. ويمكن قول الأمر ذاته عن إعلان جديد قامت به «حركة الطلاب القضائيين» التابعة للحرس الثوري الإيراني وقدمت فيه مكافأة قدرها 100 ألف دولار «لأي شخص يدمر بناء السفارة الأميركية في القدس». ونتوقع من حلفاء آخرين لإيران، من غزة إلى صنعاء، تقديم المزيد من المساهمات لهذه الحملة الإعلامية. ويبدو أنه سيكون للمنافذ الإعلامية العربية السائدة دور تلعبه إما في تمكين الاستراتيجية الإيرانية من خلال تضخيمها، أو هزيمة الاستراتيجية الإيرانية عن طريق دحضها.

 

 

font change