«Club House» دردشة ودية... أم تجسس إلكتروني؟

تطبيقات التواصل الاجتماعي والعلمي في ظل خصوصية غائبة

التطبيق المثير للجدل يشعل وسائل التواصل الاجتماعي

«Club House» دردشة ودية... أم تجسس إلكتروني؟

* تسجيل المحادثات ممكن بطرق تقليدية خارج التطبيق ولذلك الحديث عن الأمان التكنولوجي ليس واقعيا

* تثبيت ما سمي «إجراءات وقائية جديدة» من مطوريه لمنع حدوث اختراقات جديدة دليل على عدم الخصوصية

* التواصل البحثي والأكاديمي للطلاب والعلماء أهم مميزاته بعيداً عن نظريات التجسس والمؤامرات

* جميع التعاملات على الشبكة العنكبوتية يتم تسجيلها وتوثيقها إلكترونياً

* الموافقة على شروط الاستخدام تتيح بياناتهم ومعلوماتهم وصورهم

 

القاهرة: أثار تطبيق «club House» الإلكتروني حالة من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة، وأخذ حيزا إعلاميا مثيرا بين مستخدمي التطبيق الجديد الذي أعاد للأذهان «غرف الدردشة» و«البالتوك» القديمة في صورة أكثر تطورا من خلال تكنولوجيا جديدة تتماشى تماما مع سرعة عصر الإنترنت والتحولات التكنولوجية المتسارعة خاصة مع سهولة التواصل من خلاله، فهو عبارة عن بث صوتي مباشر بين مجموعة من الأفراد تتم دعوتهم للتطبيق من خلال شخص مسجل به (كأن يكون أحد المعارف أو الأصدقاء)، ولا بد للمشارك من الحصول على دعوة من أحد المشتركين في التطبيق، أو التسجيل من خلال موقعه الرسمي بوضع البيانات الشخصية ومن بينها رقم الهاتف، ويحدد المستخدم المواضيع التي تهمه للمشاركة فيها والهوايات المفضلة، وتعرض أمامه مقترحات للمشاركة في غرف متنوعة المجالات بحسب اهتمام المشارك الذي يمكنه إنشاء غرفة خاصة أو الانضمام لآخرين من خلال مناقشات صوتية معهم ويتحكم صاحب الغرفة في المشاركات من المنضمين ومن بينها السماح لهم بالحديث والمداخلات، ومثلت عملية الزيادة المفرطة في استخدام «club house» مؤخرا، خاصة بعد دخول عدد من أثرياء العالم ورجال الأعمال أصحاب المؤسسات الكبرى عليه، مثل الملياردير إيلون ماسك مؤسس شركة «تسلا»، مما أثار فضول الملايين من المتابعين حول العالم ورغبة في التسجيل بهدف الحصول على حساب عليه.

وأسس التطبيق اثنان من المطورين التكنولوجيين وهما بول دافيسون وروهان سيث مع بداية جائحة كورونا في شهر مارس (آذار) 2020 وذلك لتعزيز ثقافة التجمعات عن بُعد من خلال الاعتماد فقط على الصوت بين الموجودين والمتحاورين.

وتعزز عملية الترويج للتطبيق من قبل مطوريه ما يتمتع به من خصوصية في المناقشة دون فرض رقابة من التطبيق على الآراء الموجودة أو المناقشات المثارة بين مستخدميه بخلاف عدد من التطبيقات الأخرى، وكذلك حذف المشاركات الصوتية عقب خروج صاحب المشاركة، وتحظر الشركة مالكة التطبيق تسجيل أي محتوى من الموجودين إلا في حالة الحصول على إذن كتابي من جميع الموجودين.

