قصة المسيرة العسيرة للعراقية الإيزيدية نادية مراد

من قبضة «داعش» إلى القبض على «نوبل للسلام»

قصة المسيرة العسيرة للعراقية الإيزيدية نادية مراد


رسم: علي المندلاوي

 - 1
 - كان يمكن للعالم أجمع أن لا يسمع حكاية نادية مراد، الفتاة ذات الخامسة والعشرين ربيعاً، والمولودة عام 1993 في أسرة كبيرة العدد، في قرية (كوجو) الواقعة في شمال العراق. كردية القومية، إيزيدية الديانة، وتؤمن بالتوحيد.
 
 - 2
 - لقد حلمت نادية في طفولتها بأن تكون صاحبة صالون تجميل العرائس، وحين تعلمت صار وعيها أكبر، فحلمت بأن تصير أستاذة في التاريخ.
 
 - 3
 - بعد وقوع نادية في الأسر مع أهلها الإيزيديين من قبل تنظيم داعش، قررت أن تقوم بمغامرة الهروب، وصار عليها أن تصاب بمصيبة الزواج بالإكراه، وبات عليها أن تفكر في حيلة للنجاة والهروب، وتأجيل أحلامها التي صارت كوابيس، وبات عليها أن تزرع في نفسهاالأمل في الخلاص والنصر.
 
 - 4
 - كان شعار نادية: النجاة أو الموت، فلا حياة تحت جناح «داعش»، وصارت تفكر في أن تنقذ حياتها وحياة أهلها خارج حياة لا تشبه إلا الموت.
 - وقد قام تنظيم داعش أثناء اقتحام قرية نادية بارتكاب مجازر ذهب ضحيتها عدد لا يحصى، وكان من بينهم أم نادية، وستة إخوة لنادية.
 
 - 5
 - نادية كانت تستذكر دروس التاريخ، التي تعج بانتصارات الشعوب على القهر، وقد عزمت على أن تنقذ حياتها وحياة أهلها من حياة لا تشبه إلا الموت البطيء، ولا مناص من الأمل في النجاة، ولا بد من التضحية، وهذا ما كتبته في كتابها وشهادتها التي كانت بعنوان: «الطفلة الأخيرة».
 
 - 6
 - ولأنه لا سيف لنادية ولا سلاح لها غير الحيلة. فقد عزمت على المغامرة بالقفز الحر من الطابق الثاني في المبنى الذي خصصه تنظيم داعش للنساء الأسيرات، ونجت بنفسها، ورغم التعثرات فقد وصلت إلى مكان آمن خارج العراق.
 
 - 7
 - لقد عرفت نادية وذاقت مع أهلها معنى الاضطهاد الجسدي...
 - والعرقي والمذهبي، وقاومت من أجل الحفاظ على الذات الإيزيدية.
 - وكانت تتوفر على وعي حقوقي مبكر من أجل تكريس جهدها لتكون صوتا ولسان دفاع عن قومية بلا مساند لها ضد العدوان على قومها الإيزيديين.
 
 - 8
 - وعرفت نادية أن العدو لن يدخر جهده في حراسة التحركات ومحاولات الفرار من قبل السجناء...
 - ولقد خلق تنظيم داعش الرعب والموت في صفوف الإيزيديين الذين قاوموا التنظيم قدر طاقتهم، وتمسكوا بديانتهم.
 
- 9 -
- 2016 هو رقم السنة السعيدة على نادية، فقد خبأ لها هذا العام في جرابه ما يلي: 
 - في يناير (كانون الثاني): رُشحت من قبل الحكومة العراقية لجائزة نوبل للسلام.
 - وفي سبتمبر (أيلول): عينتها الأمم المتحدة سفيرة للنوايا الحسنة لمكافحة المخدرات والجريمة.
 - وحصلت على جائزة فاتسلاف هافيل لحقوق الإنسان.
 - وحازت جائزة سخاروف لحرية الفكر، مناصفة مع مواطنتها لمياء حجي بشار. 
 
- 10 -
 - أما عام 2018 فهو عام التزويج، والتتويج، وفرصة العمر، ففي شهر أغسطس (آب)، تزوجت نادية مراد من العراقي عابد شمدين في ألمانيا.
 
- 11 -
 - ويبقى 5 أكتوبر (تشرين الأول) هو يوم الإعلان الذهبي والعالمي عن فوز نادية بجائزة نوبل للسلام.
 - وفي حفل التسليم، كانت نادية تقف واثقة لإلقاء خطبة دون بكاء وبلا دموع، فما كان يسمع شيء وسط الحضور سوى دموع الحضور من الرجال والنساء، وقد أعقبه وقوف الحضور وتصفيقهم الطويل الذي كاد يشبه العويل.
 
- 12 -
 - لقد تطهرت قرية كوجو من تنظيم داعش، وعادت نادية إلى موضع بيتها المهدوم بالكامل، فتنظيم داعش لم يترك الأثر من البشر أو الشجر أو الحجر.
 
13-
- ولكن، آخر أخبار الأمل الجميل، يشير إلى قرار نادية المُنَوْبَلَة التي سوف تخصص أموال جائزة نوبل لإقامة وبناء مستشفى في بلدتها لعلاج ضحايا «داعش» من النساء.
 
font change