هل يلتزم الفرقاء الليبيون بالاتفاق؟

بعد توافق اللجنة الدستورية على إجراء استفتاء حول مشروع الدستور

هل يلتزم الفرقاء الليبيون بالاتفاق؟

 

* هناك معوقات كبيرة متعلقة بالداخل الليبي تبدأ من الخلل البنيوي الذي تعانية لجنة (5+5) حيث افترضت وجود جيشين متواجهين أحدهما في غرب البلاد والآخر في شرقها وهذا غير صحيح على الإطلاق

* وقف إطلاق النار لا يعتمد على إرادة الطرفين أو أي أدبيات سياسية حقيقية بل يعتمد على ما يمكن أن نسميه «توازن الرعب»

* توقيع أمراء الحرب على اتفاق سلام يلتزمون فيه بنزع سلاحهم وتفكيك ميليشياتهم وإعادة تنظيم المؤسسة العسكرية والشرطية لا يكفي، فكما يحتاج ذلك إلى اتفاق سلام بين أمراء الحرب فهو يحتاج أيضا إلى التزامات دولية

 

القاهرة: أعلنت اللجنة الدستورية الليبية التوقيع على بيان جديد للتوافق على إجراء استفتاء حول مشروع الدستور في البلاد، وأكدت ضرورة الاتفاق على المسار الدستوري المؤدي إلى إجراء الانتخابات العامة يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، وهو ما فتح الباب على التساؤلات التي أثارها الإعلان، والتي يأتي على رأسها، مدى جدية الفرقاء الليبيين، والتزامهم بتنفيذ الاتفاق، خاصة في ظل الأوضاع الداخلية المتأزمة والتي أنتجها ارتكان الأطراف الليبية إلى عسكرة المشهد، والتي أدى وجود الميليشيات المسلحة فيها، إلى تعطيل جميع حلول السياسية، منذ اتفاق الصخيرات الموقع في العام 2015، بالمغرب، إضافة إلى وجود قوى إقليمية، ودولية لها نفوذها على الأرض الليبية، خاصة تركيا، وروسيا، وفرنسا، وإيطاليا، إضافة إلى دول أوروبية وإقليمية عديدة، تحمل كل منها أجندتها الخاصة، والتي تسعى من وراء تنفيذها، إلى تحقيق مكاسبها الخاصة على حساب الشعب الليبي ومقدراته، وثرواته.

«المجلة» من جانبها، سعت إلى طرح التساؤلات على بعض الخبراء والمتخصصين في الشأن الليبي، حول مدى التزام الفرقاء الليبيين، بتنفيذ اتفاق إجراء استفتاء على مشروع الدستور، والذي توافقت عليه اللجنة الدستورية، وهل سيتم وضع العراقيل أمام هذا الإجراء من بعض الأطراف التي تسعى إلى تحقيق مصالحها، أم إن الجميع سيلتزم بما تم التوافق عليه؟ وهل سيؤثر هذا الإجراء على شرعية الانتخابات القادمة التي تم إقرار موعد إجرائها في 24 ديسمبر (كانون الأول) القادم، رغم وضع البرلمان الليبي شروطا بأن يتم الاستفتاء على مشروع الدستور في كل إقليم على حدة، وأن تكون نتيجة كل إقليم هي التصويت بـ«نعم» بنسبة 50 في المائة + واحد، حتى يتم إعلان الموافقة على تمرير مشروع الدستور ليصبح دستورا عاما للبلاد، فيما تعتبر أطراف أخرى أن هذا الشرط هو أحد العراقيل لإتمام الاستفتاء، وهل يكون تعيين مبعوث أممي جديد عاملا مساعدا يساهم في دفع الأطراف إلى الالتزام بما تم التوافق حوله، أم سيكون مصيره مثل سابقية من الاتفاقات المجمدة منذ توقيع اتفاق الصخيرات، وتعود الدائرة مرة أخرى لتقع في يد أمراء الحرب وقادة الميليشيات، والقوى الإقليمية والدولية التي لها أجندات خاصة في ليبيا؟

ميليشيات في طرابلس الليبية (أ.ف.ب)

