نجحت في مجال ميكانيكا السيارات وافتتحت ورشتها الخاصة

تحدّت نظرة المجتمع وتشكيك الكثيرين

نجحت في مجال ميكانيكا السيارات وافتتحت ورشتها الخاصة

 

عُرفت سارة دياب ابنة قرية أبو نبهان بميت غمر في محافظة الدقهلية (نحو 150 كيلومتر شمال العاصمة المصرية القاهرة)، لأنها قررت اختيار عمل خاص بالرجال وتفوقت فيه، إنه ميكانيكا السيارات.

في طفولتها، اعتادت سارة، وهي الابنة الكبرى لأحمد دياب الذي يعمل ميكانيكي سيارات في ورشته الخاصة، على الذهاب بصحبة والدها في جولات عمله وأصبحت على دراية بمهاراته. نشأت الفتاة على حب مهنة والدها، وعلى الرغم من دراستها للتجارة فإنها حصلت على بعض الدورات في ميكانيكا السيارات أيضا.

أصبحت سارة بتشجيع من أسرتها تحظى بثقة كافية لكي تفتتح ورشة خاصة بها مع شقيقها محمد، والتي تقع على بعد مسافة قصيرة من ورشة والدها.

قالت سارة لـ«المجلة»: «عمل والدي في هذه المهنة منذ أكثر من 35 عاما، وهو ما جعلني أحبها وأرغب في الدخول في هذا المجال. كذلك كانت هوايتي قبل أن تصبح مهنتي منذ ثلاثة أعوام».

بداية المتاعب

على الرغم من أن الأخ والأخت يلجآن إلى مساعدة والدهما عند مواجهة مشاكل معقدة، فقد حققا شهرتهما، وخاصة سارة التي أصبح الجميع ينظر إليها باعتبارها متفوقة في ميكانيكا السيارات. وتوضح سارة أن العمل ذاته ليس صعبًا على النساء، ولكن يكمن التحدي في تحطيم الصورة النمطية بأن المرأة لا تجيد العمل في ميكانيكا السيارات.

وروت سارة لـ«المجلة»: «أصعب شيء واجهته عندما بدأت هو التعامل مع الناس لأنها تعد مهنة للرجال فقط. اعتدت التحلي بالجدية في الحديث مع الجميع حتى يعرف الجميع أنني لا ألهو، ولكني جادة بشأن عملي. وصممت على إثبات ذاتي».

في البداية لم يقبل الناس عمل سارة في الورشة ولم يؤمنوا أنها ماهرة بما يكفي، ولكنها تقول إن الأمر كله تغير بعد ذلك وأصبح طبيعيًا، بل إنهم باتوا يثقون بها لإصلاح سياراتهم ويعرفونها بالاسم وهو ما تراه نجاحًا كبيرًا في عملها... تقول سارة: «عندما بدأت أرتب لإقامة ورشتي المنفصلة شعرت أني نجحت وأني حققت شيئًا كبيرًا في حياتي. فأنا أحقق ذاتي وأبني حياتي العملية، ويجب أن أتحمل مسؤوليتها بمفردي».

 

شغف القيادة

كما هو الحال مع كل من يحب ما يعمل، تسعى سارة إلى إتقان حرفتها ولديها الشغف لتحقيق المزيد. لم يزعجها رد فعل الناس في البداية إذ كانوا غير مصدقين، وثابرت ونشرت قصتها على وسائل التواصل الاجتماعي ونالت قصتها ردود فعل هائلة تحمل دعمًا من الجمهور. بل بدأ العملاء يأتون إليها بعد قراءة القصة على وسائل التواصل. وتقول سارة إنه حتى التعليقات السلبية الغريبة منحتها قوة للاستمرار وعدم التوقف... «يعرفني كثيرون من صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا سعيدة لأن الناس يرسلون لي رسائل دعم طوال الوقت.

 

 

مخاطر

وكما هو الحال مع أكثر النساء المحترفات، تقول سارة إن عليها مضاعفة التركيز ومضاعفة الاجتهاد وتحقيق نجاح يفوق ما يحققه الرجال العاملون في مجال الميكانيكا حتى تستطيع أن تكسب ثقة الزبائن. كذلك العمل نفسه يتطلب جهدًا بدنيًا وتركيزًا.

وأوضحت سارة: «أريد أن يكون عملي صحيحًا بنسبة 100 في المائة حتى أفوز بثقة العميل. يجب أن لا تكون هناك أخطاء في عملية الصيانة حتى أحقق شهرة. وإذا لم أعط عملي انتباهي الكامل طوال الوقت، يمكن أن أتعرض لإصابة»، وتكمل: «أحيانًا ما يقع شيء ما عليَّ ويصيبني، على ساقي أو يدي. على سبيل المثال عندما أرفع محرك السيارة أو أستخدم الكوريك، يجب أن أركز جيدًا حتى لا يسقط عليَّ».

 

رحلة طويلة

دائمًا ما يكون للنجاح بعد التعب والاجتهاد حلاوة أكبر، وتعلمنا الرحلة التي تقودنا إلى مثل تلك الإنجازات كيفية التعامل مع التحديات، والصبر عليها وتساعدنا على بناء الثقة في أنفسنا. تقول سارة: «في البداية تصورت عائلتي وأصدقائي أنها فكرة عابرة وأنني سأتركها لأنني لن أستطيع مواجهة صعوباتها، ولكن بعد فترة، دعموني وأصبحوا فخورين بكل شيء حققته».

في الفترة الأخيرة، قدم محافظ الدقهلية أيمن مختار إلى سارة شهادة تقدير لتشجيعها وتثمين مجهودها وإصرارها على الدخول في هذا المجال والتفوق فيه على الرغم من اعتباره مهنة صعبة على النساء. وقال إن سارة دياب نموذج للفتاة المصرية.

وتوالت الجوائز بعد ذلك. حيث سردت سارة لـ«المجلة» قائمة التكريم التي حظيت بها: «كرمتني وزيرة الصناعة نيفين جامع، ووزيرة الهجرة نبيلة مكرم، ووزيرة التضامن الاجتماعي، وجمعية سيدات أعمال مصر».

font change