برلمانيون وسياسيون فرنسيون: رفع حظر السلاح عن إيران خطأ استراتيجي كبير

طالبوا الحكومة ورئيس الجمهورية باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان تمديد الحظر

برلمانيون وسياسيون فرنسيون: رفع حظر السلاح عن إيران خطأ استراتيجي كبير


* دخل النظام الدولي في مرحلة فوضى، حيث تتعرض الهياكل المتعددة الأطراف التي شكلت العمود الفقري لاستراتيجية التأثير لدينا للتحديات، كما أدّى الوباء إلى تسريع هذه العملية
* سيؤدي السماح للنظام الإيراني باقتناء الأسلحة بحريّة وكذلك بيعها، وبالتالي تصديرها، حتماً إلى سباق تسلح في الشرق الأوسط. المستفيد الرئيسي سيكون الميليشيات الإسلامية الشيعية التي تسلحها طهران وتمولها

باريس: وصل هذا القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى منتهاه بتاريخ 18 أكتوبر (تشرين الأول). تجديده يمثّل أداة أساسية لاستعادة أو الحفاظ على السلام والأمن الدوليين. هذا ما أكّده عبر «منبر حرّ» صدر على صفحات يوميّة «لوموند»، جمع من البرلمانيين من الأغلبيّة والمعارضة، من بينهم وزراء أوّلون، ووزراء خارجيّة أو دفاع سابقون، من بينهم برنارد كازنوف ودانييل كوهن بنديت وبرنارد كوشنير.
دخل النظام الدولي في مرحلة فوضى، حيث تتعرض الهياكل المتعددة الأطراف التي شكلت العمود الفقري لاستراتيجية التأثير لدينا للتحديات، كما أدّى الوباء إلى تسريع هذه العملية. يسعى القادة المشاغبون إلى استخدام هذا الارتباك المتزايد لتوسيع نفوذهم من خلال اتباع سياسة توسعية ومزعزعة للاستقرار.
في مواجهة هذه التحديات الهائلة، سيمثّل التهرّب من المسؤوليّة أسوأ موقف، حين يتمّ استبعاد الهيئات المتعددة الأطراف بعيدًا عن الملفات الأكثر حساسية، والحال أنّ النزاعات التي لم يتم حلها تواصل إضعاف هذه الأخيرة. ينطبق هذا بشكل خاص على قضية الحظر المفروض على الأسلحة من وإلى إيران الذي فرضه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عملاً بقرار مجلس الأمن 2231. انتهى هذا الحظر في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. عدم التجديد يمثّل خطأ استراتيجيًا كبيرًا، ستظهر تداعياته إلى أبعد من منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية.
نحن برلمانيون وقادة سياسيون من الأغلبية كما من المعارضة، شديدو التعلّق بالاستقلالية الاستراتيجية لبلدنا، كما نودّ التأكيد بدءا، أن هذه المقاربة لا تعني بأيّ حال الاصطفاف مع الموقف الذي تدافع عنه الإدارة الأميركيّة الحاليّة، علمًا أنّ بعضنا على خلاف عميق مع هذه الإدارة. هذا الأمر لا يجعلنا نغضّ الطرف عن التداعيات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية الخطيرة التي سيحدثها حتمًا رفع حظر السلاح عن إيران.
 