اختراق سياسي

في البداية قال المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: في الحقيقة يشكل اتفاق الطرفين على إجراء استفتاء على مسودة الدستور التي أنتجت في العام 2017، اختراقا كبيرا جدا، ولكنه اختراق سياسي يمكن أن يساعد في تجاوز الأزمة، ولكن لبالغ الأسف ليست السياسة هي أصل وأساس تجاوز الأزمة الليبية، فالأزمة الليبية أزمة أمنية، وبالتالي فإن مسألة نزع السلاح وتفكيك الميليشيات، ومسألة صناعة النفوذ الحكومي وتمكين السلطة القادمة، بخلاف كل السلطات التي حكمت منذ «فبراير» بأن يكون لها منظومة أمن قومي، «فيها جيش، وشرطة، وحرس بلدي، وجمارك، ومخابرات، وأمن داخلي، وأمن خارجي»، وبحيث تستقي هذه المؤسسات كل أوامرها من الحكومة وتعمل على وضع كل تطلعاتها، وقراراتها موضع التنفيذ وهو الأصل  والأساس في الأزمة الليبية، وهناك معوقات كبيرة متعلقة بالداخل الليبي تبدأ ببالغ الأسف من الخلل البنيوي الذي تعانية لجنة (5+5)، ففي لجنة (5+5) تم افتراض وجود جيشين متواجهين: جيش في غرب البلاد، وجيش في شرقها، وهذا شيء غير صحيح على الإطلاق، فغرب البلاد تسيطر عليه جماعات ميليشياوية، وأن الـ5 ضباط الذين يمثلون الميليشيات أو أمراء الحرب هم لا يمثلونهم عمليا بل إنهم ضباط افتراضيون ليس لهم وجود حقيقي في سلسلة القيادة، وبالتالي فهؤلاء لم يستطيعوا تحقيق شيء حتى الآن، لأن الضباط الخمسة الذين يتبعون الجيش الوطني صحيح أنهم يقعون في سلسلة قيادة صارمة ودقيقة وتستطيع أن تفي بالتزاماتها، ولكنهم يشكلون يدا واحدة لا تستطيع أن تصفق، والخمسة ضباط الافتراضيون من الطرف الآخر لا يملكون شيئا على الأرض، فليس لديهم أي نفوذ حقيقي في سلسلة قيادة يمكنهم أن ينسقوا من خلالها لتنفيذ المسائل المختلفة التي يمكن أن يلتزموا بها، وبالتالي نجد الآن أن الطريق الاستراتيجي لم يفتح، كما نجد أن وقف إطلاق النار لا يعتمد على إرادة الطرفين، ولا يعتمد على أي أدبيات سياسية حقيقية، بل يعتمد على ما يمكن أن نسميه «توازن الرعب»، الجيش يخشى إن تقدم غربا، أن يتواجه مع الأتراك، بينما الميليشيات تخشى إن توجهوا شرقا أن يتواجهوا مع المصريين، وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه وقف إطلاق النار الآن، وليس على إرادة الطرفين، بدليل أن هناك تحشيدا، وأن السراج يتخذ خطوات من طرف واحد مثل تأسيس جهاز دعم الاستقرار، وهو جهاز ميليشياوي بامتياز، وهو جهاز مسلح المفروض أن التزامات اتفاق جنيف العسكرية تمنعه كليا من اتخاذ مثل هذه الخطوة، ووجدنا وزير دفاع السراج نفسه يجمع كل القوى المسلحة في غرب البلاد، ويوقع معها اتفاق عدم اعتداء، وهوأمر سخيف ومضحك، لأنه لا يمكن لقوات موحدة تتبع حكومة واحدة سواء كانت عسكرية أو شرطية أن توقع اتفاقية عدم اعتداء فيما بينها، هذا يعني أننا أمام دويلات ميليشياوية يحكمها أمراء حرب، وأنها بحاجة إلى مثل هذا الاتفاق، أيضا فتحي باشاغا يفكر الآن فيما يمكن أن نسمية عملية «صيد الأفاعي»، وهي حل عسكري لميليشيات سوف تهاجم ميليشيات، وبما أن باشاغا لديه تحفظات على الميليشيات التي يخطط لمهاجمتها، فإن تلك الميليشيات أيضا لديها تحفظات عليه، وكما أن هذه الميليشيات التي يتهمها الآن بتهريب البشر، وتهريب الوقود وغيره، فهو أيضا سجله مليء بالمخالفات والانحرافات، وحتى بجرائم الحرب التي يتهمه بها الكثير من الأطراف الأخرى، أيضا في الوقت الذي يتخذ فيه السراج خطوات أحادية يقول الأميركيون إن الجيش الوطني أيضا يحفر خنادق على خط سرت الجفرة، وإن هذه الخنادق ضخمة، ويمكن حتى ملاحظتها من الجو، وأنها دليل على أن الجيش يخطط للدخول في حرب جديدة، وهذا يعني أن كل ما يجرى حتى الآن من مسارات سياسية مختلفة هي تقريبا تقوم على