مكافأة الإرهاب جريمة

مكافأة الإرهاب جريمة

وجّه القضاء الأميركي الاتهام الى أربعة «عملاء للاستخبارات الإيرانية» بالتآمر لخطف صحافية أميركية من أصول إيرانية تقيم في الولايات المتحدة وتنشط في مجال «فضح انتهاكات حقوق الإنسان» في الجمهورية الإسلامية. وكشفت الصحافية والناشطة الإيرانية المقيمة في نيويورك مسيح علي نجاد، في تغريدة على «تويتر» أنها هي التي كانت مستهدفة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تمارس إيران فيها إرهابا عابرا للحدود، فقبل أشهر تمت محاكمة الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي في بلجيكا، وحكم عليه بالسجن 20 عاماً بسبب ترؤسه خلية لاستهداف تجمع معارض، قرب العاصمة الفرنسية باريس، في يونيو (حزيران) 2018.

وفي العام نفسه، تمكنت السلطات الدنماركية من إحباط محاولة اغتيال معارض إيراني على أراضيها، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 اغتال عملاء إيرانيون صحافيا إيرانيا منشقا يعيش في تركيا.

والهجمات الإرهابية الإيرانية ليست محصورة بالمعارضين الإيرانيين خارج إيران، فعلى سبيل المثال، فإن حزب الله اللبناني والذي يعد من أهم أذرع إيران الخارجية، قام بهجمات إرهابية في دول عديدة منها بلغاريا وأذربيجان وقبرص والكويت والأرجنتين وألمانيا وغيرها.

لا تدعُ إيران فرصة إلا وتثبت فيها أنها الراعي الرسمي الأول للإرهاب والميليشيات الإرهابية في العالم والمنطقة، من حزب الله اللبناني إلى ميليشيا عصائب أهل الحق وغيرها من الميليشيات العراقية، إلى لواء «فاطميون» الذي يضم مرتزقة من شيعة أفغانستان، ولواء «زينبيون» الذي يضم مرتزقة من شيعة باكستان، وغيرهم وغيرهم.

هذا عدا عن علاقتها بتنظيم القاعدة وجماعات إرهابية أخرى توفر لها طهران ملاذا آمنا، وتقدم لها التسهيلات لنقل الأموال والمقاتلين من وإلى عدة دول، كما أثبتت عدة تقارير استخباراتية ليس آخرها ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي السابق بومبيو في نهاية ولاية الإدارة الأميركية السابقة.

وعلى صعيد آخر، ومنذ انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسا للجمهورية الإسلامية في إيران، تكاد لا تتوقف هجمات الميليشيات الإيرانية ضد أهداف أميركية في كل من العراق وسوريا وعلى الحدود بين البلدين، ومع ذلك لا نرى إلا إصرارا من قبل الإدارة الأميركية على العودة للاتفاق النووي مع طهران، دون أن نسمع أي كلام جدي عن أي ضغوطات قد تمارس على إيران لوقف عملياتها الإرهابية والعسكرية في المنطقة والعالم. بل وأكثر من ذلك، فقد صرح الرئيس الأميركي جو بايدن بعد محادثات أجراها مع نظيره الإسرائيلي رؤوفين ريفلين في البيت الأبيض من أن إيران «لن تحصل أبدا على السلاح النووي خلال فترة حكمه». مما أثار الكثير من المخاوف، حيث ربط حصول طهران على السلاح النووي بفترة ولايته فقط لا غير.

* مكافأة إيران بعد كل ما ارتكبته من جرائم هو نموذج سيئ لكل المهووسين بثقافة القوة والقتل والكراهية، فما عليك إلا أن تتحول لقوة مارقة دولية ليأتي العالم الحر لاسترضائك وإعطائك المكافآت.

وإضافة إلى كل ذلك، فقد ذكرت مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية أن هناك حديثا داخل إدارة بايدن عن مخطط واسع لتخفيف العقوبات الأميركية عن إيران، كما لمحت الإدارة إلى استعدادها لإزالة العقوبات غير النووية أيضاً (أي تلك المرتبطة بالإرهاب وحقوق الإنسان وتطوير الصواريخ).

وأضافت المجلة أن المفاوضين الإيرانيين خلال المحادثات في فيينا، لم يسعوا فقط إلى رفع جميع العقوبات النووية وغير النووية، بل طالبوا بإبطال القرار التنفيذي رقم 13867 الذي كان قد أصدره الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حول العقوبات. وأشارت إلى أن إدارة بايدن تدرس هذا الطلب، علماً أن إبطاله يحدّ من قدرة واشنطن على محاسبة المقربين والمدعومين من المرشد علي خامنئي. كما أنه سيُعفي رئيسي، وهو منتهك كبير لحقوق الإنسان، من العقوبات.

إذن فإن ما ينتظرنا على ما يبدو حال العودة إلى الاتفاق النووي، هو المزيد من أعمال الفوضى المدعومة من إيران، وتدفق المزيد من الأموال لميليشياتها الطائفية، وما ينتظر العالم هو مزيد من العمليات على أراضيه ضد المعارضين الإيرانيين وغيرهم.

وفي مقابلة له عام 2014 مع «بلومبرغ»، قال الرئيس الأميركي حينها باراك اوباما: «لنضع الدوافع الإيرانية جانباً. دعنا نفترض أن إيران لن تتغير. إنها ثيوقراطية. إنها معادية للسامية. إنها ضد السنة. وإن القادة الجدد هم للعرض فقط. دعنا نفترض كل ذلك. إذا كنا نستطيع التأكد من أنهم لن يمتلكوا أسلحة نووية، فإننا نكون قد منعناهم على الأقل من ممارسة البلطجة على جيرانهم، أو لا سمح الله، من استخدام تلك الأسلحة، وستكون التصرفات السيئة الأخرى التي يمارسونها قابلة للتعامل معها». ولا تبدو الإدارة الحالية سوى امتداد لإدارة أوباما.

إن مكافأة إيران بعد كل ما ارتكبته من جرائم هو نموذج سيئ لكل المهووسين بثقافة القوة والقتل والكراهية، فما عليك إلا أن تتحول لقوة مارقة دولية ليأتي العالم الحر لاسترضائك وإعطائك المكافآت، وللأسف إدارة أوباما وامتدادها إدارة بايدن، تثبتان يوما بعد آخر أن مزيدا من القتل والإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان ستعطيك المكافآت التي تنتظرها، وهذه هي الوصفة المثالية لكل أنظمة الطغيان في العالم الثالث، وهي أيضا تشجيع كامل للإرهاب وإحباط لكل جهود مكافحة الإرهاب التي تستنزف الكثير من الجهد والمال وحتى الدماء، إنها وصفة للخراب ورسالة سيئة لشعوب المنطقة التي تراقب طريقة تصرف وسلوك الولايات المتحدة مع إيران ومع غيرها من الأنظمة في المنطقة، وبعد ذلك نسأل على ماذا تلومون شعوب المنطقة عندما تشكك بكل منظومة القيم التي تزعم إدارة بايدن أنها تدافع عنها.

font change