وديع الحنظل لـ«المجلة»: بيئة الأعمال في العراق تعرقل جذب الودائع

رئيس رابطة المصارف العراقية الخاصة: سنجتاز الصعوبات

رئيس رابطة المصارف العراقية الخاصة وديع الحنظل

وديع الحنظل لـ«المجلة»: بيئة الأعمال في العراق تعرقل جذب الودائع

بيروت: شكلت التطورات السياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى جائحة كورونا تحدياً جدياً للمصارف العربية، لجهة تأثيره على الأرباح المتوقعة ونمو التمويل الذي قد يكون محدوداً خلال العام الحالي؛ حيث من المتوقع أن تركز المصارف على المحافظة على مؤشرات جودة الأصول بدلا من التوسع في منح تمويلات جديدة في ظل الأزمة الحالية. ويتمثل جزء من مخاطر التمويل في أن نسبة كبيرة من ودائع المصارف، وخاصة المصارف الخليجية، مصدرها الشركات الحكومية أو المملوكة للدولة، والتي تتراوح ما بين 10 في المائة و35 في المائة من إجمالي الودائع؛ حيث قد تقوم تلك الشركات بسحب جزء من تلك الودائع، بغرض تمويل الاحتياجات الطارئة المرتبطة بمكافحة الجائحة.

وتشير التوقعات إلى تراجع في ربحية غالبية المصارف العربية خلال العام 2020، وخاصة بسبب تأجيل استحقاقات القروض والارتفاع المتوقع في معدلات التعثر لدى عملاء المصارف. ومن المستبعد جدا أن يؤثر هذا التراجع في الربحية على ملاءة المصارف ومتانتها المالية بسبب نسب الرسملة العالية التي تحوزها واحتياطات السيولة الكافية.

يشير الموقع الرسمي للبنك المركزي العراقي إلى أن عدد المصارف المحلية والأجنبية العاملة في البلاد يبلغ 78 مصرفًا، بينها 7 مصارف حكومية و45 مصرفًا أهليًا، فضلًا عن 17 فرعًا لمصارف أجنبية عاملة في البلاد.

ورغم ذلك،فإن عددا مرتفعا من العراقيين لا يمتلكون حسابًا مصرفيًا، لأسباب عدة، لعل أبرزها عدم وثوق المواطنين بالمصارف فضلًا عن عدم تشجيع الدولة على التعامل معها، فلا يزال العراقيون يتعاملون بالعملة الورقية في جميع عمليات البيع والشراء والادخار وغير ذلك.

عراقيل عدة تعترض تطور النظام المصرفي في العراق، الذي لا يزال عاجزًا عن إقرار تشريع قانوني يضمن الودائع في البنوك الحكومية والأهلية، رغم أن مشروع القانون عُرض على الدورة البرلمانية السابقة بين عامي 2014 و2018 دون تمكن البرلمان من إقراره، وهو ما تسبب في أن تكون الكتلة النقدية العراقية المودعة في البنوك ضئيلة مقارنة بحجم الكتلة النقدية ككل.

ولعل عزوف العراقيين عن التعامل مع المصارف لم يأت من فراغ أو من غياب التشريعات الضامنة بالدرجة الأساسية، إذ كيف للعراقي أن يتعامل مع السوق المحلية من خلال المصارف ولا توجد في جميع أنحاء البلاد أسواق توفر خدمة البيع عن طريق الدفع الإلكتروني أو ما يعرف عالميًا بـ(BOS)الذي يُمكِّن المحال التجارية من استلام الأموال من الزبائن عن طريق بطاقات الائتمان المصرفية.

«المجلة»استضافت رئيس رابطة المصارف العراقية الخاصة وديع حنظل، وحاورته حول كل الأمور التي لها علاقة بالعمل المصرفي العراقي والمشاكل التي تواجهه على الصعيد التشريعي أو على الصعيد التقني والعملاني في القطاع، وكان السؤال الأول حول أبرز الأضرار التي لحقت بالقطاع المصرفي ككل والمصارف العراقية بشكل خاص،جراء التطورات السياسية والأمنية الحاصلة في المنطقة، وبعدما فرضت جائحة كورونا على القطاع المصرفي تحديات عدة أبرزها موضوع الديون والقروض وتراجع الإيرادات وارتفاع النفقات التشغيلية الناجمة عن الإجراءات الاحترازية.