الماء، وبالتالي ما لم يتم احترام الآلية التقنية الوحيدة والمتطورة والتي استخدمت في أكثر من 59 نزاعا مسلحا بإعادة السلام إلى كثير من دول العالم وهي جمع أمراء الحرب حول مائدة التفاوض من أجل توقيع اتفاق سلام ينتهي إلى نزع السلاح وتفكيك الميليشيات، وإعادة توحيد وتنظيم وهيكلة المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية فلا أعتقد أن أيا من هذه المسارات سوف ينجح، لأن كل المسارات الأخرى من المفروض هي مسارات شكلية، لأن المسار الذي يقود كل هذه المسارات وما يفترض على الأقل هي القاطرة العسكرية، أو قاطرة المسار العسكري، وطالما أن المسار العسكري يشكو من كل هذه الإشكالات، ويشكو من الإخفاق والفشل حتى الآن، فلا أعتقد أن شيئا من الممكن أن يتحقق على المسارات الأخرى لأن المشكلة في الأصل والأساس هي مشكلة أمنية، أيضا توقيع أمراء الحرب لاتفاق سلام يلتزمون فيه بنزع سلاحهم وتفكيك ميليشياتهم، وإعادة تنظيم المؤسسة العسكرية والشرطية، وهذا لا يكفي، فكما يحتاج ذلك إلى اتفاق سلام بين أمراء الحرب فهو يحتاج أيضا إلى التزامات دولية، فعلى المجتمع الدولي أن يكون مستعدا لإجبار كل أمير حرب على الالتزام بما وقع عليه، ولو بالقوة في حالة إذا ما حاول التراجع عن التزاماته، أيضا نحن نحتاج إلى بعثة أمنية، ولا نحتاج إلى بعثة سياسية كي تنفذ أي اتفاق لنزع السلاح وتفكيك الميليشيات بل نحتاج إلى بعثة أمنية من القبعات الزرقاء تابعة لإدارة حفظ السلام بالأمم المتحدة، والتي تملك خبرات ضخمة في مجال نزع السلاح، وتفكيك الميليشيات والتي جربتها في عشرات الدول ولديها مخازن ضخمة قادرة على نصبها في الدولة التي يتم نزع السلاح فيها لكي تضمن أن الأسلحة التي جمعتها لا تعود وتتسرب من جديد، ولديها ورش متنقلة لتدمير الأسلحة التي من الممكن في حال تركها أن تعرض حياة المدنيين للخطر، أيضا هؤلاء لهم معسكرات ضخمة يجمعون فيها المقاتلين من أجل تعريضهم لبرامج بهدف إعادة تأهيلهم وتسريحهم، ودمجهم في المجتمع من جديد، وبالتالي ثمة بنية تحتية أساسية وجوهرية لم تتوفر حتى الآن لا لتنجح مباحثات (5+5) التي هي أساسا المسار الأكثر عقما حتى الآن، وما يجب أن يكون حاضرا ليس (5+5)، بل هو الجيش الوطني ومعه أمراء الحرب، فالخمسة ضباط  الافتراضيون، لا يجب أن يتواجدوا أصلا، بالإضافة إلى جملة المؤسسات الدولية التي تستطيع فعلا أن تقدم ضمانات حية، وحقيقية لتنفيذ أي اتفاق سلام يوقعه أمراء الحرب وينتهي إلى إقرارهم بنزع أسلحتهم وتفكيك ميليشياتهم، وفي ظني أن هذا هو السياق العام الذي إذا لم يتحقق فلن نصل إلى شيء، وفي كل الأحوال المسألة الآن تقريبا انتهت، فالسفير الأميركي، وستيفاني ويليامز أعتقد أنهما يحزمان حقائبهما، ويراجعون حاجياتهم في الأماكن التي يسكنون فيها لأنهم سيغادرون قريبا، وثمة إدارة جديدة بسياسة جديدة، ونوايا جديدة، وتطلعات جديدة، قادمة دخلت البيت الأبيض، وفي ظني أن إدارة الرئيس بايدن من صميم تطلعاتها فيما يتعلق بحل الأزمة الليبية إعادة تسليم ليبيا من جديد إلى الاتحاد الأوروبي، وكما إدارة أوباما تعتقد إدارة بايدن أنها يجب أن تقود من الخلف، وأعتقد أن عودة هيبة الناتو من جديد بسبب العقوبات والردع الشديد الذي سيتعرض له الرئيس التركي إردوغان الذي سلطه ترامب كي يثير الفتن في الناتو، والاتحاد الأوروبي، وأن إعادة هيبة الناتو سيكون ضحاياها أهم معولين من معاول الشر وتأجيج الفوضى في ليبيا، وهما تركيا وروسيا، وأيضا سيفسح المجال أمام عودة السلام والاستقرار إلى ليبيا، وفي ظني أن القادم من إدارة بايدن سيكون مهما جدا، وأن كل ما ستفعله ستيفاني سوف يتجمد الآن، أو يمر بمرحلة بيات شتوي إلى أن تقرر الإدارة الأميركية الجديدة ما ستفعله حيال ليبيا.

