مهاب مميش لـ«المجلة»: التبادل التجاري بين مصر والسعودية بلغ 1.7 مليار دولار في 2021

مستشار الرئيس المصري يكشف كواليس مشروع قناة السويس الجديدة

مع الزميل ياسر إبراهيم أثناء حواره مع «المجلة»

مهاب مميش لـ«المجلة»: التبادل التجاري بين مصر والسعودية بلغ 1.7 مليار دولار في 2021

القاهرة: هو أحد رواد مدرسة العمل في الصمت حتى الوصول إلى الهدف، ولد في أسرة عسكرية، والده كان لواء في سلاح المشاة بالقوات المسلحة، وله شقيقان تقلدا الرتب العسكرية، ما يقرب من 55 عاماً، تاريخه العسكري منذ التحاقه بالكلية البحرية المصرية، وحتى توليه منصب قائد القوات البحرية، وحياته العسكرية مكتظان بالمحطات الهامة، بدأت بمشاركته في حرب أكتوبر 1973، وحتى توليه رئاسة هيئة قناة السويس، ووضع فكرة القناة الجديدة، وصولاً إلى تعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية، الفريق مهاب مميش، خص «المجلة» بحوار هام رغم مروره بظروف صحية أجرى على أثرها عملية جراحية كبيرة في المخ، وصلنا إلى مدينة الشروق في القاهرة، وجلسنا معه داخل منزله الخاص، قرابة 120 دقيقة كلها تفاصيل هامة حدثنا فيها عن أوقات عصيبة في تاريخ مصر والمنطقة العربية بالكامل، وعن نشأته العسكرية وعن بناته الدكتورة فاطمة وأميرة والأحفاد الخمسة والأقرب إلى قلبه حفيده علي.. وإلى نص الحوار:

مجلس التعاون الخليجي يؤكد دعمه جهود مصر لإعادة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها

* بصفتك مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية، هل هناك خطط مستقبلية أو تعاون مع الدول الصديقة في مجال التعاون البحري؟

- هناك تعاون كبير بين مصر وكافة دول المنطقة، سواء في النقل البري كمشروع جسر الملك سلمان بين مصر والمملكة العربية السعودية، ومشاريع تبادل تجاري عن طريق البحر مع المملكة وصلت 1.7 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2021، مقابل 1.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2020 بنسبة ارتفاع بلغت 5 في المائة. والدول الشقيقة يجب أن تقف إلى جوار بعضها البعض خاصة في أوقات الأزمات، ومصر لا تنسى الأصدقاء الذين يسجلون المواقف الجيدة في الأوقات العصيبة ومن هذه الدول السعودية والإمارات.

الفريق مهاب مميش مع الرئيسي المصري عبد الفتاح السيسي

 مهاب محمد حسين مميش... خبرة دولية تدير المشاريع المائية المصرية

* تاريخك العسكري والعملي مليء بالأحداث.. ما أصعب الأوقات التي مررت بها؟

- أصعب الأوقات التي مررت بها هي فترة يناير 2011، كنت وقتها قائد القوات البحرية، يوم 25 فوجئت بأن حشودا كبيرة تحاول اقتحام مقر القوات البحرية بالإسكندرية، مدعين أننا سنقوم بتهريب الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، فخرجت اليهم ومعي كل الضباط الموجودين بالقيادة إلى أمام المقر ووقفنا في شكل اصطفاف كنت في أول صف ومعي اللواءات ومن خلفنا العمداء والعقداء حتى آخر رتبة والجنود في الخلف، وتحدثت إلى الشباب الموجودين أمام المقر، وقلت لهم: «القوات البحرية ملك كافة المصريين، ورجالها خير من يحمل الأمانة، ولم يكتب علينا القتال مع المصريين، ولن أسمح بأن يحمل مصري السلاح في وجه مصري آخر، وسوف أدافع عن ممتلكات مصر إلى آخر قطرة من دمي أنا وكل من يقف بجانبي وخلفي، واقتحام هذا المقر على جثتي»، في ذلك اليوم شاهدت وجوها غريبة عن المصريين، لا تحمل المعدن المصري الأصيل، كل هدفهم كان التخريب والدمار، وإثارة الفوضى.

