هل تنجح في إيجاد مسار دستوري للدولة الليبية؟

اجتماعات الفرقاء الليبيين في القاهرة...

اجتماع سابق في المغرب

هل تنجح في إيجاد مسار دستوري للدولة الليبية؟

* الأطراف الليبية تبدي مرونة خلال المفاوضات للوصول إلى اتفاق سياسي شامل
* الفرقاء الليبيون يعلنون عن رغبتهم في عقد جولة ثانية في مصر لاستكمال المناقشات حول الترتيبات الدستورية
* رئيس المخابرات العامة المصرية يشدد على ضرورة أن يكون الحل ليبياً ليبياً

القاهرة: خلال الأيام الثلاثة الماضية شهدت العاصمة المصرية القاهرة اجتماعات بين الفرقاء الليبيين والتي اختتمت باتفاق بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى في ليبيا على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية والوصول إلى صيغة توافقية حول الدستور فضلا عن التوافق على صياغة اتفاق قانوني يضمن ترتيبات دستورية توافقية تسمح بتفعيل الاتفاق السياسي الشامل.
وكشف مصدر مسؤول داخل تلك الاجتماعات عن أن الفرقاء الليبيين أبدوا مرونة كبيرة خلال الحوار، موضحاً أن الجانبين أعربوا عن رغبتهم في عقد جولة ثانية في مصر لاستكمال المناقشات حول الترتيبات الدستورية، ولكي يجري مجلس النواب حوارا مجتمعيا للوصول الى توافقات دستورية تسمح بالمضي قدما في المسار الدستوري داخل ليبيا.
وأكد مراقبون أن مباحثات القاهرة حول المسار الدستوري الليبي من الممكن أن تؤدي إلى إجراء انتخابات تشريعية تعيد تكوين سلطة منتخبة من الشعب فى الوقت الذي يشهد فيه الملف الليبي تحركات دولية وإقليمية مكثفة  بهدف الوصول إلى حلول تُنهي أزمة البلد الذي دمرته الفوضي وانتشرت فى ربوعه الميليشيات والجماعات المتطرفة المدعومة من قطر وتركيا.
خلال الاجتماعات كان لرئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل كلمة رحب خلالها بالوفود الليبية المجتمعة فى القاهرة، مشيداً بدور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لدورها فى دفع سبل حل الأزمة، وأكد فيها على ضرورة أن يكون الحل في ليبيا بعيداً عن أي تدخلات خارجية.
وأكد الوزير عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية، خلال كلمته التي وجهها للفرقاء الليبين والحضور، على تقديم مصر الدعم الكامل لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، مؤكدا أن مصر صادقة فى نواياها للحفاظ على أمن واستقرار وسيادة الدولة الليبية التى يرتبط استقرارها وأمنها باستقرار مصر، مشدداً على ضرورة أن يكون الحل ليبياً ليبياً، بعيدا عن أية تدخلات خارجية، وعلى ضرورة نبذ الخلافات بين الأطراف الليبية، مؤكدا أن مصر ليس لديها أجندة خاصة هناك وان هدفها الأول هو دعم الدولة الليبية، موضحا أن المسار الدستوري يدعو لإيجاد حل سياسي شامل، مشيداً بما تم التوصل إليه في اجتماع الغردقة بين العسكريين. 
الاجتماعات التي استضافتها العاصمة المصرية القاهرة كانت برعاية الأمم المتحدة، حيث شارك فيها وفد من مجلس النواب ضم كلا من إسماعيل الشريف وعيسى العريبي وعز الدين بوراوي وزياد دغيم وعز الدين قويرب وانتصار شنيب وصباح جمعة، حيث ناقش الوفدان الخيارات القانونية والدستورية التي يمكن طرحها على ملتقى الحوار السياسي الليبي للمضي قدماً في الترتيبات الدستورية لحل الأزمة الليبية التي طال أمدها، خاصة أن اجتماعات القاهرة تأتي بعد مفاوضات بوزنيقة والتي عقدت في المملكة المغربية، وبحثت معايير تقاسم المناصب القيادية بالوظائف السيادية، وتوحيد مؤسسات البلاد.
وقبل اجتماعات القاهرة استضافت مدينة الغردقة المصرية بمحافظة البحر الأحمر أيضا محادثات أمنية وعسكرية بين وفد من الجيش الليبي وآخر يمثل حكومة الوفاق حيث انتهت تلك الاجتماعات بتوافق بين الطرفين فى أمور عديدة أبرزها الإسراع بعقد اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 بلقاءات مباشرة خلال الأسبوع، والإفراج الفوري عن كل من هو محتجز على الهوية من دون أي شروط أو قيود، كما تضمنت توصيات اجتماعات الغردقة اتخاذ التدابير العاجلة لتبادل المحتجزين بسبب العمليات العسكرية وذلك قبل نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري عبر تشكيل لجان مختصة من الأطراف المعنية، حيث شمل الاتفاق بين الفرقاء الليبيين إيقاف حملات التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية واستبداله بخطاب التسامح والتصالح ونبذ العنف والإرهاب.
يقول الكاتب الصحافي المصري خالد محمود الخبير المتخصص في الشأن الليبي، حول اجتماعات القاهرة، إن الرئيس التركي رجب إردوغان ليس سعيدا باستضافة مصر لكثير من المحادثات لإيجاد دستور جديد لليبيا، موضحا أنه إذا لم تنسحب القوات التركية أو الميليشيات المسلحة المدعومة منها من ليبيا وتفكيكها فإنه يصعب وجود أرضية لمحادثات سلام في ليبيا.
 

