رسالة سعودية لخير البشرية

القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي:

افتتح الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، القمة

رسالة سعودية لخير البشرية

* ما شهدته القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي استهدفت تقديم الجديد في رؤية القادة والخبراء المشاركين في فعالياتها الافتراضية
* إقدام المملكة العربية السعودية على تنظيم القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي والتي عقدت افتراضيا بسبب تفشي جائحة كورونا، إنما يعكس مدى الاهتمام والحرص الذي توليه المملكة للبناء من أجل المستقبل
* مثلت هذه القمة خطوة في المسار الذي انتهجته المملكة ممثلة في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي للارتقاء بالاقتصاد الوطني القائم على البيانات وتعزيز الابتكار والإبداع

باكو: «نسعى لأن نصبح ملتقى رئيسياً للعالم، للشرق والغرب، نحتضن الذكاء الاصطناعي ونسخر قدراته معاً ونطلق إمكاناته لخير الإنسانية جمعاء»... 
بهذه الكلمات المعبرة عن الولوج إلى المستقبل، والواردة في كلمة ولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتى ألقاها نيابة عنه الدكتور عبد الله بن شرف الغامدي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، انطلقت أعمال القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي والتي تأتي ضمن فعاليات رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين، حيث يقوم على تنظيم هذه القمة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، تحت شعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»، وشارك فيها صناع القرار والخبراء والمختصون والأكاديميون في القطاعات الحكومية والخاصة من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الشركات التقنية الرائدة والمستثمرون ورجال الأعمال. وقد سعت هذه القمة إلى أن تصبح بمثابة منصة عالمية تستهدف استكشاف ما يعنيه المشهد العالمي الجديد للذكاء الاصطناعي، وإمكانات استخدامه على الوجه الأمثل لبناء مستقبل أفضل للجميع. 
وجدير بالإشارة أن هذه القمة اكتسبت أهميتها في هذا التوقيت تحديدا من جانبين: الأول، أنها جاءت في العام الذي شهد جائحة فيروسية عرفت بجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وما أحدثته من تغيرات وتحولات عدة في أنماط حياتنا جميعا، وكان لتطبيقات الذكاء الاصطناعي دور مهم في التعايش مع تداعيات هذه الجائحة. ولذا أصبحت ثمة ضرورة ملحة لمزيد من الدراسة والنقاش حول الذكاء الاصطناعي وكيفية تعظيم الاستفادة من تطبيقاته ومخرجاته، وهو ما أكد عليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كلمته في افتتاح القمة بقوله: «2020 كان عاماً استثنائياً لاختبار إمكانيات الذكاء الاصطناعي، في الوقت الذي نشهد فيه تشكل حالة عالمية جديدة، تعيد تعريف أساليب حياتنا وأعمالنا وتعلمنا، كل هذا يدعونا جميعا إلى التفكير والعمل بجد للاستفادة من الذكاء الاصطناعي وإطلاق أقصى إمكاناته في سبيل الارتقاء بمجتمعاتنا واقتصاداتنا». أما الجانبالثانيفيتعلق بما يشهده عالم اليوم من تزايد الفجوة الرقمية يوما بعد يوم بين من يملكون المعرفة ومن لا يملكونها. بمعنى أكثر تحديدا بين عالمين؛ عالم يسابق الزمن، وعالم لا يزال يغوص في غيابات التخلف والفقر والصراع، ومع تزايد هذه الفجوة تزداد المخاطر والتحديات التي تواجه الجميع، خاصة تلك الدول التي لا تزال في عالم التخلف والفقر، وهو ما يستوجب إعادة النظر في كيفية تعظيم الاستفادة من مردودات الذكاء الاصطناعي ليستفيد منها الجميع. 
ومن هذا المنطلق، جاءت هذه القمة التي دعت إليها المملكة حرصا منها على معالجة المصاعب التي تواجه العديد من الدول العاجزة عن مسايرة ركب التقدم الرقمي وعلى الأخص في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أشار إلى ذلك ولي العهد السعودي في كلمته الافتتاحية بأن المملكة أخذت على عاتقها زمام المبادرة: «لمعالجة هذه التحديات وتقليص الفجوة في الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي»، داعيا إلى ضرورة التعاون بين الجميع، بهدف: «رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي بما يخدم المجتمعات كافة، ويقدم المشاركة على التنافس، ويركز على سبل الاستخدام الموثوق والمسؤول للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، خدمة للبشرية»، وهذا الهدف هو الذي عبر عنه شعار القمة «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية». 
في ضوء ما سبق، يستعرض هذا التقرير من خلال محورين أبرز ما شهدته القمة العالمية للذكاء الاصطناعي وما حققته المملكة من نجاحات على هامش تنظيمها سعيا لتصبح نموذجا رائدا في هذا المجال، وذلك على النحو الآتي: 