توقف حركة الملاحة في قناة السويس يتسبب ببطء في النقل البحري العالمي

 * قناة السويس الجديدة إنجاز من حيث الوقت والفكرة والتنفيذ

* كنت عضواً في المجلس العسكري وقت 25 يناير 2011.. ما أهم المواقف التي مرت عليك؟

- كنت أحد أعضاء المجلس العسكري الذي أدار البلاد في وقت 25 يناير، وكنت أجتمع دائما مع أعضاء المجلس برئاسة المشير حسين طنطاوي، والذي أدار البلاد بكل حكمة وحزم وحب لبلاده، وكانت ثقافتنا في هذا الوقت هي الوصول إلى الشعب الغاضب في الشارع والاقتراب منه، وتلبيه طلباته، وأتذكر أنه قال لي واصفا ما يحدث في مصر: «أنا ماسك قطعة من الجمر مش قادر اضغط عليها أطفيها ولا قادر اتركها فتحرق ما حولها»، وطلب مني أن كل واحد مننا يقوم بواجبه تجاة البلد، فكنت مسؤولا عن تأمين 68 هدفا حيويا في البحر، منصات بترول وشركات وسفن، وقررت تشغيل المخابز الخاصة بالقوات البحرية وتوفير الخبز والطعام، وبدأنا في الالتحام مع الشعب وحل مشاكل كثيرة كان يعاني منها الشعب من بنية تحتية وخلافه.

 

 * واردات هيئة قناة السويس ارتفعت في السنوات الخمس الأخيرة ما يقرب من 4.7 في المائة

* كيف تم تعيينك رئيسا لهيئة قناة السويس؟

- بعد أن تولى محمد مرسي الحكم في عام 2012، أصدر قرارا بحل المجلس العسكري، وتم إخباري بالخروج على المعاش، فحمدت ربي على الخروج بسلام وذهبت إلى مكتبي وطلبت من نائبي اللواء أسامة أن يجلس على مقعدي بالقوات البحرية، وأخبرته بأن هذه هي سنة الحياة، وفوجئت بمكالمة أخبروني فيها أني توليت رئاسة هيئة قناة السويس، وكانت أول مرة أذهب فيها إلى محافظة الإسماعيلية، وركبت سيارتي وسألت في الشوارع حتى وصلت إلى عنوان الهيئة، وبمجرد دخولي إلى المكتب أخبرني سكرتير المكتب أن أحد مستشاري رئيس الهيئة السابق الفريق أحمد فاضل، يطلب المقابلة فقلت له أدخله، وبمجرد دخوله وجدته شخصا ملتحيا وأخبرني أن العاملين في الهيئة يرفضون وجودي، لأنني أنتمي للقوات المسلحة، وأن الفريق أحمد فاضل تولى رئاسة الهيئة 17 سنة، وأنهم يريدون أن يأتي واحد منهم رئيسا للهيئة، فأخبرته أن قرار تعييني في الهيئة تقدير من الله وخروجي منها تقدير من الله، وفترة وجودي بالهيئة سأعمل على خدمة مصالح مصر والبلاد من خلال الهيئة.

* الرئيس السيسي قادر على العبور بمصر إلى بر الأمان في قضية السد الإثيوبي.. ولن يفرط في قطرة مياه من حق المصريين

 

«مرسي» حضر مرة واحدة إلى القناة بعد أن توليت رئاستها وكان برفقته الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان وقتها وزيرا للدفاع، وكانت تترد أقاويل بمحاولة إشراك دول قريبة من الإخوان في أعمال الهيئة، فقلت لـ«مرسي»: «لا حبة رمل ولا نقطة مياة هتمس من القناة، اللي عملوها أجدادنا المصريين ودماؤهم راحت فيها، ولن أسمح أن تمس».

 

 من ألبوم صور الفريق محاب مميش (المجلة)

* من صاحب فكرة القناة الجديدة؟ وما تحديات إنشائها؟

- بعد أن توليت رئاسة الهيئة بأيام، أخبرني أحد المستشارين في الهيئة بأن سفينة شحطت في بورسعيد، ويجب تعويمها، وهنا انبثقت فكرة القناة الجديدة، وتساءلت ليه ميبقاش الرايح رايح والجاي جاي بلا أي تقابل أو تعطيل؟! فاجتمعت مع رجال هيئة قناة السويس وهم من أكفأ الرجال في مجال الملاحة البحرية، وأعددنا خطة متكاملة لحفر قناة السويس الجديدة، وأضفت إليها الجزء العملي، وجمعت هذا الملف بالكامل ووضعته في الأدراج لأني لم أكن مقتنعا بتنفيذ فكرة القناة الجديدة في عهد الإخوان، حتى جاء الرئيس السيسي وأراد أن ينجح ونحن معه.