-وعن ذلك قال: القطاع المصرفي العراقي بشقيه الحكومي والخاص يشكل الحلقة الأساسية الأولى في الاقتصاد الوطني، ولذلك تأثر هذا القطاع تأثرا كبيرا بمعاناة الاقتصاد العراقي وبالصدمتين الاقتصادية والأمنية بسبب هبوط أسعار النفط وجائحة كورونا، لذلك أدت هذه التحديات إلى انحسار نشاط مصارفنا وتم توضيح ذلك في ضوء البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي العراقي، فأدى هذا التحدي إلى هبوط ونقص في السيولة وانخفاض في جذب الودائع والإيرادات والأرباح والموجودات، أما من حيث المقارنة مع المصارف الحكومية فقد كانت نسبة الودائع لدى مصارفنا الخاصة تشكل 14 في المائة من مجموع الودائع في القطاع المصرفي و22 في المائة من مجموع موجودات القطاع المصرفي، وبالرغم من استثمار 78 في المائة من رأس المال في مصارفنا الخاصة لكنها لم تحصل سوى على 13 في المائة من الأرباح خلال السنوات الماضية والديون المتعثرة بلغت تريليوني دينار عراقي وهي تشكل 30 في المائة من مجموع ديون القطاع المصرفي وهذه الديون لم تحصل عليها مصارفنا الخاصة حتى الآن بسبب عدم اعتبار ديون القطاع الخاص ديونا ممتازة أسوة بديون القطاع الحكومي، عدم تفعيل وتنفيذ قرارات مجلس الوزراء ولجنة الشؤون الاقتصادية الخاصة بدعم القطاع المصرفي بالرغم من صدورها منذ عدة سنوات وهذه القرارات هي عدم فتح حسابات للوزارات والدوائر الحكومية في المصارف الخاصة، وعدم قبول الصكوك المصدقة الصادرة عن المصارف، وعدم تفعيل قرار السماح للمصارف الخاصة بفتح الاعتمادات المستندية بدوائر الدولة دون المرور بالمالية والمصرف العراقي للتجارة بمبلغ (50) مليون دولار، التصنيف الائتماني للمصارف العراقية مرتبط بالتصنيف الائتماني للعراق والذي هوB - مما يعرقل تعامل البنوك المراسلة مع المصارف، مما يتطلب تدخلا حكوميا وتدخلا من البنك المركزي في معالجة هذه الحالة، فبيئة الأعمال غير مستقرة مما أدى إلى منع الاستثمار ومنع قيام مصارفنا الخاصة بدورها في تفعيل القطاعات الحقيقية وهي الزراعة والصناعة والخدمات من خلال التمويل المصرفي.

ويكفينا هنا أن نحدد ما هو دور القطاع المصرفي في دعم الاقتصاد الوطني في الأزمات وفقا لما يلي:

بالنظر لكون مصارفنا هي الجهة المنفذة لسياسات البنك المركزي العراقي والجهة المفعلة للتعليمات والمحفزة للسوق النقدية والمصرفية، لذلك فإنها خلال الأزمات الاقتصادية التي واجهت الاقتصاد العراقي ساهمت بشكل فاعل في تنفيذ خطط البنك المركزي العراقي في المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار في السنوات 2018-2019-2020 قبل التخفيض الأخير. واستمرت بالنشاط اليومي رغم الإغلاق الاقتصادي والحظر الجزئي والكلي، بسبب جائحة كورونا ونفذت بدقة تعليمات البنك المركزي برفع نسبة الشمول المالي وحققت نموا بحدود 44 في المائة في الحسابات الجديدة المفتوحة وأصبح عدد الحسابات بحدود 4.8 مليون حساب.

ونفذت مصارفنا استراتيجية البنك المركزي فيما يخص تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني والانتقال إلى مجتمع اللانقد، وبلغ عدد الصرافات الآلية العاملة في مصارفنا بحدود 1170 صرافا ونقاط بيع بحدود 4 آلاف نقطة بيع وعدد البطاقات المصرفية المفعلة بحدود 11 مليون بطاقة والمحافظ الإلكترونية المفعلة بحدود (3) ملايين و(500) ألف محفظة، والجانب الآخر المهم الذي قامت به مصارفنا ولعبت دورا فاعلا في تنفيذه هو الالتزام بالقواعد والمعايير الدولية للامتثال ومكافحة غسل الأموال والإبلاغ المالي وإدارة المخاطر.

