الربط بين الاحتلال الإسرائيلي ونشأة «حزب الله» بعيد عن الحقيقة

الربط بين الاحتلال الإسرائيلي ونشأة «حزب الله» بعيد عن الحقيقة



بقلم: إيلي فواز


 

* العلاقة العضوية التكاملية بين الثورة الإيرانية و«حزب الله» أو نواة المؤسسين للحزب بدأت قبل الاجتياح الإسرائيلي بسنوات.




ربط الاحتلال الإسرائيلي بنشأة «حزب الله»، أو بمعنى آخر تعليل تأسيس «حزب الله» لمحاربة إسرائيل هو أمر فيه شبه إجماع عند كل الصحافيين والكتاب والسياسيين اللبنانيين، حتى عند بعض الإسرائيليين مثل إيهود باراك نفسه الذي قال في تصريح له إن «احتلالنا للبنان هو سبب نشأة هذا الحزب».
طبعا هذا الربط بين الاحتلال الإسرائيلي ونشأة «حزب الله» وإن كان يخدم أسطورة «حزب الله» ومكانته في مخيلة اللبنانيين والعرب إنما هو بعيد كل البعد عن الحقيقة.
بكل بساطة؛ إن نشأة «حزب الله» تعود إلى حقبة السبعينات من القرن الماضي وهي نتيجة مباشرة للصراعات داخل إيران ولا يمكن أبداً فصل تلك النشأة عن إيران وتحولاتها وثورتها.
في مذكراته يقول فؤاد بطرس: «وكأن تعقيدات الوضع لم تكن كافية، فقد وصلتنا معلومات أن الثورة الإيرانية قررت إرسال ألف متطوع إيراني إلى لبنان. اتصلنا بالقيادة السورية وألححنا عليها بأن لا تسمح لهم بالمرور عبر أراضيها إلى الأراضي اللبنانية وعدم السماح لطائراتهم بالهبوط في المطارات السورية، غير أن سوريا التي وعدتنا بأنها ستتعاون معنا ساهمت عبر طائراتها في نقل الإيرانيين إلى مخيمات التدريب التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ حيث أخذوا يتزودون ببطاقات فلسطينية ومن ثم يدخلون إلى لبنان عن الطريق الذي تسلكه المقاومة دون أن يتصدى لهم أحد».
هذا كان عام 1979... ما يدل على أن العلاقة العضوية التكاملية بين الثورة الإيرانية و«حزب الله» أو نواة المؤسسين للحزب بدأت قبل الاجتياح الإسرائيلي بسنوات.


 

لماذا لبنان بالذات؟




لبنان في أوائل السبعينات كان ملاذاً آمناً لكل الفصائل المسلحة الممنوعة من العمل في بلادها الأم نظرا لضعف الدولة المركزية وفقدانها السيطرة الأمنية على البلاد. من الفصائل الفلسطينية إلى بادر ماينهوف وصولاً إلى الحرس الثوري الإيراني وما بينهما من الجيوش الحمراء استوطنوا لبنان حيث حرية العمل والتدريب كانت متاحة.
الفصائل الإيرانية المناوئة للشاه أتت إلى لبنان لهذا السبب طبعا، بالإضافة إلى وجود حاضنة شيعية مهمة تستطيع الاحتماء بها. لم تكن مجاورة إسرائيل لبنان سبباً لهذا الوجود.
فصيلان إيرانيان كان لهما التأثير الأكبر لدى الحاضنة الشيعية اللبنانية من بين الفصائل الإيرانية الموجودة في لبنان. من تلك الفصائل «حركة تحرير إيران» ومن إعلامها مصطفى شمران الذي أسّس بالتعاون مع الإمام موسى الصدر «حركة المحرومين» والفرع العسكري لها «أمل» وتولّى إدارة مدرسة «جبل عامل» الصناعية في منطقة «صور».
أما الفصيل الثاني فكان مكوناً من مقربين من آية الله الأمام الخميني والذين أصبحوا بعد انتصار الثورة الإيرانية جزءًا من حزب الجمهورية الإسلامية. كما أصبح الكثير من تلك القيادات من كبار القادة في الحرس الثوري الإيراني.
كان هذان الفصيلان، على اختلاف في أكثر من قضية ما ستثبته طبعا شوارع طهران إبان الثورة، ولاحقا حين سيتمكن الخميني من الحكم ويبدأ بحملة إقصاء كل من لم يكن موالياً له.


 

الصدر سيختفي




الجدير بالذكر أن الخصومة بين الإمامين تعود ربما إلى عدم اعتراف الصدر الإيراني المولد بمرجعية الخميني بالإضافة إلى علاقاته القوية مع حركة تحرير إيران، والتي ربما سعى لاستغلالها من أجل التأثير في الداخل الإيراني بدايات الثورة. كما أن الاختلاف كان شمل ملف التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية. ففي حين كان الإمام الصدر حذراً ولا يثق بأبو عمار وكان قد أيد دخول قوات حافظ الأسد لبنان، كان الخمينيون أكثر التصاقا بالتنظيم الفلسطيني الأقوى في لبنان.
بالمحصلة اختفى الإمام الصدر عام 1978، وبعد عام عاد الخميني من منفاه الباريسي منتصرا، وقتل مصطفى شمران عام 1981 في ظروف غامضة، وكان الأمام الخميني استطاع إقصاء جميع منافسيه والانفراد بالسلطة.
هكذا انطلقت فكرة تأسيس حزب يسيطر عليه الخمينيون بالكامل، والذي تمكن مع مرور الوقت من التطور بفضل نجاح ثورة الإمام الخميني وبجهود الأركان العسكرية للجمهورية الإسلامية في إيران، من أمثال علي أكبر محتشمي ومحمد صالح حسيني على سبيل المثال لا الحصر، بعد انتصار الثورة في إيران.
font change