عامل زعزعة للاستقرار...
هذا القرار الكارثي سيسهم أولاً في زيادة العداء في الشرق الأوسط وسيشكل عاملاً جديداً لزعزعة الاستقرار في منطقة تمر بأزمات خطيرة. في هذا السياق، اتخذ التنافس الإيراني السعودي منحى مقلقًا بشكل خاص في الأشهر الأخيرة.
تصطدم هاتان القوتان الإقليميتان في صراع غير مباشر، ولكنه عنيف بشكل متزايد في العراق وسوريا واليمن ولبنان. إن خطر نشوب حرب مفتوحة حقيقي لأن العوامل التي تغذي هذه المواجهة عديدة: الصراع على القيادة الإقليمية، التنافس الآيديولوجي والديني، وكذلك الاقتصادي في ارتباط بسوق المواد الأوليّة.
رفع الحظر على الأسلحة ستكون له عواقب وخيمة أخرى، شديدة الضرر بشكل خاص بالأمن والاستقرار الإقليميين. سيؤدي السماح للنظام الإيراني باقتناء الأسلحة بحريّة وكذلك بيعها وبالتالي تصديرها حتماً إلى سباق تسلح في الشرق الأوسط. المستفيد الرئيسي سيكون الميليشيات الإسلامية الشيعية التي تسلحها طهران وتمولها. تؤدي هذه الحرب التي تشنها الميليشيات إلى تفاقم الانقسامات الآيديولوجية والعرقية والمذهبية التي تشكل أرضًا خصبة للصراعات في الشرق الأوسط.
ارتكبت الميليشيات الشيعية الأفغانية والعراقية والباكستانية مجازر عديدة بحق المدنيين في العراق وسوريا. في اليمن، مكنت الحرب الأهلية التي انغمس فيها هذا البلد طهران من زيادة قدرتها على الأذى من خلال تزويد جماعة أنصار الله، المتمردين الحوثيين، بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة هجومية.
 
عقبة أمام الوساطة الفرنسية
في قطاع غزة، عززت إيران علاقاتها مع حركتي الجهاد الإسلامي وحماس الإرهابيتين الفلسطينيتين، اللتين تهددان بمغامرتهما العسكرية بجر الأراضي الفلسطينية إلى مواجهة أخرى مع إسرائيل. في لبنان، يشكل حزب الله، الجناح العسكري لإيران في أرض الأرز، العقبة الرئيسية أمام الوساطة الفرنسية.
أخذت هذه الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، التي تمثّل دولة داخل الدولة، اللبنانيين كرهائن، حيث أفشلت تشكيل حكومة مهمة، كان من الممكن أن تمكن هذا البلد العزيز على قلوبنا من الخروج من أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة. في أفغانستان، صعدت إيران دعمها لتمرد طالبان من خلال توفير التدريب والأسلحة والتمويل للأصوليين الإسلاميين.
سيؤدّي تزويد هؤلاء «الوكلاء» الموالين لإيران بالمعدات العسكرية المتطورة إلى تعريض قواتنا المشتركة في مختلف مسارح العمليات في الشرق الأوسط للخطر بشكل خطير. هذا التهديد حقيقي ومتعدد الأوجه.
قواتنا البرية والجوية والبحرية موجودة في المنطقة من خلال عملية «ضمان» في لبنان و«شمال» في العراق وسوريا. بلدنا هو أحد المساهمين الرئيسيين في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل). مع ذلك، تشكّل قدرات الضربات الدقيقة واستخدام أسراب من الطائرات دون طيار الهجومية من قبل الميليشيات الموالية لإيران، تحديًا كبيرًا ومتزايدًا لتأمين قواعدنا العسكرية، التي تعمل كدعم وإسناد لقواتنا في المنطقة.
 

الاعتراف بالضعف
يمكن لبلدنا أيضًا أن يدفع ثمن رفع حظر الأسلحة المفروض على إيران، على الأراضي الوطنية هذه المرة، لأن نظام الملالي متورط بشدة في دعم الإرهاب الدولي. قدمت العدالة البلجيكية مرة أخرى دليلاً على ذلك.
ثبت الآن أن مشروع الهجوم الإرهابي الذي استهدف تحالف الحركات المناهضة للدكتاتورية الإسلامية الإيرانية في 30 يوليو (تموز) 2018 في فيلبينت، كان «تصورًا باسم إيران وبطلب منها»، على حد تعبير المدعي العام الاتحادي. تم إحباط الهجوم في اللحظات الأخيرة في بروكسل، في نفس اليوم الذي تم فيه تسليم القنبلة إلى فرنسا.
أخيرًا ، من شأن رفع الحظر على الأسلحة أن يقوض بشكل خطير مصداقية الموقف الأوروبي بشأن مسألة الانتشار النووي والباليستي. ستكون مثل هذه الخطوة غير مرحب بها بشكل خاص، حيث كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرًا أن لدى الجمهورية الإسلامية مخزونًا من اليورانيوم الآن عشرة أضعاف الحد المسموح به بموجب الاتفاقية الموقعة في فيينا في عام 2015.
الافتقار إلى الحزم بخصوص الجانب التقليدي من الأسلحة الإيرانية بمثابة الضربة القاضية لهذا الاتفاق كما أن رفع الحظر على الأسلحة سوف ينظر إليه من قبل النظام على أنه اعتراف بالضعف. ومن شأن ذلك أن يمنح النظام الديني الإيراني، بحكم الأمر الواقع، شيكًا على بياض لتعزيز سياسته في التدخل الإقليمي ويشجع طهران على زيادة انتهاكاتها لالتزاماتها النووية.
 