 

إجراءات وقائية

وأكد عدد من خبراء الأمن الإلكتروني تعرض «club house» لعدد من الاختراقات الأمنية خلال المحادثات وهو ما أكده مطورو التطبيق من خلال إعلانهم عن تثبيت ما سموه «إجراءات وقائية جديدة» لمنع حدوث اختراقات جديدة، ولكن يحذر مختصون في الأمن السيبراني من وضع ثقة كبيرة في أمان التطبيق وبخاصة خلال الفترات الأولى من ظهوره واستخدامه لحين تأكيد سلامة وأمان استخدامه، خاصة وأنه يستخدم بعض الشركات لإدارة ما يسمى «الأنظمة الخلفية» داخل التطبيق ومن بينها الصوت والبيانات المتداولة خلاله، وبالتالي لا ينصح خبراء تكنولوجيا المعلومات ومن بينهم مرصد ستانفورد للإنترنت «SIO» بالثقة في تأمين المحادثات الخاصة داخل التطبيق من أي «تلصص» خارجي.

ويتم استخدام التطبيق خلال هواتف آيفون من شركة آبل للتكنولوجيا، ويؤكد مطوروه أنه سيمتد في وقت لاحق لجميع هواتف «أندرويد» مثلما أكد الرئيس التنفيذي باول ديفيدسون مؤخرا، وقلل المروجون لاستخدام التطبيق وأهميته من المحاذير الأمنية التي أثارها المتخوفون من استخدامه حرصا على أمان بياناتهم وخصوصياتهم خاصة وأن المناقشات الصوتية التي يعتمد عليها التطبيق لا يتم حفظها بداخله، ولا يمكن العثور عليها من خلال عمليات البحث، ويتم إلغاؤها خلال فترة قصيرة مثل تطبيق «سناب شات»، وهو ما فنده معارضو استخدام التطبيق خلال الفترة الحالية من أنه يمكن تسجيل المحادثات بطرق تقليدية من خلال أي من المتفاعلين داخل التطبيق.

 

يتحكم صاحب الغرفة في المشاركات من المنضمين ومن بينها السماح لهم بالحديث والمداخلات

 

ترويج وتلصص

وتداولت حلقات النقاش والتي كان من بينها بالطبع الكثير من المعلومات المغلوطة والإشاعات وكذلك المعلومات الموثقة والصحيحة من قبل المتابعين للتطبيق والمنضمين له وكذلك الخبراء في التكنولوجيا الرقمية ممن يوجدون على منصات «السوشيال ميديا» ومن بين المعلومات المتداولة سيطرة التطبيق على بينات المستخدمين بهدف التلصص أو لأهداف إعلانية وترويجية أخرى اشتهرت بها معظم التطبيقات على الهواتف الذكية، واختلفت الآراء كذلك حول الأهداف (سواء المعلنة أو الخفية) للتطبيق سواء من قبل المبرمجين والمطورين أو من المتابعين والمختصين.

ولم يجتمع المستخدمون للتطبيق كذلك على رأي حول أهميته وجدواه فمنهم من رأي فيه وسيلة تكنولوجية رائعة للتواصل تزداد أهميتها في الوقت الحالي تحديدا في ظل كورونا وعملية التباعد الاجتماعي المقررة في العالم كله بسبب الجائحة المرضية الحالية، وهو ما يعزز من أهمية «club house» ويثمن قيمته في التواصل خاصة إذا كان الهدف علميا كأن يجتمع مجموعة من الخبراء أو المتخصصين لدراسة شيء معين أو الحديث عن مشروع علمي في أي مجال من المجالات، وحتى إذا كان التواصل بهدف تجميع الأسر في قارات مختلفة بعدما أبعدتهم الظروف المتباينة والمختلفة، أو التواصل بين الأصدقاء أو الأقارب أو حتى الأشخاص الذين يجمعهم اهتمام فني أو رياضي أو سياسي أو اقتصادي للنقاش والتباحث حول قضية معينة، أو فتح التباحث حول القضايا الثقافية والفكرية بين كبار الكتاب وأقرانهم من شباب الفكر والأدب والثقافة، بالإضافة للعديد من الاهتمامات المختلفة، فيما يرى آخرون أنه مجرد «مضيعة للوقت»، ومجرد وسيلة إلكترونية جديدة لا تختلف كثيرا عن وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة في التواصل، وأنه ربما تحمل في طياتها أهدافا خبيثة للتجسس وسرقة البيانات مثلما حدث مع تطبيقات أخرى.