 

القمة العالمية للذكاء الاصطناعي 2020
 


 
أولا: قمة الذكاء الاصطناعي ... ما الجديد؟ 
ليست مبالغة القول إن ما شهدته القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي إنما استهدفت تقديم الجديد في رؤية القادة والخبراء المشاركين في فعالياتها الافتراضية، سعيا إلى التوصل لاستراتيجية عالمية قادرة على الاستفادة من الإمكانات المتعددة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي وفي الوقت ذاته تمنحهم القدرة على التعامل بحرفية مع تحدياته ومشكلاته التي يمكن أن تعصف بكثير من قدرات الدول والمجتمعات إذا لم تكن لديها الاستعدادات الكافية للتعامل مع انعكاسات هذه التحديات وتداعياتها. 
ولذا، فإلى جانب المساهمة الواسعة من صناع القرار والخبراء والمتخصصين في فعاليات هذه القمة حديثا ومشاركة ومناقشة، برزت بعض الانشطة التي عقدت على هامشها في تسليط الضوء على قضايا وإشكاليات جديدة من ناحية، وتركيز الاهتمام على مجالات وقطاعات واعدة من ناحية أخرى. فعلى سبيل المثال نظمت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)فعاليات ما أطلقت عليه «تحدي نيوم»وهو يمثل أحد مسارات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، والذي يهدف لإيجاد حلول رائدة ومبتكرة لمواجهة التحديات المستقبلية في مدينة الحالمين «نيوم»بابتكارات طلاب وطالبات الجامعات السعودية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وقد تجاوز عدد المشاركين في التحدي 400 طالب وطالبة بمختلف المراحل الجامعية، من 39 جامعة حول المملكة، ساهموا في تدعيم مدينة المستقبل «نيوم»بابتكارات تهدف لخلق بيئة مستدامة في 3 مجالات حيوية تمثل مسارات التحدي وهي: الطاقة، والترفيه، والنقل. وتوّج الفائزون عن المسارات الثلاثة في هذا التحدى بجوائز بقيمة تتجاوز 500 ألف ريال، بعد تحكيم المشاركات من قبل لجنة مكونة من 3 جهات: وزارة التعليم، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، ونيوم.
 
ثانيًا: المملكة ومخرجات قمة الذكاء الاصطناعي ... نتائج متميزة
توجت قمة الذكاء الاصطناعي بمخرجات ونتائج مثمرة حققتها المملكة العربية السعودية، تجلت بشكل رئيسي في توقيع ثلاث اتفاقيات استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك على النحو الآتي: 