عناصر ميليشيات في طرابلس الليبية(أ.ف.ب)
 


وأكد الخبير المتخصص فى الشأن الليبي أن الإخوان هم الطابور الخامس في كل الدول العربية وليس مصر فقط، وأنهم خططوا مع أنقرة إلى إنشاء إمارة خاضعة لهم في ليبيا.
واختتمت اجتماعات القاهرة فى الوقت الذي تستعد فيه لاستقبال الفرقاء الليبيين المشاركين في الملتقى الجامع أوائل نوفمبر(تشرين الثاني) القادم، فيما طالبت الجزائر بإشراكها في الحوار الليبي حيث جاءت تلك الاستعدادت مع تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، بالقاهرة أن هذه المساعي تهدف إلى تثبيت الموقف الحالي على أرض الواقع في ليبيا وفق الخطوط المعلنة، سعياً إلى التوصل لحل جذري وشامل لاستعادة الاستقرار والأمن في ليبيا من خلال المسار السياسي ونتائج مخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة، وصولاً إلى الاستحقاق الانتخابي، مشدداً على أن التنسيق المشترك وقوة الإرادة ووحدة المواقف العربية من شأنها فرض محددات وخطوط الأمن القومي العربي.​
فيما أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري في بيان سابق له أن هناك أطرافًا دولية تحاول زعزعة الاستقرار في ليبيا، مؤكدا أن مصر منذ بداية الأزمة الليبية وهي تؤكد أن التسوية السياسية المتمثلة في التوافق وخارطة الطريق الليبيين، هي التي ستحقق مصلحة الشعب الليبي، وتمنع أي تدخل في شؤون الدولة، خارج النطاق العربي والإقليمي، مشيرا إلى وجود توافق بالكامل حول أهمية الحفاظ على استقرار الدول والمحيط العربي وعدم التدخل في شؤونها.
وفي ختام مباحثات القاهرة التي استمرت 3 أيام أصدر المجتمعون بيانا أكدوا فيه أن جلسات الحوار شهدت مناقشات قانونية حول إمكانية الاستفتاء علي مشروع الدستور الحالي من عدمه، معربين عن رغبتهم في عقد جولة ثانية من المفاوضات في القاهرة، بهدف استكمال المناقشات البناءة حول الترتيبات الدستورية، ولكي يجري مجلس النواب حوارا مجتمعيا للوصول إلى توافقات تسمح للبلاد بالمضي قدما في المسار الدستوري.
من جانبه، أكد المحلل السياسي الليبي عبد الباسط بن هامل أن الهدف من اجتماعات القاهرة هو لم شمل الفرقاء الليبيين لكي ينعم الشعب الليبي بالعيش في تنمية وسلام كباقي الشعوب، مشيرا إلى أن ولاء تنظيم الإخوان وأرباب الجماعات المتطرفة ليس لليبيا كعناصرهم الهاربين من مصر وإنما ولاؤهم للمرشد الموجود في كلا من قطر وتركيا وأفغانستان وهدفهم الوحيد هو هدم الدول ونهب ثروات الشعوب.
وتعليقاً على وثائق هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، والتي تم الكشف عنها مؤخراً بشأن ليبيا وكشفت عن تقديم الدعم والأسلحة للمعارضيين بهدف إضعاف ليبيا، ونشر الفوضي بها، أكد المحلل السياسي الليبي أن هذا الأمر ليس مفاجأة وإنما جاء تأكيداً لنظرية المؤامرة التي لطالما تم الحديث عنها وكان يقابلها البعض باستهجان وهي سقوط الدولة الوطنية موضحا أن هناك فرقا بين تجربة النموذج المصري والنموذج الليبي، فالأولى نجحت في إسقاط المؤامرة ودفنها في 2013 أما النموذج الليبي فما زال خطيرا والمؤامرة قائمة خاصة مع التدخلات التركية هناك ودعمها للميليشيات الليبية معربا عن أمله فى أن يتم تنفيذ ما تم التوافق عليه بين الأطراف الليبية فى القاهرة.

font change