 

تواصل علمي

وبالنظر بشكل متجرد لتطبيق «club house» بعيدا عن هواجس البعض من نظريات المخاطر الأمنية أو التجسس على المستخدمين نجد أن إحدى فوائد استخدام تطبيقات التواصل «الجماعية» هي عمليات الدراسة المختلفة التي تقدم الكثير منها على مثل هذه البرامج والتطبيقات، وهو ما أتاح ولا يزال الآلاف من فرص التعلم عن بعد من خلال المدارس والجامعات التي أخذت في العمل بهذه التكنولوجيات المتطورة للتواصل مع طلابها عبر الفضاءات القارية المتعددة وعبر البحار والمحيطات، وكذلك توفير مئات الآلاف من الفرص أمام الطلاب والباحثين لتلقي العلوم المختلفة إلكترونيا، والتواصل مع المؤسسات العلمية والبحثة وتلقي الشهادات العلمية الموثقة في تغلب آخر على الحدود، ووجد الكثير من الطلاب فرصة للتعلم والبحث العلمي عبر مثل هذه التطبيقات.

 

حذر واجب

الأستاذ الدكتور فتحي قناوي أستاذ ورئيس قسم كشف الجرائم بالمركز القومي للبحوث الجنائية في مصر قال لـ«المجلة»: لا يوجد أمان بنسبة 100 في المائة مع تطبيقات المحادثات الجماعية على شبكة المعلومات الدولية ومن بينها بالطبع التطبيق الجديد المعروف «club house»، حيث إنه مثل باقي تطبيقات الإنترنت الموجودة في الفضاءات الدولية التي لا نتحكم فيها ولا نمتلكها، وبالتالي وطالما لا نمتلك هذه التطبيقات ونسيطر عليها فنحن نقف «مكشوفين» تماما فلا يوجد شيء اسمه «أمن المعلومات الكامل» بالنسبة للإنترنت، ولكي تحصل على هذا الأمن المعلوماتي فلا بد أن تمتلك شبكة خاصة بك من خلال ترددات خاصة بجهات معينة على سبيل المثال الشبكات الخاصة بالأجهزة الأمنية داخل الدولة، والمشكلة هنا أن أي شيء خاص بالإنترنت، والفضاء المعلوماتي المتداول عالميا ومن بينها التطبيقات الشهيرة «إنستغرام»، و«واتس آب»، و«تويتر» وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، تصبح البيانات الشخصية لمستخدميها في حوذة مطوري وملاك هذه التطبيقات، والأمثلة كثيرة في ذلك ومن بينها عندما نبحث عن أي شيء على محرك «غوغل» البحثي مثلا سيارة أو ماركة موبايل، سنجد أن إعلانات ما قمنا بالبحث عنه تطاردنا عند استخدام الهاتف الذكي أو الكومبيوتر، وستجد الإعلانات تمر تباعا على صفحاتك الخاصة على السوشيال ميديا، ونجد أيضا أن أي بيانات أو عمليات بحث يتم تخزينها على الإنترنت، وحتى الصفحات الخطأ التي تقوم بفتحها يتم تسجيلها إلكترونيا، وبالتالي لا يجب أن نضع ثقتنا في كل ما يتعلق بالإنترنت، ونتوخى الحذر في التعامل مع التطبيقات الجديدة».