 أثيوبيا تلوّح بالحرب وتشكك في قدرات مصر والسودان

 

* ما التحديات التي واجهتكم أثناء تنفيذ مشروع القناة الجديدة؟

- عندما تم انتخاب الرئيس السيسي في 2014، كان يجلس فى فندق الماسة، ذهبت إليه ومعي كل أوراقي وخرائطي، وعرضت مشروع قناة السويس الجديدة وتجهيزات الطرح على المكاتب الاستشارية، وفرص العمران والعمل والحياة التي يمكن أن يوفرها والأنفاق التي يفتحها، وكيف سيضع مصر فى قلب طريق الحرير، سألني الرئيس عن التكلفة، شرحت له، ثم قال «متشكرين جدا ولم يضف أي تعليق»، وعندما ذهبت إلى منزلي قلت لنفسي ربما لم يأن الأوان بعد، ثم وضعت الأوراق بدرج المكتب، والساعة 6 ونصف صباح اليوم التالى طلبني الرئيس وسألني «انت نمت؟»، أجبت: «شوية». ثم قلت: «أكيد حضرتك بتدور الفكرة في دماغك، والله يا افندم قابلة للتنفيذ»، قال هات الورق مرة أخرى وتعالى، فوجئت بجلوسي مع 30 لواء بالقوات المسلحة من كل الأفرع والهيئات والإدارات والتخصصات، وبعد أسبوعين أخبرني الرئيس بأنه موافق على تنفيذ المشروع، وطلب مني إعداد عرض كامل للفكرة لطرحها في مؤتمر عالمي، ويوم العرض في 6 أغسطس (آب) 2014، قال لي الرئيس وكنت فى سيارته: أنا عامل لك مفاجأة. قلت: ما هي؟ قال: سأخبرك فى المؤتمر. قلت: سأنفذ فى كل الأحوال، وأثناء العرض، وعندما ذكرت أن مدة التنفيذ 36 شهرا، رد الرئيس: «هي سنة.. سنة واحدة»، بسرعة رديت: «ينفذ».

* أخبرت مرسي بعدم التفريط في حبة رمل أو قطرة مياه من الهيئة لأي جهة أو دولة

بدأنا فوراً في وضع خطة شراء الكراكات والمعدات المعاونة، وكانت الهيئة الهندسية تحفر في البر، ونحن نحفر في البحر بالكراكات، عمل مستمر لا يتوقف على مدار الـ24 ساعة، وأثيرت الكثير من الشائعات حول المشروع، حتى خرج مرة شخص يدعى وجدي غنيم على شاشات التلفزيون، وقال لي: «يا مهاب يا مميش آدي دقني لو تمت»، سنة كاملة من الجهد المستمر، نعمل بالتوازي في تشغيل هيئة قناة السويس، مع حفر القناة الجديدة، وإنشاء الأنفاق الستة، والكباري التي تخدم المنطقة الاقتصادية للهيئة.

* فكرة قناة السويس وضعناها وقت مرسي وظلت حبيسة الأدراج حت تولى الرئيس السيسي

حتى اقترب يوم الافتتاح في 6 أغسطس 2015، وفي يوم 4 أغسطس، طلبت من الاستشاري الأجنبي الموجود بالهيئة، أن نجري التجربة قال موافق لكن على مسؤوليتك، واشترط أن تتم بمراكب صغيرة، قلت عشان حد يصورها ويقول بقى أدى الترعة زى قنوات الجماعة ما بتقول؟ ورفضت بالطبع، وأجرينا التجربة بـ3 مراكب كبيرة، وكان هناك طائرتان تحومان فوقنا دون أن أعرف السبب، بعد الاطمئنان وعبور السفن، وفرح وزغاريد، طلبت من مدير مكتب الرئيس اللواء عباس كامل وقتها أن أتحدث إلى الرئيس لأخبره، فقال لى: «ده متابعك لحظة بلحظة الطيران كان بيصور»، كلمت الرئيس وقلت: مبروك يا افندم، قال: مبروك عليكم وعلى كل الشعب المصرى.. وبدأنا نجهز للاحتفال، وكان افتتاحا عالميا، وبالمناسبة أود أن أشكر الرئيس السيسي على القرار الجريء، وكل رجال الهيئة على مجهوداتهم.

 

 * شعرت بالفخر يوم رفع علم مصر على الكراكة مهاب مميش وشعرت أن مجهودي لم يذهب هدرا

* كيف ترى أزمة سد النهضة؟

- حق مصر في مياة النيل غير قابل للتفريط فيه، وكل المصريين وأنا على رأسهم لدي ثقة كبيرة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، والدبلوماسية المصرية، على الخروج من هذا الملف دون التفريط في قطرة مياه من حق المصريين، وأن القيادة السياسية قادرة على العبور بمصر إلى بر الأمان في قضية السد الإثيوبي.

بحضور السيسي ومحمد بن زايد.. بدء مراسم افتتاح قاعدة 3 يوليو العسكرية

font change

مقالات ذات صلة