البرلمان الايراني يبحث كفاءة الرئيس قبل "اللعب" في "التومان"

البرلمان الايراني يبحث كفاءة الرئيس قبل "اللعب" في "التومان"

[caption id="attachment_2377" align="aligncenter" width="620" caption="نهاية الأصفار في العملة الايرانية "]نهاية الأصفار في العملة الايرانية  [/caption]
بدأ اصوليو التيار المحافظ في عقد اجتماعات مكثفة لبحث "طرح كفاءة الرئيس" على البرلمان، وليس استجوابه، أو مساءلته فقط، وذلك بعد أن قام البنك المركزي الإيراني في نهاية الاسبوع الماضي بإطلاق موقع جديد على شبكة الإنترنت، أعِدَّ لمواكبة عملية الإصلاحات المالية التي أقرَّتها الحكومة الإيرانية الأسبوع قبل الماضي، والتي سيتم في إطارها حذف الأصفار الأربعة من العملة الوطنية - الريال - التي يطلق الإيرانيون تسمية "التومان" على عشرة منها.
فقد أطلق البنك المركزي الإيراني في نهاية الاسبوع الماضي موقعا جديدا على شبكة الإنترنت، أعِدَّ لمواكبة عملية الإصلاحات المالية التي أقرَّتها الحكومة الإيرانية الأسبوع قبل الماضي، والتي سيتم في إطارها حذف أربعة اصفار من العملة الوطنية - الريال - التي يطلق الإيرانيون تسمية "التومان" على عشرة منها أوضح البنك المركزي الإيراني أن الموقع (Reform.cbi.ir) على شبكة الإنترنت سوف يقوم بتزويد الاقتصاديين ووسائل الإعلام والمواطنين بمعلومات دقيقة حول الإصلاحات.وسيقوم بالردّ على الأسئلة التي سيتم طرحها بالنسبة للموضوع والقيام باستفتاءات الرأي العام فيما يتعلق بالإصلاحات وفتح منتديات على شبكة الإنترنت لمناقشة الموضوع ولطرح آراء ودراسات لها ارتباط بالخطَّة.
وبدأ البنك المركزي الإيراني الأسبوع الماضي بطرح استفتاء للرأي العام وسط زوار الموقع الذي قد أعِدَّ، من بين أمور أخرى، لاقتراح اسم للعملة الجديدة. من بين أربعة الأسماء الجديدة التي تم طرحها تجدر الإشارة إلى الأسماء التالية: "تومان" (Toman)، "ريال" (Rial)، "فارسي" (Parsi) و"دريك" (Daric). ويبدو أن الاسم الرائد وسط الزوار الذين شاركوا حتى الآن في الاستفتاء هو "فارسي".
وفي بيانٍ خاص قام البنك المركزي الإيراني بنشره، جاء أنه خلال العامين الأخيرين أن خبراء من قبل البنك، درسوا الأبعاد المختلفة للإصلاحات وتم تحويل نتائج ذلك إلى الحكومة تمهيداً للبحث الذي تم فيه إقرار الإصلاحات. وطُرحت خلال الجلسة الحكومية ضرورة إطلاع الجماهير على المعلومات المطلوبة بالنسبة للإصلاحات التي مَن يُعدُّ المسؤول عنها هو نائب محافظ البنك المركزي للشؤون الاقتصادية. ويرأس نائب محافظ البنك المركزي مقراً خاصاً كان قد عقد خلال الأشهر القليلة الماضية جلسات أسبوعية تمت خلالها مناقشة الأبعاد المختلفة المتعلقة بتطبيق الخطَّة.
واتخذت الحكومة الإيرانية الأسبوع قبل الماضي قراراً نهائياً بحذف أربعة الأصفار من العملة الوطنية وسط سجال بين الحكومة والاقتصاديين في البرلمان إذ يتطلَّب قرار الحكومة مصادقة البرلمان (مجلس الشورى الاسلامي) عليه. وقدَّر محافظ البنك المركزي الإيراني، محمود بهمني في تصريحات نقلتها وكالة أنباء فارس، أن الإصلاحات لن تستكمل الا بعد ثلاث سنوات على الأقل.
وكانت خطَّة حذف الأصفار من العملة المحلية، طُرحت قبل سنوات عدَّة في إطار جهود التعاطي مع أزمة التضخُّم المالي التي أضرت كثيراً بقيمة العملة الإيرانية، واضطرَّت البنك المركزي إلى إصدار أوراق نقدية بمبالغ باهظة بقيمة كل ورقة مابين 50,000 و 100,000 ريال. وفي آب أغسطس 2008 قامت الحكومة بتشكيل لجنة خاصة لجس نبض الشارع ومعرفة انعكاسات الإصلاحات المالية التي سيتم في إطارها حذف ثلاثة أو أربعة أصفار من العملة المحلية.

