عضو مجموعة 22 لـ«المجلة»: الحل في الجزائر يبدأ بحوار وطني وإطلاق سراح معتقلي الرأي

الدكتور بابا عربي مسلم

عضو مجموعة 22 لـ«المجلة»: الحل في الجزائر يبدأ بحوار وطني وإطلاق سراح معتقلي الرأي

الجزائر: أكد عضو مجموعة 22 وهي مبادرة سياسية أطلقها سابقاً مجموعة من الشخصيات السياسية الفاعلة بالجزائر، الباحث في العلوم السياسية الدكتور بابا عربي مسلم، في حوار مع «المجلة»أن الانتخابات التشريعية القادمة لن تنهي حالة التجاذب التي يعيشها الجزائريون بشأن المسار الدستوري الذي أقرته السلطة، مؤكداً أن الحل لن يكون إلا بمجموعة إجراءات تفضي إلى حوار وطني شامل للوصول إلى حلول توافقية بين السلطة والمعارضة، أبرزها إطلاق سراح معتقلي الرأي، وتحرير وسائل الإعلام، وفتح منابر الحوار أمام نشطاء الحراك.

 

* الانتخابات القادمة تجرى في ظل تباين واسع في الشارع الجزائري، هناك انقسام واضح بشأن المسار الدستوري والانتخابي تحديداً الذي أقرته السلطة، هل تعتقد أن هذه الانتخابات ستضع حداً للاستقطاب الحاصل؟

- سبق وأن ضيع النظام فرصتين مهمتين لجعل الانتخابات جزءا من الحل السياسي للأزمة القائمة، فخلال السنتين الماضيتين تم فرض الانتخابات الرئاسية في ظل حالة رفض ومقاطعة كبيرة، وعلى الرغم من المأزق الذي شكلته حالة المقاطعة الواسعة إلا أن السلطة جازفت بفرض استحقاق آخر وهو استفتاء الدستور الذي سجل مشاركة جد متواضعة بلغت حدود 23 في المائة حسب الأرقام الرسمية، نفس الأجواء تخيم اليوم على الانتخابات التشريعية التي برمجت في ظروف تتميز بزيادة وتيرة التضييق على الحريات الأساسية، انتخابات تنظم في ظل قانون انتخابي يحمل الكثير من البنود الغامضة، وفي ظل استمرار منع الحركات السياسية المنبثقة عن الحراك الشعبي من النشاط القانوني، لذلك لا يمكنها أن تكون فرصة لحل الأزمة القائمة بل على العكس هي تسهم في تأجيل الحل وتعقيد الوضع.

 

* الداعمون والمؤيدون للمسار الانتخابي يبررونه بالأوضاع الاقتصادية المعقدة والمتأزمة التي تشهدها البلاد، والتي تستدعي حالة من الاستقرار، وتنازلات خاصة من جانب المعارضة والشارع؟

- قد يكون هناك اختلاف وتباين في تقدير كل طرف لمفهوم التنازلات المطلوبة لأجل مواجهة الأزمة الاقتصادية التي باتت على الأبواب، لكن من الواضح أن الحراك الشعبي هو الطرف الأضعف في معادلة القوة في مواجهة سلطة تملك كل وسائل الدعاية والتأثير، وكذا أدوات القمع والتضييق، كما تملك أيضا زمام المبادرة بالذهاب إلى إجراءات تهدئة حقيقية، ومباشرة حوار وطني جامع، يمكن أن يمهد السبل نحو حلول توافقية تسهم في دعم الجبهة الداخلية في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة.

 

* ما هو الحل برأيكم للأزمة الحالية؟

- الحل يبدأ بالاتجاه نحو خطوات جادة لبناء الثقة، من خلال توقيف المتابعات القضائية تجاه المتظاهرين السلميين، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتحرير وسائل الإعلام، وفتح منابر التعبير أمام نشطاء الحراك، والأهم هو إطلاق ورشات إصلاح حقيقية لإعادة النظر في القواعد الناظمة للحياة السياسية، فمن المؤسف أن الكثير من شباب الحراك الذين اتجهوا لتأسيس أحزاب سياسية قد وجهت طلباتهم بالرفض غير المبرر، كذلك الشأن بالنسبة لبعض النشطاء الذين انخرطوا في مسار الانتخابات الحالية ورفضت ترشيحاتهم بمبررات واهية أو بناء على تقارير أمنية. وهو ما يبين أن نفس الأساليب القديمة في إدارة العملية السياسية لا زالت سارية. الحلول السياسية يمكن أن تنتج عن حوار وطني جامع يخلص إلى أرضية توافقية للانتقال الديمقراطي.

 

* بالنسبة للحراك واستمراره، أقرت وزارة الداخلية قانون التصريح المسبق كيف تعلقون على هذه الخطوة؟

- أعتقد أن تكريس الحراك الشعبي كمرجعية في الدستور الجديد، يقتضي تعزيز حرية التظاهر وحماية مكتسبات الحراك السلمي لا النكوص عليها، فالدستور الجديد حسب صياغته يبدو أنه اتجه إلى تعزيز الحق في التظاهر عبر اعتماد مبدأ الإخطار، بدل الترخيص، لكن هذا المبدأ الدستوري قد أحال تنظيم هذه الممارسة إلى القانون، وإلى حد الساعة لم يصدر قانون جديد ينظم حق التظاهر، ويكرس مبدا التصريح، وبالتالي يمكن اعتبار ما صدر عن وزارة الداخلية اجتهادا في غير محله، إذ تحال مسألة تنظيم ممارسة الحريات العامة حصرا إلى القانون، ولا يمكن لوزارة الداخلية الاجتهاد في مسألة لم يصدر فيها نص قانوني بعد. ثم إن تقييد حرية التظاهر والتضييق على نشطاء الحراك يبدو اتجاها مناقضا تماما للخطاب الرسمي الذي يتحدث عن حراك شعبي مبارك أنقذ البلاد من الانهيار.

 

* ما يؤخذ على الحراك برأي البعض أنه لا يقدم حلولاً واقعية وملموسة، البعض يتهمه بالراديكالية في الشعارات المرفوعة؟

- الحراك الشعبي حالة مجتمعية تعبر عن رفض عام لممارسات سياسية كادت أن تعصف بكيان الدولة، حالة الرفض تلك عبرت عنها المسيرات الشعبية والشعارات السياسية المرفوعة، ومن حالة الرفض تلك انبثقت حركية فكرية تجسدت في العديد من الأرضيات المطلبية التي لا يمكن إحصاؤها، من أرضية عين البنيان إلى نداء مجمعي العشرين... كما انبثقت عنه حركيات سياسية عديدة بلغ عددها تقريبا حوالي 14 حزبا سياسيا تم رفض اعتمادها جميعا، أعتقد أنه لا يمكننا اتهام الحراك الشعبي بالعدمية أو العبثية، بالعكس هناك ثراء في المقترحات وتعدد في المبادرات، لكن في المقابل هناك عدم تجاوب مع ما يطرح وإصرار على المضي في الإجراءات الأحادية التي ثبت فشلها.

font change