 

* ما هي توقعاتكم للقطاع المصرفي هذا العام وهل تعتقدون أن هناك إجراءات يجب أن تتخذ في حال استمر الوضع السياسي والوضع الصحي في المنطقة على حاله؟

- أعتقد أن نشاط القطاع المصرفي في هذا العام سيكون أفضل من العام الماضي بسبب تحسن الوضع المالي للحكومة وارتفاع أسعار النفط المورد الرئيسي للعراق، ولكي يتم تنشيط القطاع المصرفي وتجاوزه للتحديات نستطيع أن نقدم معالجات مقترحة تتركز حول نوع الدعم المطلوب من البنك المركزي ومن الجهات الحكومية المختصة وكما يلي:

 

المطلوب من البنك المركزي

أولا:تحفيزالمصارفلتفعيلمبادرةتمويلالمشاريعالصغيرةوالمتوسطةوالإسكانيةوإضافةفقراتجديدةإلى موضوعتصنيفوتقييمالمصارفبمايؤديإلى منعحوافزوامتيازاتجديدةلمصارفناالخاصةلكيتساهمفيتفعيلهذهالمبادرة.

ثانيا:تعزيزسيولةالمصارفمنخلالتخفيض نسبة الاحتياط القانوني للمصارف بنسبة تتراوح بين (2-3) في المائة وإطلاق ودائع المصارف لأغراض زيادة رأس المال بعد انتهاء الإجراءات القانونية.

ثالثا:تأجيلفرضالغراماتعلىالمصارفوإيقافاستحصالها.

رابعا:تأجيلتسديدسلفمبادرةتمويلالمشاريعالصغيرةوالمتوسطةلمدة(6) أشهر.

خامسا:منحالمصارفاستثناءاتوإعفاءاتومروناتمنالضريبةللسنةالماليةالمنتهيةفي31/12/2020 وتفعيلقرارمجلسالوزراءوقراراتلجنةالشؤونالاقتصاديةالخاصةبدعمالقطاعالمصرفيالخاصوالتيصدرتمنذ2015 ولغاية2020.

سادسا: اعتبارالديونالمتعثرةديونا ممتازة أسوة بديون الدولة.

 

* هل صحيح أن المصارف العراقية لا تملك القدرة على استقطاب المودعين والحفاظ على أموالهم وأن الإجراءات المعقدةالسارية المفعول تحول دون فتح حسابات جديدة؟

- إن تعليمات فتح الحساب للأفراد والشركات صدرت قبل عدة سنوات تنفيذا لتعليمات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وهي تتضمن معلومات وبيانات شخصية تخص المودع، وقد اعتبرت إجراءات تعويقية لفتح الحساب. وإزاء ذلك تم التوجية من البنك المركزي بتخفيف الإجراءاتبقبول الودائع ومن ثم يتم تدقيق المعلومات والبيانات الشخصية. وبعض المصارف تضيف إجراءات أخرى. يضاف إلى ذلك ظروف البلد وبيئة الأعمال غير المستقرة أدت إلى عدم تمكن بعض المصارف من جذب الودائع.

 

التقارب العربي التركي

 

* كيف تنظرون إلى التقارب العربي التركي هل هو تقارب تكتيكي أم استراتيجي؟

- التقارب العربي التركي خلال الفترة الأخيرة يعود بالتأكيد إلى مصالح مشتركة بعد قطيعة استمرت عدة سنوات لأسباب سياسية أبرزها التدخلات التركية في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية مثل ليبيا ومصر وسوريا والسعودية والعراق، ولذلك أعتقد أن التقارب بين العرب وتركيا حتى وإن كان تكتيكيا، فإننا نأمل أن يكون استراتيجيا على المستوى السياسي والاقتصادي خصوصا أن تركيا وبعض الدول العربية تعاني حاليا من أزمات وتحديات اقتصادية شديدة.

 

* يشكو البعض من القوانين المعقدة التي تحول دون توسيع المشاريع الاستثمارية بين الدول العربية خصوصا والدول الخارجية عموما..

- نعم، إن التشريعات والقوانين الاستثثمارية في أغلب الدول العربية غير مشجعة ولا تحفز على الاستثمار، ومما يزيد من تعقيد الأمور هو أن البيئة الاستثمارية والأمنية والاقتصادية في بعض الدول العربية تمنع المستثمرين العرب والأجانب من استثمار رؤوس أموالهم في هذه الدول. يضاف إلى ذلك الفساد الإداري والمالي المستشري فيها يساهم مساهمة كبيرة في عدم جذب المستثمرين، لذلك يجب إعادة النظر بالقوانين والتعليمات التي تخلق بيئة أعمال استثمارية مستقرة.

font change