اللاجئون الأفغان في إيران ...أوضاع معيشية متدهورة ومصير مجهول

عددهم نحو 3 ملايين شخص ويتعرض مليون منهم إلى مخاطر التشرد

اللاجئون الأفغان في إيران ...أوضاع معيشية متدهورة ومصير مجهول

* باحث إيراني: الكثير من المهاجرين الأفغان من الهزارا والطاجيك والأوزبك وحتى الباشتون والقوميات الأخرى اعتبروا إيران ملاذهم الوحيد خلال الأزمات السياسية في بلادهم بسبب الروابط اللغوية والمذهبية والحضارية المشتركة بين البلدين.
* المنظمة الدولية للهجرة: أكثر من 463ألف مواطن أفغاني مقيمون في إيران عادوا إلى بلادهم منذ الأول من يناير وحتى يوليو 2018، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.
 

طهران:  لا توجد إحصائية دقيقة حول المهاجرين الأفغان في إيران، ولكن آخر الإحصائيات تفيد بأن عددهم يتراوح بين مليونين و450ألفا و3ملايين شخص. ويفتقر نحو مليون شخص منهم إلى بطاقات الإقامة في إيران مما يعرضهم إلى مخاطر التشرد. وأدى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وعودة العقوبات على إيران والهبوط غير المسبوق للعملة الوطنية وارتفاع نسبة التضخم إلى تدهور الظروف المعيشية لمئات الآلاف من المهاجرين الأفغان. كان المهاجرون الأفغان يسافرون سابقا إلى إيران بهدف الحصول على الوظيفة وإرسال الأموال لعوائلهم في أفغانستان. ولكن المهاجرين الأفغان في إيران لم يعودوا يتمكنون من تأمين معيشة عوائلهم في أفغانستان بسبب هبوط العملة الإيرانية أمام العملة الأفغانية، فمن جهة لم ترتفع نسبة الأجور، ومن جهة أخرى فإن أسعار معظم السلع والمواد الغذائية في إيران شهدت ارتفاعا غير مسبوق.

وتحدثت التقارير الرسمية عن عودة عدد من المهاجرين الأفغان إلى بلادهم في الوقت الذي انخفض فيه الطلب للحصول على التأشيرات إلى إيران. ويفضل الكثير من المهاجرين الأفغان السفر إلى دول على غرار الإمارات وتركيا وحتى الدول الأوروبية، بهدف كسب أجور أعلى والتمتع بحياة كريمة بعيدا عن الممارسات التمييزية القومية والدينية وأيضا بسبب شعورهم بالخوف من أن يتم اعتقالهم في إيران ومن ثم ترحيلهم إلى أفغانستان.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن سليمان صويلو وزير داخلية تركيا قوله إن عدد المهاجرين الأفغان الذين تم تهريبهم بشكل غير شرعي عبر الحدود الشرقية التركية بلغ 27ألف مواطن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري. كما نقلت الوكالة عن مهاجر أفغان قوله: «قررت التوجه إلى تركيا بسبب ظروفي الاقتصادية الصعبة والبطالة في إيران كما أن السلطات الإيرانية هددتني بأن يتم ترحيلي إلى أفغانستان ففكرت بأن أتوجه إلى تركيا ليكون لدي مكان أقيم فيه. في البداية كنت قلقا من أن يتم اعتقالي من قبل الشرطة الإيرانية ولكنها لم تعتقلني».

وأفادت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) بأن أكثر من 463ألف مواطن أفغاني يقيمون في إيران عادوا إلى بلادهم منذ الأول من يناير (كانون الثاني) وحتى يوليو (تموز) 2018وذلك بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وهبوط قيمة العملة الوطنية وما زال هناك المزيد من الأفغان يعودون إلى بلادهم.

وأشار فرزان رمضاني بونش كبير المحللين والباحث في شؤون المنطقة في تصريحات لـ «المجلة» إلى التطورات السياسية في النظام السياسي في أفغانستان ووجود الاتحاد السوفياتي في البلاد والحروب التي خاضها المجاهدون والاتحاد السوفياتي وحضور طالبان، مضيفا: «كانت إيران وباكستان من الدول التي استضافت المهاجرين الأفغان خلال هذه الفترات».