صرف الأنظار

ويرى المراقبون أن محافظ البنك المركزي الإيراني محمود بهمني يحاول صرف الأنظار عن الانهيار المحتمل للتومان، بالترويج إلى أن التومان سيصبح مكافئاً للدولار الأمريكي بعد حذف الأصفار. والدعاية نفسها يتبناها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي يسعى للإيحاء بأن التكافؤ مع الدولار دليل على قوة إيران الاقتصادية. فبدلاً من سعر الصرف الحالي للتومان الذي يبلغ 10.600 تومان في مقابل الدولار الأمريكي، سيصبح السعر الجديد 1.06 تومان في مقابل الدولار، اضافة الى أن حذف الأصفار ، سيساعد - من وجهة نظر حكومية - على احتواء التضخُّم المالي كما حدث في الدول الأخرى، مثل تركيا، التي قامت باتخاذ إجراءات مماثلة. غير أن معارضي الخطَّة ينظرون لها من واقع أنه نظراً لغياب التغييرات في السياسة الاقتصادية الحكومية لن تحمل الإصلاحات في طياتها أي تأثيرات حقيقية وأن لجم التضخُّم المالي هو شرطً ضروريً مسبقاً لتحقيق الإصلاحات في العملة.
وحذَّرت صحيفة "دنياي اقتصاد" أي " عالم الاقتصاد "، الاقتصادية اليومية، من حذف الأصفار، وقالت "إن السلطات الإيرانية تُركز جهودها على تطبيق الإصلاحات في العملة الوطنية بدلاً من التركيز على حلِّ المشاكل الاقتصادية الرئيسية التي تُواجهها إيران". وقد جاء في مقالٍ رئيسي نشرته الصحيفة، يوم 16 تموز/ يوليو 2011 أن الخطَّة لحذف أربعة الأصفار من العملة المحلية لا يجوز لها أن تكون على رأس سلم الأولويات الاقتصادية لأنه ليس من شأنها أن تُوفِّر حلا للمشاكل الرئيسية التي يُواجهها الاقتصاد الإيراني في أعقاب تطبيق الإصلاحات في سياسة المخصصات المالية والعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران".
وأضافت "إن التركيز المبالغ فيه من قبل الحكومة الإيرانية وأعضاء مجلس الشورى ووسائل الإعلام والخبراء الاقتصاديين على الإصلاحات في العملة قد يُؤدي لى تجاهل التحديات الرئيسية التي يُواجهها الاقتصاد الإيراني ، وإلى استفحال أزمة التضخُّم المالي".
وينظر الخبير الاقتصادي، سعيد ليلاز الى هذه الخطة بحذر شديد وهو يعتقد " أن حذف الأصفار من العملة الوطنية لن ينطوي على أي تأثيرات ملموسة على الاقتصاد الإيراني في ظروفه الراهنة". ويكتب في نفس الصحيفة "إن تحقيق أهداف الإصلاحات يستوجب العمل المسبق على لجم التضخُّم المالي ووجود ليبيرالية اقتصادية". مشددا على "أنه و في الأوضاع التي يتواصل فيها ارتفاع نسبة التضخُّم المالي والتي تُكثِّف الحكومة في إطارها تدخلها في الاقتصاد، ونظراً للمشاكل لتي يُواجهها الاقتصاد التي تنبع من تحقيق الإصلاحات في سياسة المخصصات المالية - فلا قيمةَ لتطبيق الإصلاحات في العملة الوطنية".
وفي هذا الواقع تخشى الدوائر المعارضة لخطة الاصلاحات في العملة المحلية أن التركيز على تحقيق الإصلاحات التي من المتوقع أن تكون ثمارها ضئيلة والتي تتطلَّب موارد كثيرة، قد يُؤدي إلى صرف الأنظار عن المشاكل الاقتصادية الحقيقية التي يُعاني منها الاقتصاد الإيراني وبما فيها:
• التضخُّم المالي.
• وقف التنمية الاقتصادية.
• خفض حجم الاستثمار في القطاع الإنتاجي.
• انعكاسات العقوبات الاقتصادية.
• ارتفاع نسبة البطالة.
• "هروب الأدمغة" الإيرانية.
• الانخفاض في نسبة إنتاج النفط وفي نسبة تصديره.
ومن وجهة نظر محايدة يرى الخبراء الاقتصاديون أنه ستضاف أعباء حذف الأصفار من العملة وتغيير اسمها، الى النتائج السيئة والأعباء الاقتصادية التي أسفرت عنها حتى الآن خطة رفع الدعم الحكومي عن السلع الحياتية، والتي يقول الخبراء والمعارضون من داخل التيار المحافظ نفسه خصوصا الاصوليين، إنها لم تفلح في نزع فتيل التوتر من مجتمع مايزال يضم مناطق تسمى في الأدبيات الرسمية بـ" المناطق المحرومة "، رغم مرور أكثر من واحد وثلاثين عاما على ثورة بشرت بالعدل والحرية والرفاه الاجتماعي، فيما تستمر الحكومة في سياسة أوتيل العلاقات بين ايران ودول المنطقة والغرب، وانتخاب لغة تصعيد خاصة في شأن ملفها النووي، وأن هذه الخطوة لن تحول دون انهيار كامل للعملة الإيرانية، التي تواجه أصعب التحديات بسبب العقوبات الدولية المفروضة على طهران.
قرار حذف الأصفار لا يعدو كونه محاولة "بائسة" لإخفاء حقيقة مفادها أن الحكومة الايرانية قد خسرت معركة الدفاع عن التومان عند مستواه الحالي، وهي تخطط لـ"توجيه" تخفيض تدريجي لقيمة عملتها بنسبة تراوح بين 25 و30 في المائة، لكن خبراء ومراقبين يعتقدون أن البنك المركزي الإيراني لن يكون قادراً بعد ذلك على التحكم بقيمة التومان. مما يرجح عندها انهيار التومان بشكل كامل، ومخاوف من فشل الحكومة في إدارة الانكماش المالي وتوجيهه بنجاح، بما يؤدي الى انهيار الثقة في التومان وتراجع قيمته بشكل دراماتيكي، وبالتالي انهيار الثقة تماما بالرئيس.
ولهذا أخذت ترتفع في البرلمان، الأصوات المطالبة بحجب الثقة عن الرئيس بعد خلافه المعلن مع المرشد آية الله علي خامنئي حول وزارة الاستخبارات، واعتقال مقربين منه بتهم التجسس والانحراف والفساد المالي، ودعم خطة لاقصاء رجال الدين عن نظام الجمهورية الاسلامية، يقودها صهره ومستشاره الخاص اسفنديار رحيم مشّائي.

نجاح محمد علي
font change