وقال عقيل: أعتقد أن الأجواء باتت مهيأة عمليا الآن لكي تخرج ليبيا من أزمتها، وأعتقد أن هذا السلوفاكي هو المبعوث الأممي الأخير الذي ستنتهي على يديه الأزمة الليبية، وهذا ما نأمله فعلا. 

يمثل الاتفاق على الاستفتاء حول مشروع الدستور خطوة للأمام لا بد من دعمها ويبقى التحدي هو تنفيذها على الأرض (غيتي)

خطوة للأمام تواجه تحدي تنفيذها

ومن جهة ثانية، قال الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي، في تصريحات خاصة لـ«المجلة» إنّ الاتفاق على إجراء استفتاء حول مشروع الدستور، هو بمثابة خطوة كبيرة للأمام، لكن تظل هناك تحديات تقف عثرة أمام تنفيذ أي اتفاق منذ توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب في العام 2015، وحتى التفاهمات الأخيرة، وأن القدرة على تنفيذ هذه الاتفاقات، ومنها الاتفاق على مشروع الدستور يحتاج إلى مؤسسات دولة عليها توافق تام من جميع الأطراف، كما يحتاج إلى قوة لإنفاذ القانون، وتفاهمات بين الأطراف على الأرض، ليس فقط تفاهمات سياسية، ولكن كما نعلم فكل طرف لديه أذرع مسلحة، وبالتالي فإن هناك قصورا لتنفيذ هذه الاتفاقيات على أرض الواقع، وهذه الاتفاقيات لا بد أن يصاحبها اتفاق على توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وهي عملية ليست سهلة، ولكن في نفس الوقت يمثل الاتفاق على الاستفتاء حول مشروع الدستور خطوة للأمام لا بد من دعمها، ويبقى التحدي هو تنفيذها على الأرض نتيجة الانقسام الموجود في مؤسسات شرق وغرب ليبيا، كما أن المشكلة هي أن المخرج قائم على فكرة الأقاليم الثلاثة، والتفاهمات السياسية التي حصلت هي أن السلطة التنفيذية سوف تتم من جميع الأقاليم الثلاثة التاريخية باختيار ممثلين لكل إقليم في مجلس الدولة وهذا واقع موجود على الأرض، لأن ما تم الاتفاق عليه في ملتقى الحوار في تونس، وفي لقاء جنيف الذي رعته الممثلة الأممية يشير إلى انتخاب الممثلين الثلاثة من الأقاليم الثلاثة وهنا وجهة النظر، التي تصر على ضرورة استفتاء الناخبين على حدة في كل إقليم، على أن يكون تمرير الاستفتاء بنسبة 50 +1 في كل إقليم تتماشى مع هذه المعطيات، لكن وجهة نظري أن الدستور يجب أن يكون معيار الاختيار فيه مختلفا عن معيار اختيار ممثلي السلطة التنفيذية، لأنه من المفترض أن يكون الدستور لحظة توحيد لكل الليبيين، ويكون هناك انفتاح على الدستور من كل الأقاليم الثلاثة، مع مراعاة المطالب المشروعة، وخصوصية كل إقليم، لكن الدستور ليس مطروحا فيه التقسيم أو أن الدولة فيدرالية، إنما هو نمط إداري لا مركزي، ويجب أن يكون الدستور دستورا للجميع يراعي الفروق بين الأقاليم الثلاثة، لكن مع أن يكون الاستفتاء موحدا، كما أن قوة الممثل الأممي السابق إلى ليبيا كانت وراءه الولايات المتحدة الأميركية، وبلا شك أن الممثل الأممي الجديد هو متابع جيد للملف الليبي، لكن ما نجحت فيه المبعوثة الأممية السابقة هو نجاحها في التواصل مع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الساحة الليبية، وليس فقط خلق تفاهمات بين الليبيين، وأعتقد أن المبعوث الجديد ستكون قدرته على التواصل مع القوى الإقليمية والدولية أقل، وربما يكون الدعم الدولي له أقل، ولكن في النهاية الاستفتاء على الدستور، له فرص نجاح أكبر من الاتفاقات السابقة لوجود آلية انتخاب السلطة التنفيذية، وهو ما يعني أن فرص النجاح أكبر، ولكنها ليست مؤكدة.