وقال رمضاني إن الكثير من المهاجرين الأفغان من الهزارا والطاجيك والأوزبك وحتى الباشتون والقوميات الأخرى اعتبروا إيران ملاذهم الوحيد خلال الأزمات السياسية وزعزعة الأمن في بلادهم وذلك بسبب الروابط اللغوية والمذهبية والحضارية المشتركة بين البلدين. وأضاف: «لقد عاد جزء من اللاجئين الأفغان في إيران إلى بلادهم بعد الإطاحة بطالبان وتشكيل نظام جديد في أفغانستان ولكن الكثير منهم خاصة من الشباب فضلوا البقاء في المحافظات الإيرانية المختلفة ومواصلة عملهم هناك بشكل رسمي أو غير رسمي وذلك بسبب استمرار البطالة وتدهور الظروف الاقتصادية في أفغانستان».

ويقول فرزان رمضاني بونش لقد انخفضت قيمة الأجور التي كان يحصل عليها العمال الأفغان (العاملون بشكل رسمي أو غير رسمي) بشكل كبير وأحيانا إلى أقل من الثلث خلال الأشهر الستة الماضية وذلك بسبب هبوط قيمة الريال الإيراني أمام العملة الأفغانية وعدم استقرار سوق العملة وتذبذب أسعار الدولار.

وتابع فرزان رمضاني بونش بأن العمال الأفغان والكثير من اللاجئين الأفغان أخذوا يفكرون بالعودة إلى البلاد والدخول إلى مجالات عمل جديدة. فعاد جزء منهم إلى أفغانستان وتوجه جزء آخر إلى دول على غرار تركيا وعدد من الدول الأوروبية وأستراليا وحتى دول الخليج للحصول على وظيفة. وعدد المهاجرين الأفغان الراغبون في مغادرة إيران مرشح للارتفاع بسبب زيادة المشاكل الاقتصادية وأزمة العملة والتضخم في البلاد. وستنخفض موجة مغادرة المهاجرين الأفغان من إيران في حال احتواء التذبذبات في أسعار العملة. من جهة أخرى فإن السلطات الإيرانية أخذت تعتمد سياسات مختلفة حول اللاجئين الأفغان من خلال زيادة الضغط عليهم وتطرد هؤلاء اللاجئين – رجالا ونساء وأطفالا بلا عوائل - من البلاد، مما أثار قلق السلطات الأفغانية. وأشار تقرير المنظمة الدولية للهجرة (IOM) إلى طرد 13ألف مهاجر أفغان من إيران من فترة 19إلى 25نوفمبر (تشرين الثاني) 2017حيث دخلوا البلاد عن طريق ولايتي هرات ونيمروز. هذا في الوقت الذي تحذر فيه السلطات الإيرانية أصحاب العمل من توظيف الرعايا الأفغان وتهددهم في فرض غرامات عليهم. وأدت هذه العوامل إلى زيادة موجة مغادرة المهاجرين الأفغان من إيران. ويتم توظيف العمال الأفغان في الأغلب في أعمال البناء والوظائف الجسمية الشاقة والتي لا يقبل أغلب الإيرانيين القيام بها. وكثيرا ما يحدث بأن أصحاب العمل لا يدفعون نفس الأجور القليلة للعمال الأفغان أو يدفعون لهم أجورا أدنى مما يحصل عليها زملاؤهم الإيرانيون. ويخشى العمال الأفغان الاحتجاج وتقديم الشكاوى ضد أصحاب العمل بسبب عدم امتلاكهم لبطاقات إقامة رسمية والخوف من الترحيل إلى أفغانستان.

وقال عضو اللجنة الاجتماعية البرلمانية في إيران، رسول خضري، في تصريحات سابقة: «يجب على الحكومة تحمل المسؤولية بهذا الشأن. كيف تستطيع الحكومة توفير الوظائف للملايين من الأفغان في حين تعجز عن توفير فرص عمل لنحو 7ملايين و300ألف شاب عاطل عن العمل في إيران».

وأفادت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير بعنوان «ضيوف غير مرحب بهم: انتهاك حقوق اللاجئين والمهاجرين الأفغان في إيران»، وأضاف: «رغم أن الأوضاع في أفغانستان ازدادت سوء خلال الأعوام الأخيرة ولكن السلطات الإيرانية فرضت قيودا مشددة بشأن إجراءات اللجوء للأفغان».

font change