دور الوسيط...
فرنسا بلد مهم في الشرق الأوسط. لدينا مزيج نادر من «القوة الناعمة»- نتحدث مع الجميع– و«القوة الصلبة»، يجسد ذلك وجودنا العسكري المعزز في الخليج العربي. لذلك، فإن بلدنا قادر على لعب دور الوسيط بين الأطراف المتحاربة، الأمر الذي يمكن أن يسمح ببدء عملية خفض التصعيد. ومع ذلك، فإن رفع الحظر المفروض على الأسلحة، على العكس من ذلك، سيعزز نظام الملالي على المضي قدما في منطقه التوسعي عن طريق زيادة تعزيز قدرته على الأذى.
إن اختيار الطريقة السهلة للخروج من محاولة حل قضية الحد من ترسانة الحرب الإيرانية «وديًا»، في ظل عدم وجود إطار قانوني دولي ملزم، سيكون بمثابة وهم وقد تكون عواقبه وخيمة. وفي هذا الصدد، نشير إلى أنه يوجد حاليا أربعة عشر حظرا على الأسلحة فرضها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. إن عمليات الحظر هذه أداة أساسية لاستعادة أو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
الاتحاد الأوروبي هو ركيزة التعددية وفرنسا أحد الضامنين الرئيسيين له. يقوم الدفاع عن التعددية على تعزيز سياسة دولية معنية بحقوق الإنسان والأمن الدولي والحل السلمي للنزاعات. هذه الأهداف تتعارض ببساطة مع رفع حظر الأسلحة المفروض على إيران، مما سيزيد من خطر نشوب نزاع مسلح دولي.
لذلك من الضروري العمل، وبأسرع وقت ممكن. لذلك ندعو الحكومة ورئيس الجمهورية إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان تمديد حظر الأسلحة واحترام إيران لجميع التزاماتها الدولية.
 
الموقعون الأوائل
  • أورور بيرجي، عضو البرلمان، وعضو لجنة الشؤون الثقافية
  • برنارد كازينوف، رئيس الوزراء السابق، ووزير الداخلية السابق
  • ب. إريك سيوتي، عضو البرلمان
  • دانيال كوهن بنديت، عضو سابق في البرلمان الأوروبي
  • فيليب داليير، عضو مجلس الشيوخ وعضو اللجنة المالية
  • أندريه جاتولين، عضو مجلس الشيوخ، ونائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة، ونائب رئيس لجنة الشؤون الأوروبية
  • ماير حبيب، عضو البرلمان، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية
  • آن هيدالغو، عمدة باريس
  • ميشيل هيربيون، عضو برلمان، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية
  • برنارد كوشنير، وزير الخارجية السابق
  • كريستوف لاغارد، عضو برلمان
  • فرانسوا ليوتار وزير الدفاع السابق، عضو برلمان وعضو لجنة الشؤون الثقافية والتعليم
  • برتراند سوري، عضو برلمان
  • رشيد تمال، عضو مجلس الشيوخ عن فال دواز، عضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة، PS
  • أندريه فاليني، عضو مجلس الشيوخ عن Isère، وعضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة، وزير سابق، PS
  • مانويل فالس، رئيس وزراء السابق
font change