 

أمان إلكتروني

وتابع: غرف الدردشة الحديثة أو ما يسمى حديثا بـ«كلوب هاوس» والتي تسمح بربط مجموعة من الأفراد من خلال شبكة تواصل والتي تستخدم من قبل دارسين وجامعات ومدارس وآخرين من مهن وتخصصات وتوجهات مختلفة بكل تأكيد تحتفظ بصور وبيانات وأسماء كل من يستخدمها، ولا بد في ذلك أن نمتلك الوعي بكيفية التعامل مع أي شيء يتعلق بالإنترنت عبر الفضاء الدولي، كذلك يجب أن نعرف جيدا ما هو الأمن السيبراني الذي يلهث وراءه العالم كله، لأنه الأساس في التعامل بأمان مع أي شيء على الإنترنت، ولن يكون ذلك كما أوضحت بنسبة 100 في المائة، ولكن على الأقل يتم تقليل المخاطر، وهناك العديد من الأمثلة في «السطو الإلكتروني» من خلال دول وأفراد على دول أخرى ومن بينها أميركا، القوة العظمى عالميا، والتي تعرضت للسطو من قبل دول أخرى معادية، والجميع تابع موضوع التدافع الإلكتروني بين الصين وروسيا وأميركا ومن بينها الاتهامات في فترة الانتخابات قبل الأخيرة، وكذلك الاستهداف الإلكتروني من خلال فيروسات إلكترونية عابرة للقارات تستهدف مؤسسات منشآت استراتيجية».

وحذر الدكتور فتحي قناوي من الاستخدام غير الواعي للبرامج والتطبيقات الإلكترونية.

وأضاف قناوي في حديثه لـ«المجلة»: عند استخدام الغالبية العظمي للتطبيقات الإلكترونية فإنه يتم قبول اشتراطات الاستخدام المطلوبة من قبل المطورين عند تحميل البرامج دون التحقق من شروط الاستخدام والتي قد يكون في معظمها قبول الاطلاع على بيانات المستخدم، وهو ما يتم الموافقة عليه دون وعي من البعض وبالتالي تصبح البيانات في حوذة مطوري التطبيقات وملاكها، ومن بين هذه الشروط التي يتم الموافقة عليها تناقل الصور والبيانات والمعلومات الخاصة بحساب المستخدم، وبالتالي فمعظم المستخدمين لا يملكون ثقافة التعامل مع هذه البرامج حتى من قبل من يملكون درجة عالية من التعليم ولكن في الوقت نفسه لا يملكون خبرات فيما يتعلق بالأمن المعلوماتي».

 

بيانات سحابية

وتابع: لدينا مشكلة كبيرة تتعلق بتخزين البيانات السحابية ومن بينها صور وفيديوهات وملفات، وهو أمر غاية في الخطورة، ولنتساءل أين يتم تخزين هذه البيانات، ومن يقوم بحفظها، وكيف يتم التعامل معها، وإلى من تقدم هذه المعلومات؟، فيجب التعامل بحذر مع كل تعامل إلكتروني».

وخلال رحلة التقدم التكنولوجي شهد العالم نماذج كثيرة ومتعددة للجرائم الإلكترونية، ومحاولات لاختراق مؤسسات وشركات كبرى يتعامل معها الملايين حول العالم، مما أحدث صدى كبيرا وكلف هذه المؤسسات عشرات بل مئات الملايين من الدولارات، وكان من بينها اختراق النظام الإلكتروني لسلسلة متاجر تارجت الأميركية التي تبلغ نحو 1800 فرع، وهو ما أدى إلى قرصنة حسابات الشركة، وأدى إلى سرقة معلومات بطاقات ائتمان لأكثر من 40 مليون شخص، وأرقام هواتف وعناوين أكثر من 70 مليونا من المتعاملين مع المتاجر بخلاف معلومات شخصية أخرى، وتمت العملية بعد أن قام القراصنة بتثبيت برمجيات خبيثة في أنظمة الحماية والمدفوعات لسلسلة المتاجر قامت بتخزين المعلومات الخاصة ببطاقات الائتمان التي تم استخدامها داخلها على مدار سنوات، وتم تحميل معلومات المترددين والسيطرة عليها من قبل القراصنة.

font change