المثالية بعيدة المنال

هل تساءلت من قبل كيف ستبدو حياتك إذا حصلت على ثروة ؟

المثالية بعيدة المنال

[caption id="attachment_55267299" align="aligncenter" width="1280"]أفيش الفيلم المصري الشهير لو كنت غني أفيش الفيلم المصري الشهير لو كنت غني[/caption]

لندن: سامانثا موريس


* يمكن أن يصبح السعي إلى الكمال في مختلف مجالات الحياة نوعاً من الإدمان.
* السعي إلى الكمال هدف مُضلِل وخادع! إنه يحملنا عبر طريق لا ينتهي إلى حلم بعيد المنال.




هل تساءلت من قبل كيف ستبدو حياتك إذا حصلت أو عندما تحصل على كل شيء؟ ربما يكون في خطتك شراء منزل فخم، أو ملابس من أرقى بيوت الأزياء، أو سيارة أحدث موديل، أو أنك تمتلك أيّاً منها بالفعل، على أمل أن تلك الأشياء سوف تجعل حياتك أفضل وتجعلك سعيداً؟ ربما تشغل وظيفة رائعة أو تسعى إلى الحصول عليها، أو تدير استثماراً كبيراً أو تسعى إليه، كي تطوف العالم من أجل العمل والمتعة. لكن على الرغم من أن أسلوب حياتك يثير غيرة الآخرين وحقدهم وافتراضهم بأن حياتك مثالية من الخارج، يمكنك أن ترى هذا هو الخطأ بعينه، فالحياة قد تكون موحشة ومليئة بالضغوط حيث تستمر في الحفاظ على مستواك وتحسينه من أجل تلبية التوقعات الفردية والمجتمعية وتحقيق نتائج مدهشة.
يمكن أن يصبح السعي إلى الكمال في مختلف مجالات الحياة نوعاً من الإدمان الذي يوقعنا في فخ الاعتقاد بأننا إذا امتلكنا أو حققنا شيئاً واحداً إضافياً فحسب سوف نشعر بسعادة أكبر أو نصبح أكثر ثراء أو صحة. من المفارقة أنك قد تحقق هذا الهدف، ولكنك لا تزال تشعر بعدم الرضا والفراغ واللوم أمام صوتك الداخلي المتذمر والذي يكرر على أسماعك: «هل أنا جيد بما يكفي؟ ماذا سيحدث إذا فشلت في تحقيق التوقعات أو التفوق عليها؟ ماذا سيحدث إذا لم أتأقلم أو لم أظهر في صورة مثالية؟ هل سأصبح عُرضة لإصدار الأحكام ويُلقى بي في صحراء الرفض؟» وفوق كل ذلك، لن يساعدك ما يحمله الإعلام والآخرون من توقعات تزيد عليك الضغوط لكي تصبح مثالياً.
ومع ذلك، نادراً ما يرى الناس أن «الجيد بما يكفي» ناجح. بل يبدو أن الكلمة ذاتها تستدعي إلى الذهن صوراً عن الرضا والاعتياد والملل وعدم النجاح وما إلى ذلك. على سبيل المثال، شاهدت في الفترة الأخيرة امرأتين ثريتين ناجحتين واقعتين تحت سيطرة قوة هائلة لظاهرة التقاط صورة سيلفي «مثالية». من مظهرهما، كانتا تمثلان صميم ما يراه بعض الناس مقومات النجاح المبهر، فهما ثريتان وجميلتان وذكيتان وعلى قدرٍ عالٍ من التعليم والعلاقات الاجتماعية. ومع استمرارهما في التقاط أكثر من 20 صورة أملاً في تلقي أكثر من 150 إعجاباً على وسائل التواصل الاجتماعي، أدركت بحزن أنه على الرغم من أن مظهرهما يوحي بامتلاكهما لكل شيء، فإنهما في الحقيقة ليستا كذلك! وكما هو الحال مع آخرين، هما أيضاً تسعيان إلى مثالية بعيدة المنال لإثبات نفسيهما.
أعرف محترفين طموحين وممثلين وموسيقيين وأشخاصاً معروفين يعيشون في سجن من الشك والقلق وهم على مدار مئات الساعات مع كل عرض أو مقطع موسيقي أو سيناريو أو عند مطالعة صحف الصباح أو أثناء الخروج من منازلهم يخشون التعرض للنقد من وسائل الإعلام والمجتمع وأقرانهم. تصبح حياتهم الشخصية والمهنية مشوشة ويضحون بحياتهم إثر الضغوط التي يتعرضون لها بسبب محافظتهم على التوقعات التي سلطت عليهم الأضواء منذ البداية.




تكلفة المثالية




مع أننا نعلم أن وضع أهداف كبيرة يمكن أن يساعدنا على الاستفادة من إمكانياتنا ويرفعنا إلى المستوى التالي ويُشعِرنا بالبهجة، يجب أن نسأل أنفسنا: في أي مرحلة تبدأ لدينا الأعراض الجانبية الضارة للسعي إلى الكمال؟
نتعلم بطرق مختلفة ومنذ سن صغيرة أننا نحتاج إما إلى «التأقلم» مع المجتمع أو التفوق عليه من أجل الوصول إلى مستويات جديدة. وبعد مرور أعوام من الانغماس في هذه الرسالة وتطبيق فلسفتها، يمكن أن يبدأ بعض الناس في الشعور بالخسارة والضغط والاحتراق النفسي وفقدان الثقة ويمكن أن يشعروا أن لا أحد يراهم أو يسمعهم، ولكن الحاجة إلى رسم صورة حياة «مثالية» تسيطر على أذهان الناس وكأنها سحابة تصحبهم عند الاستيقاظ كل صباح وتصاحبهم طوال اليوم.
يمكن أن يكون السعي إلى الكمال أيضاً علامة على المماطلة أو بمعنى آخر البحث عن عذر لتأجيل الوقت بسبب الخوف. في بعض الأحيان قد نكون متحمسين ولكننا خائفين للغاية إما من الفشل، وإما من الأسوأ منه، وهو تحقيق نجاح كبير بالفعل ونخشى مما سيجلبه لنا وما إذا كنا سنتمكن من قبول المكافآت التي سيمنحها لنا أو سننجح في إدارتها.
بطبيعتنا البشرية نحن نحمل قدرة على البقاء، لذلك أي ملمح لعدم الثقة بالنفس أو السعي إلى «الكمال» في جميع مناحي الحياة يحمينا من المجهول سواء كان هذا إيجابياً أو سلبياً.