  1. توقيع مذكرة تفاهم بين المركز الوطني للذكاء الاصطناعي السعودي وشركة هواوي الصينية، هدفت إلى التعاون الاستراتيجي لتفعيل البرنامج الوطني لتنمية القدرات والذي يستهدف تطوير إمكانات الذكاء الاصطناعي المحلية، إذ بمقتضى هذه المذكرة ستتولى شركة هواوي دعم برامج تدريب المهندسين والطلاب السعوديين المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي، فضلا عن التطوير المشترك لرفع إمكانيات الذكاء الاصطناعي الخاصة باللغة العربية، مع عمل الطرفين على استكشاف فرص تطوير منصة لدعم القدرات الوطنية وتوطين الحلول التقنية المحلية في هذا المجال.
  2. توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)وشركة «علي بابا للحوسبة السحابية»، تهدف إلى تأسيس شراكة استراتيجية لقيادة الابتكار في المدن الذكية في المملكة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يمكنها من الاستجابة بفاعلية أكبر لاحتياجات ورغبات السكان للارتقاء بجودة الحياة. بمعنى أكثر تحديدا تستهدف هذه المذكرة جعل المدن السعودية أكثر استدامة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، كذلك جعلها أكثر ذكاء، فضلا عن تعزيز الأمن والسلامة.ويأتي ذلك من خلال تطوير الحلول الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في عديد من القطاعات؛ بما في ذلك: السلامة والأمن، والنقل، والتخطيط الحضري، والطاقة، والتعليم، والصحة، وغيرها، وذلك من خلال الاستفادة من إمكانات منصات الذكاء الاصطناعي لدى «علي بابا»لتمكين مدن المملكة من إدارة الخدمات العامة بذكاء، وتطوير حلول تجعلها أكثر مرونة واستجابة لاحتياجات سكانها.
  3. توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)والاتحاد الدولي للاتصالات، حيث تمهد هذه المذكرة لإجراء الدراسات المطلوبة لضمان الاستقلالية والمصداقية، واكتساب فهم جديد لدور الذكاء الاصطناعي في الإصلاحات المؤسسية المرغوبة، انطلاقا من جهود الاتحاد الرامية لدعم جاهزية الدول والتعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي، وإيجاد منظومة معترف بها عالميا تتولى حشد الموارد وتوفير الدعم للجهات الرسمية لتبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، واعتمادها لتلبية مختلف متطلباتها الاقتصادية، وذلك من خلال مشاركة الاتحاد مع المملكة لتطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، مع إبراز كيفية رعاية ودعم الشركات الناشئة والحاضنات الجديدة والناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.
تكريم الفرق الفنية في مسابقة آرتاثون الذكاء الاصطناعي للفن، ثاني أيام القمة العالمية للذكاء الاصطناعي
 
 

منتهى القول إن إقدام المملكة العربية السعودية على تنظيم القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي والتي عقدت افتراضيا بسبب تفشي جائحة كورونا، إنما يعكس مدى الاهتمام والحرص الذي توليه المملكة للبناء من أجل المستقبل، ذلك البناء الذي يمثل المواطن السعودي ركيزته الأساسية وحجر زاويته الرئيسية، إدراكا بأن التنمية لا يمكن أن تنجح إلا بوجود رأسمال بشري متطور قادر على استيعاب متطلبات الواقع الراهن والتعامل مع تحديات القادم. 
ولذا، مثلت هذه القمة خطوة في المسار الذي انتهجته المملكة ممثلة في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي للارتقاء بالاقتصاد الوطني القائم على البيانات وتعزيز الابتكار والإبداع عبر اعتمادها على ثلاث أذرع هي: مكتب إدارة البيانات الوطنية، ومركز المعلومات الوطني، والمركز الوطني للذكاء الاصطناعي، وذلك كله تطبيق عملي لرؤية المملكة 2030. 
ومن ثم، جاءت هذه القمة للعمل على استكمال الخطط والاستراتيجيات الهادفة إلى تطوير قدرات المواطن وإتاحة الفرصة له في المجالات كافة لتأسيس مشاريع وطنه المستقبلية، معتمداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوفير البيئة الحاضنة التي تتبنّى هذه التقنيات المبتكرة، لتصبح المملكة في طليعة دول العالم في هذا المجال كما أكد على ذلك ولى العهد السعودي في كلمته الافتتاحية في هذه القمة حينما دعا: «كافة الحالمين والمبدعين والمستثمرين وقادة الرأي للانضمام لنا في المملكة لنحقق معاً هذا الطموح ونبني نموذجا رائداً لإطلاق قيمة البيانات والذكاء الاصطناعي لبناء اقتصادات المعرفة والارتقاء بأجيالنا الحاضرة والقادمة».

font change