ليبيون خلال مظاهرة للمطالبة بالاعتماد على الدستور لحل النزاع، أمام مقر بعثة الأمم المتحدة في مدينة جنزور، غربي العاصمة الليبية (أ.ف.ب)

استمرار المشهد الضبابي

وقال عمدة قبيلة القناشات، وعضو لجنة المصالحة المصرية الليبية، العمدة عمران أمبيوه، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: الفرقاء الليبيون لن يلتزموا بالاتفاق على إجراء استفتاء حول مشروع الدستور، وذلك لعدة أسباب، أولها اختلاف الآيديولوجيات بين الشرق والغرب الليبيين من حيث الجهوية، فضلا عن محاولة استئثار الغرب الليبي بالمناصب المهمة، كما أن كل طرف يحاول بقدر المستطاع إطالة مدة بقائه هو وأتباعه في المناصب داخل الدولة لحصد أكبر قدر من المكاسب، وليس من السهوله تخليهم عن مقاعدهم الحالية وترك ما يحصلون عليه من امتيازات، ودعم خارجي، والاستئثار بعائدات الموارد النفطية الليبية والتي يتم التصرف فيها دون حسيب أو رقيب، كما أن تشبث الميليشيات المسلحة بقواعدها العسكرية يمكنها من الحصول على المغانم، إضافة إلى سيطرتها عن طريق امتلاك القوة العسكرية على مؤسسات الدولة، وهو أمر لا يمكن استبعاده أو إغفاله، وهو أحد الأمور المعرقلة لإتمام الاتفاق، كما أنه لا يمكن استبعاد هذه الميليشيات من المشهد السياسي، أو العسكري، وأن التحالفات الخارجية في ليبيا، وتدخلات الدول الخارجية مثل تركيا وفرنسا وإيطاليا وقطر والتي تتمسك بمصالحها، وتسعى إلى بقاء الوضع المنفلت في ليبيا كما هو، وبقاء الأزمة دون حل، وذلك لتحقيق مصالحها، والتحكم في موارد الدولة الليبية، وبسط نفوذها، وتمدده في شمال أفريقيا.

وأضاف عمران: كما أن تعيين مبعوث أممي جديد في ليبيا لن يسهم في حل الأزمة ما لم تتوحد القوى السياسية وتجد حلا للإشكالية الليبية- الليبية، وسوف يستمر المشهد الضبابي للدولة الليبية، ولا يمكن التكهن بحل الأزمة سريعا للاعتبارات المذكورة سلفا، كما سيظل تناحر الفرقاء مستمرا، في ظل الصراعات على الثروة، والسلطة.

 

 

 

 

font change