8 نصائح مهمة للتغلب على نزعة المثالية





(1) الحاجة إلى السيطرة: يعكس السعي إلى الكمال رغبة في السيطرة على المجهول ويمكن في بعض الأحيان، في أقصى الحالات، أن يكون نتيجة للخوف. يمكن أن تكون نتائج السعي إلى الكمال ضارة بمعنى أنها قد تؤثر على صحتك وتُوقِف تقدمك. سلْ نفسك عما تخشاه؟ وكيف يمنعك سعيك إلى الكمال من تحقيق كل ما ترغب فيه وتحتاج إليه؟
(2) اعرف حدودك: سلْ نفسك: في أي مرحلة تتحول رغبتك الصحية في الإبداع وخوض التجربة والحصول على نتائج مُرضية وناجحة إلى رغبة في تحقيق نتيجة مثالية؟
(3) عُد إلى هدفك الأصلي: في بعض الأحيان نجاهد من أجل تحقيق أمور في الحياة ولكن عندما نحققها ربما لا نشعر بالرضا بالقدر الذي كنا نأمله. ربما حتى ننشغل كثيراً بتحقيق شيء ما لدرجة أننا نخسر أنفسنا وأهدافنا الأصلية في سبيل ذلك. المهم هو التركيز منذ البداية على ما نريد أن نشعر به وماذا يمكن أن نفعله بواقعية للحصول على نتيجة رائعة. بعد ذلك يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا ونبحث عمن أو عما يمكن أن يساعدنا بصدق على تحقيق ذلك.
(4) النجاح والسعادة مصدرهما أن تكون على طبيعتك: في أغلب الأحيان تظهر أعظم ذكرياتنا وسعادتنا وإنجازاتنا عندما نكون في حالة توافق واسترخاء مع النفس. لذا سلْ نفسك: ما الذي يساعدني على الاسترخاء والاستمتاع والتلقائية؟ تَقبَل أصغر وأكبر الأمور في الحياة وامنح نفسك فرصة «للتخلي» عن بعض الأمور أحياناً بدلاً من الشعور بضرورة السيطرة على حياتك. كثيراً ما يؤدي الشعور بأنك «جيد بما يكفي» وأنك راضٍ إلى خبرات مذهلة!
(5) واجه أفكارك بإيجابية: اعترف بأفكارك وواجهها. سلْ نفسك: من أين تأتي رغبتي في المثالية؟ من الذي أسعى إلى إرضائه هنا؟ هل هذه توقعاتي أم توقعات آخرين؟ عند أي مرحلة يجب أن أقول هذا يكفي؟ ما تكلفة هذا على صحتي وسعادتي وعافيتي؟ هل يمكن تحقيق النتيجة ذاتها من دون التعرض لهذا القدر الزائد المُفرِط من التوتر والتوقعات؟
(6) كن صادقاً مع ذاتك: سلْ نفسك: عندما أشعر برغبة في «الكمال» هل أنا صادق في أن ذلك سيحقق سعادتي؟ أم أنني أتخلى عن هذه القيم لكي أكون شخصاً آخر أو لكي أُرضي أشخاصاً آخرين؟
(7) التقدم خير من الكمال: في بعض الأحيان نرغب في أن تكون الأمور «كما نريد» ولكن ما هو الثمن؟ إذا واجهت مخاوفك وأشباحك وأقدمت على الفعل، سوف تُمَكِن ذاتك من إحراز التقدم. بالتأكيد ربما لا تحقق أو تصل إلى ما تريده في البداية، ولكن على الأقل سوف تقترب من أهدافك، وربما تضع لنفسك موعداً نهائياً واقعياً لإتمام عمل ما. وبخلاف ذلك ربما لا تنجز هذا المشروع الدائم مطلقاً.
(8) تحرك وانظر إلى الفشل كتجربة إيجابية: اعلم أنك قد تظن هذا جنوناً، ولكن استمع لي. اعتدنا الاعتقاد بأن الفشل سلبي، ولكن ماذا سيحدث إذا نظرنا إلى ما يقدمه لنا الفشل من فرصة ذهبية لنتعلم ما ينفع وما لا ينفع ونغير الأمور؟ تأتي قصص النجاح العظيمة من أشخاص واجهوا مخاوفهم وتعاملوا مع الخوف والفشل كإشارات وفرص سوف تقربهم من أهدافهم.
في الحقيقة، السعي إلى الكمال هدف مُضلِل وخادع! إنه يحملنا عبر طريق لا ينتهي إلى حلم بعيد المنال، إذ يعد بمنحنا «تذكرة ذهاب فقط» إلى حياة مثالية. بيد أننا نستحق ما هو أكثر من الخدعة التي يعدنا بها السعي إلى الكمال. نحن نستحق النجاح الحقيقي!
font change